هزاع أبوالريش (أبوظبي)
أسهمت معارض الأعمال الفنية التشكيلية في الجاليريهات الخاصة في إحداث نقلة نوعية أثرت الساحة الثقافية المحلية بحصيلة إبداعية متميزة، وتجارب فنية وأعمال شخصية لافتة، من خلال مشاركات المبدعين وإنتاجاتهم ذات الرسالة الجمالية الراقية. واليوم صارت الجاليريهات الخاصة فضاءً للمبدع لإبراز لما لديه من طاقة تعكس حضور ذاته وفكره ولمساته التي تعتبر مصدر تعبير حقيقياً عن إنجازاته على الصعيد الشخصي والفني.

 

تعزز التواصل الثقافي
وقالت الدكتورة نهى فران، مؤرخة ومقيّمة فنية: «تشكل المعارض الفنية في الجاليريهات الخاصة في الإمارات، جانباً حيوياً من المشهد الثقافي المحلي، حيث تمثّل منصات للفنانين المحليين والعالميين لعرض إبداعاتهم، وللإسهام في إثراء المشهد الثقافي بطرق عدة». وأكدت أن هذه الجاليريهات تتيح أيضاً فرصاً للجمهور لاستكشاف وفهم مختلف المدارس والأساليب الفنية، وتعزز التواصل الثقافي والتفاعل بين الفنانين ومتلقي رسالة الفن، مما يسهم في بناء مجتمع فني والارتقاء بذائقة التلقي الفني لدى الجمهور العام في النهاية.
وتابعت فران: بفضل هذه المعارض تتاح للفنانين الفرصة لعرض أعمالهم في مختلف الفعاليات وتوسيع نطاق تأثيرهم، ما يسهم في تعزيز مكانة المشهد الفني المحلي على الساحة الدولية، حيث تعبّر هذه الفعاليات عن التزام الدولة بدعم الفنون وتشجيع المواهب، مما يعزز المنجز الثقافي ويحفز اقتصادات الإبداع، مضيفة، على سبيل المثال، أن جاليري عائشة العبار، الذي تأسس عام 2018 في منطقة القوز، يعد من أبرز صالات العرض في دبي، حيث يسعى إلى تعزيز ودعم أعمال الفنانين الناشئين والمحترفين، كما يستضيف خمسة معارض فنية سنوياً. وترافق كل معرض أنشطة وندوات وورش عمل بهدف إشراك الجمهور من كافة أطياف المجتمع. وأضافت فران: لقد قمت مؤخراً بتقييم العرض الفني الأدائي «ملحمة مهيرة»، للفنان الرائد عبدالرحيم سالم، الذي يكشف النقاب عن جوانب متميزة من الموروث الثقافي الإماراتي ويوظف الحكايات الشعبية بشكل إبداعي، يبرز الارتباط الوثيق بين الفنان وتراث وطنه وحضارته. وقد تضمن العرض أيضاً جلسة حوارية حول مسيرة الفنان وتجربته المتميزة. 
وعن مركز «مرايا» للفنون في الشارقة، قالت د. فران: إنه يضم أيضاً صالتي عرض، وقد تأسس في عام 2006 بهدف دعم الفنانين والمصممين الناشئين بشكل متكامل، كما يحتوي على مكتبة، ويهتم بإصدار الكتالوجات الفنية، وقد استضاف المركز معرض «التفكير فنياً»، الذي قمت بتقييمه، حيث سلّط الضوء على التأثير العميق للثقافة والتعليم على الفن، وقد رافقه كتاب أكاديمي توثيقي تناولت خلاله تطور الحركة الفكرية والفنية في دولة الإمارات، صدر باللغتين العربية والإنجليزية، وهو إلى جانب المعرض، يشكل مصدراً غنياً للوقوف على جوانب من ثراء المشهد الفني النابض بالحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

أخبار ذات صلة فنانون: «ملحمة مهيرة» إضافة فارقة للمشهد الفني الراهن شوقي شمعون: الصحراء أسرار وأعاجيب وكنز فنّي متنوع المفردات

