من المقرر أن يبدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد جولة جديدة في الشرق الأوسط سعيا لإنجاز اتفاق يشمل هدنة في غزة وتبادلا للأسرى بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بينما يثير الاتفاق المحتمل خلافات متصاعدة داخل حكومة الحرب في تل أبيب.

فقد أعلنت الخارجية الأميركية اليوم الجمعة أن بلينكن يتوجه إلى السعودية ومصر وقطر وإسرائيل والضفة الغربية من 4 إلى 8 فبراير/شباط الجاري.

واضافت الوزارة -في بيان- أن وزير الخارجية سيواصل جهود التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح جميع "الرهائن" وهدنة إنسانية في غزة، ويواصل العمل على منع توسع الصراع في المنطقة.

وتأتي جولة بلينكن الجديدة بعد إعلان كل من قطر والولايات المتحدة إحراز تقدم في المفاوضات الرامية إلى إبرام صفقة بين إسرائيل وحركة حماس، وذلك المقترحات التي أسفرت عنها محادثات جرت في باريس بمشاركة أميركية قطرية مصرية.

والمقترح المطروح على الطاولة الآن يقضي بتنفيذ هدنة موسعة يتخللها تبادل نحو 130 أسيرا إسرائيليا في غزة بأعداد من الأسرى الفلسطينيين على مراحل، وقد يفضي ذلك في نهاية المطاف إلى وقف الحرب.

وأكدت حماس أنها تسلمت المقترح وبصدد دراسته، وكانت الحركة أكدت مرارا أن أي صفقة يجب أن تشمل وقف العدوان وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة.

من جانبها، قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة  ليندا توماس غرينفيلد اليوم إن بلادها تعمل بلا كلل مع قطر ومصر والشركاء الإقليميين الآخرين بشأن ما وصفته باقتراح قوي ومقنع.

وعلى صعيد متصل، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن وزير الخارجية رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ناقش مع غوتيريش جهود إنهاء القتال في غزة وإطلاق المحتجزين ودعم العمليات الإنسانية.

أحزاب هددت بالانسحاب.. خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية بسبب #حرب_غزة#الأخبار pic.twitter.com/lgl4UBuX0I

— قناة الجزيرة (@AJArabic) February 2, 2024

خلافات بإسرائيل

في غضون ذلك، تنذر الخلافات التي يتثرها المقترح المتعلق بتبادل الأسرى والهدنة في غزة وترتيبات ما بعد الحرب بانهيار مجلس الحرب الإسرائيلي.

فقد نقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤول في حزب "المعسكر" الذي يقوده عضو مجلس الحرب بيني غانتس قوله إن الحزب سينسحب من حكومة الطوارئ الإسرائيلية إذا توصل إلى انطباع بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرفض صفقة تبادل الأسرى لاعتبارات سياسية، وإذا أعلن نتنياهو عن حكم عسكري في غزة.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ناشد شركاءه من حزب المعسكر بزعامة بيني غانتس عدم الخروج من حكومة الحرب، مشيرا إلى أن ذلك سيضر بوحدة الصف الإسرائيلي.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نقلت تسريبات عما جرى في  جلسة مجلس الوزراء المصغر للشؤون الأمنية والسياسية التي امتدت حتى ساعة متأخرة من مساء الخميس، وقالت إن نتنياهو حسم السجال بين وزرائه في الجلسة بتأكيد ما وصفها بثلاثة شروط لا تستطيع إسرائيل القبول بها من أجل إبرام صفقة تبادل جديدة للأسرى مع حركة حماس.

ونقلت عن نتنياهو أن حكومته لا تستطيع السماح بوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، ولا توافق على الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين، كما أنها لن تسمح بخروج الجيش من قطاع غزة.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد تعهد خلال زيارته جنودا جرحى بعدم إنهاء الحرب قبل تحقيق ما سماه النصر الكامل.

من جهته، سخِر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد من التسريبات المستمرة لما يحدث في اجتماعات مجلس الوزراء واتهم رئيس الوزراء بعدم الكفاءة.

ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن أعضاء في المجلس الوزاري الأمني المصغر قولهم إن صفقة تبادل الأسرى ما زالت بعيدة، وإن عددا كبيرا من الوزراء عبروا عن تحفظهم على مدة الهدنة ومراحل منحى الصفقة، مشيرة إلى أن أغلبية الوزراء طالبوا بإشراكهم في عملية المفاوضات وعدم إبلاغهم بها كأمر واقع.

