يرى تحليل نشرته مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية أن الحل الكبير لأزمة الشرق الأوسط يبدو متمحورا الآن حول القضية الفلسطينية، وكمجموعة من المربعات المتداخلة يمكن تفكيك المشكلة، عبر 4 مفاتيح على النحو التالي:

مفتاح إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو "حل الدولتين"، مع دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل مفتاح حل الدولتين هو اتفاق التطبيع السعودي.

مفتاح التطبيع السعودي هو إنهاء الحرب في غزة. مفتاح إنهاء الحرب في غزة هو اتفاق تبادل الأسرى بين دولة الاحتلال و"حماس".

ويركز التحليل، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، بشكل أساسي حول دور الولايات المتحدة في استخدام هذه المفاتيح للتوصل إلى حل يكفل إعادة استقرار المنطقة، ومحاولة تحويل الكارثة الحالية الناتجة عن حرب غزة إلى "فرصة".

وتضع إدارة بايدن هدفان عريضان، الأول بطلب من الوسطاء الإقليميين، وهو وقف القتال بأي طريقة قبل حلول شهر رمضان، وهو مناسبة مقدسة تعلو فيها العاطفة الدينية للمسلمين، أما الثاني فهو وقف إطلاق النار قبل دخول موسم الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يقول التحليل.

اقرأ أيضاً

السعودية مستعدة لقبول "التزام سياسي" من إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع

تبادل الأسرى

ووفقا للمتوالية السابقة، فإن المفتاح الأول "صفقة تبادل أسرى" تحوز على كامل الاهتمام الأمريكي الآن، ومعه اهتمام الوسطاء الإقليميين، ويبدو أن الصفقة تقترب الآن، رغم أن الخلاف لا يزال مستمرا بين الاحتلال الإسرائيلي و"حماس"حول مسألة اشتراط الحركة وقف العدوان الإسرائيلي أولا والانسحاب الكامل من غزة، ورفض حكومة نتنياهو ذلك.

ويعرف نتنياهو أن وقف الحرب تماما وسحب الجيش من غزة يعيني "لحظة الحقيقة" بالنسبة له، وهي لحظة مؤلمة، حيث ستنهار حكومته، على الأغلب، ويخسر الانتخابات المقبلة أمام جانتس.

لكن، على الناحية الأخرى، يبدو أنه لا يوجد لنتنياهو جديد يحققه في الحرب الدائرة منذ 4 أشهر، فقد ثبت أن تفكيك "حماس" أمر صعب، كما يقول التحليل، ولا تزال الحركة قادرة على الحركة على الأرض وإطلاق الصواريخ وإعادة تشكيل الكتائب التي تضررت تحت ضربات جيش الاحتلال.

وواقعيا، انتقل القادة الإسرائيليون إلى هدف أكثر واقعية، وهو استعادة الأسرى، وتتبلور تنازلات من أطراف في تل أبيب، ليس من بينها اليمينيون المحيطون بنتنياهو، من أجل هذا الهدف.

لكن الولايات المتحدة تأمل في أن تقتنع "حماس" بـ"وقف مؤقت" للقتال، على أمل أن يدفع ذلك إسرائيل إلى التفكير في "اليوم التالي".

اقرأ أيضاً

بايدن يوفد مدير مخابراته لبحث صفقة طموحة جديدة تنهي الحرب في غزة

حل الدولتين

وبعد أن روجت واشنطن لاتفاقات أبراهام لتطبيع العلاقات بين دول عربية وإسرائيل، بعيدا عن القضية الفلسطينية، بدأت إدارة بايدن في محاولة إعادة صياغة الاتفاق بعد تضمين حل القضية الفلسطينية، بطلب من الرياض.

وتتحدث إدارة بايدن الآن بشكل أكثر وضوحًا عن الحاجة إلى التزام إسرائيلي "ذو مصداقية ولا رجعة فيه ومحدد زمنيًا" تجاه الدولة الفلسطينية. كما أنها تريد دفعة أولى مبكرة - ربما الانسحاب من بعض أراضي الضفة الغربية أو وقف حقيقي للمستوطنات في الضفة الغربية.

ومن شأن الاتفاق أن يسمح لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بادعاء الفضل في إنهاء حرب غزة ومنح الفلسطينيين دولتهم. ويمكنه أن يظهر إيران ويتفوق على الإمارات العربية المتحدة، التي لم تتمكن من استخدام علاقاتها مع إسرائيل لدفع أي حل دبلوماسي.

وبعد كل ما قيل، أصبح ثمن السلام مع إسرائيل أكثر تكلفة: ليس مجرد "بعد فلسطيني" غامض، كما نوقش سابقا، بل التزام راسخ بالدولة الفلسطينية، مع خطوات لا لبس فيها وجدول زمني واضح. يقول أحد المصادر السعودية: "نحن نتجه نحو الذهب".

اقرأ أيضاً

ستريت جورنال يكشف تفاصيل خطة عربية لإنهاء حرب غزة وتمهيد حل الدولتين

خطة اليوم التالي

ويقول التحليل إن "حماس" نقلت، عبر مصر، عدم اهتمامها بإعادة السيطرة الإدارية على غزة ما بعد الحرب.

