عانت مصر من مشاكل اقتصادية جمة قبل اندلاع الحرب في غزة، ولكن استمرار الصراع وامتداده للبحر الأحمر يهددان بدفع القاهرة إلى الهاوية، وفقا لمجلة "الإيكونوميست" البريطانية، التي أشارت أيضا إلى أن الحكومة المصرية تأمل أن يؤدي ذات الصراع إلى تخفيف أزمات البلد الاقتصادية.

تقول المجلة في تقرير نشر، الخميس، إن مصر وصلت لحافة الهاوية خلال الفترة الماضية نتيجة تضررها بشدة من الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية بسبب الحرب في أوكرانيا.

كذلك تعد العملة المصرية واحدة من أسوأ العملات أداء في العالم خلال الأشهر الماضية، فيما يتوقع أن تصل مدفوعات ديونها الخارجية إلى 29 مليار دولار أي ما يعادل 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. 

للبقاء على قيد الحياة، يشير التقرير، إلى أن مصر اعتمدت على الودائع الخليجية والدفعات المتكررة من صندوق النقد الدولي، حيث تعد البلاد الآن ثاني أكبر مدين للصندوق بعد الأرجنتين. 

بالمقابل انخفضت عائدات السياحة منذ بداية الحرب في غزة بعد أن بلغت ذروتها في العام الماضي بنحو 14 مليار دولار أي حوالي 14 في المئة من تدفقات الدولار إلى مصر. 

وأدت الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر إلى خفض حركة المرور عبر قناة السويس بنحو النصف، وفي الوقت نفسه، أدى الصيف الحار إلى زيادة استخدام الكهرباء، مما أدى إلى خفض صادرات البلاد من النفط والغاز.

كذلك سجّلت تحويلات المصريين بالخارج التي تشكل المصدر الأول للنقد الأجنبي في البلاد، بدورها انخفاضا خلال الربع الأول من العام المالي 2023-2024 بنسبة حوالى 30 في المئة مقارنة بالمدة نفسها من العام المالي السابق.

وبالمقابل يسحب المستثمرون الأجانب رؤوس أموالهم، أو يطالبون بأسعار فائدة مرتفعة للبقاء.

ومنذ أن ارتفعت أسعار القمح والنفط في عام 2022 بعد غزو روسيا لأوكرانيا، أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ثلاثة تخفيضات للعملة المحلية.

رسميا، انخفضت قيمة العملة بنحو 50 في المئة خلال هذه الفترة، لكن قيمتها في السوق السوداء تبلغ حاليا 70 جنيها للدولار، أي أقل من ربع قيمتها السابقة. 

أدى هذا الأمر لزيادة نسبة التضخم، التي وصلت لمعدل سنوي بلغ 34 في المئة في ديسمبر الماضي، ارتفاعا من 6 في المئة قبل عامين. 

منذ أن تولى السيسي السلطة في عام 2013، تضاعف الدين الخارجي لمصر أربع مرات، بحسب التقرير.

ويرجع ذلك جزئيا إلى المشاريع الضخمة المكلفة والتي تشمل بناء عاصمة جديدة والكثير من المدن والطرق السريعة الأخرى.

يقول التقرير إن العاصمة، التي أنفق عليها السيسي 60 مليار دولار لا تزال فارغة، لكن السيسي يواصل تبرير هذا الإنفاق بأنه يسهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي، وليس الاقتصاد من خلال توظيف ملايين الأشخاص.

ويصر المسؤولون الحكوميون أنه ومن دون مثل هذه الوظائف، فإن معدل البطالة الذي يبلغ 7 في المئة سوف يرتفع.

وفقا للتقرير فإن المشاريع الجديدة تستمر في الظهور في مصر وكذلك تواصل الحكومة توفير المساعدة بما في ذلك دعم رغيف الخبز الذي يستهلك 2.6 بالمئة من موازنة البلد سنويا (نحو 2.9 مليار دولار).

ينقل التقرير عن أحد المحللين الماليين في القاهرة القول "لقد أفلسنا، ولكننا لا نزال ننفق بشكل لا مثيل له من دون التفكير في الغد".