وفي السياق، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر قولها إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ناقش مع مدير مكتبه السابق كيفية تحييد المعارضة من اليمين لصفقة الأسرى المحتملة.

كما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤول إسرائيلي كبر أن احتمالات صفقة اسرى جديدة لا تتجاوز 50%.

هنية (يمين) والنخالة خلال لقاء سابق في القاهرة (الأناضول-أرشيف) حماس والجهاد تشترطان

في الأثناء، قال مكتب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إن الأخير تواصل اليوم مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة بشأن مبادرات إنهاء العدوان على غزة.

وأضاف المكتب -في بيان- أن هنية والنخالة أكدا ضرورة أن تفضي أي مفاوضات إلى إنهاء العدوان وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي ورفع الحصار عن قطاع غزة وإدخال كل متطلبات الحياة إلى شعبه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رئیس الوزراء فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا أصدر نتنياهو تصريحات متضاربة بشأن صفقة الأسرى؟.. محللون يجيبون

اتفق محللون على أن تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتضاربة بشأن التوصل إلى اتفاق في قطاع غزة تأتي متسقة مع أسلوبه المعتاد في المراوغة والتلاعب بالألفاظ ومحاولة إرضاء جميع الأطراف، وتؤكد سعيه لإطالة أمد الحرب لأهداف شخصية.

وكان نتنياهو قد أظهر تضاربا واضحا من خلال تصريحات متعارضة، حيث أكد في أول مقابلة له مع قناة إسرائيلية منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي استعداده للقبول باتفاق جزئي يعيد بعض الأسرى ويتيح له استئناف الحرب لاحقا، قبل أن يؤكد أمام الكنيست التزامه بالمقترح الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن لاستعادة جميع الأسرى وإنهاء الحرب.

وفي حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟" يعتبر الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي أن أصدق وصف لنتنياهو ما قاله زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد عنه اليوم بأنه كذاب ويواصل الكذب في كل الاتجاهات.

ويضيف البرغوثي أن نتنياهو لا يقبل في الحقيقة بأي اتفاق ويحاول نسف أي إمكانية للوصول إليه، وأن الدلائل على ذلك "قاطعة"، حسب تعبيره، مشيرا إلى أن رفضه التزامات سابقة عندما وافقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على العرض المقدم من الوسطاء، حيث تراجع عن تصريحات بايدن بشأن الموافقة الإسرائيلية.

ويرى البرغوثي أن نتنياهو يسعى إلى إطالة أمد الحرب لأهداف سياسية، مؤكدا صوابية موقف المقاومة الفلسطينية برفض الدخول في صفقات مع إسرائيل دون التزام واضح بوقف العدوان والحرب بشكل كامل والتزام بانسحاب الاحتلال من القطاع.

نتيناهو في أزمة

وانتقد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية موقف الإدارة الأميركية، مشيرا إلى أنها كانت "متواطئة منذ البداية وتدفع ثمن ذلك الآن"، كما عبر عن استغرابه من تقبل الإدارة الأميركية الإهانات المتكررة من نتنياهو، وقال "لا أفهم كيف تقبل هذه الإدارة بذلك وتجبن بهذا الشكل".

لكنه يرى في الوقت ذاته أن نتنياهو في أزمة ويحاول إخفاء ذلك بالتصعيد الكلامي، لافتا إلى توارد تقارير تفيد بأن محكمة العدل الدولية بصدد إصدار أمر اعتقال لنتنياهو ووزير دفاعه غالانت، مما يزيد الضغوط عليه.

ويعتقد البرغوثي أن مواقف الإدارة الأميركية ستكلفها كثيرا، لأنها تبعث رسالة للجميع -وفي مقدمتهم أندادها مثل روسيا والصين– بأنها "إدارة عاجزة ومترددة"، ويشير إلى أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يردع نتنياهو هو فرض عقوبات على إسرائيل.

ومتفقا معه بشأن وضع نتنياهو، يرى الدكتور أشرف بدر الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن رئيس وزراء الاحتلال في أزمة حقيقية، وكل الشواهد تشير إلى ذلك، وهو ما يجعله مرتبكا في تصريحاته.

