تداعيات مناورات الناتو "المدافع الصامد".. الحلف يستعد للمناورات بمناسبة مرور 75 عامًا على إنشاء أقوى حلف غربي
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
وسط استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، من المقرر أن يبدأ حلف شمال الأطلسى (الناتو) مناوراته العسكرية الأكثر أهمية منذ عقود، "المدافع الصامد". بمشاركة من قوات الناتو وإجراء مناورات حربية جوية وبحرية وبرية.
وسبق الإعلان عن المناورات توقعات لمسئولين وخبراء غربيين لا يستبعدون هجومًا روسيًا محتملًا على أوروبا وحلف شمال الأطلسى خلال السنوات القليلة المقبلة.
وفى عرض حاسم للقوة، يستعد حلف الناتو لمناورات "المدافع الصامد ٢٠٢٤"، وهى أكبر تدريبات عسكرية فى تاريخه بمناسبة مرور ٧٥ عامًا على إنشاء أقوى حلف غربي.
تأتى هذه المناورات فى الوقت الذى تفتقد فيه الحرب الروسية الأوكرانية الحسم لأى من الطرفين، بينما لم تنجح كييف بشكل أوضح فى استعادة أراضيها التى سيطر عليها الجيش الروسي.
وتركز التدريبات على كيفية تعزيز القوات الأمريكية لحلفاء أوروبيين فى دول محاذية لحدود روسيا وعلى الجناح الشرقى للحلف إذا تصاعد الصراع، وأن "المدافع الصامد ٢٠٢٤" هى المناورة العسكرية المشتركة الأضخم من حيث الحجم والمدة ورقعة الانتشار منذ عام ١٩٨٨ خلال الحرب الباردة، والتى يستعد إطلاقها حلف شمال الأطلسى خلال الأيام المقبلة.
كما أن المناورة المرتقبة هى الأطول فى تاريخ الناتو بمشاركة من جميع دول الناتو البالغ عددها ٣١ دولة، ودولًا أخرى من بينها السويد التى تسعى للانضمام للحلف رغم عدم التصديق على طلبها بعد.
وأكد الجنرال الأمريكى كريستوفر كافولي، القائد الأعلى لحلف الناتو، أن هذه المناورة ستُظهر قدرة الحلف على تعزيز منطقة الأطلسى الأوروبية، بما فى ذلك الحركة عبر الأطلسى للقوات من أمريكا الشمالية. يُعد هذا العرض بمثابة تأكيد على التضامن والجاهزية للدول الأعضاء وتحذير للخصوم بشأن آلية الدفاع الجماعى للناتو.
انتقادات روسية
تفاعلا مع إعلان إجراء المناورات، انتقدت روسيا المناورات الضخمة من حيث العتاد والعديد المرتقبة لحلف شمال الأطلسى (المدافع الصامد)، وقالت إنها تشكل عودة لا رجعة فيها من الناتو إلى مخططات الحرب الباردة، وأعلن ألكسندر جروشكو نائب وزير الخارجية الروسى لوكالة الإعلام الروسية الرسمية أن "هذه التدريبات هى عنصر إضافى فى الحرب التى يشنها الغرب على روسيا".
وتابع: "تدريب على هذا النطاق يشكل العودة النهائية والتى لا رجعة فيها من حلف الناتو لمخططات الحرب الباردة حيث يتم تجهيز وإعداد عملية التخطيط الحربى والموارد والبنية التحتية لمواجهة مع روسيا". ولم يأت الحلف على ذكر روسيا بالاسم صراحة فى إعلانه، لكن وثيقة حلف الناتو الأبرز للاستراتيجيات تحدد روسيا على أساس أنها التهديد الأكبر والأكثر مباشرة لأمن الدول الأعضاء فى الحلف.
وكان نائب الأمين العام لحلف "الناتو" ميرتشا جيوانا قد أكد أنه ينبغى فهم مناورات "الناتو" القادمة "المدافع الصامد ٢٠٢٤" على أنها ردع للخصوم المحتملين؛ حيث تشارك فى مناورات الناتو نحو ٥٠ سفينة حربية و٨٠ طائرة و١١٠٠ مركبة قتالية من أنواع مختلفة.