ومع ذلك، يرى التقرير أن السيسي يمكنه الاستفادة من الصراع الدائر حاليا بين حركة حماس وإسرائيل في غزة.

تأمل مصر في الاستفادة من المخاوف من أن الأزمة الحالية قد تتوسع وربما تمتد لحدودها وبالتالي تعجز عن سداد الديون.

بعد الانتخابات، كان من المتوقع أن يطالب صندوق النقد الدولي بالإصلاحات الاقتصادية التي وعد بها السيسي في أواخر عام 2022 كشرط لإفراج الصندوق عن معظم قرض بقيمة 3 مليارات دولار. 

وكان من المتوقع على نطاق واسع حدوث انخفاض آخر في قيمة الجنيه، أو حتى تعويمه بشكل حر.

لكن وبدلا من ذلك، يقول التقرير إن السيسي ربما سيحصل على مهلة، لأنه يعتقد أن الغرب يتخوف من توسع الصراع وتأثيره على مصر.

قد تجبر هذه المخاوف الدائنين الغربيين والخليجيين على تأجيل تحصيل ديونهم المستحقة على مصر، وفقا للتقرير.

يقول الخبير المصري في مركز أبحاث تشاتام هاوس أحمد عبوده: "تعمق في الأمر وسترى أن مصر استفادت كثيرا من الحرب".

ويرى التقرير أن "هذا الأمر من شأنه أن يجلب الراحة للبلاد على المدى القصير، ولكنه سيؤدي أيضا إلى ترسيخ حكم العسكر الذين تسببوا في تفريغ الاقتصاد". 

وينقل التقرير عن مسؤول مالي مصري سابق من دون أن يذكر أسمه، القول: "يُطلب من نفس الأشخاص الذين يستفيدون من النظام تغييره.. على المدى الطويل لن ينجح الأمر أبدا".

وتعاني مصر واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا يبلغ حاليا 35.2 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في ظل استيراد القسم الأكبر من الغذاء.

وتضاعفت ديون مصر الخارجية أكثر من ثلاث مرات في العقد الأخير لتصل إلى 164.7 مليار دولار، وفقا للأرقام الرسمية، بينها أكثر من 42 مليار دولار مستحقة هذا العام.

ودفع نقص العملة الصعبة في البلاد بنك "جي بي مورغان" في وقت سابق من الشهر الماضي إلى استبعاد مصر من بعض مؤشراته.

كما خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية لمصر من "مستقرة" إلى "سلبية"، مشيرة إلى مخاوف بشأن التمويل الخارجي والفارق بين سعر الصرف الرسمي وفي السوق الموازي.

واعتمدت مصر لسنوات طويلة على التمويل الممنوح من صندوق النقد الدولي عبر القروض أو على ودائع الحلفاء الخليجيين.

وكان آخر هذه القروض في عام 2022 حين وافق صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار على مدى 46 شهرا وتم صرف الدفعة الأولى منه بقيمة 347 مليون دولار.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: صندوق النقد الدولی ملیار دولار فی المئة مصر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

تركيا.. رصيد الديون الخارجية قصيرة الأجل يعاود الارتفاع

أنقرة (زمان التركية) – كشفت بيانات البنك المركزي التركي ارتفاع رصيد الديون الخارجية قصيرة الأجل بنحو 0.1 في المئة مقارنة بنهاية العام الماضي ليسجل 176.4 مليار دولار اعتبارا من نهاية شهر سبتمبر/ أيلول.

وخلال هذه الفترة، ارتفع رصيد الديون الخارجية قصيرة الأجل للبنوك بنسبة 15.5 في المئة ليصل إلى 79 مليار دولار، في حين انخفض رصيد الديون الخارجية قصيرة الأجل للقطاعات الأخرى بنسبة 3.9 في المئة ليصل إلى 59 مليار دولار.

وارتفعت القروض قصيرة الأجل التي تستخدمها البنوك من الخارج بنسبة 60.8 في المئة مقارنة بنهاية عام 2023 لتصل إلى 20.3 مليار دولار.