ويرى متابعون إسرائيليون أن "حماس" غير المدمرة ربما تريد تكرار نموذج "حزب الله" بالسماح لحكومة ضعيفة بحكم غزة، مع استمرار احتفاظ الحركة بقدراتها وسلاحها، بينما يتحدث آخرون عن مجلس انتقالي في غزة يمكن تشكيله بتفويض رسمي من السلطة الفلسطينية أو من الدول العربية.

وهنا، تبرز مسألة "إصلاح السلطة الفلسطينية" وتأهيلها لتولي السيطرة مجددا، وتدرس واشنطن إنشاء "مجموعة اتصال" للضغط من أجل الإصلاح، تضم مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وربما تركيا وقطر.

اقرأ أيضاً

لابيد: أدعم أي صفقة لعودة الأسرى حتى لو أدت لوقف لإطلاق النار

ماذا سيفعل بايدن إذا استمر نتنياهو في الرفض؟

وإذا رفض نتنياهو الحلول السابقة، ويتوقع أن يفعل، فسيتعين على بايدن أن يقرر ما إذا كان سيضغط على حكومته أم لا.

ويقل التحليل إنه في عام الانتخابات، يجب على بايدن أن يوازن بين خطرين سياسيين: الأول هو أن دعم حرب إسرائيل يؤدي إلى إبعاد التقدميين والناخبين الشباب والأمريكيين المسلمين، خاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيجان.

أما الخطر الآخر،  فهو أن الضغط على إسرائيل قد يدفع الوسطيين والمستقلين نحو الجمهوريين المؤيدين لإسرائيل بصوت عال.

لدى أمريكا وسائل أكثر بكثير لممارسة الضغط على إسرائيل. وبعيدًا عن الإقناع الخاص، يمكن لبايدن أن يوجه انتقاداته علنًا، أو يعلق أو يوقف الإمدادات العسكرية، ويحرم إسرائيل من الحماية من القرارات العدائية في الأمم المتحدة.

وعلى الرغم من كراهيته لنتنياهو، فإن غريزة بايدن كانت تميل إلى احتضان إسرائيل.

اقرأ أيضاً

الرئيس الإسرائيلي: تطبيع السعودية مفتاح مهم لإنهاء حرب غزة

وبشكل عام، تبدو إدارة بايدن منزعجة من تصلب نتنياهو، لا سيما أن واشنطن تدير الآن حرباً في أوكرانيا وأزمة تلوح في الأفق مع الصين بشأن تايوان.

وسوف ترغب أمريكا في الحفاظ على نفوذها على نتنياهو طوال فترة بقائه في منصبه.

وربما ينفصل بايدن عنه، لكن ليس بعد.

المصدر | ذا إيكونوميست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة حل الدولتين القضية الفلسطينية تطبيع السعودية أمريكا إدارة بايدن تبادل أسرى حل الدولتین إدارة بایدن اقرأ أیضا حرب غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة تواجه تعنت مجرم الحرب نتنياهو

يمانيون ـ تقرير| عبدالعزيز الحزي

رغم الجهود المبذولة عربياً وأمريكياً لإنجاح مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزّة والظروف التي تمر بها المنطقة، لكن يبدو أن المحاولة تشبه سابقاتها وستفشل وسيستمر العدوان على غزّة، لأن مجرم الحرب رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو تمكّن من “تفخيخ” هذه المفاوضات بمطلب أساسي وهو الوقف المؤقت وليس الدائم لإطلاق النار، الأمر الذي سيُمكّنه من العودة إلى العدوان بعد تبادل الأسرى.

ويؤكد الكثير من الخبراء أن نتنياهو لا يريد وقف الحرب، وكان واضحاً منذ البداية أن شرط استكمال الحرب بعد انتهاء فترة الهدنة أساسي ولا عودة عنه، وللتأكيد عليه، تحدّثت معلومات عن طلبه ضمانة خطّية من الولايات المتحدة تؤكّد “حقه” بالعودة إلى القتال بعد انتهاء تبادل الأسرى، وبالتالي بات جلياً أن الكيان الصهيوني الغاصب يُريد الاستمرار حتى تحقيق أهداف بعيدة الأمد في غزّة.

وفي هذا السياق، كشف رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الصهيوني السابق تامير هيمان، السبت، عن الخطوط العريضة لمبادرة أمريكية محتملة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وفيما يتعلق بالاتفاق المحتمل بشأن هدنة في غزة وتبادل أسرى، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك ساليفان: “نتطلع إلى إبرام اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة”، وذكر أن “التوصل إلى اتفاق في غزة بات أمرا ملحا من أجل إطلاق سراح الرهائن”.

واعتبر أن “موقف حماس عدّل نفسه بعد وقف إطلاق النار في لبنان، وذلك لأنها انتظرت منذ أشهر الجهات الفاعلة لنجدتها”، في تبنٍ مباشر للرواية الصهيونية.

ذكر أنه “منذ اللحظة التي توصلنا فيها إلى وقف إطلاق النار (بلبنان)، كان للمفاوضات طابع مختلف، ونعتقد أن هذا قد وضعنا على الطريق نحو إتمام الاتفاق”.