وتعد هذه المناورات الحربية، الأهم منذ مناورة "ريفورجر" فى ١٩٨٨، فى خضم الحرب الباردة آنذاك بين الاتحاد السوفيتى وحلف شمال الأطلسي.
فى حين اعتبر نائب وزير الخارجية الروسى أن أى أحداث بهذا الحجم تزيد بشكل كبير من خطر وقوع حوادث عسكرية عرضية، وتزيد زعزعة استقرار الوضع الأمني؛ مشيرًا إلى أن مصالح الأمن الأوروبى اليوم غير مهمة بالنسبة لمن يحكمون فى الناتو، والشيء الرئيسى بالنسبة لهم هو الحفاظ على النفوذ الأمريكى والهيمنة الغربية فى العالم. وأكد أن موسكو تمتلك كل الإمكانيات اللازمة لضمان السيطرة الأمنية والدفاعية فى جميع الظروف.
اتجاهات المناورات
وفق وكالة الأسوشيتد برس، تأتى هذه المناورات فى وقت تشهد الحرب بين روسيا وأوكرانيا جمودًا، إذ لا يشارك الناتو بشكل مباشر فى الصراع، لكن يدعم تزويد كييف بأسلحة وذخائر وتوفير التدريب العسكرى بشكل فردى أو فى إطار تحالف. وخلال المناورة المرتقبة، ستنتقل القوات إلى أوروبا وعبرها حتى نهاية مايو فيما يصفه الناتو بأنه "سيناريو محاكاة لصراع ناشئ مع خصم قريب من نظيره"، إذ ستكون مصممة لمحاكاة الصدام مع تحالف وهمى يسمى "أوكاسوس"، وبموجب خطط الناتو الدفاعية الجديدة، فإن خصومه الرئيسيين هم روسيا والمنظمات الإرهابية.
وضمن هذا السياق، أعلن القائد الأعلى للحلف فى أوروبا الجنرال الأمريكى كريستوفر كافولي، إن الحلف يحتاج إلى "التدرب على خططنا وتحسينها من خلال المناورات الصارمة"، وبالتالى ستكون تلك المناورات "دليلًا واضحًا على وحدتنا وقوتنا وتصميمنا على حماية بعضنا البعض".
كما أشارت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، إلى أنه من المتوقع أن تشمل المناورات تعبئة لسفن وأصول بحرية أخرى، إلى جانب مركبات وطائرات بما فى ذلك طائرات "إف-٣٥"، و"إف/إيه-١٨"، و"هارير"، و"إف-١٥"، وهليكوبتر، وطائرات بدون طيار. وأوضحت أنه فى حين أن نشر القوات على نطاق واسع هو جزء من مناورات منتظمة لحلف شمال الأطلسي.
إلا أنه يأتى بعد ما يقرب من عامين من العملية العسكرية الروسية الخاصة فى أوكرانيا ووسط حالة تأهب متزايدة فى أوروبا من اتساع الحرب، وبالتالى ستكون تلك المناورات رسالة إلى موسكو وغيرها من الخصوم بأن الحلف مستعد للدفاع عن حدوده. وأوضح "كافولي" أن المناورة ستشمل خصوصًا قوات من أمريكا الشمالية كتعزيزات للقارة الأوروبية.
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، إرسال نحو ٢٠ ألف جندى للمشاركة فى المناورات، بالإضافة إلى سفن حربية وطائرات مقاتلة؛ حيث تشمل عملية النشر ١٦ ألف جندى من الجيش البريطانى سيتمركزون فى شرق أوروبا، بالإضافة إلى مجموعة حاملة طائرات وطائرات هجومية من طراز "إف ٣٥ بي" وطائرات استطلاع.
ووفقًا لصحيفة "تليجراف" البريطانية، حذر رئيس اللجنة العسكرية للناتو الأدميرال روب باور من إمكانية نشوب حرب شاملة مع روسيا فى السنوات العشرين المقبلة، قائلًا إنه يتعين على المدنيين الاستعداد للأمر.
