أمين البحوث الإسلامية: الفكر الأشعري نجح في تعامله مع قضايا الواقع بموضوعية واعتدال
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد، في فعاليات ندوة تثقيفية بجناح مجلس حكماء المسلمين بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، تحت عنوان «خصائص الدرس الأشعري في ضوء التحديات المعاصرة»؛ وذلك بحضور الدكتور سمير بودينار رئيس مركز الحكماء للسلام.
جناح الأزهر يعقد ندوة لمناقشة قضية "الصهيونية العالمية أطماعها ومواجهتها" ندوة بجناح الأزهر تطالب بإدراج "التربية الإعلامية" كمادة إلزامية في مناهج التعليم
وقال الأمين العام خلال الندوة، إن مناقشة هذا الموضوع جاء في وقته لأن الإمام الأشعري ينظر إليه على أنه علم فريد، ومع ذلك لم يخل زمان من الأزمنة من التطاول على معتقده أو التقليل من شأنه، فيأتي هذا اللقاء لتصحيح المسار حول هذه الشخصية، ويعطي إشارات واضحة على أهمية هذه الشخصية، وبيان التناول العلمي لها، والذي يكشف على أنه هذه الشخصية حاضرة في الأذهان والبحث العلمي، في مختلف الأزمان.
أضاف عياد أن الإمام الأشعري وضع مذهبًا اعتمد فيه عما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وسار عليه السلف الصالح، وهذا ما أكده الإمام الأشعري في كتبه التي نقلت إلينا، مشيرًا إلى أن الإمام الأشعري شخصية فريدة استطاعت أن تمزج بين العقل والنقل من جهة، وبين العقل والعاطفة من جهة أخرى، وأن الأمة الإسلامية تلقت هذا المذهب بالقبول وذلك لنظرتهم الموضوعية، وفكرهم المعتدل، وقبولهم للرأي الآخر، والتعايش معه.
أوضح الأمين العام أن هناك جهود حثيثة من المؤسسات العلمية في تعزيز الفكر الوسطي وفي مقدمتها الأزهر الشريف، والذي ينظر نظرة معتدلة إلى الإرث الحضاري لعلماء الأمة الإسلامية، إضافة إلى القضايا الجدلية والشبه الفكرية التي يعالجها الأزهر الشريف من خلال الفكر الأشعري؛ حيث قام على تصحيح كثير من الأفكار والقضايا المهمة المتعلقة بالواقع ومشكلات المجتمع؛ حيث خطا الأزهر خطوات عملية من بينها إنشاء مركز الإمام الأشعري، والعمل على مواجهة القضايا الجدلية بإبداء الرأي فيها من خلال الفكر الأشعري، والمساهمة في إخراج جانب كبير من تراث هذا المذهب من خلال مراكز علمية بحثية متخصصة، إضافة إلى الشركات العلمية التي عقدها الأزهر الشريف مع الجهات والمؤسسات المهتمة بالفكر الأشعري.
أسباب شيوع الفكر الأشعري وانتشارهأشار عياد إلى أن أسباب شيوع الفكر الأشعري وانتشاره كثيرة منها: القدرة التي تميز بها في تعامله مع قضايا الواقع ومشكلات المجتمع قديمًا وحديثًا، كما أن ما يحسب له أنه لم يكن مندفعًا أو متسرعًا أو يتصرف عن هوى في معالجة القضايا الفكرية المختلفة ولعل أهمها قضية التكفير، وقضية الإلحاد المعرفي، وقضية التطرف سواء التشدد في الدين أو التسيب فيه، كما يمكن للمذهب الاشعري أن يواجه جل مشكلات العالم؛ حيث قام بمواجهة العديد من القضايا قديما، وحديثا، إضافة إلى الانفتاح على الثقافات الأخرى.
أكد الأمين العام أن البحث في القضايا العقدية والفكرية ينبغي أن ينطلق من واقع العالم الإسلامي، كما يجب أن يكون مرتبطا بين العلم والدين، وأهمية الإيمان بقضية تجديد الدرس الكلامي والعقدي، وضرورة النظرة الشاملة لعلم العقيدة.
فيما قال الدكتور سمير بو دينار مدير مركز الحكماء لبحوث السلام، إن المدرسة الأشعرية أهدت لأمتنا عبر قرون طويلة منهجا رصينا ومنظومة فكرية وعلمية ارتبط فيها العلم بالعمل، فواجهت الانحرافات الفكرية والسلوكية وعملت على علاج مشكلات المجتمع وحل قضاياه الفكرية، لافتا إلى أنها السبيل للأمة للخروج من التشرذم والفرقة.
وأوضح، أن منهج المدرسة الأشعرية منهج متكامل في فهم عقائد أهل السنة، فكرا واستدلالا؛ وامتد نفعها إلى علوم وفنون متعددة في مناهج البحث وعلوم الاجتماع وفلسفة العلوم وغيرها.
وأدار الندوة اليت عقدت بجناح مجلس الحكماء بمعرض القاهرة الدولي للكتاب الدكتور محمد جمال، عضو مكتب إحياء التراث بمشيخة الأزهر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البحوث الإسلامية نظير عياد التحديات المعاصرة جناح مجلس حكماء المسلمين معرض القاهرة الدولي للكتاب الأمین العام
إقرأ أيضاً:
د. رهام سلامة تكتب: الإمام الأكبر شيخ الأزهر قائد حكيم ومسيرة عطاء لا تتوقف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ليس غريبًا أن يقلق العالم أجمع، عندما وصلت الأنباء بأن الإمام الأكبر فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، قد ألمت به وعكة صحية، و ابتهل الجميع - من الشرق والغرب من مختلف الجنسيات والألوان والأديان - إلى الله أن يشفيه ويرده إلى ممارسة عمله ليكمل مسيرته العلمية والتربوية من خلال أروقة الأزهر الشريف معقل التنوير والهداية والوسطية للعالم أجمع.
