أوقاف جنوب الفيوم تنظم قوافل دعوية كبرى بالمساجد
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
نظمت مديرية الأوقاف بالفيوم برئاسة الدكتور محمود الشيمي وكيل الوزارة، اليوم الجمعة قافلة دعوية كبرى إلى عدد من المساجد بإدارة أوقاف مركز جنوب الفيوم.
يأتي هذا فى إطار خطة مديرية أوقاف الفيوم خلال شهر رجب، وضمن القوافل الدعوية التي نظمتها إدارة أوقاف مركز جنوب الفيوم بالمسجد العتيق بقرية دسيا.
جاء ذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وبحضور الدكتور محمود الشيمي وكيل وزارة الأوقاف بالفيوم ، وفضيلة الشيخ أحمد صابر مدير الإدارة محاضرا، وفضيلة الشيخ علاء محمود مدير شئون الإدارات بالمديرية، وفضيلة الشيخ يحى محمد مدير الدعوة بمديرية الأوقاف، وعدد من العلماء والأئمة المميزين.
العلماء رحلة الإسراء والمعراج كانت تكريمًا إلهيًّا لنبينا وجبرا لخاطره ..
وخلال هذه القافلة أكد العلماء على أن رحلة الإسراء والمعراج كانت تكريمًا إلهيًّا لنبينا محمد(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وجبرًا لخاطره ومواساة لقلبه، وتسرية لنفسه، بعدما تحمل أذى قومه وإعراضهم عن دعوته النبيلة ورسالته الكاملة، وبعدما فقد زوجَه الحبيب المؤنس، وعمَّه الشَّهم النبيل، فاختصه الله(عز وجل) بهذه المعجزة العظيمة؛ لكي نتعلم أن الشدائد يأتي بعدها الفرج، وأنه يجب علينا ضرورة الصبر وعدم اليأس مهما يكن أمر هذه الشدة،فإذا ضاق الأمر اتسع ، ومن كان مع الله كان الله معه، فالأمر أمره، والحكم حكمه والكون كله قبضته، ولن يغلب عُسْرٌ يُسْرَيْنِ،إذ يقول الحق سبحانه: “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا”، هذا وقد شملت هذه القافلة أداء خطبة الجمعة، والبرنانج التثقيفي للطفل ومقارئ للجمهور، ثم مجلس الصلاة والسلام على خير البرية.
وأكد العلماء أن من الدروس والعبر في تلك الرحلة المباركة بيان عظمة وطلاقة القدرة الإلهية، وإكرام الله (عز وجل) نبيه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بالآيات الكبرى، حيث كان الإسراء والمعراج في ليلة واحدة، كما سخر الحق سبحانه لنبيه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) البراق لينقله في رحلته المباركة، وأكرمه بلقاء الأنبياء والمرسلين، حين أحياهم الحق سبحانه فأمهم نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فصلوا خلفه في المسجد الأقصى، والتقى بمن التقى بهم في السماوات العلا، فرحبوا به جميعًا، ودعوا له بخير؛ في دلالة واضحة على أن الأنبياء والمرسلين(عليهم السلام)جميعًا أصحاب رسالة واحدة في الأصول والعقائد، والقيم والأخلاق حيث يقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : “الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ : دِينُهُمْ وَاحِدٌ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى”.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أوقاف العلماء الإسراء والمعراج الأوقاف الفيوم رحلة الإسراء والمعراج بوابة الوفد جريدة الوفد ى الله
إقرأ أيضاً:
الأوقاف التعليمية في عُمان
إن الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي من أهم المرتكزات التي تقوم عليها نهضة الأمم، والأساس الذي تعتمد عليه في التنمية البشرية واستدامة الموارد؛ ذلك لأنه المسؤول عن بناء العقول والفكر والعلوم في المجتمعات، بل إنه أهم مورد للتنمية الوطنية، فلا يمكن أن تقوم نهضة ما لم يحضَ مواطنوها بالتعليم والتمرُّس في البحث العلمي والتجارب التي تسعى إلى تطوير الموارد وتسخيرها من أجل الارتقاء بمستوى الخدمات والمساهمة في الإنتاج وتوسعة الموارد.
