سيسجل التاريخ في أنصع صفحات تاريخه المعاصر، وبأحرف من نور، الموقف اليمني العظيم- قيادة وشعباً- تجاه القضية الفلسطينية العادلة والمحقة، وذلك الموقف تجلى في قرار اليمن الشجاع بإغلاق باب المندب أمام السفن التي تتجه إلى الكيان الصهيوني الغاصب، والدخول في معركة تحرير الأقصى بشكل مباشر، وإطلاق الصواريخ البالستية والمجنحة والمسيرات لتصب جام غضبها على الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة، والمطالبة بوقف العدوان الصهيوأمريكي الظالم على غزة، والوقوف إلى جنب المقاومة الفلسطينية الباسلة في معركة تحرير الأقصى، إلى جانب حركات المقاومة في لبنان، والعراق، وسوريا، وتأييد عملية (طوفان الأقصى)، التي أسدلت الستار قبل انتهاء أهم فصل من فصول مسرحية ما يسمى بـ (إسرائيل) الكبرى ودولتها المزعومة، والشرق الأوسط الجديد، وفق الرؤية الأمريكية وحلفاء أمريكا وأدواتها في المنطقة، فـعملية (طوفان الأقصى) لم تكن طفرة أو حالة انفعالية عابرة، وإنما هي نتيجة تراكمات لسنوات من القهر والظلم والعنف والتهجير الذي مارسه النظام العنصري النازي الصهيوني بحق الفلسطينيين خلال عشرات السنين وعلى وجه الخصوص منذ بداية تنفيذ وعد بلفور المشؤوم الذي أعطى من لا يستحق ما لا يملك، وسلب الفلسطينيين حقهم في الاستقلال ونيل الحرية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وبينما كان العدو الإسرائيلي الصهيوني المحتل لفلسطين يعيش نشوة الشعور بالتفوق وقرب تحقيق حلمه الكبير المتمثل بالسيطرة الكاملة على الشرق الأوسط، وفي غمرة مهرجانات التطبيع الخياني، وسقوط ورقة التوت التي كانت بعض الأنظمة العربية تتستر وراءها، وخلال حصاد أنظمة الاستكبار العالمي لثمار (الربيع العربي) الذي أسقط الأنظمة العميلة واستبدلها بأنظمة أشد عمالة، والاستفادة من نتائجه الكارثية على المنطقة العربية، استطاع (طوفان الأقصى) أن يجرف معه كل ما علق في الذهنية العربية والغربية من الأكاذيب والدعايات التي روج لها صانعو الكيان الصهيوني ومن يدور في فلكه، التي ترسم صورة زائفة لهذا الكيان الغاصب والعنصري وتدعي بأن جيشه لا يقهر، وأنه حامل لواء الديمقراطية في الشرق الأوسط وحامي حماها، فقد فضحت عملية (طوفان الأقصى) ودحضت تلك الأكاذيب والدعايات، وأعادت للقضية الفلسطينية تألقها ورونقها ووضعتها في صدارة القضايا الإنسانية العادلة، وأثبتت للعالم بأن الشعب الفلسطيني لم ولن يتنازل عن قضيته وحقه في الاستقلال والتخلص من الاحتلال الصهيوني الغاصب لأرضه، وأن المقاومة والجهاد هو الخيار الوحيد لتحقيق النصر والاستقلال، بعد أن ثبت عدم جدوائية المفاوضات والتنازلات التي فتحت شهية الكيان الصهيوني وشجعته على الاستمرار في قضم الأرض وبناء المستوطنات، وممارسة القمع والقتل والاعتقال، والتدمير ضد الفلسطينيين، ولعل أصدق دليل على أن عملية (طوفان الأقصى) قد آتت أكلها وحققت أهدافها؛ هو حالة التخبط الهستيرية التي يعيشها جيش الكيان الإسرائيلي، والقصف والتدمير وقتل الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين أمام مرأى ومسمع من العالم، وبرغم الدعم اللا محدود الذي تقدمه له أمريكا ومن يدور في فلكها، إلا أنه يتكبد المزيد من الخسائر في العتاد والعدة، إلى جانب الهزيمة النفسية جراء المعارك الخاسرة التي ينفذها ضد المقاومة الفلسطينية في محاولة يائسة لتحقيق أي نصر يحفظ له ماء وجهه أمام أهالي المحتجزين لدى المقاومة الإسلامية الفلسطينية.
وما نعجب له هو ذلك الصمت الدولي المخزي تجاه التدمير والجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ في قطاع غزة، وعدم التحرك لدعم ورفع المزيد من الدعاوى القضائية لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة ومن يساندهم بالمال والسلاح وتقديمهم للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية، لينالوا الجزاء العادل وإنهاء آخر شكل من أشكال الهيمنة والاحتلال والاستعمار على وجه الأرض.
