محللون إسرائيليون: حماس باقية في غزة بعد الحرب
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
القدس المحتلة- مع استمرار القتال في قطاع غزة، والضبابية التي يعتمدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن صفقة التبادل، والتكتم على تفاصيل الخطة الإسرائيلية لليوم التالي للحرب، أجمعت تقديرات لمحللين إسرائيليين أن "حركة حماس باقية في القطاع"، وعلى تل أبيب والمجتمع الدولي التعامل مع هذه الحقيقة.
وفيما تباينت المواقف حيال ملامح هذا البقاء وإعادة سيطرة حماس المتدرجة على القطاع، اتفقت هذه التقديرات على أن حكومة الطوارئ الإسرائيلية فشلت في تحقيق أهداف الحرب بإسقاط حكم الحركة مدنيا وسياسيا، وتقويض ترسانتها العسكرية، وإعادة المحتجزين الإسرائيليين، حيث فشل الجيش الإسرائيلي بتحرير ولو رهينة واحدة من خلال العلميات العسكرية البرية.
وفي قراءة لواقع اليوم التالي للحرب، رجّحت العديد من التحليلات أن حماس توظف صفقة التبادل لإنهاء الحرب، وعليه فبعد وقف إطلاق النار، حتى لو تم إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، فلا بد من إشراك حماس في الحكم المدني بالقطاع.
وتتوافق قراءات المحللين على أنه لا يمكن لأي جهة كانت، سواء السلطة الفلسطينية أو الإدارة العسكرية الإسرائيلية، حكم القطاع والسيطرة عليه بلا حماس، أو ملء الفراغ الإداري والمدني، وعليه فإن إسرائيل ملزمة بالاعتراف بذلك، وإذا ما أرادت السلطة الفلسطينية موطئ قدم في غزة فعليها إشراك حكومة حماس.
"السياسة العقلانية"في مقال بعنوان "إدارة غزة تتطلب دمج وإشراك السكان الذين عملوا لصالح حماس" يلمّح محلل الشؤون العربية والشرق أوسطية في صحيفة "هآرتس" تسفي برئيل، إلى أن حركة حماس باقية في اليوم التالي للحرب، وأن أي سلطة لا يمكنها ملء الفراغ، ولا بد لها أن تشارك هذه الحركة في الشؤون المدنية للغزيين.
وأوضح برئيل أنه إذا كانت إسرائيل لا تريد إدارة القطاع بنفسها، فستضطر للسماح للسلطة الفلسطينية بالدخول للقطاع واستقبال عشرات الآلاف من موظفي القطاع العام وغالبيتهم من حماس. وقال إن "وقف إطلاق النار يشكل فرصة لتسليم زمام الأمور في غزة للسلطة الفلسطينية، حتى قبل أن تنفذ الإصلاحات الضرورية".
ويقول برئيل "بالتأكيد تبدو مثل هذه الفكرة اليوم في أعين الإسرائيليين ساذجة وغير واقعية، ولكن حتى المفهوم الإسرائيلي، ووعد الحكومة بإبادة كل أثر لحماس، واضطهاد شعبها والانتقام منهم حتى النهاية، ليس واقعيا، ولا يمكن أن يتمتع بمكانة في السياسة العقلانية".
وأشار المحلل إلى أن اقتراح الخطوط العريضة لإدارة غزة في اليوم التالي للحرب، يستند إلى افتراض عملي مفاده "أنه حتى لو تم تقويض البنية التحتية العسكرية لحماس، فسيظل هناك آلاف الناشطين الملتزمين بالحركة سياسيا وعسكريا".
ويعتقد أنه ستكون لمقاتلي حماس القدرة على شن معارك واسعة النطاق ضد الجيش الإسرائيلي، وسيظلون في كافة مناطق القطاع، ولا يزال من الممكن استخدام مئات الكيلومترات من الأنفاق من قبلهم.
ورجح برئيل في تحليله أن "حماس ستبقى قادرة على شن عمليات عسكرية وحرب منخفضة الحدة، وذلك بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والصواريخ والمعدات التي بقيت بحوزتها، وتلك التي ستعمد إلى إنتاج المزيد منها في اليوم التالي للحرب".
