نشرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، مقالا، قالت فيه إن "الطريقة الأفضل لتعزيز غرور فرعون العصر الحديث بدلا من إعادة بناء هرم، هو كسوته،  فبعد ما يقرب من ألف عام من حرمانه من كسوته من المقرر تغطية الهرم الأكبر الثالث بالجيزة ببلاط الجرانيت؛ فيما يقول المسؤولون إن الهدف هو ربط ماضي مصر الإمبراطوري بحاضرها اللامع في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي".



وتابع المقال: "على الرغم من كل ادعاءات السيسي، فإن مصر كانت على حافة الهاوية لبعض الوقت. لقد تضررت بشدة من الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية بسبب الحرب في أوكرانيا، وتعد عملتها واحدة من أسوأ العملات أداء في العالم".

وأكد: "من المتوقع أن تصل مدفوعات ديونها الخارجية إلى 29 مليار دولار (8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) هذا العام. للبقاء على قيد الحياة، اعتمدت مصر على الودائع من الخليج والدفعات المتكررة من صندوق النقد الدولي: وهي الآن ثاني أكبر مدينة للصندوق. وكما هو متوقع، عاد مسؤولو صندوق النقد الدولي إلى القاهرة لتفادي التخلف عن السداد".

وفي السياق نفسه، أشارت المجلة إلى "المشاكل الاقتصادية التي تواجهها مصر تسبق الحرب في غزة، ولكن الصراع وامتداده إلى البحر الأحمر يهددان بدفعها إلى الهاوية. وفي الوقت نفسه، تعمل هذه الدول على تعزيز قوتها التفاوضية".

إلى ذلك، انخفضت عائدات السياحة، التي بلغت ذروتها في العام الماضي بنحو 14 مليار دولار (حوالي 14 في المئة من تدفقات الدولار إلى مصر)، منذ بداية الحرب. حيث أدّت الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر إلى خفض حركة المرور عبر قناة السويس بنحو النصف. 

وعادة ما ينقل هذا الخط نحو 30 في المئة من حركة الحاويات العالمية وحقق لمصر 9.4 مليار دولار من رسوم العبور في الاثني عشر شهرا حتى حزيران/ يونيو. وفي الوقت نفسه، أدى الصيف الحار إلى زيادة استخدام الكهرباء، مما أدى إلى خفض صادرات مصر من النفط والغاز.

وكشف المقال نفسه، أن المصريون في الخارج، ممّن يشعرون بالقلق من تحويل الأموال إلى عملة منهارة، يحجبون التحويلات المالية. وفي الربع الثالث من عام 2022، انخفضت بنحو 30 في المئة مقارنة بالعام السابق؛ يسحب المستثمرون الأجانب رؤوس أموالهم، أو يطالبون بأسعار فائدة مرتفعة لإبقائها عند هذا المستوى.

كذلك، منذ أن ارتفعت أسعار القمح والنفط في عام 2022 بعد غزو روسيا لأوكرانيا، قام السيسي بتخفيض قيمة الجنيه المصري ثلاث مرات. إذ أنه رسميا، انخفضت قيمة العملة بنحو 50 في المئة خلال هذه الفترة، لكن قيمتها في السوق السوداء تبلغ 70 جنيها مصريا للدولار، أي أقل من ربع قيمتها السابقة. ويعمل هذا على تغذية التضخم، الذي وصل إلى معدل سنوي بلغ 34 في المئة في كانون الأول/ ديسمبر، ارتفاعا من 6% قبل عامين. ويعني انخفاض الجنيه أيضا أن الحكومة تنفق الآن 60 في المئة من ميزانيتها على خدمة ديونها. 

ومنذ أن تولى السيسي السلطة خلال عام 2013، تضاعف الدين الخارجي لمصر أربع مرات. إذ يرجع ذلك جزئيا إلى المشاريع الضخمة المكلفة للرئيس، والتي تشمل عاصمة جديدة متألقة، والكثير من المدن والطرق السريعة الأخرى. العاصمة، التي أنفق فيها السيسي 60 مليار دولار (15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، تقف فارغة.


وتباطأ بعض الإنفاق؛ توقف العمل في الخط الأحادي المتجه إلى العاصمة الجديدة. لكن في الغالب يواصل الرئيس تبرير إنفاق أمواله على أساس الاستقرار الاجتماعي، وليس الاقتصاد. وتساءل في كانون الثاني/ يناير قائلا: "أنا أوظف ما بين 5 ملايين إلى 6 ملايين شخص... كيف يمكننا إغلاق كل هذا؟". 

ومن دون مثل هذه الوظائف، فإن معدل البطالة الذي يبلغ 7 في المئة سوف يرتفع، كما يصر المسؤولون في حكومته. لذا، تستمر المشاريع الجديدة في الظهور، وتستمر معها المساعدات، مثل دعم الخبز السنوي الذي يلتهم 2.9 مليار دولار، أو 2.6 في المئة من ميزانية الدولة. يقول أحد المحللين الماليين في القاهرة: "لقد أفلسنا ولكننا لا نزال ننفق دون تفكير".