* رئيس المكتب الفني بوزارة العدل
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الإجرام الذي لن ينتهي بشهادة الأعداء
الحق واضح ومعلوم يدركه الجميع حتى الكاذب يعرف أنه يكذب ويخالف الحقيقة والواقع؛ وهي سنة من سنن الله في المجتمع البشري والإنساني لكي يتميز الناس ويدرك العقلاء حسنات الصدق وتبعاته وعواقب الكذب ومآلاته.
الله سبحانه وتعالى أنزل في القرآن الكريم تسلية للنبي الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم حينما كذّبه قومه وأخبره أنهم لا يكذبونه ولكنهم جاحدون وظالمون قال تعالى ((قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون))الانعام-33.
العرب الأصلاء كانوا يرون الكذب نقصاً في الرجولة لا يليق ومن أمثالهم “ان الحق ما شهدت به الأعداء”، أما اليوم فالمواجهة مع الأعداء من صهاينة العرب والغرب، وهم يعتمدون على الأكاذيب والإشاعات كسلاح مدمر إلى جانب الأسلحة الإجرامية التي يريدون من خلالها إبادة الضحايا على أنهم مجرمون واجب قتلهم وإبادتهم بدون حياء ولا خجل.
في الحرب الإجرامية العدوانية على غزة وفلسطين اتفقت تصريحات قادة ومسؤولي الدول الغربية على الالتزام بتسويق دعايات الإجرام الصهيوني وهو أمر ليس بجديد ولا غريب عليهم، لأنهم لم يتعلموا في مدرسة النبوة المحمدية، بل درسوا في مدرسة “الميكيافلية” و”الغاية تبرر الوسيلة”.
لن نستعرض كل تلك الأكاذيب التي تحتاج إلى مجلدات لتوثيقها، بل سنورد بعضا منها فيما يخص معركة طوفان الأقصى في قضية الأسرى .
فمثلا لوبي الحكم في البيت الأبيض السابق “بايدن وشلته” في بداية المعركة أشاعوا أن المقاومة قتلت الأطفال وقطعت رؤوسهم وسرت الأكاذيب في وسائل الإعلام اليهودية والمتيهودة كالنار في الهشيم، رددها الرؤساء ورؤساء الوزراء في الغرب وفي الشرق وفي الهند والسند، ومن يدعمون الكيان المحتل بدون التأكد منها، ولما اتضح زيفها وكذبها؛ نشروا التكذيب ولكن بعد أن نسجوا كذبة أخرى حتى يشغلوا الناس عن معرفة أكاذيبهم الإجرامية.
ولا يختلف الأمر فيما يخص لوبي الحكم الحالي، إلا من حيث أن الأول قاتل ومجرم قد يكثر الصمت وهذا قاتل ومجرم له صوت عالٍ وغطرسة بلا حدود؛ فمثلا تصريحه القائل (ان الرهائن عادوا وكأنهم آتون من المحرقة أجسادهم هزيلة مثل الناجين من الهلوكست؛ تم إطلاقهم وهم بحالة سيئة-وتم التعامل معهم بقساوة مروعة من خرجوا سابقا كان شكلهم أفضل؛ لكن من الناحية النفسية والعقلية هم عانوا، لا يمكن أن أتحمل ذلك في مرحلة معينة سنفقد صبرنا، لقد كانوا محاصرين لا يأكلون لأكثر من شهر)، ترامب لا يهمه حصار غزة ولا الإجرام الذي تعرض ويتعرض له الأسرى الفلسطينيون فذلك لا يعنيه، بل ما يهتم له ويعنيه، هو أمر القتلة والمجرمين الذين ينفذون سياسة الحلف الصهيوني الصليبي (صهاينة العرب والغرب).
العالم كله شاهد الإجرام الفظيع الذي تعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون كيان الاحتلال، منهم من فقد عقله ومنهم من قطعت أطرافه ومازالت آثار التعذيب على أجسادهم، اما من قتل تحت التعذيب فلم يخرج، وتقارير المنظمات الحقوقية واعترافات الصهاينة موثقة، لكن ترامب وفريقه الإجرامي لا يكترثون لذلك.
الناشط الأمريكي “دان بليزيريان” تحدث في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية واعترف؛ أن الإسرائيليين من المقبول لديهم الاغتصاب الجماعي للسجناء الفلسطينيين، وفي اعترافات مجندة إسرائيلية “أن وحدة من الجنود الصهاينة اقتادوا طفلا من الفلسطينيين وتناوبوا على اغتصابه وهي وزميلتها تشاهدان ذلك” دان قال: إن أمريكا تمول جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها جنود الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ترامب قد يبدو حريصا على عدم تمويل الجرائم من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، لذلك استعان بالمال السعودي والإماراتي وغيرهما من الممولين في العالمين العربي والإسلامي، –السعودية تكفلت بتريليون دولار والإمارات صحيح أنها لم تعلن عن مساهمتها، لكنها لن يقل سخاؤها عن منافستها، فقد تكفلت بدعم ضحايا اليهود وأسرهم وسيَّرت الجسور الجوية والبرية، ولولا الحصار اليمني لفاقت وتصدرت الدول الأخرى في إمداد الإجرام الصهيوني لإكمال جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية؛ بالإضافة إلى مصر وغيرها من الداعمين للإجرام الصهيوني الصليبي؛ لأنهم يريدون إبادة المقاومة ويعتبرونها كفرا.