دعم الاقتصاد الإبداعي
وبدوره أوضح محمد مندي، فنان تشكيلي، أن الجاليريهات الخاصة مختلفة تماماً عن غيرها. فالخاصة تتميز بالتنوّع الفني الذي تقدمه للجمهور حيث إن أغلب الجاليريهات الخاصة تعد حيّوية بما تحمله في طياتها من عفوية، وهذا ما يميل إليه الجمهور في الغالب، وما يشجع إقباله على معارضها وفعالياتها الفنية، مشيراً إلى أننا اليوم بحاجة ماسة إلى التركيز على الجاليريهات الخاصة والتشجيع عليها، طالما أنها تعكس ثقافة المكان وتعزز الإبداع الذي يرسخ الهوية والتاريخ ويرفد الثقافة الوطنية، وكونها تساهم في تشجيع المبدع وتحفيزه لأن يعطي أكثر، بالإضافة إلى أن مثل هذه الجاليريهات تجذب أيضاً السياح والزوار وتدعم الاقتصاد الإبداعي وتزيد انتشار الثقافة الوطنية.
وأكد مندي على ضرورة تواجد الجاليريهات الخاصة لما لها من أهمية كبرى، والتركيز عليها بوجود معرض دائم يضم الفنانين الإماراتيين تحت سقفه، محتضناً أعمالهم ومشاركاتهم وإسهاماتهم الإبداعية الفنية، مبرزاً أهمية تعزيز حضور المعارض وتكثيف إسهامات الفنانيين بما يعطي مؤشراً على قيمة الفن ومكانة الإبداع للارتقاء بالذائقة نحو غاياتٍ مُلهمة.

إسهامات إبداعية متميزة
ومن جانبه، بيّن هشام المظلوم، مصمم وفنان تشكيلي، أن وجود الجاليريهات الخاصة في أي مكان يشكل إضافة كبيرة، كونها تعتمد على الإنتاجية الخاصة، ولذا فإن تعزيز وجودها أمر مفيد وصحي إبداعياً وذوقياً للمجتمع الثقافي بشكل عام، موضحاً، أن طابع التنوع يغلب على الجاليريهات الخاصة، وهذا ما يجعلها أكثر تميّزاً وتألقاً وأقوى حضوراً وجمالية، فالتنوّع الذي تقوم عليه يعطيها عفوية أكثر وهذا ما يجعل الجمهور متحمساً للتواجد خلال معارضها للاطلاع على هذا الزخم العفوي من الإبداع في سرد المهارات الفنية والجمالية.
ولفت إلى أن مثل هذه الجاليريهات لها مساحة أكبر في اختيار الفنانين والمثقفين لإبراز أعمالهم بشكل أوسع وأسرع، منوّهاً إلى أن أغلب الجاليريهات الخاصة لها ريع مادي يستطيع المبدع الاستفادة منه كحافز داعم لجهوده ومشاركاته وحضوره الإبداعي، ما يشجعه على التواجد بشكل دائم ومستمر لرفد المشهد الثقافي بإسهاماته الإبداعية الملهمة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الفنون التشكيلية الفن التشكيلي الأعمال الفنية المعارض الفنية محمد مندي إلى أن

إقرأ أيضاً:

افتتاح النسخة الثالثة من معرض المدينة المنورة للكتاب بمشاركة أكثر من 300 دار نشر

افتتحت أمس فعاليات النسخة الثالثة من معرض المدينة المنورة للكتاب، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، وتستمر فعالياته حتى الخامس من أغسطس، بمشاركة أكثر من 300 دار نشر ووكالة عربية ودولية، موزعة على أكثر من 200 جناح.

وأكد الرئيس التنفيذي للهيئة الدكتور محمد حسن علوان، أنَّ معرض المدينة المنورة للكتاب، أصبح فعالية لافتة تعزز المكانة الثقافية الرائدة للمدينة المنورة، وتُجسّد دورها المتنامي في المشهد الثقافي السعودي والعربي.

وأوضح علوان أنَّ المعرض يسهم عبر برنامجه الثقافي المتنوع وضيوفه من روّاد الثقافة والأدب والنشر، في تعزيز التبادل الثقافي وتوسيع آفاق المعرفة، وتشجيع الاهتمام بالقراءة، وتسليط الضوء على مواهب الكتّاب والأدباء السعوديين، مشيرًا إلى أن تنظيم المعرض يأتي ضمن "مبادرة معارض الكتاب" الهادفة لتمكين صناعة النشر، والنهوض بالوعي المعرفي والثقافي للمجتمع، وتحقيق تطلعات "رؤية 2030" والإستراتيجية الوطنية للثقافة، لجعل الثقافة نمطًا لحياة الفرد، والإسهام في دعم النمو الاقتصادي الوطني.