وأكد المقال نفسه: "الجيش هو المسؤول أيضا. وفي عهد السيسي، شدد جنرالات مصر قبضتهم على اقتصاد البلاد. يختبئون في مجمعات سكنية، متجاهلين أنين فقراء المصريين خارج أبوابهم. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 72 في المئة على أساس سنوي حتى أيلول/ سبتمبر".

وتابع: "يبدو أن السيسي غير متعاطف. وأشار مؤخرا إلى أن المصريين محظوظون لأنهم لم يتواجدوا في غزة: "الأشياء باهظة الثمن وبعض الأشياء غير متوفرة؟ وماذا في ذلك؟". قواته الأمنية تحرس لمنع الاضطرابات. ويقبع عشرات الآلاف من المشتبه بأنهم معارضون في السجون".

وأردف: "إذا حكمنا من خلال انتخابات كانون الأول/ ديسمبر، فإن السيسي لا يزال يحظى بشعبية كبيرة. لقد فاز في الانتخابات، التي كانت مزورة بالتأكيد، بنسبة تقارب 90 في المئة، مع أعلى نسبة مشاركة منذ سنوات. لكن الشوارع تعج بالسخط. وهتف المتظاهرون في كانون الثاني/ يناير: "ليسقط الرؤساء". وتراجع الدعم للجيش منذ عام 2011، عندما سمح للثورة بالإطاحة بحسني مبارك. وآنذاك، كما هو الحال الآن، أدى ارتفاع أسعار الخبز إلى تأجيج الغضب. لكن الأزمة الاقتصادية أسوأ بكثير اليوم".

واسترسل المقال: "كما يعيق الضعف الاقتصادي قدرة الجيش على إظهار قوته في الخارج. وتحل قطر، وهي إمارة خليجية صغيرة ولكنها غنية، محل مصر باعتبارها المفاوض الرئيسي بين إسرائيل وحماس. وعلى الرغم من التهديد الذي تتعرض له إيرادات قناة السويس، فقد تراجعت مصر عن الانضمام إلى التحالف الأمريكي ضد الحوثيين". 

وأضاف: "كان السيسي عاجزا عن منع إثيوبيا غير الساحلية من بناء السدود على نهر النيل واستئجار قاعدة بحرية على البحر الأحمر في "أرض الصومال"، وهي منطقة انفصالية".

وأوضحت الصحيفة أنه، "رغم ذلك، يمكن للرجال الأقوياء الاستفادة من الحروب؛ حيث إن قوات الأمن تفترس اللاجئين، ويدفع لهم الفلسطينيون مبلغ 5000 دولار أو أكثر للخروج من غزة؛ وتأمل مصر في الاستفادة من المخاوف من الأزمة التي قد تحدث إذا امتد الصراع إلى حدودها أو عجزت عن سداد الديون". 


وأفادت: "بعد الانتخابات، كان من المتوقع أن يطالب صندوق النقد الدولي بالإصلاحات الاقتصادية التي وعد بها السيسي في أواخر عام 2022 كشرط من أجل إفراج الصندوق عن معظم قرض بقيمة 3 مليارات دولار. وكان من المتوقع على نطاق واسع حدوث انخفاض آخر في قيمة الجنيه، أو حتى تعويمه الحر، جنبا إلى جنب مع تحول في الاستثمار بعيدا عن المشاريع العملاقة التي تشبع الغرور".

وبدلا من ذلك، يبدو أن السيسي حصل على مهلة، فيما يرى أنه عندما يشتعل جزء كبير من المنطقة، فإن حلفاءها الأجانب سوف يعتبرون مصر أكبر من أن تفشل. ولا يسارع دائنيها الغربيون ولا الخليجيون إلى تحصيل ديونهم. 

تجدر الإشارة إلى أنه بينما كانت مجلة الإيكونوميست تُطبع، كان من المتوقع أن يضاعف صندوق النقد الدولي رزمته الأصلية البالغة 3 مليارات دولار أو أكثر، بدءا بقرض بقيمة 3 مليارات دولار مع القليل من الشروط. 


ويقول الخبير المصري في تشاتام هاوس، وهي مؤسسة فكرية في لندن، أحمد عبوده: "تعمق في الأمر وسترى أن مصر استفادت كثيرا من الحرب، وهذا من شأنه أن يجلب الراحة على المدى القصير، ولكنه سيؤدي أيضا إلى ترسيخ الجنرالات الذين تسببوا في تفريغ الاقتصاد. 