لن نعيد تكرار الحديث عما نقلته وسائل الإعلام وعدسات المصورين في عمليات التبادل لكي نبين ونؤكد كذب ترامب وكل المجرمين المتضامنين مع الإجرام الصهيوني، وسأكتفي بإيراد اعترافات مجندة إسرائيلية تم استدعاؤها عقب طوفان الأقصى لأداء الخدمة تقول : تم استدعائي وأجري الفحص الطبي الشامل بما في ذلك فحص العذرية الذي لم يكن من بين بنود الفحص الطبي؛ لم اعترض لكن تقرب منها أحد الضباط وكسب ثقتها وشعرت بالأمان معه وفي يوم من الأيام دس لها مخدرا في شرابها ولعب بها، وبعد ذلك تم استدعاؤها إلى مكتب مسؤول رفيع واخبرها انه سيتم الإعلان عن اختفائها وانها لدى المقاومة وبعد أن يتم إطلاق سراحها في عملية التبادل، سيجري لها فحص العذرية وتحميل المقاومة المسؤولية عن ذلك؛ مع أنه تم وضعها في منشأة سرية في عاصمة الكيان المحتل؛ وأن كل شيء كان معدا ومخططا له مسبقا؛ وأكدت أن هناك الكثير من الفتيات تم التلاعب بهن من أجل اتهام المقاومة، وذلك جزء من الحرب الإعلامية التي لا تقل إجراما عن جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، وقالت: إن الناس في غزة طيبون، لكن علينا تنفيذ الأوامر.
إسرائيلية أخرى روت أن رجال المقاومة لم يمسوها بسوء مع أنها خافت حينما انكشفت أجزاء من جسمها أمامهم، فقد حافظوا عليها وعلى كرامتها .
التحالف الإجرامي اليهودي الصهيوني يشن حملاته الإجرامية، مستخدما كل الأكاذيب والإشاعات ليغطي جرائم الإبادة والجرائم التي يرتكبها، لأنه لا شرف له ولا كرامة وإلا لو كان يمتلك ذرة من ذلك لما عمل ويعمل على إبادة الأطفال والنساء والشيوخ بلا رحمة ولا شفقة، فقد قصف مستشفى السرطان في صعدة وقال إنه استهدف قيادات الحوثي.
أسيرة صهيونية محررة أطلق عليها رجال المقاومة “سلسبيل” كانت تعتقد حسب اعترافاتها أن المقاومة سيقيدونها لديهم، لكنهم لم يفعلوا ذلك وكانت تخاف من عدم إجراء صفقات التبادل “صحيح أنهم كانوا يراقبوننا- لكنهم قالوا لنا سنحميكم حتى لو قتلنا معا- وفعلا كانوا يحموننا من القصف بأنفسهم ويقدمون لنا الطعام والماء ولم يلمسوننا حتى ونحن نمارس الرياضة معهم وضعوا مناشف على أيديهم –لانهم يعتبرون المرأة لديهم كالملكة؛ يتمتعون بعزيمة وإرادة لا تقهر ومهما فعلنا فلن يحنوا رؤوسهم لنا بل يتجهزون لتحرير وطنهم”.
المقاومة الفلسطينية أعلنت أنها تريد تحرير الأسرى لدى سلطات الاحتلال مقابل الأسرى الأحياء والأموات، لكن الإجرام لا يفهم غير لغة الإجرام، فعاود ارتكاب جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية في غزة واليمن؛ رفض قادة الاحتلال تنفيذ بنود وشروط عمليات التبادل، لأنها كشفت بعضا من جرائمهم واتجهوا لاستكمال مشاريعهم الإجرامية بدعم وتأييد من صهاينة العرب والغرب.
الجامعة العربية أصدرت قراراتها والإجرام كان رده عمليا وعلى أرض الواقع، لأن من جملة القرارات تكفلها بإعادة إعمار غزة، بمعنى أن عليهم ان يستكملوا جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وهي سترسل الأكفان أما الإغاثة وإيقاف الإجرام فليس بمقدورها فعل أي شيء وعلى الأشقاء الفلسطينيين أن يواجهوا قدرهم، إما الموت جوعا أو أن يتكفل شذاذ الآفاق بإبادتهم، وحسب تصريح “نتن ياهو” يعودون إلى غزة، لأنه ليس لهم بديل وسيقبلون اذا أعطيناهم منازل في منطقة آمنة، لن تكون هناك حماس تقتلهم وتهددهم وتعذبهم، إما ما ارتكبه الإجرام الصهيوني فهو الرحمة والرأفة بعينها، ولا يختلف الأمر لدى المجرمين من الساسة الداعمين للحلف الصهيوني الصليبي، لأنهم بلا أخلاق ولا قيم ولا مبادئ، أما صهاينة العرب فقد أضافوا وجمعوا إلى ما سبق السفالة والانحطاط والعمالة والنفاق.