رغم احتواء الهند على معارض للكتاب، فإن بعض طلابها الدارسين فى مصر يرون أن معرض القاهرة الدولى للكتاب هو الأكبر والأشهر على الإطلاق، لسمعته التاريخية وقدرته على جذب ثقافات العالم المختلفة، بفضل تنوع الكتب بداخله والأنشطة والفعاليات.

يقول محمد شارق خان، من ولاية تاميل نادو، إن معرض نيودلهى يُعد من أشهر معارض الكتاب فى الهند، ولكن التنوع الموجود فى معرض القاهرة يجعل الأخير يفوقه فى الشهرة، مشيراً إلى أنه يحب كتب الأدب ويحرص على الذهاب لمعارض الكتب لاقتنائها.

«الأدب شىء مهم بالنسبة لى، لذلك أحرص على الاطلاع على كافة الكتب الثقافية التى تحكى تاريخ الأدب، لأنى أهتم بمعرفة الثقافة المصرية وتاريخ آدابها، بخلاف حرصى على شراء كتب الأزهر لمساعدتنا فى الدراسة»، ومن بين المعارض التى يتحدث عنها «شارق خان»، معرض تشيناى السنوى للكتاب الذى يتم تنظيمه بالهند ويستمر أسبوعين: «هو ثانى أكبر معرض هندى ويُعد حدثاً مهماً لدينا».

قبل أن يأتى «شارق خان» إلى القاهرة كان يسمع كثيراً عن مصر من زملائه الذين كانوا يؤكدون له أن بلاد النيل كعبة العلم وصاحبة المنهج الوسطى، وتزخر بعلوم لا توجد إلا بين أجنحة الأزهر: «مصر قلعة الثقافة، والمعرض ذو شهرة واسعة لدينا، جميع الطلاب الذين درسوا فى مصر يعودون إلى الهند ويتحدثون عن المعرض الضخم، وينصحون كل هندى يدرس فى مصر بزيارة معرض الكتاب».

صديقه «إكرام»: أحب كتب التراث وأقرأ لـ«العقاد» العلامة الفارقة في الأدب

منذ 3 سنوات كانت الزيارة الأولى لـ«عبدالرب إكرام»، أحد طلاب الهند، إلى مصر. وخلال هذه الفترة تعرّف على الكثير من الأنشطة والفعاليات المقامة على أرضها، وهو ما جعله يوافق على اقتراح صديقه «شارق خان» بزيارة المعرض هذا العام لشراء مجموعة من الكتب الدينية. وأكد أنه لم يرَ فى حياته معرضاً بهذا الحجم سوى فى مصر، وهو ما يثبت أنها منارة العلم: «أحب كثيراً كتب التراث وأقرأ دوماً لعباس العقاد، وأرى أنه علامة فارقة فى الأدب المصرى».

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: القاهرة للكتاب فى مصر

إقرأ أيضاً:

شكسبير واليوم العالمي للإنجليزية

(1)

يحتفي البريطانيون، وأبناء الثقافة الإنجليزية القحة، والناطقون بها في جميع أنحاء العالم بيوم اللغة الإنجليزية الذي يتزامن مع تاريخ ميلاد أبي الدراما الإنجليزية، وكاتبها الأعظم والأشهر وليام شكسبير (1564-1616) أشهر مؤلف درامي مسرحي عرفه التاريخ؛ صاحب التراجيديات والكوميديات والمسرحيات التاريخية الخالدة.

مات شكسبير منذ قرون طويلة، وما زالت أعماله وروائعه المسرحية (التراجيدية والكوميدية) تملأ الدنيا وتمتع الملايين! تقريبًا لا تُوجد لغة حية واحدة من اللغات الحية والمتداولة لم تُترجم إليها أعمال شكسبير، تتحدى الزمن وتدافع عن مبدعها حتى وقتنا هذا، ولمن يأتي بعدنا بقرون أخرى طويلة! تلك الآثار البارزة في المسرح الكوميدي والتراجيدي التي جسّد من خلالها أبرز دقائق النفس البشرية في بناء درامي، محكم، متساوٍ، أقرب ما يوصف به أنه "سيمفونية شعرية" لا مثيل لها في الدقة والانسجام والتآلف والجمال.

ومنذ سنوات الصبا، ومنذ بدأت أطالع كتب الجيب، وروائع الأدب العالمي للناشئين، والمختصرات المنشورة للقصص والمسرحيات الكلاسيكية العالمية، أصبحت من عشاق "الدراما الشكسبيرية" بكل أشكالها وتنويعاتها؛ قراءة ومشاهدة، وكنت على قناعة بأن "شكسبير" هو أحد أعظم كتّاب التراث الإنساني على الإطلاق؛ هكذا أتصور حينما تحاول أن تضع قائمة مختصرة لأكبر وألمع وأشهر المبدعين الذين مروا على تاريخ البشرية منذ وعى الإنسان ذاته وحضوره على هذه الأرض؛ قائمة لا يمكن أن تخلو فيما أظن من هوميروس، مثلا، وفيرجيل، وسوفوكليس، أريستوفانيس، وشكسبير، ثم ضع ما شئت من أسماء بعد ذلك!

