بوابة الوفد:
2025-02-07@11:19:48 GMT

بديهيات اقتصادية

تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT

من بديهيات الاقتصاد والمنطق.. توفير مصادر للدخل لأى كيان.. سواء كان هذا الكيان فردا أو شركة أو دولة.. ومن البديهيات أيضا تنمية تلك المصادر وتنويعها لضمان بقاء وتطور ذلك الكيان.. لا أظن ان هذا أمر يختلف عليه عاقلان.. لكن من غرائب العقل البشرى.. انتشار جرثومة ميلتون فريدمان كالنار فى الهشيم فى العديد من الدول رغم الخراب الذى حلت به فى كل أرض رحبت بها.

. وهى تلك الجرثومة التى سلبت الحكومات جميع مصادر الدخل.. مقابل تركيز الثروة فى يد نفر قليل.. وبعيدا عن الجدل العقيم حول ذلك النوع من الفكر الاقتصادى واهدافه المعلن منها والخفى.. فإن ارتضت حكومة ما التخلى عن دورها المفترض والتنازل عن مصادر دخلها مستبدلة ذلك بالجباية كإيرادات للدولة.. فأولى البديهيات هى تنمية هذه الايرادات عبر توفير مناخ استثمارى وسياسات داعمة حقيقية لتعظيم ثروات المواطنين وليس افقارهم لينضب ذلك المصدر الوحيد للدخل تدريجيا.. وتكون النتيجة الحتمية شعوبا فقيرة وحكومات عاجزة!

ومن بديهيات اقتصاد الدولة أيضا.. أن السياسات المالية والنقدية.. هى أدوات مساعدة للنشاط الاقتصادى.. ولا يمكن أن تكون هى النشاط الاقتصادى نفسه! 

وتلك السياسات تلعب دورا هاما فى إدارة الحياة الاقتصادية بشكل عام والاسواق بشكل خاص.. فهى بمثابة القوى الناعمة.. القادرة على جذب المزيد من الاستثمارات للأسواق وتنمية الاقتصاد.. وذلك عبر خلق مناخ استثمارى صحى وجاذب.. أما النظر للسياسات المالية باعتبارها أداة للجباية فحسب.. بغض النظر عن اثرها المدمر للسوق والمناخ الاستثمارى.. هنا تتحول تلك السياسات إلى عائق كبير فى وجه الاقتصاد يجب ازالته على الفور.. فالأسواق لا تدار بالعصا.. وقديما قالوا «التاجر الشاطر يبحث عن مكسب شريكه قبل مكسبه».

أما العملة فهى تمثل قدر ما تملكه الدول من الثروة.. بل إن العملات الجيدة السمعة ترقى لدرجة مستودع للقيمة.. وألف باء تعريف العملة شرطان أساسيان هما.. القبول والثقة.. وبافتقاد أى من الشرطين تفقد العملة قيمتها.. يستتبع ذلك تبخر الثروات وانهيار الاقتصاد وصولا إلى درجة الافلاس.. وفى حالة تواجد سوق مواز للعملة.. فإن أى تخفيض رسمى لقيمة العملة يستتبعه سلسلة لا متناهية من الانخفاضات فى قيمتها فى السوق الموازى.. ولا يمكن أن يحدث العكس.. لأن ذلك الاجراء ينزع عنها شرط الثقة يستتبعه غياب شرط القبول.. وفى هذه الحالة يكون دعم العملة أولى من تخفيضها.

ويمثل التوجه بجدية لزيادة الانتاج «صناعى وزراعى» بوفرة.. وغلق باب الاستيراد تماما الا للضرورة وفى أضيق الحدود هو الحل الأمثل لمثل تلك الأزمات.. والاعتماد على القدرات المحلية كليا وصولا للاكتفاء الذاتى. 