وفي السياق نفسه، يقول مسؤول مالي مصري سابق: "يُطلب من نفس الأشخاص الذين يستفيدون من النظام تغييره؛ على المدى الطويل لن ينجح الأمر أبدا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر غزة مصر غزة الاقتصاد المصري المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صندوق النقد الدولی ملیار دولار فی المئة من من المتوقع

إقرأ أيضاً:

السودان.. اشتداد المعارك وتبادل اتهامات حول تدمير مصفاة نفط

تصاعدت العمليات القتالية بين الجيش وقوات الدعم السريع بشكل لافت الخميس، في محاور العاصمة السودانية الخرطوم ومدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

تأتي هذه التطورات وسط اتهامات متبادلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حول المسؤولية في تدمير مصفاة النفط الرئيسية في منطقة الجيلي شمال الخرطوم التي تعرضت لدمار شامل.

وبشكل مفاجئ شهدت مدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي استردها الجيش قبل نحو أسبوعين قصفا عنيفا شمل عدة مناطق في وسط وجنوب المدينة. 

وتزداد المخاوف من تفاقم المعاناة الإنسانية المسجلة منذ اندلاع الحرب في البلاد في منتصف أبريل 2023.

تدمير مصفاة النفط الرئيسية

ومع تصاعد حدة القصف الجوي والأرضي في العاصمة الخرطوم، غطت سحب من الدخان سماء المدينة وسط تقارير أشارت إلى دمار كامل لمصفاة النفط في الجيلي والتي تعتبر الأكبر في البلاد.

وفي حين اتهم الجيش في بيان قوات الدعم السريع التي تتحصن قوة كبيرة منها هناك منذ الأسابيع الأولى من اندلاع القتال بحرق المصفاة، قالت قوات الدعم السريع إن طيران الجيش وجه عدة ضربات جوية للمصفاة خلال الساعات الماضية.

وأشارت تقارير إلى تقدم الجيش في محوري الجزيرة والخرطوم، لكن قوات الدعم السريع أكدت صد عدد من الهجمات التي تعرضت لها قواتها في المحورين.

معارك متواصلة

وفي مدينة أم درمان، دوت أصوات عنيفة أدت إلى اهتزازات في المناطق السكنية في شمال غرب ووسط المدينة التي ظلت معظمها تشهد منذ اكثر من 10 أيام انقطاع في خدمات الكهرباء والمياه، وسط تردي في أوضاع السكان ونقص حاد في الخدمات الطبية.

وبعد تحشيد اعتبر الأكبر منذ بدء القتال في المدينة قبل أكثر من 21 شهرا، شهدت الفاشر قتالا عنيفا بالتزامن مع موجة فرار كبيرة من المدينة وخروج العاملين في عدد من المنظمات الإنسانية هناك.

وكانت قوات الدعم السريع قد أمهلت في بيان صدر مساء الاثنين، الجيش والمجموعات المتحالفة معه 48 ساعة للخروج من المدينة.

وتعتبر الفاشر إحدى أهم المدن الاستراتيجية في السودان وهي الوحيدة في إقليم دارفور التي لا يزال للجيش وجود فيها، بعد سيطرت قوات الدعم السريع على اكثر من 90 في المئة من مناطق الاقليم.

ووفقا لشهود عيان، فإن من تبقى من السكان يشكل أقل من 30 في المئة من سكان المدينة التي كان يعيش فيها قبل اندلاع القتال ربع سكان إقليم دارفور البالغ عددهم نحو 6 مليون نسمة والذي يشكل 20 في المئة من مساحة السودان ويضم نحو 14 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة.

وتشكل الفاشر عمقا إستراتيجيا لأقاليم دارفور المتاخم لولايتي الشمالية وكردفان، كما تربط السودان بشريط دولي حدودي ملتهب يمتد من تشاد غربا وليبيا شمالا ودولة جنوب السودان وأفريقيا الوسطى جنوبا.

مقالات مشابهة

  • سلطة النقد تكشف حجم الأموال التي نُهبت من بنوك غزة خلال الحرب
  • السيسي: لدينا تسعة ملايين ضيوف كرام ونقدم لهم الخدمات التي يحصل عليها المصريون
  • إندونيسيا: ارتفاع حصيلة ضحايا الانهيار الأرضي إلى 25 قتيلًا على الأقل والطقس يعطّل جهود الإنقاذ
  • اتفاق على حافة الانهيار.. إسرائيل ترفض الانسحاب من جنوب لبنان
  • ترامب: أخطا بايدن بعدم العفو عن نفسه قبل مغادرته منصبه
  • السودان.. اشتداد المعارك وتبادل اتهامات حول تدمير مصفاة نفط
  • المركزي التركي يخفض الفائدة للمرة الثانية على التوالي
  • السيسي: مصر تحتاج 20 مليار دولار سنويا لشراء المنتجات البترولية
  • بعد حديث الرئيس السيسي.. خبير يقدم روشتة للإصلاح الاقتصادي
  • كوب بـ100 ألف دولار.. كيف تضامن المصريون لإغاثة غزة؟