ورغم اهتمام الدول بقطاع التعليم وتسخير الكثير من الموارد المالية الداعمة لتطويره وتنميته، إلاَّ أنه يعاني العديد من التحديات خاصة على مستوى البحث العلمي، الأمر الذي دفع إلى إيجاد وسائل وبرامج عدة تدعم مجال البحوث العلمية في كافة القطاعات، وتعزِّز الإبداع والابتكار فيه من ناحية، وتُسهم في تطوير مهارات الباحثين وأدوات عملهم من ناحية أخرى، ولهذا فإن من بين تلك البرامج التي اعتمدتها الدول منذ القِدم هي الأوقاف التعليمية، التي توجَّه مباشرة لدعم هذا القطاع التنموي بكافة مراحله ومتطلباته.
ولأن الأوقاف حسب الأدبيات هي (حبس الأصل وتسييل منفعته)، فإن الاستثمار في هذه الأصول من أجل استخدام أرباحها في التمويل والدعم، سيجعل منها مساهمة تنموية في خدمة المجتمع، ومنها انطلقت فكرة الأوقاف عموما، وأوقاف التعليم بشكل خاص، فهي أوقاف عُرفت عبر التاريخ الإنساني، فكانت لدى العربي أوقاف تعليمية توقف من أجل خدمة مجالات التعليم (القرآن، والحديث النبوي، واللغة العربية، وغير ذلك)، وخدمة المكتبات، ونسخ المصاحف والكتب، إضافة إلى تلك الأوقاف الخاصة بنفقات المتعلمين وأجور المعلمين.
ولقد عُرفت عُمان بالاهتمام المتزايد بأنظمة الأوقاف، وإيلائها أولوية في بناء الحضارة الإنسانية منذ القِدم؛ فوجدت أوقاف في كافة المجالات (الاجتماعية، والتعليمية، والثقافية)، إذ يخبرنا التاريخ العماني عن (أوقاف الأيتام، وأوقاف المرضى، وأوقاف عصي العمى، وأوقاف آبار الشرب، وأوقاف المقابر، وحتى الأوقاف الخاصة بالعادات والتقاليد كأوقاف الحلوى، وأوقاف التنوُّر)، وغيرها الكثير، وكان لأوقاف التعليم شأن خاص ورعاية فائقة؛ فهناك أوقاف المدارس، وأوقاف المساجد والجوامع، وأوقاف المتعلمين، وأوقاف المكتبات، وغيرها.
إن أوقاف التعليم في عُمان نمت وتطوَّرت عبر تاريخ تغيُّر مراحل التعليم وأنماطه، وهي اليوم تأخذ أشكالا مختلفة، تتناسب مع المتغيرات الحضارية التي طرأت على المنظومة التعليمية من حيث تعالقها مع التقنيات الحديثة والإبداع والابتكار، والأهداف التنموية الكبرى التي يجب أن تحقِّقها تلك المنظومة، لذا فإن أوقاف التعليم تقوم على دعم تلك الأهداف والتوجهات بطريقة تضمن الاستدامة، وتضمن المشاركة الفاعلة للمجتمع المحلي المستفيد من هذه المنظومة.
فلكي تتحقَّق أهداف الرؤية الوطنية عمان 2040 في (تعليم شامل يضمن منظومة تعلُّم مدى الحياة، لينمِّي مهارات المستقبل، ويُسهم في تعزيز البحث العلمي وبناء القدرات)، لابد من إيجاد شراكة مستدامة بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني، بُغية توفير مصادر تمويل لا تعتمد على المصادر الحكومية وحسب، بل تتعدى ذلك إلى الصناديق الاستثمارية التي توقف لدعم التعليم وخاصة تعزيز دور البحث العلمي وتوسعة مجالاته وربطه بالتقنيات الحديثة.
إن أوقاف التعليم اليوم تمثِّل توجها عالميا لدعم متطلبات هذه المنظومة التنموية القاطرة لتطوير الدول؛ إذ نجد أن كبرى جامعات العالم تعتمد في تمويلها على صناديق الأوقاف واستثماراتها مثل جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية التي تستثمر ما يقارب أربعين مليار دولار، وكذلك جامعة كامبردج في المملكة المتحدة التي توقف ما يزيد عن أحد عشر مليار دولار لدعم التعليم والمتعلمين وتوفير بيئة محفزِّة للبحث العلمي والتجارب العلمية المختلفة، وهناك تجارب عالمية وعربية كثيرة جدا.
