نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الهجمات الإسرائيلية التي أودت بحياة أكثر من 25 ألف شخص في قطاع غزة، وتداعياتها القاتلة على البيئة المباشرة السكان.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن تلوّث الهواء والتربة وتراكم النفايات وتلوث مياه الشرب والحرب في غزة تمثل أزمة صحية بالغة الخطورة.



وحسب ديفيد بويد، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان والبيئة، فإنه "للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة عواقب وخيمة، لا سيما بسبب التلوث الهائل بالكربون، سواء في الهواء أو الماء أو التربة، مما يعرض الفلسطينيين لمجموعة واسعة من المواد السامة".



وفي تشرين الأول/ أكتوبر من السنة الماضية، كشفت "هيومن رايتس ووتش" أن الفوسفور الأبيض، وهو مادة سامّة قابلة للاشتعال يمكن أن تحترق عند درجات حرارة تصل إلى 800 درجة مئوية، قد استخدمته إسرائيل في غزة وجنوب لبنان.

وذكرت الصحيفة أن المنظمة غير الحكومية قامت بتحليل سلسلة من الصور وخلصت إلى أنه تم استخدام "قذائف مدفعية فسفور أبيض عيار 155 ملم". ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن أي شخص يتعامل بشكل مباشر مع الفسفور الأبيض يتعرض لخطر الغثيان والقيء والإسهال وآلام شديدة في البطن وحرقة.

وحسب وكالة الصحة العامة الفيدرالية الأميركية: "يمكن أن تحدث الوفاة خلال أربع وعشرين إلى ثمان وأربعين ساعة بسبب انهيار القلب والأوعية الدموية". وذكر بويد أن استخدام إسرائيل لهذه المادة في غزة يعد "انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي".

أشارت الصحيفة إلى أن "إسرائيل" اعترفت في سنة 2009 بأنها "استخدمت ذخائر تحتوي على الفوسفور الأبيض" أثناء هجومها العسكري على قطاع غزة بين كانون الأول/ ديسمبر 2008 وكانون الثاني/ يناير 2009.

تدمير الأراضي الزراعية

تُشير تقديرات منظمة "يوروميد للحقوق" غير الحكومية، التي تتهم الجيش الإسرائيلي باستخدام أسلحة موضعيّة الذخيرة، إلى احتمال إسقاط أكثر من 25 ألف طن من القنابل على قطاع غزة في الفترة ما بين السابع من تشرين الأول/أكتوبر وبداية تشرين الثاني/نوفمبر 2023.

وحسب دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، فإن هذه "الذخائر التقليدية مصممة لنثر أو إطلاق ذخائر صغيرة متفجرة، يقل وزن كل منها عن 20 كيلوغرامًا. وقد أعلن أن استخدام هذا النوع من المدفعية غير قانوني، لأنه مميت بشكل خاص، من قبل 119 دولة موقّعة على اتفاقية أوسلو لسنة 2008، والتي ليست إسرائيل طرفًا فيها.

ووفقًا للصليب الأحمر الدولي، فإن عددًا كبيرًا من هذه الذخائر الصغيرة لا تنفجر كما هو متوقع، ووجودها يجعل الزراعة خطيرة ويعيق عملية إعادة الإعمار. وقد استخدمت إسرائيل بالفعل هذا النوع من الأسلحة، لا سيما في لبنان سنة 2006. ويمثل تدهور الأراضي، بل وحتى تدميرها، تحدياً آخر.



ونقلت الصحيفة عن عمر شاكر، مدير مكتب "هيومن رايتس ووتش" في فلسطين، أن "الأقمار الصناعية تُظهر أن الأراضي الزراعية يتم تدميرها عمداً". ويشير بشكل خاص إلى منطقة بيت حانون في الشمال، المغطاة بالقنابل، التي حسب "الجيش" الإسرائيلي، تصل إلى الأنفاق وأهداف حماس لذلك تقوم الجرافات بتهيئة طرق جديدة للمركبات العسكرية.

من جانبه، قال هي يين، وهو باحث جغرافي في جامعة ولاية كينت في أوهايو ساعد في تصميم خرائط الأقمار الصناعية لمراقبة تدمير الأراضي في غزة: "لقد وجدنا أن ما يقارب 30 بالمائة من الأراضي الزراعية قد تضررت". وأظهرت أداة أضرار النزاع، التي أنشأها الأكاديميان الأميركيان جامون فان دن هوك من جامعة أوريغون وكوري شير من جامعة نيويورك من أجل تصور الأضرار الناجمة عن الصراع باستخدام صور الأقمار الصناعية، أنه اعتبارًا من 17 كانون الثاني/ يناير، "من المحتمل أن تكون ما بين 49.7 بالمئة إلى 61.5 بالمئة من مباني غزة قد تضررت أو دمرت".

وأضافت الصحيفة أنه عندما تنفجر المباني أو البنية التحتية أو المساكن، يتم إطلاق كميات هائلة من الغبار والحطام في البيئة. وفي سنة 2021، قدّر تقرير للبنك الدولي عن الحملة العسكرية الإسرائيلية في ذلك العام على غزة أن "30 ألف طن من النفايات الخطرة، بما في ذلك الأسبستوس والمبيدات الحشرية والأسمدة و أنابيب الأسبستوس والأسمنت، قد لوثّت المنطقة".

وهذا السيناريو تضاعف اليوم عشرة مرات بسبب حجم الهجوم الإسرائيلي. وفي هذا الصدد قال آدم، وهو شاب من جباليا شمال القطاع ولاجئ حاليا في رفح جنوبا: "نحن نعاني من الهواء الملوث بسبب القنابل، المزيد والمزيد من الناس يمرضون".

