سلط تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الضوء على تفاصيل جديدة حول الأزمة التى يواجهها رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، خلال الفترة الراهنة نتيجة الحرب المستمرة فى قطاع غزة، وذلك بسبب التضاربات والانقسامات الكبيرة داخل الحكومة. 
ويشير التقرير إلى أن جميع الخيارات التى تواجه نتنياهو تعد صعبة للغاية، بعضها يمثل "قنابل سياسية موقوتة"، حيث يثير قبول أى اقتراحات تدعمها الولايات المتحدة وجيش الاحتلال مخاوف من اندلاع أزمة سياسية داخلية يمكن أن تتأثر بها قبضة الائتلاف الحاكم على السلطة، وهو ما قد ينهى فترة حكمه بشكل كامل، مما يجعل العديد من المسئولين يدعون إلى إقالته، بما فى ذلك الرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتسوج.

 
وفى هذا السياق، تسعى الولايات المتحدة والدول العربية الكبرى إلى تمكين السلطة الفلسطينية، التى تحكم أجزاء من الضفة الغربية، من السيطرة على قطاع غزة، وهو ما يعتبره الكثير فى حزب الليكود اليمينى وشركائهم بالائتلاف خطوة غير مرغوبة، حيث يسعون لإعادة احتلال غزة وتوطينها مجددًا. 
ووزارة الحرب الصهيونية تصر على رفضها الشديد لمقترحات اليمين المتطرف، مؤكدة أن الفلسطينيين يجب أن يتولوا إدارة قطاع غزة، وتسعى لتفعيل الخطة المعنية فى أسرع وقت ممكن، حيث تخشى من تراجع ما تصفه بـ "الإنجازات التى تحققت فى الجانب العسكري"، وذلك بسبب الفراغ السياسى فى القطاع، مما يتيح لحركة حماس فرصة لتعزيز نفوذها. 
وفى تصريحات حديثة، عبر وزير الحرب الصهيونى يوآف جالانت عن إحباطه إزاء غياب المناقشة داخل الحكومة حول ماهية الخطة المقترحة، مبديًا قلقه من أن التردد السياسى قد يؤثر سلبًا على تقدم العملية العسكرية، كما أكد أهمية وجود سياسة توجيهية تحدد الأهداف للعمل العسكري، وشدد على ضرورة أن تكون هناك مناقشة داخل مجلس الوزراء والحكومة حول هذه القضية.

أكبر اختبار 
ووفقًا لتقرير الصحيفة الأمريكية، يواجه بنيامين نتنياهو أكبر اختبار لمسيرته السياسية حتى الآن، حيث يتعين عليه اتخاذ قرار حاسم بشأن مستقبل قطاع غزة، وهو القرار الذى قد يؤثر بشكل كبير على مصيره السياسي. وعلى الرغم من كونه الزعيم الأطول خدمة فى تاريخ إسرائيل، فإنه أدار أسوأ فشل أمنى للبلاد فى تاريخها. 
ويرى المراقبون أن نجاح نتنياهو يعتمد على البقاء فى المنصب دون إجراء انتخابات مبكرة، والحفاظ على أغلبيته البرلمانية الهشة، وبينما يتعهد نتنياهو بالبقاء فى السلطة حتى تحقيق "النصر الكامل" على حماس، تتزايد التحديات مع صعوبة تحقيق هذا الهدف. 
بالنسبة للخبراء، يعتبر تأجيل اتخاذ القرار بالنسبة لنتنياهو استراتيجية أمله الأخير، حيث يعتبرون أن عدم اتخاذ القرار يعتبر قرارًا بحد ذاته، وقد يكون الخيار الأفضل له فى الوقت الحالي. 
ويحذر المسئولون الحاليون والسابقون من تأخر نتنياهو فى اتخاذ قرارات حاسمة، مشيرين إلى أن هذا التردد يجعل من الصعب الفوز فى الحرب الجارية. 
وفى الأسبوع الماضي، وجه ٤٣ من أبرز المسئولين السابقين فى الجيش وأجهزة المخابرات الصهيونية رسالة إلى الرئيس الصهيونى إسحاق هرتسوج، يطالبون فيها بإقالة نتنياهو من منصب رئيس الوزراء. 
وأكدت الرسالة، التى وقع عليها قادة سابقون فى المخابرات والأمن الذين عملوا فى فترة حكم نتنياهو، أن تردده "يشكل خطرًا ملموساً ومتزايداً على إسرائيل بشكل جزئى بسبب رفضه تحديد الأهداف السياسية للحرب". 
وأضافت الرسالة أن "نتنياهو، حتى فى هذه الأوقات الصعبة التى تمثل أحد أخطر الأزمات فى تاريخ إسرائيل، يحاول تجنب المساءلة العامة والتمسك بالسلطة".