ولهذا فإن أوقاف التعليم في عُمان تتَّخذ من تجربتها الوقفية المعروفة عبر التاريخ، ومن تلك النماذج التعليمية العالمية منطلقا في تحديث هذه التجربة وتطويرها؛ فمنذ إنشاء المؤسسة الوقفية لدعم التعليم (سراج) في العام 2019، وهي تقدِّم الكثير من الدعم للمؤسسات التعليمية في عُمان، إضافة إلى دورها في دعم طلاب العلم وتوفير فرص تعليمية للعديد من الطلاب المعسرين، وإيجاد شراكات فاعلة بينها وبين الكثير من المؤسسات خاصة التقنية، التي يكتسب الطالب من خلالها مزايا وفرص توصله إلى المعارف الجديدة في التخصصات الحديثة.
يخبرنا تقرير مؤسسة (سراج) للعام 2024، أنه من خلال هذه الأوقاف تم كفالة (100) طالب من الطلاب المعسرين الذين يدرسون على نفقتهم الخاصة، بمبلغ إجمالي يقدَّر بـ (124.410) ريالات عمانية، إضافة إلى توقيع العديد من اتفاقيات التعاون التي تهدف إلى دعم مبادرة كفالة طالب جامعي، إضافة إلى طرح العديد من المنح الدراسية التي يتنافس عليها الطلاب؛ حيث تم توقيع اتفاقية مع هيئة تنظيم الاتصالات مثلا، والتي بلغت مساهمتها 200 ألف ريال استفاد منها ما يقرب 38 طالبا.
إن هذه الإنجازات والمبادرات وغيرها التي وردت في تقرير مؤسسة (سراج) الوقفية للعام 2024، هدفت إلى ترسيخ الشراكة والمسؤولية المجتمعية بين الحكومة والقطاعات المختلفة خدمة للتعليم في عُمان، باعتباره قطاعا ترتبط تنميته وتطويره بازدهار القطاعات الأخرى وقدرتها على النماء؛ إذ لا يمكن أن تنمو سوى عن طريق المقاربات البحثية والمعرفية والعلمية، إضافة إلى أن هذه الشراكة تنهج نهجا قائما على التنمية البشرية، وفتح فرص تعليم واسعة النطاقات للشباب العماني الباحث عن هذه الفرص.
إن الأوقاف في عُمان تتخذ صفة الشخصية الاعتبارية المستقلة ذات النفع العام، وهي محميَّة وفقا للقوانين والتشريعات الناظمة لها؛ حيث تتمتَّع بصلاحيات تتعلَّق بالاستثمار والإدارة والتطوير وغير ذلك، انطلاقا من رؤيتها القائمة على الخدمة المجتمعية والمشاركة الفاعلة في تنمية الوطن، ولهذا فإنها تلتزم بميثاق حوكمة له سياساته وإجراءاته، لإيجاد إدارة وقفية مؤسسية لها إمكانات ومسؤوليات تخولها لأداء واجباتها بما يضمن تطوير الأنظمة الإدارية، وفقا لمبادئ الشفافية، واتخاذ القرارات وغير ذلك، لكي تكون المؤسسة الوقفية قائمة على معايير حوكمة ومسؤولية أخلاقية تضمن الاستفادة من هذه الأوقاف وتوجيهها وفقا للمجالات التي أوقفت لها.
لذا فإن أوقاف التعليم باعتبارها قائمة على تلك القوانين والسياسيات والأنظمة الحاكمة، تضمن تأمين موارد مالية مستدامة يمكنها أن تساعد في مواكبة زيادة أعداد الطلاب، وحرص المجتمع على فتح فرص جديدة للمتعلمين من ناحية، وزيادة الإقبال على البحث العلمي وأهميته في تنمية القطاعات المختلفة، إضافة إلى إمكانات توسعة قطاعات الابتكار ورعاية المبدعين والمبتكرين الناشئة والشباب من ناحية أخرى. إن هذه الأوقاف توفِّر فرصا لأبناء المجتمع، والعناية بها ودعمها والمساهمة فيها سيوسِّع نطاق تلك المساهمات ويفتح آفاقا جديدة للمشاركة المجتمعية القائمة على فعل المواطنة الإيجابية.
فالاهتمام بالأوقاف التعليمية ودعمها والمساهمة فيها، يعكس وعي المجتمع أفرادا ومؤسسات بأهداف التعليم ورفع مستوى مخرجاته وتهيئتهم لمستقبل الوظائف والعلوم متسارعة التطوُّر؛ فالهدف من تلك الأوقاف حماية الناشئة والشباب خاصة الفئات الهشة في المجتمع، والوصول بهم إلى أفضل الإمكانات التي تؤهلهم إلى تحسين مستوى معيشتهم وتحقيق رفاههم الاجتماعي الذي يسعون إليه.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة