لم يجد الإعلام الصهيوني يوما نفسه أمام معضلة التسويق لسردياته القديمة الجديدة، كما وجد اليوم نفسه أمامها، لاسيما إزاء الجرائم والفظائع التي لم يستطع حتى الإعلام الغربي، أو بالتحديد جزء منه، أن يغمض عينيه عنها ويخفي “الشمس بالغربال”.
الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال في غزة وفي الضفة، لم يعد بإمكان الإعلام في الكيان ولا حتى في الولايات المتحدة وأوروبا تبريرها أو التغطية عنها عبر سرديته التي عفا عنها الزمن، ولم يعفو عنها، في التسلح بالمظلومية التاريخية والهولوكوست والدياسبورا التي رافقت سيرته الذاتية، منذ النشأة والتطور، بسبب خاصية غير سوية في أنفسهم المريضة بحب المال والسيطرة والتفوُّق والهيمنة حتى داخل الأنظمة التي تحميهم.
سردية الدفاع عن النفس، والخشية الدائمة من محيط عربي معادي، وهو “الممثل الشرعي والوحيد للحلم الديمقراطي الغربي” في المنطقة “المتخلفة، الديكتاتورية الأوتوقراطية الثيوقراطية”، لم يعد أحدٌ في العالم الحر، بمن فيهم أكثر من 60% من الشباب الأمريكي دون الـ30 سنة، الذي تربّوا ونشئوا على وقع تحولات “الجيل D”، كما يسمونهم في أمريكا، الذين فلتوا من عقال إمبراطوريات الدجل والكذب والتلفيق والانحياز الدعائي الغربي للكيان وعلى رأسهم إمبراطورية “ميردوخ” الدعائية في العالم.. لم يعد الكثير من هؤلاء الذين انطلت عليهم الرواية الصهيونية طويلا يؤمنون فعلا بالألاعيب والأكاذيب، خاصة اليوم وبعدما ما شوهد من دمار في غزة لم يسبق له مثيلٌ حتى في الحرب العالمية الثانية يوم كان اليهود يئنُّون تحت المحرقة والاعتقال والتنكيل، بسبب الهوية الدينية والعرقية. إنهم اليوم يمارسون ألعن مما مارسه هتلر في الحرب العالمية في حق أسلافهم، بل وإن محكمة العدل الدولية التي أُعدّت وأُنشئت، بما فيها قوانين محاربة الإبادة الجماعية وتجريمها، إنما قيست على مقاسهم ولأجلهم، وهذا بعد فظائع الحرب العالمية الثانية، وها هم اليوم يمثُلون أمامها متّهمين لا ضحايا. انتهى زمن تأثير اللوبي الصهيوني في أمريكا، على الأقل على فئة حرة من الشعب الأمريكي وحتى الشعب اليهودي في الكيان وفي العالم كله.
وعليه، ها هو اليوم، “لاكلان”، ابن صاحب أكبر إمبراطورية إعلامية “روبرت ميردوخ”، وللمرة الثانية بعد الزيارة السرية للكيان ولقاء رئيس وزراء كيانها سرًّا سنة 2016، ها هو اليوم، بعد زيارة أيضا سابقة له السنة المنصرمة إلى كييف للقاء زيلنسكي، يعد لزيارة ثانية للكيان. زيارة أريد لها أن تكون سرية أيضا لكن أعلن عنها مع ذلك، زيارة جاءت بعد تشوه فاضح لصورة الكيان المشوهة أصلا، وانكشاف قناع الوحش الفظيع أمام الجميع، خاصة بعد قرار محكمة العدل الدولية وصور اللعنة الفلسطينية التي تلاحق مجرمي الحرب والإنسانية إلى مضاجعهم ثم إلى قبورهم. هذا ما يقضّ مضجع الكيان الذي يرى أن صورته “المجمّلة” لعقود، قد بدأت المساحيق تزول عنها تباعا. يبدو أن رئيس وزراء الكيان يريد أن يعرض على “ميردوخ جنيور”، للمرة الثانية، أن يلحق “يديعوت أحرنوت” (آخر الأخبار)، بإمبراطورية “فوكس نيوز”.