وأضاف ساليفان: إن “اتفاق وقف إطلاق النار، سيسمح بإطلاق سراح الرهائن، وإدخال المساعدات الإنسانية لغزة”.. معتبراً أن “اغتيال “إسرائيل” قادة في حماس، قد ساعد أيضا في وضع محادثات وقف إطلاق النار على المسار الصحيح لتحقيق نتائج”، علما بأنه لا جديد بشأن اغتيال أي من قادة الحركة، خلال الآونة الأخيرة.

وتابع: “أعتقد أننا اقتربنا مرة أخرى من صفقة لإطلاق الرهائن، وسنواصل العمل للتوصل إليها سريعا” مؤكدا أنه سيتوجه للدوحة والقاهرة، لسد الثغرات النهائية بشأن صفقة غزة، وقال: “عندما أزور الدوحة والقاهرة، سيكون هدفي هو التوصل لاتفاق، خلال هذا الشهر”.

وأشار ساليفان إلى أنه “بعد اجتماعي مع رئيس الحكومة الصهيونية، لدي شعور أنه مستعد للتوصل لاتفاق”.. مُشدداً على أن “كل يوم يأتي بمخاطر متزايدة، وهناك حاجة ملحة لإبرام الاتفاق”.

ويعتقد المراقبون أن الكيان الصهيوني سيكرر تعنته مع كل مفاوضات، ويتزامن تعنته مع مرونة من “حماس” لإنجاح المفاوضات، وضغط ومحاولات تذليل عوائق من الوسيطين قطر ومصر، لكن أفخاخ نتنياهو كانت كالأرانب، يُخرجها من قبعته كلما تقدّمت المحادثات وتذيّلت عوائق، فتارة يُثير مسألة محور فيلادلفيا، وطوراً محور نتساريم، ليؤكّد أن الكيان الصهيوني هو الطرف الذي يُعرقل نجاح المفاوضات، لا “حماس”.

ولا يُمكن نعي الاتفاق من اليوم، ومن المرتقب أن تستمر المحادثات، لكن بعض المراقبين يقولون إن “الضرب بالميت حرام”، في إشارة إلى أن مُحاولات التوصّل إلى اتفاق “شبه ميت”، حتى أن نتنياهو نعاها حينما نقلت عنه هيئة البث الصهيونية “تشاؤمه” بشأن إمكانية إتمام صفقة التهدئة في غزة وقوله: إنه “لا يوجد احتمال كبير لنجاحها”.

ويري المراقبون، أن نتنياهو المُهدّد بالفشل السياسي والملاحقة القضائية فور انتهاء الحرب ليس مستعجلاً لوقف إطلاق النار، لا بل يُريد الاستمرار في مُحاولة لتحصيل أي مكاسب سياسية وعسكرية تحمي مستقبله، وهذه المكاسب قريبة وبعيدة الأمد، منها ما هو مرتبط بمُحاولة تدمير الحد الأقصى من قدرات “حماس”، ومنها ما هو مرتبط بـ”اليوم التالي” لغزّة ومعادلات الرد ضد إيران.

كما يرى المراقبون أن إفشال نتنياهو مفاوضات الهدنة سيعني العودة إلى التصعيد، ومن الواضح أن نتنياهو يُريد التصعيد الإقليمي ولا يخشاه، لأن فرص تفاديه متاحة أمامه لكنه رافض تماماً لكل الاقتراحات التهدئة، لا بل يسعى للتصعيد، وقد صدرت تعليمات صهيونية لزيادة حدّة القتال في غزّة.

إذاً، المنطقة ستصبح على صفيح ساخن جداً، لن يُبرّده التفاؤل الأمريكي، ومن المرتقب أن يعود الحديث عن تصعيد واحتمال وقوع اشتباك إقليمي أوسع ولن يكون بمنأى عن الحريق الذي سيحمل نتائج مدمّرة على غزّة والكيان الغاصب وعواصم عربية أخرى.

 

المصدر: وكالة سبأ

مقالات مشابهة

  • الوضع السوري بين إدارة بايدن وترامب.. خلافات حول مستقبل القوات الأمريكية
  • فايننشال تايمز: نتنياهو وأردوغان يتنافسان على لقب الرجل القوي
  • FT: نتنياهو وأردوغان يتنافسان بعد سقوط الأسد.. من الأقوى في الشرق الأوسط؟
  • نتنياهو: نفذت وعدي بتغيير الشرق الأوسط
  • محمد فراج: ترامب وإدارة بايدن نهج متشابه تجاه القضية الفلسطينية
  • واشنطن بوست: إدارة بايدن تستغل سقوط الأسد للدفاع عن فشل سياستها في الشرق الأوسط
  • نتنياهو : تل أبيب تغير الشرق الأوسط بالفعل
  • نتنياهو: قبل عام قلت أننا سنغير الشرق الأوسط ونحن نغيره بالفعل
  • مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة تواجه تعنت مجرم الحرب نتنياهو
  • واشنطن بوست: بايدن يحاول استغلال سقوط الأسد للدفاع عن سجله في الشرق الأوسط