ويفرض العقل والمنطق مع انخفاض قيمة العملة التوقف الفورى عن بيع او تصدير المواد الخام أيا كان شكلها وكذلك أصول وممتلكات الدولة.. لأن ذلك يعد إهدارا لثروات الأمة.. ولا يكون البيع مقبولا إلا فى حالة واحدة «إن توفرت».. هى البيع بالعملة الاجنبية مقومة بأسعار ما قبل الانهيار أو الاسعار العالمية.. أما غير ذلك فهو إهدار حقيقى لما تبقى من الثروة. 

ومن بديهيات الاقتصاد أيضا.. عدم اغفال المدى الزمنى للمعاملات المالية أو المشروعات.. فهناك معاملات قصيرة الاجل وأخرى متوسطة وطويلة الأجل.. ولا يجوز الخلط بين هذه وتلك.. فلا يجوز الدخول بقروض قصيرة الاجل فى مشروعات طويلة الاجل أو ذات عوائد غير مباشرة.. وإن كان العكس يجوز.. وفى الحالة الاولى يكون التعثر والعجز عن سداد تلك القروض هو الامر المنطقى والبديهى.

ومن بديهيات الاقتصاد أيضا.. أن التوسع الافقى للصناعة والزراعة خاصة للدول غير المنتجة.. هو الحل الامثل للنهوض بتلك الدول.. عبر تحويل شعوبها من ثقافة الادخار إلى الاستثمار.. ولن يتأتى هذا إلا بتغيير حقيقى فى سياسات الاقراض ودعم المشروعات الصغيرة.. وإزالة المعوقات الإدارية والسياسات المالية والمصرفية الفاشلة بكل ما تمثله من شخوص وقرارات معلنة وخفية.. وتاريخ بائس من الفشل وعرقلة أى محاولة للانطلاق.. وللحديث بقية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لوجه الله غرائب

إقرأ أيضاً:

عتبات الفرح للكاتبة هديل حسن: لعلها عتبات الكتابة أيضا

على باب بيت الأدب، والحياة، تطل الكاتبة من الباب والشبابيك، وهي في طريقها لاختبارات الحياة والأدب. لعلها إطلالة المبدعة قبل ترك العتبة والخروج الى الدنيا، والعودة الى اكتشاف الذات. ما بين "خيبة ولكن، و"عتبات الفرح" عام، بما يمنح لا التأويل فقط، بل استشراف ميلاد كاتبة، تصعد سلما إنسانيا وأدبيا معا، ضمن سلالم ما زلنا جميعا نصعدها، ولا نكاد ننتهي من الصعود.

ولعلنا هنا نركّز قليلا في العتبات، التي أملت الكاتبة أن تكون عتبات فرح، كأنها، ومن خلال نفس طيبة نقية، تستشرف الفرح القادم.

هديل حسن، كاتبة شابة، من الأردن، تحب الأدب، وتعيش له، وقد تجلى ذلك بشكل ظاهر في لغتها التي مالت فيها الى الوضوح والبساطة والجمال.

في الكتاب الأول، كنا إزاء نصوص أدبية، متنوعة الموضوع، ومتنوعة التكثيف، ما بين الشعر والحكمة والتأمل. تلك كانت دفقات الإبداع في كتابة العبارة فالفقرة، حيث يبدو أن الكاتبة هنا تركت نفسها للمعاني كي تأخذها نحو الشكل، أكان خاطرة كاملة، أو معنى مزيا تجريديا أو فكريا اجتماعيا أدبيا.

في النصوص بحث عن الشكل والمضمون، وبحث عن الذات، من خلال شذرات نفسأدبية، تنبئ بما تنفعل به الكاتبة، وما تحتفل به وله، وما تريد التعبير عنه وعنها.

لذلك، لربما تتشابه هديل حسن في رحلتها مع كثيرين وكثيرات، في البحث عن الشكل الفني، وفق ما يستدعيه المضمون الذي يسكنها، ولعله كما نرى مضمون إنساني لشخصيات، تنتظم فيها، أو لعلها هي الناظمة لذلك كله، بما توحي به من شعور وفكر؛ لذلك فإن البذور التي التقطناها ونحن نقرأ "خيبة ولكن"، ما لبثت أن نمت في "عتبات الفرح"، والتي تحتاج حاضنة أدبية وإنسانية لتنمو في بنائها السردي.