هذه الرغبة المتجدّدة من رئيس وزراء الكيان، تأتي ضمن إصراره على تقوية الصورة والصوت الإعلامي لليمين الإشكنازي المتطرف. هذه النخبة التي تتحكم في مفاصل الاقتصاد والسياسة، يريد لها، وهي النخبة اليمينية الليبرالية، أن تتحول إلى قوة إعلامية صهيونية دينية وسياسية، لتغذية سريتيه المنهارة أمام المعارضة الصهيونية التي تعمل على إنهاء حكمه المنهار أصلا.. ولكن أيضا من أجل تلميع معدنه.. والمثل الفرنسي يقول: “ليس كل ما يبرق ذهبًا”.
(الشروق الجزائرية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الكيان الصهيوني يعتقل فلسطينيًا جنوب طوباس
استمرارًا لجرائم الكيان الصهيوني، فقد اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، شاباً من بلدة طمون جنوب طوباس.
إدخال 250 شاحنة مساعدات إنسانية إلى الفلسطينيين بقطاع غزة أبو الغيط: تهجير الفلسطينيين مرفوض وبديله هو إعادة إعمار غزة في أسرع وقت
وأفاد مدير نادي الأسير في طوباس كمال بني عودة، بأن الاحتلال اعتقل الشاب ياسر محمد بني عودة (38 عاما) من منزله في طمون جنوب طوباس.
وعلى صعيد آخر، كشف جيش الاحتلال وجهاز الشاباك في بيان مشترك، اليوم الأحد، أن "العملية العسكرية الجارية في شمال الضفة، والتي تركزت في مناطق جنين وطولكرم ومحيطهما، أسفرت عن مقتل أكثر من 50 فلسطينيا، بينهم 15 على الأقل في غارات جوية، بالإضافة إلى اعتقال أكثر من 100 شخص، ومصادرة عشرات الأسلحة، وتدمير مئات العبوات الناسفة.
أوضح الجيش الإسرائيلي والشاباك في بيانها،"خلال عملية مشتركة مع شرطة حرس الحدود لإحباط الإرهاب في شمال السامرة (ألضفة الغربية)، قتل أكثر من 50 إرهابيا حتى الآن، بما في ذلك أكثر من 15 في غارات جوية".
وأوضح البيان، "أفيد أيضا بإلقاء القبض على أكثر من 100 مطلوب ومصادرة عشرات الأسلحة وتدمير مئات العبوات الناسفة. كما تم توسيع العملية صباح اليوم لتشمل قرية تامون الفلسطينية في لواء منشي بالقرب من مدينة طوباس".
وفي سياق متصل لقي اليوم الأحد المسن وليد محمد علي لحلوح (73 عامًا) مصرعه برصاص قوات الجيش عند مدخل مخيم جنين، كما قتل شاب آخر (27 عاما) في مخيم العروب شمال الخليل، في ظل استمرار التصعيد الإسرائيلي في مختلف أنحاء الضفة.
وشنت القوات الإسرائيلية عمليات اقتحام واسعة في جنين وطولكرم، حيث فجرت مربعا سكنيا يضم عدة مبانٍ في جنين، مما خلف دمارا هائلا وأدى إلى نزوح العديد من العائلات. كما اقتحم الجيش مخيم الفارعة وبلدة طمون، وسط اشتباكات عنيفة مع المقاومين الفلسطينيين.
وفي طولكرم، يستمر الهجوم الإسرائيلي لليوم السابع على التوالي، حيث يفرض الجيش حصارا مشددا على المخيم، مدعوما بالقناصة المنتشرين على أسطح المباني، فيما تشهد المدينة عمليات اقتحام للمنازل وتدمير ممنهج للبنية التحتية، ما تسبب في انقطاع الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والاتصالات، إضافة إلى نقص حاد في المواد الغذائية والطبية.
ومن جانبها، أعلنت كتيبة جنين أن "مقاتليها يخوضون مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، مؤكدين تحقيق إصابات مباشرة في صفوف القوات الإسرائيلية". كما شهدت مناطق مختلفة من الضفة اشتباكات مسلحة ومواجهات مع القوات الإسرائيلية، التي عززت وجودها العسكري في العديد من المدن والمخيمات.