"سياسة تعزيز حماس"وتعتقد الباحثة في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية المتجددة "مولد"، شاني كوهين، أن نهج نتنياهو بالهروب إلى الأمام، وعدم قبول الحكومة الإسرائيلية أي مفاوضات باليوم التالي للحرب، أو أي تسوية لإنهاء الصراع، والترديد أنه لا يوجد شريك فلسطيني، يشق الطريق مجددا لعودة حماس للحكم بغزة.
وقالت كوهين إن "الادعاء الإسرائيلي الذي يروج له نتنياهو، ويدعي من خلاله أنه لا يوجد فرق بين السلطة الفلسطينية وحماس، يمهّد الطريق للعودة إلى سياسة تعزيز حماس ومكانتها فلسطينيا وإقليميا، بسبب ما حققته الحركة بالهجوم المفاجئ على مناطق غلاف غزة، والإنجازات التي حققتها قبالة الجيش الإسرائيلي".
وتضيف "بدلا من تعلم الدرس واستخلاص العبر، يعود نتنياهو إلى نفس الإستراتيجية القديمة، ويتحدث عن تدمير حماس بيد واحدة، وهو الهدف الذي لم يتحقق بالحرب، لكنه يعمل على إضعاف بديلها السياسي المتمثل بالسلطة الفلسطينية حتى في الضفة، وبالتالي تقوية حماس، بسبب ما حققته من إنجازات".
الصفقة لتعزيز الحكموبدا مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق مئير بن شبات، أكثر وضوحا في تحليلاته، حيث كتب في مقاله بصحيفة "يسرائيل هيوم" أن "حماس توظف صفقة التبادل ليس فقط لإنهاء الحرب، بل أيضا لضمان استمرار حكمها في القطاع، وللاستفادة من إنجازاتها، لتكون رافعة في استعادة النقاط التي فقدتها في الماضي بين الجمهور الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية".
ومن وجهة نظر المستشار السابق، فإن الثمن الرئيسي الذي يتعين على إسرائيل دفعه مقابل المرحلة الأولى من الصفقة هو المخاطرة بإنهاء الحرب دون الإطاحة بحكم حماس، مع إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين سيعززون بشكل كبير قدراتها، وتحديدا في مناطق الضفة الغربية.
ويقول بن شبات "إن تصريحات المستوى السياسي الإسرائيلي حول التزامه بتحقيق كافة أهداف الحرب مهمة، لكنها ليست كافية، وبما أن حماس تفترض أن الوضع الداخلي في إسرائيل سيؤثر على الدافع لاستئناف القتال، فمن الضروري التوصل مسبقا إلى اتفاق إسرائيلي واسع النطاق للعودة والقتال عند نهاية وقف إطلاق النار".
وادعى بن شبات أن "حماس ستحاول تثبيت وقف إطلاق النار لمنع تجدد الحرب، في ترتيب شبه رسمي مع قطر ومصر، بالإفراج عما تبقى من المختطفين الإسرائيليين، مقابل إطلاق سراح المزيد من الأسرى، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع إلى خطوط 6 أكتوبر/تشرين الأول، والالتزام بتجنب الاجتياح البري، وضمانات دولية لبدء برنامج إعادة إعمار غزة".
ويرى أن حماس تحتاج هذه العناصر لتأطير المشهد والصورة النهائية للحرب، بالإضافة لصورة الهجوم المفاجئ والضربة الافتتاحية التي وجهتها إلى إسرائيل، "ومع هذه الإنجازات التي فرضتها على إسرائيل، ستعيد حماس مجدها عالميا، وتدمر صورة إسرائيل باعتبارها لا تقهر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الیوم التالی للحرب السلطة الفلسطینیة الجیش الإسرائیلی وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
«البيت الأبيض»: دور مصر وقطر أساسي في مفاوضات «حماس وإسرائيل»
أكد البيت الأبيض أن دور مصر وقطر أساسى فى مفاوضات التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل، لافتاً فى بيان رسمى إلى أن هناك طرقاً ومبادرات للتوصل إلى اتفاق بين الطرفين، ومصر وقطر منخرطتان بقوة، وأضاف: «ما نراه فى غزة اليوم هو أمر مروع، لكننا نواصل المناقشات مع الإسرائيليين لتحسين الوضع الإنسانى، ولا نزال نتواصل مع الجانب الإسرائيلى لتقييم الوضع الإنسانى فى غزة».