ويقدم البرنامج الثقافي للمعرض فعاليات متنوعة تشمل الندوات الحوارية، والجلسات النقاشية، وورش العمل، والأمسيات الشعرية، بمشاركة كوكبة من الأدباء والكتّاب والشعراء والمثقفين السعوديين والعرب، مما يثري تجربة الزوار ويُحفّز النقاش الفكري والحوار الثقافي، ويرّسخ ثقافة القراءة.

ويولي البرنامج الثقافي للمعرض أهمية كبيرة بالطفل، حيث يتضمن برنامجًا متكاملًا مصممًا للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات إلى 12 سنة، ويشتمل على أنشطة تفاعلية مبتكرة موزعة على 6 أركان هي: ركن مملكة الحكايات، الذي يتيح للأطفال تأليف قصصهم الخاصة وتنمية مهاراتهم اللغوية والكتابية، وركن مكتبة المغامرات، الذي يُدرب الأطفال على مهارة إلقاء القصص وعرضها أمام الجمهور، وركن ساحة المرح، وهو مساحة تضم ألعابًا حركية ومسابقات تفاعلية مختصة بأدب الطفل وثقافته، وركن الطهي، ويتيح للأطفال محاكاة دور الطبّاخ عبر أنشطة ممتعة لصنع الأطباق المفضلة، وركن الأزياء، الذي يُعرّف الأطفال بعالم تصميم وتشكيل الأزياء وخاماتها، وركن الفنون والتراث، الذي يقدم الحرف التقليدية السعودية مثل الفخار بتصاميمه، والزخارف الهندسية المستوحاة من البيئة المحلية.

ويقدم البرنامج الثقافي كذلك ضمن فعاليات "مسرح الطفل" ثلاث تجارب إثرائية تشمل فعالية "الحكواتي"، التي تقدم 3 قصص يومية مع دمية الجدة تستهدف بناء قيم متنوعة ومهارات متعددة وترسيخها في نفوس الأطفال، وفعالية "التمثيل المسرحي"، وتتيح للأطفال تمثيل مقاطع من القصص التي يقدمها الراوي على خشبة المسرح. كما تتضمن الفعاليات عدة أنشطة تفاعلية لتشجيع الأطفال على المشاركة والتفاعل مع المؤدين بما يكسبهم مهارات اجتماعية جديدة، ويعزز ثقتهم بأنفسهم.

يُذكر أن إطلاق المعرض شهد إقبالًا كبيرًا مقارنة بافتتاح النسختين الماضيتين، حيث يتزامن مع العطلة الصيفية المدرسية، كما أتاح التسجيل المُسبق المجاني لحضور المعرض عبر منصة الفعاليات الثقافية في المملكة "اكتشف الثقافة"، تسهيل وتنظيم إجراءات دخول عشّاق الثقافة والقراءة.

ويقام المعرض هذا العام على مساحة أكبر من 20 ألف متر مربع خلف مركز الملك سلمان الدولي للمؤتمرات والمعارض، ويفتح أبوابه للجمهور طوال أيامه السبعة من الساعة الثانية مساءً حتى الواحدة صباحًا.

مقالات مشابهة

  • مدير مكتبة الإسكندرية: مهرجان الصيف الدولي يعد نافذة فنية للمواهب الشابة لعرض أعمالهم
  • دعوة من 'اليازا' إلى شركات الخاصة
  • رضا إدريس يكشف عن سبب ابتعاده عن الساحة الفنية
  • تقسيمة قوية بمران الزمالك استعدادًا لمواجهة الجونة في الدوري
  • راحه للاعبى الزمالك الأساسيين من الفقره الفنيه
  • انطلاق النسخة الثانية من المؤتمر العالمي للفن الإسلامي في “إثراء”
  • المسيرات التى استهدفت جبيت تلخيص للمشهد فى السودان
  • افتتاح النسخة الثالثة من معرض المدينة المنورة للكتاب بمشاركة أكثر من 300 دار نشر
  • الرئيس التشيلي: «موانئ دبي» نموذج ملهم للابتكار والممارسات المستدامة
  • مؤمن سليمان يعلن رحيله عن الشرطة العراقي