السرد القصصي، هو ما سيكون مفتاح الكاتبة، كذلك سيكون تجليات رؤيتها، والذي يمكن أن يتبلور في ظل امتلاك شرط الكتابة، بحيث إما أن تسلك سلوكا له علاقة بالسيرة، أو ترك مسافة والذهاب نحو السرد العادي المنفصل عن الذات ما أمكن ذلك، أو المزاوجة بينهما.

"في عتبات الفرح"، نحت الكاتبة منحى المزاوجة، حيث يبدو أن القصّ هنا، إنما هو عام وخاص، ولربما بسبب هذه المزاوجة، لم تستطع الكاتبة من القص لمدى واضح، حيث كنا نلاحظ إنها ما تبدأ القص، بدءا بالوصف المكاني ووصف الشخصيات الذي أجادته حتى تنهيه.

يجد القارئ لمجموعة الكاتبة هديل حسن "عتبات الفرح" نفسه، مشدودا لخمس منها، خمس عتبات قصصية، فيها ما يؤكد ميل الكاتبة للسرد، وأنها تؤثره عمن سواه من أشكال أدبية.

في نص "ذاكرة مهترئة: من القصص المكتملة، فيها تذكر في ظل زمنين، حيث تكبر الصغيرة، وكيف تتغير نظرة البائع تجاهها صغيرة وكبيرة. في القصة تعبير عن عمق استشعار الأنثى لمشاعر الذكور الحسية، حيث تقرأ انجذاب البائع، داخل مونولوجه، نحو الأنثى، بينما هي ظلت بشعورها الطفولي البريء.

"يد واحدة تصفق"، قصة عميقة، تربط تغيّر المشاعر مع تغير (نقص) أعضاء الإنسان الذي يشعر بالوحدة، وبزهد النساء به. وتصل الذروة النفسية الساخرة، حين يرد على النادل الذي يسأله عن طلبه، فيجيبه: "يد جديدة لهذا العبد الفقير" صفحة .70

وفي النظر تجاه أمراه جميلة، يدور في النفس سؤال: "كيف ستنتبه لي وبجانبها رجل لا عطب فيه" صفحة 71.

أما قصة "لاجئة على عتبات الحزن" فهي قصة لاجئة سورية تعمل مع كبار السن نهارا، وفي الليل نادلة لتبدد الوقت. لديها وقت لا تعرف كيف تمضيه، حيث تكون بانتظار زوجها كي يلحق بها في مكان لجوئها. تصف معاناة كبار السن، فكل وما ينتظره. أما اللحظة الفارقة والصادمة، فهي عندما تذهب لاستلام طلب أحد الزبائن، فيكون الزبون زوجها محمود.

"انتظار محبّ: قصة، تبرع فيها بوصف الجسد، وفرق العمر، من خلال الحب من خلال التواصل الاجتماعي.

ولربما كانت "صفقة عادلة"، الأكثر صادمة اجتماعيا، كونها قدمت الرجل الذي ليس فقط لا يغار على زوجته، بل يستغلها لتمرير صفقاته، في حين تكون المفارقة في أن يصبح "الرجل العاشق" مخلصها.

أما قصة "قتل متعمد" فقد امتلكت عناصر القصّ، ولكن المضمون لم يأت بجديد، لكن الكاتبة وفقت في حداثة وفاتها بسبب حادث وهي هاربة من عنف الزوج، لتتساءل عمن كان القاتل أهو الزوج أم الحبيب الذي تخلى عنها، أم المركبة التي صدمتها وهي مسرعة.

وتشكل قصة "ازمة رجولة" مضمونا اجتماعيا تقليديا، يتعلق بعدم الإنجاب كمسبب للطلاق. في النص نلاحظ وصف الجمال الأنثوي كأنه نابعا من ذكور.

زواج بالإكراه: قصة تزويج الأهل علا من خالد، ورفض ومازن بدون سبب. ليس فيها ما يضيف لهذا المضمون.