لكنه يرى أن تصريحاته التي تحدث فيها عن قبوله بصفقة جزئية يعود بعدها لاستئناف الحرب تعبر عن مكنوناته الحقيقية، مشيرا إلى توافقها مع تصريحات سابقة لتساحي هنغبي رئيس مجلس الأمن القومي والمقرب من نتنياهو، والتي قال فيها إن إسرائيل قد تلتزم بالمرحلة الأولى من الصفقة لكنها لن تلتزم المراحل اللاحقة.

ويوضح الدكتور بدر أن نتنياهو ربما ينهي القتال في مرحلة من المراحل، لكن ذلك لا يعني إنهاء الحرب التي لا يقبل بإنهائها، ويعمل على استمرارها بأشكال أخرى، مشيرا إلى رغبته في استنساخ نموذج الضفة الغربية بتنفيذ عمليات اغتيال وضربات جوية ومداهمات محدودة.

ويرى بدر أن أهالي الأسرى ليسوا مصدومين من موقف نتنياهو، مشيرا إلى أن نتنياهو يُسمع كل طرف ما يحب أن يسمعه، حيث تحدث إلى اليمين المتطرف عبر منصتهم القناة الـ14، وطمأنهم بأنه إذا اضطر لتوقيع صفقة فلن ينفذ إلا الجزء الأول منها، في حين حاول إرضاء باقي الأطرف في تصريحاته أمام الكنيست.

التصعيد مع حزب الله

وفيما يتعلق بالتصعيد مع حزب الله اللبناني يرى بدر أن نتنياهو قد يزيد دائرة النار ولكنه لن يتجه نحو حرب شاملة، مرجعا ذلك إلى عدم توفر أرضية لهذا الخيار، لأن الجيش الإسرائيلي منهك وفقد نصف آلياته، كما قلّت لدى مقاتليه الدافعية للاستمرار في الحرب، فضلا عن رسائل حزب الله التي تؤكد استعداده للحرب.

بدوره، يرى الدكتور وليام لورانس المسؤول السابق في الخارجية الأميركية أن الصمت الأميركي بشأن تصريحات نتنياهو يعود إلى إستراتيجية الهدوء التي يتبناها الأميركيون لتحقيق أهدافهم، لكنه يؤكد وجود شعور بالإحباط والصدمة لدى المسؤولين الأميركيين تجاه نتنياهو وما يحصل في قطاع غزة.

ويوافق لورانس المتحدثيْن السابقيْن بأن نتنياهو يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية وشخصية من خلال هذه التصريحات المتضاربة، مضيفا أنه مستعد للتضحية بلبنان وحياة الإسرائيليين لتحقيق أهدافه ومصالحه، مشددا على ضرورة فهم اللعبة التي يلعبها نتنياهو، على حد تعبيره.

واعتبر المسؤول الأميركي السابق أن مواقف بايدن الأخيرة تظهره ضعيفا بمحاولته إرضاء جميع الأطراف، وقال "أعتقد أن بايدن يدفع ثمنا سياسيا كبيرا لمواقفه التي يحاول أن تكون متوازنة".

ويشير إلى أن الولايات المتحدة أوقفت الحرب في قطاع غزة عام 2021 من خلال الإدارة نفسها، مما يعني أنها قادرة على ذلك، لكن المشكلة تكمن في الرغبة، مؤكدا على ضرورة اتخاذ مواقف موحدة من مختلف الأطراف لردع نتنياهو.

مقالات مشابهة

  • لماذا أصدر نتنياهو تصريحات متضاربة بشأن صفقة الأسرى؟.. محللون يجيبون
  • جيش الاحتلال يزعم أن أحد أسراه في غزة قتل في 7 أكتوبر
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي: لن نتنازل عن النصر الكامل على حماس
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية لنتنياهو: "لن يضع اسمك على مطار أو جسر
  • حديث نتنياهو عن صفقة جزئية يثير انتقادات وغضبا داخل إسرائيل
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية ينتقد تصريحات نتنياهو بشأن صفقة جزئية مع حماس حول الرهائن
  • حماس: موقف نتنياهو عدم التوصل إلى اتفاق والمراوغة
  • عضو مجلس الحرب: حديث نتنياهو عن صفقة جزئية يتنافى مع قرار المجلس
  • "رسالة تحذير" لنتنياهو من عائلات الرهائن في غزة
  • عضو مجلس الحرب: نتنياهو يعلن ما لم نتفق عليه