وانخفض حساب الودائع بالعملات الأجنبية للمقيمين الأجانب باستثناء البنك بنسبة 1.2 في المئة ليسجل 19.8 مليار دولار، كما انخفضت ودائع البنوك المقيمة الأجنبية بنسبة 4.4 في المئة لتسجل 19.8 مليار دولار.

ارتفعت ودائع المقيمين الأجانب في الليرة التركية بنسبة 26.8 في المئة مقارنة بنهاية العام الماضي لتصل إلى 19.2 مليار دولار.

وانخفضت ديون الاستيراد في القطاعات الأخرى بنسبة 5.7 في المئة مقارنة بنهاية عام 2023 لتصل إلى 51.2 مليار دولار.

وارتفع الدين قصير الأجل للقطاع العام، الذي يتكون من البنوك العامة، بنسبة 14.8 في المئة مقارنة بنهاية عام 2023 ليصل إلى 39.6 مليار دولار، كما ارتفع الدين الخارجي قصير الأجل للقطاع الخاص بنسبة 3.3 في المئة ليصل إلى 98.4 مليار دولار.

في هذه الفترة ومقارنة بنهاية العام الماضي، انخفضت الديون قصيرة الأجل للمؤسسات النقدية تحت عنوان الدائنين من القطاع الخاص بنسبة 1.4 في المئة إلى 94.2 مليار دولار وانخفضت الديون للمؤسسات غير النقدية بنسبة 3.2 في المئة إلى 76.1 مليار دولار .

وبلغت إصدارات السندات قصيرة الأجل 6 مليار دولار بنهاية سبتمبر/ أيلول بعدما سجلت 1.7 مليار دولار في نهاية عام 2023. وسجلت الديون قصيرة الأجل للدائنين الرسميين 47 مليون دولار.

وبالنظر إلى تكوين العملات الأجنبية لرصيد الديون الخارجية قصيرة الأجل، تألف 47.3 في المئة من الدولارات و 22.4 في المئة من اليورو و 14.8 في المئة من الليرة التركية و 15.5 في المئة من العملات الأخرى.

وفي الفترة نفسها، بلغ رصيد الدين الخارجي قصير الأجلال المستحقة خلال سنة واحدة أو أقل 233.1 مليار دولار من بينها 21.4 مليار دولار أمريكي من الأسهم المذكورة من ديون البنوك والقطاع الخاص المنشأة في تركيا للفروع والشركات التابعة الأجنبية.

وعلى صعيد المدين، بلغت حصة القطاع العام 23.7 في المئة وحصة البنك المركزي 16.5 في المئة وحصة القطاع الخاص 59.8 في المئة من إجمالي الرصيد.

Tags: الأزمة الاقتصادية في تركياالبنك المركزي التركيالديون الخارجية قصيرة الأجل

مقالات مشابهة

  • صافي عجز استثمار تركيا الدولي يبلغ سالب 318 مليار دولار أمريكي
  • بقيمة 3.9 مليار دولار.. صادرات «تصديري الصناعات الهندسية» ترتفع خلال سبتمبر 2024
  • 25.6 % ارتفاعا بصادرات الصناعات الهندسية مسجلة 3.9 مليار دولار في 9 أشهر
  • الإحصاء: 9.2 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين مصر ودول الاتحاد الإفريقي خلال 2023
  • تركيا.. رصيد الديون الخارجية قصيرة الأجل يعاود الارتفاع
  • الأعلى لشركة تكنولوجيا صينية.. تقييم قياسي لـ«بايت دانس» عند 300 مليار دولار
  • دول العشرين تستثمر 12 مليار دولار في مصر خلال العام المالي 2022-2023
  • «الإحصاء»: 61 مليار دولار حجم التبادل التجارى بين مصر ودول مجموعة العشرين
  • الإحصاء: 61 مليار دولار حجم التبادل التجارى بين مصر ومجموعة دول العشرين
  • الإحصاء: 61 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين مصر ومجموعة دول العشرين