في نص كورونا، تيمة الموت، كذلك في "عناق الموت" عن الحرب على لبنان وفقدان الأحبة. وفي مضمون نص "ميلاد أسود"، نحن إزاء ميلاد الطفلة وقت ما يمكن أن نتخيله عن رحيل معاكس كأن يكون رحيل الجد، وفي الوقت نفسه، النفور من ميلاد أنثى. أما نص "عشق" فهو مجرد وصف. وفي نص "ذكورة"، تعبير عن الشهوة، ورد فعل الأنثى الحاد.

أما "سيدة النساء انت": عن موت الزوجة، وإخلاص الزوج. لا ننفي وجود هذه النماذج في الحياة، لربما كان من الممكن الاتكاء على سلوك ما يتجلى فيه الوفاء.

وفي "حب قبل أوانه": وصف المرأة لرجل يخشى الحب، فيما تكون هي قد وقعت به.

الأسلوب:

من ميزات النصوص اختيار اللغة القريبة من السرد القصصي، ما منح المجال لبناء قصص واقعية. كان نفس الكاتبة متفاوتا في القصص، فكأنها تكتب ونتشوق، لكن تتركنا نتابع مصائر الشخوص، فقد وجدنا أنفسنا بحاجة لدفق سردي أكثر من المكتوب.

إضافة الى ما ذكرناه في الحديث عن القصص، فقد استخدمت الكاتبة أكثر من أسلوب، فثمة تجريد رمزي مثلا في نص "عتبات الفرح"، الى أسلوب خطاب في "أناي"، الى ما هو واقعي كما في نص "صخب العالم"، الذي تعلق بالشعب تحت الاحتلال، إلى مزاوجة بين الواقع والرمز، كما في نص "قصة بطلتها أنا" التي تتحايل المرأة هنا على معاناة نفسية، فهي حين تتحدث عن "الانجاب المعرفي"، أي نشر كتاب جديد، فهي إنما تقربنا من هموم المرأة الفطرية في الزواج والإنجاب.

لقد تجاوزت الكاتبة نصوصها الأولى "خيبة ولكن"، ولكن لعلها تواصل الكتابة القصصية؛ فلا تطوير في عالم الكتابة الا بالكتابة جنبا الى جنب مع القراءة.

"في عتبات الفرح" ما يشير إلى عتبات الحياة، والكتابة التي تسكن الكاتبة، كأن الكاتبة الإنسانة هنا ما بين رؤية الأدب من خلال الحياة، والحياة من خلال الأدب.

جدير بالذكر بأن المجموعة صدرت عن دار فضاءات عمان-الأردن عام 2023، "ووقعت في 125 صفحة.

مقالات مشابهة

  • وزيرة المالية تؤكد أهمية الشراكة مع البنك الدولي في تمويل برامج التنمية المستدامة
  • انطلاق معرض خان ‏الحرير بدمشق في أول فعالية اقتصادية بعد سقوط الأسد
  • عتبات الفرح للكاتبة هديل حسن: لعلها عتبات الكتابة أيضا
  • وزيرة المالية: ملتزمون بتنفيذ الإصلاحات المالية لتعزيز الإيرادات غير النفطية
  • ١٠ ملايين يورو.. اتفاقية تعاون بين وزارة المالية والبنك الأوروبي لتعزيز نمو الاقتصاد المصري
  • المالية تطلق سندات بقيمة ترليوني دينار لتعزيز الاستثمار وتوفير الادخار
  • اقتصادية النواب: الترويج للسياحة البيئية يعزز من قدرة مصر على جذب الاستثمارات
  • وكيل اقتصادية النواب: نثمن دور المصريين بالخارج في رفع الاحتياطي النقدي
  • جوميا تساهم في تعزيز الإصلاح المالي خلال لقاء مع وزير المالية
  • الحكومة: الدولة اتخذت إجراءات استباقية ساهمت في جذب العملة الصعبة.. نواب: الإصلاحات الاقتصادية حققت نموا مستداما.. وتحويلات المصريين بالخارج تدعم الاحتياطى النقدى