الحصول على مياه الشرب مثير للقلق

نقلت الصحيفة عن خبير نزع السلاح فيم زويننبرغ، ومؤلف تقرير منظمة "باكس من أجل السلام" الهولندية غير الحكومية حول المخاطر البيئية والصحية للحرب في قطاع غزة، أن المواد الموجودة في هذا النوع من الحطام قد تم تحليلها في صراعات سابقة أو أثناء الكوارث الطبيعية مثل زلزال شباط/فبراير 2023 الذي ضرب جنوب تركيا وتبين أنها يمكن أن تسبب أمراضًا خطيرة.

وإلى جانب صعوبة استنشاق الهواء، أصبح الحصول على مياه الشرب صعب المنال لكنه أمر غير جديد. في وقت مبكر من سنة 2012، قدّر تقرير للأمم المتحدة أن 90 بالمئة من المياه المتاحة غير صالحة للاستهلاك. ووفقاً لليونيسيف، بعد عشرة أيام من بدء الهجوم الإسرائيلي في تشرين الأول/أكتوبر 2023، انخفضت قدرات ضخ المياه الجوفية إلى 5 بالمئة من مستواها المعتاد.

مناطق غير صالحة للسكن

أوردت الصحيفة أن مياه الصرف الصحي تتدفق إلى أماكن المعيشة. وفي الرابع من كانون الثاني/يناير، أظهر مقطع فيديو نُشر على تطبيق واتساب واطلعت عليه صحيفة "لوموند" صحفيًا فلسطينيًا يصور نفسه وهو يسير عبر فيضان مياه الصرف الصحي في المدرسة التي كانت بمثابة مخيم للاجئين في جباليا.

وأضافت الصحيفة أن هذه النفايات السائلة تذهب إلى البحر، مما يشكل خطراً على صحة الإنسان والتنوع البيولوجي. وذكر تقرير لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لسنة 2020 أنه "وجد أدلة قوية على التغير البيئي وتدهور الأراضي الفلسطينية". ووفقاً لمنظمة أوكسفام غير الحكومية، فإن معظم محطات معالجة المياه البالغ عددها 65 في غزة، خارج الخدمة حاليًا.



وذكرت دراسة نشرت في مجلة "ذا لانسيت"، أن وجود بعض البكتيريا في الماء يزيد من مقاومة المضادات الحيوية. وورد في التقرير: "دون تدخل سريع، تهدد هذه الحرب بإعادة تعريف وبائيات مقاومة مضادات الميكروبات في غزة وخارجها". وحسب تقرير للأمم المتحدة بتاريخ الثاني من كانون الثاني/يناير 2024، سجلت في غزة 179 ألف حالة إصابة بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة، و136400 حالة إسهال لدى الأطفال دون سن 5 سنوات و55400 حالة جرب وقمل و4600 حالة يرقان.

وحذرت مارغريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، في جنيف في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، قائلة: "سنرى عددًا أكبر من الأشخاص يموتون بسبب الأمراض أكثر مما نراه بسبب القصف إذا لم نتمكن من إعادة النظام الصحي إلى وضعه الصحيح، الذي يمكن بالفعل اعتباره غير صالح للسكن، لن يتمكن الناس من العودة إلى تلك المناطق".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة الصحة صحة احتلال طب غزة طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة غیر الحکومیة کانون الثانی الصحیفة أن قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

"لوموند": ماكرون خلق "أجواء سرية" بعد فضيحة هولاند

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية مقالا مطولا أشارت من خلاله إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلق "أجواء سرية" بعد فضيحة سلفه فرانسوا هولاند.

وكتبت الصحيفة: "ماكرون "مصاب بجنون العظمة وغامض"، هذه هي الكلمات التي يستخدمها المقربون من ماكرون اليوم لوصفه".

وأضافت الصحيفة: "في عام 2014، كان ماكرون في الصف الأمامي عندما تم تصوير فرانسوا هولاند على دراجة نارية في شارع دو سيرك بباريس، حيث كان يخطط للقاء سري مع الممثلة جولي غاييه. بصفته نائب الأمين العام لقصر الإليزيه، كان إيمانويل ماكرون يراقب "الانهيار" من الداخل. والدرس الذي تعلمه هو أن فرانسوا هولاند لم يكن حذرا بما فيه الكفاية".

وكان الحدث الآخر الذي عزز حاجة ماكرون إلى خلق هالة من السرية حول نفسه هو اختراق عناوين البريد الإلكتروني لفريقه خلال الحملة الانتخابية عام 2017، حسب الصحيفة

مقالات مشابهة

  • السيناتور فان هولين: الشراكة الوثيقة مع إسرائيل يجب ألا تكون شيكا على بياض
  • "لوموند": ماكرون خلق "أجواء سرية" بعد فضيحة هولاند
  • إمَّا أن تكون معادياً لـ”إسرائيل” أو مجنداً لخدمتها
  • هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع إسرائيل للوضع لسلب الأراضي السورية
  • لليوم الثاني.. بابا الفاتيكان يهاجم إسرائيل بسبب غاراتها على غزة
  • بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام
  • السيسي عن العاصمة الإدارية: حولنا الأراضي التي لا تساوي شيئا إلى أموال نستفيد منها
  • بيت لحم تلغي احتفالات الميلاد للعام الثاني على التوالي بسبب العدوان على غزة
  • ورم في رقبته.. تفاصيل الحالة الصحية لـ حسن إش إش
  • إعلام العدو الصهيوني يعترف: اليمن أطلق أكثر من 370 صاروخ وطائرة مسيرة على “إسرائيل”