ليس رجل المرحلة 
وترى صحيفة "نيويورك تايمز"، أن "نتنياهو ليس رجل هذه المرحلة فى ظل الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة التى تشهدها إسرائيل، حيث تعتبره غير قادر على التعامل مع الوضع الحرج الذى تمر به تل أبيب فى الوقت الحالي. 
ويسلط كاتب المقال الضوء على الدمار الهائل الذى تعرض له قطاع غزة والذى لا يمكن تحمله، مشيراً إلى أن الحكومة الإسرائيلية تتعرض لضغوط متزايدة من ذوى المحتجزين لدى حماس والذين يطالبون بجهود جادة لإطلاق سراح أبنائهم. 
ويضيف المقال أن الولايات المتحدة ودول عربية أخرى تسعى جاهدة لتهدئة التوترات ووضع حد للصراع، إلا أن نتنياهو يعرقل هذه الجهود، مما يزيد من التوترات ويجعل الوضع أكثر تعقيداً. 
الكاتب ينتقد إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على تحقيق "نصر كامل" على حركة حماس دون مراعاة للعواقب أو الخسائر، مما يجعله جزءًا من المشكلة بدلاً من الحل. 
ويحذر الكاتب من أن رئيس حكومة الاحتلال يستغل الحرب بشكل "خبيث" لتحقيق مآربه السياسية، مما يؤدى إلى تزايد الاستياء بين الإسرائيليين الذين يدعمون بشكل عام الجهود للقضاء على حماس. 
ويشير إلى أن نتنياهو نجح فى إبعاد الولايات المتحدة كشريك حيوى لإسرائيل، حيث تجاهل بصورة عمدية وصراحة النصائح الأمريكية التى تتعارض مع "مصالح إسرائيل الحيوية"، موضحًا أن الرئيس الأمريكى جو بايدن أظهر دعمه لإسرائيل ونتنياهو بعد هجوم حماس فى أكتوبر ٢٠٢٣، ولكن هذا لم يمنعه من تحدى الضغوط الأمريكية. 
ويؤكد الكاتب أن المشكلة ليست فقط فى موقف نتنياهو المتشدد، ولكن أيضًا فى استخدامه للحرب كأداة لتحقيق أهدافه السياسية الشخصية، وفى خلطه بين القيادة والبقاء السياسي، محذرًا الكاتب من تصوير نتنياهو لحرب غزة على أنها أوسع بكثير من مجرد صراع محدود، ما يخدم أهدافه السياسية الشخصية دون النظر إلى المصلحة الوطنية لإسرائيل. 
وأخيرًا، خلص الكاتب إلى أن نتنياهو قد فقد ثقة شعبه وحلفائه، وأن آخر مناوراته تمثلت فى جذب القوميين اليمينيين المتطرفين إلى حكومته، وبدأ فى التحدى المباشر للرقابة القضائية على الحكومة، مما أدى إلى أسابيع من الاحتجاجات الحاشدة.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الولایات المتحدة قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

حكومة البرهان والانقلاب-ما بين خوف القصاص واستثمار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية

في مشهد يجسد التناقض الصارخ والازدواجية السياسية، أعلنت حكومة البرهان-الكيزان الانقلابية ابتهاجها بفشل مشروع وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وهو قرار أيده 14 عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن، بينما عارضته روسيا فقط. هذا الموقف يسلط الضوء على عقلية سلطة ترى في استمرار الحرب وسيلة للبقاء، وتخشى نهاية الحرب لأنها تعني بداية الحساب.
فرحة بالحرب وخوف من النهاية
قيادات حكومة الأمر الواقع تعيش حالة من الرعب من نهاية الحرب، ليس لأنها تخشى على الوطن أو المواطنين، بل لأنها تعلم أن أي نهاية للصراع ستفتح الباب أمام القصاص والمحاسبة. استمرار الحرب يعني بقاء السلطة والانفلات من العدالة، بينما توقفها يهدد بانهيار غطاء الشرعية الزائف الذي يتدثرون به.
الاستقواء بروسيا ومعاداة العالم
في موقف يشكك في التزام حكومة البرهان بسيادة السودان وكرامته، قدمت شكرها لروسيا على استخدام "الفيتو" ضد قرار حماية المدنيين. هذا الدعم الروسي يمثل تأييداً ضمنياً لمزيد من المذابح، الجوع، والتشريد. أما بقية العالم، بما في ذلك ممثلو القارة الإفريقية الثلاثة في مجلس الأمن، فقد أيدوا القرار، مما يجعل حكومة السودان في عزلة سياسية وأخلاقية حتى أمام أقرب جيرانها.
روسيا، التي تزعم دعم دول الجنوب وإفريقيا، تجاهلت صوت القارة الإفريقية في هذا القرار، واختارت أن تدعم استمرار الصراع. هذا يثير تساؤلات حول مصداقية روسيا كحليف لدول العالم الثالث ونياتها الحقيقية في المنطقة.
الترويج للأكاذيب واستثمار الحرب
تحاول حكومة البرهان تصوير معارضة القرار الدولي على أنها "حفاظ على سيادة السودان"، ولكن الواقع يقول عكس ذلك. إن تذرعها بحجج كالوطنية واحترام القانون الدولي هو تضليل يهدف إلى تغطية سياساتها القمعية وتجاهلها للأرواح التي تُزهق يومياً.
الحرب بالنسبة لهذه الحكومة ليست مأساة بل فرصة، إذ توفر لها الذريعة للاستمرار في السلطة تحت غطاء "حالة الطوارئ"، بينما تستغل دعم حلفائها الدوليين مثل روسيا لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الشعب السوداني.
مناصرة الإسلاميين: خداع للوصول إلى السلطة
دعم حكومة البرهان للإسلاميين ليس إلا وسيلة لتأمين بقائها. هذا الدعم ليس دليلاً على التزام أيديولوجي، بل هو تحالف مؤقت لتحقيق مآرب السلطة، واستغلال لشعارات الإسلاميين لحشد تأييد داخلي. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية لن تكون مستدامة؛ لأن كل تحالف يقوم على المصالح الذاتية لا على المبادئ، سينهار مع أول اختبار حقيقي.
من يدفع الثمن؟
بينما تنشغل حكومة البرهان بحساباتها السياسية وتحالفاتها المشبوهة، يدفع المواطن السوداني الثمن الباهظ من دمائه ومعاناته. استمرار الحرب ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لسياسات قيادة لا ترى في الشعب إلا وسيلة لتحقيق أهدافها.
المستقبل لن يكون رحيمًا بمن يصر على معاداة إرادة الشعب والعالم. الحرب ستنتهي، وحينها لن تنفع الأكاذيب، ولن يكون هناك مهرب من المحاسبة.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: اتفاق محتمل بين إسرائيل ولبنان يلوح في الأفق
  • عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائيل ولبنان
  • نيويورك تايمز: ما الذي يمنع اندلاع حرب واسعة بين إسرائيل وإيران؟
  • وول ستريت جورنال: مستثمر أميركي يدرس شراء "نورد ستريم 2"
  • نيويورك تايمز: مذكرة الاعتقال ضد نتنياهو تشير إلى تورط الولايات المتحدة
  • "نيويورك تايمز": قرارات الجنائية الدولية يرجح أن تقيد سفر نتنياهو وجالانت حول العالم
  • “نيويورك تايمز”: مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت تعد معلما دبلوماسيا مهما
  • وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادات آسيا
  • حكومة البرهان والانقلاب-ما بين خوف القصاص واستثمار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية
  • بريطانيا تبدي استعدادها لحماية إسرائيل مرة أخرى.. استمرار الحرب لا يدمر حماس