ويمكن الإشارة هنا إلى أنه قبيل تنفيذ تلك المناورات، انعقدت اللجنة العسكرية لحلف الناتو فى جلسة لوزراء الدفاع بمقر الناتو فى بروكسل؛ حيث ركز قادة دفاع الحلف على مدى قابلية تنفيذ الخطط الدفاعية الجديدة، والتحول القتالى للحلف، ودعم الناتو المستمر لأوكرانيا، والتعاون العسكرى مع الشركاء. فى الختام: تشير هذه التدريبات إلى إظهار قدرة الحلف على الدفاع عن أراضيه. هذه الخطوة مهمة، خاصة فى ظل الصراع الجارى فى أوكرانيا وتصاعد التوترات مع روسيا؛ حيث تهدف المناورة إلى تغطية منطقة واسعة، تمتد من الشمال العالى إلى وسط وشرق أوروبا، مما يُظهر قدرة الناتو على إجراء عمليات معقدة متعددة الأبعاد على مدى فترة طويلة وعبر آلاف الكيلومترات.
وفيما يتعلق بتوقيت هذه المناورات، فيمكن وصفه بالحاسم؛ حيث يأتى خلال فترة تبدو فيها الحرب الروسية على أوكرانيا كأنها تتعثر. بينما لا يشارك حلف الناتو بشكل مباشر فى هذا الصراع، كما تُعد المناورة رمزًا قويًا لاستعداد الحلف والتزامه بحماية دوله الأعضاء. إنها استجابة واضحة للوضع المتصاعد على الجناح الشرقى للناتو، مؤكدة على استعداد الحلف لمواجهة التهديدات المحتملة من روسيا.
كما لا تقتصر المناورة على عرض القوة العسكرية فحسب؛ بل هى أيضًا أرض اختبار لاستراتيجيات الدفاع المحدثة للناتو. مع التركيز على تحديات الحرب الحديثة، بما فى ذلك التهديد من الخصوم المماثلين والمنظمات الإرهابية، ستختبر "المدافع الصامد ٢٤" قدرات الناتو فى سيناريو صراع ناشئ محاكي؛ حيث يُعد هذا التكيف مع المشهد الأمنى العالمى المتطور أمرًا حاسمًا للأهمية الاستراتيجية طويلة الأمد للناتو وفعاليته فى حماية أعضائه.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الناتو الحرب بين روسيا وأوكرانيا المدافع الصامد هذه المناورات الحرب الباردة حلف الناتو الحلف على
إقرأ أيضاً:
إشادة أوروبية بالتقدم في إنشاء محكمة خاصة لمقاضاة فلاديمير بوتين بسبب حرب أوكرانيا
قالت كبيرة الديلوماسيين الأوروبيين كايا كالاس: لا أحد من روسيا ولا أحد من القيادة الروسية يبقى بمنأى عن المساءلة"
أعلن تحالف من 38 دولة، بما في ذلك جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي، يوم الثلاثاء عن "تقدم كبير" في عملهم المشترك لإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة القيادة الروسية على خلفية الحرب التي شنتها ضد أوكرانيا.
وقد تركز عمل الخبراء والمحامين حتى الآن على صياغة النظام الأساسي القانوني الذي ستستند إليه المحكمة وتحديد اختصاصها. لم يتم الانتهاء بعد من صياغة النظام الأساسي ولكن التحالف يأمل أن يتم إقراره قبل نهاية العام.
لم يتم الإعلان عن تفاصيل النص.
وقال مايكل ماكغراث، المفوض الأوروبي للديمقراطية والعدالة وسيادة القانون: "لقد وصلنا إلى مرحلة تم فيها إحراز تقدم كبير للغاية".
"وفي هذه المرحلة، لا نتصور وجود أي عقبات لا يمكن التغلب عليها."
ومن المرتقب أن تقاضي المحكمة القادة السياسيين والعسكريين الروس، بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين، وسوف تُنشأ المحكمة في إطار مجلس أوروبا، وهي منظمة حقوقية. إذ قال أمينها العام، آلان بيرسيه، إن الهيئة القضائية ستكون "جاهزة للعمل" بمجرد أن يتم إعطاء الضوء الأخضر على المستوى السياسي.