وظللت على قناعتي تلك بل إنها ترسخت بمقولة الناقد القدير والمبدع المثقف الموسوعي محمود عبد الشكور "إن أفضل معلم للكتابة الدرامية هو مشاهدة وتحليل أعمال شكسبير". كما زادت رسوخا وثباتا بما قرأته لدى العقاد الذي كتب رسالته الشهيرة في «التعريف بشكسبير» (صدرت عن دار المعارف في أواسط القرن العشرين) من أنه: "ارتفع -بموازين النقد جميعًا- في فن الرواية المسرحية: فن الخلق والإبداع في تصوير النفوس وتصوير العلاقات بينها على السواء.

وإذا استثنينا الرسل والأنبياء من أصحاب الأديان الكبرى، فليس في أصحاب الأقلام منذ كتب الإنسان بالقلم عشرة يُعَدُّون معه في الصف الأول الذي تقدم إليه بين الصفوف العباقرة العالميون"..

(2)

ثم زادت تلك القناعة رسوخًا وثباتًا بعد أن طالعت الكتاب الرائع الذي ألفه ثلاثة من كبار الكتاب والمؤلفين بالعربية عن شكسبير، وصدر عن سلسلة (اقرأ) العريقة في أربعينيات القرن الماضي. في هذا الكتاب الممتع الذي يقدمه ثلاثة من كبار مثقفينا في القرن العشرين (زكي نجيب محمود، ومحمد فريد أبو حديد، وأحمد خاكي) تعريف واف بشكسبير عبقري المسرح الإنجليزي في القرون الوسطى، وبحث في عظمة وعبقرية صاحب المسرحيات الرائعة التي ما زلنا نقرأها، ونستمتع بها رغم رحيل مبدعها منذ قرون. قارئ هذا الكتاب سيتعرف على جوانب العظمة الشكسبيرية المتخطية للزمن، خاصة في اكتشافه أن الإنسان كائن معقد، وأن الدراما أعظم وسيلة للكشف عن جوهر هذا التعقيد.

وقد كانت هذه الفكرة التي تعرفت عليها في هذا الكتاب المكثف هي مدخلي لإعادة قراءة شكسبير كاملا وفق خطة ارتضيتها لنفسي، وتحديد الترجمات التي سأبدأ بها وأطالعها ثم أعرج عليها رجوعا مرة أخرى، متخذا من العبارة التي صاغها شكسبير على لسان عطيل أحد أشهر أبطال مسرحياته التراجيدية؛ مفتاحا للبحث عن سيرة شكسبير، وقراءة أعماله، وتحليل عناصر الدراما التي وصل فيها إلى الذروة، تلك العبارة التي يقول فيها:

"أرغب إليكم حينما تقصون قصتي في رسائلكم أن تذكروني بحقيقتي، لا بمزيد ولا بنقصان، وألا تدخلوا فيها شيئًا من المكر السيئ" (من مسرحية عطيل لشكسبير)

(3)

تذكرت هذه الجملة التي وردت على لسان "عطيل" في المسرحية الشهيرة التي كتبها شكسبير، وأنا أسأل السؤال الذي سأله غيري وقبلي وبعدي بما لا يعد ولا يحصى: السؤال المتكرر دائما وأبدا من عشاق الفن ومتذوقي الجمال ومتابعي الدراما:

هل هناك كاتب واحد فقط لو قرأنا أعماله كاملة، ودرسنا مسرحياته بتنويعاتها التراجيدية والكوميدية، وتأملناها تحت مجهر الفحص والتحليل.. هل لو فعلنا ذلك فهل يمكننا النفاذ إلى روح الدراما وإدراك سرها وسر التمكن منها بما يمكن أو يصح القول معه "إدراك صنعة الكتابة الدرامية" أو ماهية كتابة الدراما جملة وتفصيلا؟

سيرة شكسبير العظيمة وأعماله تمنحنا الإجابة الكاملة الدقيقة دون ذرة تردد ولا شك واحدة: نعم يمكن؛ لأن هناك كاتبا عبقريا وعظيما اسمه وليم شكسبير، ظهر في الأمة الإنجليزية، وكتب باللغة الإنجليزية، وقدم للتراث الإنساني واحدا من أعظم نصوصه المسرحية والدرامية،

وليم شكسبير هو أستاذ صنعة الدراما، أقولها بكل ثقة ويقين!