من جهتها قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن ستواصل تقييم التزام إسرائيل بالقانون الأمريكى، وليس هناك أى تغير فى الموقف أو السياسات الأمريكية، والوضع الإنسانى فى غزة لا يزال خطيراً. وفيما يتعلق بالوضع داخل القطاع، قالت صحيفة «جارديان» البريطانية إن العديد من منظمات الإغاثة الدولية اتهمت إسرائيل بتجاهل مطالب الولايات المتحدة بتحسين الوضع الإنسانى الكارثى فى غزة، جراء القصف الإسرائيلى فى جميع أرجاء القطاع، لافتة إلى أن تحالفاً يضم العديد من منظمات الإغاثة الدولية اتهم إسرائيل بتجاهل التهديد الذى وجهته الإدارة الأمريكية لإسرائيل، بفرض عقوبات إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة لتحسين الوضع الإنسانى فى غزة.
وتقول منظمات الإغاثة إن المهلة التى منحتها الولايات المتحدة لإسرائيل فى الثالث عشر من أكتوبر الماضى انتهت أمس، فى وقت لم تُبدِ فيه إسرائيل أى نية لتحسين الوضع الإنسانى فى القطاع، تزامناً مع تحذير خبراء التغذية من مجاعة وشيكة شمال غزة، بعد انخفاض كميات الأغذية التى تصل لسكان تلك المناطق إلى الحد الأدنى منذ ديسمبر الماضى.
وفى الوقت نفسه، يصف عمال الإغاثة الدوليون الوضع الإنسانى فى القطاع بالكارثى، إذ نزح 80% من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من ديارهم بينما دُمر ما يربو على ثلثى المبانى فى جميع أرجاء القطاع منذ بداية القصف الإسرائيلى فى أكتوبر من العام الماضى.
من جهة أخرى، شدد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، مساء أمس الأول، على أن تل أبيب لا تريد حرباً، مضيفاً فى رسالة مباشرة، قال إنها للإيرانيين، أن إسرائيل لا تريد الحرب مع إيران، كما ناشد الإيرانيين عدم فقدان الأمل، وفق زعمه، وجاءت تصريحات «نتنياهو» بعدما زعم أنه يتعرض لحملة عنيفة من إيران ومن سماهم أعداء إسرائيل، واصفاً الشبهات التى تحوم حول مكتبه مؤخراً بالحملة العنيفة والممنهجة التى تهدف لضرب قيادة البلاد، فضلاً عن مهاجمته وسائل الإعلام، وأجهزة إنفاذ القانون، وأعضاء بالحكومة ومجلس الوزراء المصغر (الكابينت)، زاعماً أن إيران ومن وصفهم بأعداء إسرائيل استفادوا من تسريبات من فريق التفاوض الإسرائيلى فى ملف تبادل الأسرى.
وقدّم فريق الدفاع عن «نتنياهو» طلباً إلى المحكمة المركزية لتأجيل شهادة رئيس الوزراء لمدة شهرين ونصف، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، وأرجع سبب التأجيل هذه المرة إلى سلسلة من الحوادث الأمنية التى وقعت خلال الفترة الزمنية التى تم إعطاؤها لإعداده للمحاكمة، والتى وفقاً لهم جعلت استعداده للإدلاء بشهادته مستحيلاً، وفى طلبهم المقدم إلى المحكمة المركزية فى القدس، تحجج المحامون بالعديد من الأحداث التى وقعت فى الأشهر الأخيرة، من بينها اغتيال محمد الضيف، ومقتل المختطفين الستة فى رفح، والمواجهة مع إيران، والأحداث فى مجدل شمس.
وفى اليمن، أعلنت جماعة الحوثى أنها استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية «إبراهام» فى البحر العربى بعدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، موضحة فى بيان لها: «تم إفشال عملية الهجوم الجوى للعدو الأمريكى الذى كان يحضر له على بلدنا»، وأوضحت الجماعة أن العملية الثانية استهدفت مدمرتين أمريكيتين فى البحر الأحمر بالصواريخ والمسيرات، كما حمّلت أمريكا وبريطانيا مسئولية تحويل البحر الأحمر إلى منطقة توتر عسكرى وتداعيات ذلك على الملاحة، بحسب وصفها.