وأضاف: "الانتظار لم يعد ممكنا. يجب أن نتحرك حقًا بأسرع ما يمكن. وسنبذل قصارى جهدنا لمحاولة إنهاء العمل هذا العام. يجب أن نكون طموحين للغاية. وأعتقد أنه إذا كانت هناك إرادة. هناك أيضًا إمكانية العمل على تحقيق ذلك."
لطالما دافع الرئيس فولوديمير زيلينسكي بحماس عن فكرة إنشاء محكمة لمحاسبة المسؤولين عن الغزو الشامل الذي أمر بوتين بشنّه قبل ثلاث سنوات تقريبًا.
على عكس جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، التي تطبق على الأفراد الذين يرتكبون الفظائع، مثل الضباط العسكريين والمرتزقة، فإن جريمة العدوان هي جريمة قيادية تستهدف الشخص المسؤول في النهاية عن السيطرة على الدولة المعتدية.
Relatedالسعودية والإمارات ضمن الخيارات لاستضافة قمة بوتين وترامبتكنولوجيا روسية متقدمة.. بوتين يزور مركز إنتاج الطائرات المسيرة في سمارايمكن أن يتمثل العدوان في غزو أو احتلال أو ضم أو حصار موانئ أو أي اعتداء آخر ينطوي على استخدام الأسلحة من قبل دولة ما ضد دولة أخرى.
ووفقًا للمحكمة الجنائية الدولية، فإن جريمة العدوان تتعلق بـ"التخطيط أو الإعداد أو الشروع أو التنفيذ، من قبل شخص في وضع يسمح له بممارسة السيطرة الفعلية على عمل سياسي أو عسكري لدولة ما أو توجيهه أو القيام بعمل عدواني يشكل، بحكم طابعه وخطورته ونطاقه، انتهاكًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة".
وهذا التوصيف يجعل بوتين المتهم الأكثر تريجحا في أية محاكمة مستقبلية. غير أن هذا الاحتمال يبقى مجرد طموح في أفضل الأحوال: إذ يتمتع رؤساء الدول بالحصانة من الملاحقة القضائية بموجب القانون الدولي، كما أن المحاكمة الغيابية قد يُنظر إليها على أنها غير شرعية.
على الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية أنشأت كرست مبدأ الاختصاص القضائي في جرائم العدوان بموجب ما يسمى تعديلات كامبالا، إلا أن ذلك ينطبق فقط على الدول ورعايا الدول الأطراف في نظام روما الأساسي. وروسيا، مثلها مثل الولايات المتحدة والصين، ليست من الدول الموقعة على النظام الأساسي.
ولهذا السبب بحثت كييف وبروكسل خيار إنشاء محكمة خاصة تكون مخولة بمحاكمة قضية الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقالت كبيرة الدبلوماسيين الأوروبيين، التي تحدثت أيضًا في المؤتمر الصحفي الذي عُقد الثلاثاء: "بدون جريمة العدوان، لن تكون هناك جرائم حرب أيضًا". لذلك، من المهم للغاية أن تكون هناك أيضًا مساءلة عن جريمة العدوان. لا أحد من روسيا ولا أحد من القيادة الروسية يبقى بمنأى عن المساءلة"
وأضافت: "من المهم جدًا أيضًا إرسال إشارة إلى أن الإفلات من العقاب على الجرائم لا يؤدي إلا إلى تشجيع المزيد من العدوان".
وأشارت كالاس إلى ضرورة إنشاء المحكمة الخاصة "قبل انتهاء الحرب".
وأشادت إيرينا مودرا، نائبة رئيس مكتب زيلينسكي، التي شاركت أيضًا في المؤتمر الصحفي، بالتقدم المحرز في النظام الأساسي القانوني باعتباره "إنجازًا كبيرًا" وقالت إنه لا ينبغي أن يكون أي مواطن آخر "ضحية غزو إمبريالي آخر".
كانت المرة الأخيرة التي تم فيها تقديم هذا النوع من الجرائم إلى العدالة خلال محاكمات نورمبرغ التي عُقدت بعد الحرب العالمية الثانية عندما عُرّفت التهم بـ"جرائم ضد السلام".