وبالمناسبة؛ فليس من الضروري أن تقرأ كل ما كتبه شكسبير للتأكد من أنه أستاذ صنعة الدراما بلا منازع؛ يكفي أن تقرأ بتأمل وبصيرة واستيعاب أعماله الكبرى سواء في التراجيديا أو الكوميديا؛ في التراجيديا لديك مثلا «هاملت»، أو «ماكبث»، «الملك لير»، «عطيل»، «يوليوس قيصر»، أو «روميو وجولييت».. وفي الكوميديا؛ خذ عندك على سبيل المثال وليس الحصر: «حلم ليلة صيف»، «تاجر البندقية»، «العبرة بالخواتيم»، و«ترويض الشرسة» وهي النموذج الكامل فيما أرى للكتابة الكوميدية!

(4)

من يقرأ هذه الأعمال جيدًا ويتأمل دقة بنائها وقدرة مؤلفها على سبر غور أعماق شخصياته ووضع يده باقتدار على نوازعها ومحركاتها الدافعية والشخصية، واضطرابها واندفاعها.. إلخ من خصال وطوابع بشرية تتلاقى أو تتقاطع أو تصطدم بغيرها من الشخوص، في المحيط التاريخي أو الاجتماعي أو أيا ما كان السياق الجامع لها، أقول من يقرأ هذه الأعمال ويتملاها سيدرك أن قوة وعظمة شكسبير وسر عبقريته لم تكن أبدًا في محض نسج حكاياته وحواديته التي بنى عليها مسرحياته (سواء كانت مأخوذة من التاريخ أو من الأساطير أو من القصص والحكايات المشهورة) بل كانت وبالدرجة الأولى في قدرته الفذة على صنع دراما مكتملة كاملة الأركان من هذه الحكايات والحواديت؛ يستخرج منها أو بالأحرى يستولد منها أسئلة كبرى حول الوجود والإنسان في اضطرابه وقلقه وتناقضاته ودوافعه وغرائزه.. إلخ، كما تتجلى أيضا في قدرته المذهلة والمدهشة على بناء مسرحياته ورسم شخصياته، وبناء المواقف وإحكامها والانتقال في الزمان والمكان وخلق الصراع بين الشخوص، وإدارته ببراعة منقطع النظير وصولا بهذا الصراع إلى ذروته ونهايته الحتمية والمنطقية.. ثم يزيد على هذا كله، كأنها العبقرية فوق العبقرية، تقديم زوايا متعددة ومختلفة للرؤية وهي كلها في النهاية أهم عناصر صناعة الدراما المحورية..

إن عظمة شكسبير وعبقريته المتفردة، تتجسد فيما يرى الناقد الكبير محمود عبد الشكور "في اكتشافه أن الإنسان كائن معقد وأن الدراما أعظم وسيلة للكشف عن جوهر هذا التعقيد، بالإضافة بالطبع إلى قوة التعبير البلاغي، والصور الشعرية، عن هذه المواقف الدرامية".

(5)

سيظل وليم شكسبير، وأمثاله من عباقرة الكتابة الإبداعية والأدب والمسرح والرواية، في تاريخ الإنسانية؛ شاهدًا حيًّا وخالدًا على ما يسميه عميد الأدب العربي بـ"الأدب الحي"؛ ذلك الأدب الذي يصنعه الأدباء الأحرار؛ وهؤلاء "الأدباء الأحرار" هم الذين يرون أن الأدب حي دائمًا، وأن الجمال في النصوص الأدبية الجديرة بهذا الاسم لا يخضع لسلطان الزمان، وإنما هو باقٍ على تتابع العصور، وتعاقب الأجيال، وهو من أجل ذلك جدير أن يشغلنا؛ لأن الحياة القوية التي تشيع فيه لا تلبث أن تتجاوزه إلى عقولنا وقلوبنا وأذواقنا..

(وللحديث بقية)

مقالات مشابهة

  • شكسبير واليوم العالمي للإنجليزية
  • المملكة تفتح أبواب جناحها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025
  • المنهج الصحي المدرسي في دورة تدريبية لتربية حمص
  • مركز معالجة سوء التغذية بمستشفى الثورة بالحديدة.. منارة أمل لمستقبل صحي للأطفال
  • لبنان مشارك في وداع البابا...عون:سيظل منارة للقيم الإنسانية التي حملها قداسته
  • الرئيس عون من روما: لبنان سيبقى منارة للقيم الإنسانية رغم جراحه
  • 3 مليارات جنيه.. مصطفى بكري يكشف دور وزير التعليم لمواجهة مافيا الكتب الخارجية
  • 3 مليارات جنيه.. مصطفى بكري يكشف دور وزير التعليم السابق لمواجهة مافيا الكتب الخارجية
  • ندوة المدارس العلمية والفكرية بمحافظة شمال الشرقية في معرض مسقط الدولي للكتاب
  • هيئة الأدب والنشر والترجمة تدشن جناح المملكة في معرض مسقط الدولي للكتاب 2025