إن هذا القلق الذي أصاب العالم بأسره كان انعكاسا لما تمثله مكانة الإمام من أثر بالغ في نفوس الجميع، وهي مكانة تستمد قوتها من السماحة واستنارة الفكر والرأي التي يتبناها فضيلته منهجاً ومنهاجًا لا لحياته الشخصية فقط بل طريقة لمؤسسة الأزهر الشريف وعلاقته بالآخر.
على المستوى الشخصي، ما إن بلغني خبر تراجع صحة فضيلة الإمام الأكبر حتى خفق قلبي، وكأن نبضاته تتسارع مع قلق لا يمكن السيطرة عليه. كان شعورًا عميقًا يصعب وصفه، مزيجًا من الخوف والدعاء والرجاء. لكن ما إن سمعت بفضل الله أن حالته الصحية تحسنت كثيرًا حتى هدأ قلبي واطمأن، وكأن الحياة عادت إلى توازنها من جديد.
إنها فرصة ثمينة لأتحدث – ولو قليلًا – عن هذا العالم الجليل، الذي لا توفيه الكلمات حقه مهما اجتهدت في وصف فضله وعطائه. فما أكتبه الآن ليس إلا قطرة من بحر، ولمحة من نور مسيرته التي أضاءت دروب الفكر والإنسانية.
مسيرة علمية وفكرية حافلة:
منذ توليه مشيخة الأزهر في عام 2010، حرص الإمام الأكبر على تعزيز دور الأزهر الشريف كمؤسسة دينية وتعليمية تحمل لواء الوسطية والتسامح. فقد عمل على تطوير المناهج الدراسية، وإطلاق مبادرات فكرية لمواجهة التطرف، كما قاد جهودًا مكثفة للحفاظ على الهوية الإسلامية وتعزيز قيم التعايش المشترك.
لقد جسّد الإمام الأكبر نموذج العالم الأزهري المتزن، فلم يكن صوته يومًا داعيًا للصدام أو التعصب، بل كان مناصرًا دائمًا للسلام والحوار البناء. وقد أكد في أكثر من مناسبة أن الإسلام دين الرحمة والعدل، وأن الحلول الجذرية لقضايا العصر تكمن في تبني خطاب ديني مستنير يقوم على الفهم العميق للنصوص الشرعية ومقاصدها.
جهود بارزة في الحوار بين الأديان:
كان لفضيلة الإمام الأكبر دور محوري في تعزيز الحوار بين الأديان، وهو ما تجلى في وثيقة “الأخوة الإنسانية” التي وقعها مع بابا الفاتيكان عام 2019، والتي مثلت نقلة نوعية في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين. وقد شدد في مختلف لقاءاته مع قادة العالم على ضرورة بناء جسور التواصل بين أتباع الديانات المختلفة، ورفض كل أشكال العنف والكراهية.
إلى جانب ذلك، لم تتوقف جهوده عند اللقاءات الدبلوماسية فقط، بل سعى إلى توجيه الأزهر لإطلاق مبادرات عملية تعزز السلام المجتمعي، سواء من خلال تدريب الأئمة والدعاة على فنون الحوار والتواصل، أو من خلال تطوير الخطاب الديني لمواكبة التحديات المعاصرة.
الأزهر في مواجهة التطرف والتحديات الفكرية:
من أبرز القضايا التي شغلت اهتمام الإمام الأكبر قضية مكافحة الفكر المتطرف، حيث كان الأزهر ولا يزال الحصن الحصين ضد التيارات المنحرفة التي تحاول استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية. وقد أسس مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، الذي يعمل بـ13 لغة، لرصد وتحليل الخطابات المتطرفة، والرد عليها بخطاب علمي عقلاني يستند إلى أسس شرعية راسخة، والذي أشرف بإدارته منذ ثلاث سنوات الآن وكنت عضو في فريق العمل فيه منذ اليوم الاول وأسعد بنفسي على حرص فضيلة الإمام على أن يكون الأزهر الشريف في صف الدفاع الأول عن شريعة الإسلام السمحة وعن أصوله الكريمة التي تحتاج لجيش من المجاهدين الأوفياء.
سعى فضيلته إلى تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين في الغرب، مؤكّدًا أن الحل يكمن في تعزيز قيم المواطنة والاندماج الإيجابي، لا في العزلة أو الانغلاق.
مع انتشار خبر مرض الإمام الأكبر، تدفقت رسائل الدعم من قادة الدول، ورجال الدين، والمثقفين، وطلاب العلم، داعين الله أن يمنّ عليه بالصحة والعافية، ليواصل مسيرته في نشر قيم الخير والسلام. ولا شك أن هذه المحبة الواسعة تعكس حجم الأثر الذي تركه فضيلته في قلوب الملايين.
وفي هذه اللحظات، لا يسعنا إلا أن نرفع أكف الدعاء، سائلين الله عز وجل أن يمنّ على الإمام الأكبر بالشفاء العاجل، وأن يبارك في عمره، ليبقى نورًا يهدي الأمة إلى ما فيه الخير والصلاح.
د. ريهام سلامة مديرة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف