بوابة الوفد:
2025-01-30@21:43:18 GMT

الحمادى.. وطريق العرب للمستقبل

تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT

كم يسعد المرء أن تقوده الصدفة إلى التعرف على رؤى واطروحات تتوافق معه فكريا، وتدعو إلى نفس ما يدعو اليه ويتمناه لوطنه العربى الكبير، فقد دعيت الأسبوع الماضى لمناقشة كتاب المفكر والكاتب الاماراتى الكبير على محمد الشرفا الحمادى الذى صدر هذا العام بعنوان «ومضات على الطريق العربى للمستقبل – دراسات ومشاريع حلول لمواجهة المستقبل العربى»، وهو الذى تخرج فى الكلية الحربية المصرية عام 1966م، وشغل بعد ذلك عدة مناصب سياسية كان أبرزها أنه عمل مديرا لديوان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الامارات وحاكم ابوظبى فى الفترة ما بين 1973 حتى 1995 م.

ومن البداية لفت نظرى هذا العنوان البراق الباحث عن طريق للمستقبل العربى، حيث يتوافق مع بعض مؤلفاتى فى هذا السياق وخاصة «الأورجانون العربى للمستقبل» الذى صدر عام 2014 معبرا عن نفس الهموم وحاملا رؤية أداتية للمستقبل العربى تقوم بداية على تشريح الواقع العربى وكشف الأوهام الأربعة المكبلة لانطلاق أبنائه وبيان معوقات الحداثة التى لخصناها فى عشر يجب العمل على التخلص منها، ثم بيان مقومات النهوض الخمس وأهمها كانت الدعوة إلى ضرورة التنسيق العربى الشامل الذى يحقق آمال وتطلعات الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، وتتماثل مع التكتلات العالمية الكبرى كالاتحاد الأوربى واتحاد الولايات المتحدة الأمريكية، ومن هنا كانت الدعوة إلى ما سميته «اتحاد الدول العربية» كبديل لذلك الكيان الهزيل المسمى «جامعة الدول العربية» وضربت مثلا على ذلك بنشأة ونجاح اتحاد «دولة الامارات العربية» كنموذج وحدوى تغلب على كل التحديات والمشكلات بفضل إصرار مؤسسيه على انجاحه وانكارهم -كزعماء لإماراتهم المختلفة- للذات وتغليبهم مصلحة شعوبهم على مصالحهم الفردية.

لقد قسم هذا المفكر الاماراتى العروبى الكبير كتابه إلى ثلاثة أبواب تحدث فى أولها عن ما سماه «ومضات على الطريق العربى»، وفى الثانى «عن ومضات على الطريق القطرى العربى « حيث تحدث فى الفصل الأول منه عن الامارات والكويت ومجلس التعاون الخليجى وفى الثانى عن الجزائر وفى الثالث عن اليمن والسودان، بينما خصص الباب الثالث بأكمله عن مصر وثورتها وجبهتها الداخلية وعوامل تماسكها ومشاريعها الاقتصادية والتنموية ووضع لها خاصة خارطة طريق للتقدم. 

وكم كان وطنيا وصادقا وهو يحاول فى الباب الأول من هذا الكتاب وضع أسس لخارطة طريق مستقبلى لدخول الأمة العربية القرن الجديد بعقلية متفتحة وإرادة قوية تتحدى التمزق والتشتت متحررة من الحلقة المفرغة التى تدور فيها!

وقد حدد أسس هذه الخارطة فى عدة مبادئ أهمها:

1- وضع ميثاق جديد للعلاقات العربية تتحدد فيه واجبات والتزامات وحقوق كل دولة عربية وقت السلم ووقت الحرب بأسلوب واضح لا لبس فيه ولا غموض.

2- وضع اطار عام لأسلوب التعامل بين الدول العربية قائم على الاتصال المباشر والحوار المستمر لسرعة انهاء أى خلاف بينها.

3- أن يكون تعيين أمين عام جامعة الدول العربية دوريا وحسب الحروف الابجدية ويتغير كل ثلاث سنوات.

4- تشكيل محكمة عدل عربية من قضاة ترشحهم دولهم العربية ويُختارون بالقرعة، ويتغير تشكيلها دوريا كل خمس سنوات، ويكون الحكم الصادر عنها ملزما لأطراف النزاع. 

5- انشاء مجلس للأمن القومى العربى ويتشكل من قادة القوات المسلحة فى الدول العربية ليضع الإجراءات الكفيلة بتفعيل معاهدة الدفاع العربى المشترك ويجعلها قيد التنفيذ فى ظل أى أزمة داخلية أو أى عدوان خارجى.

6- انشاء بنك عربى برأسمال لا يقل عن خمسمائة مليار دولار لتكون مهمته اصلاح الهياكل المالية للدول العربية وتطوير إمكاناتها الاقتصادية.

وبالطبع فقد أسهب كاتبنا فى شرح تصوراته للمستقبل العربى والتحديات التى ستواجهه وخاصة فى المجالين الاقتصادى والسياسى فى ظل الصراعات الإقليمية والدولية. وعلى الرغم من أن هذه المقترحات لم ترق إلى ما أطمح اليه ودعوت اليه فى كتابى السابق الإشارة اليه! فالسؤال هو: هل تحقق أى شىء من هذه الطموحات الواقعية جدا التى طرحها الحمادى فى هذا الكتاب المهم وهو السياسى المخضرم الذى عاصر أهم تجربة وحدوية ناجحة فى عالمنا العربى؟! أم أن القيادات العربية -رغم تزايد التحديات وكثرة التهديدات للأمن القومى القطرى والعربى- لاتزال عاجزة عن ادراك أهمية أن تتوحد ارادتهم، وضرورة العمل العربى المشترك وحمايته من الاختراقات المتتالية من الدول المعادية سواء كانت غربية أو إقليمية؟ والى متى ستظل دولنا العربية خاضعة وتابعة للرؤى الغربية التى تستهدف دائما تمزيق العرب وتشتيت شملهم؟! لعلنا نجد جانبا من الإجابة عن تلك التساؤلات فى المقال القادم ان شاء الله.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نحو المستقبل رؤى واطروحات المستقبل العربى الدول العربیة

إقرأ أيضاً:

سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!

من قال لك إن الهدف هو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء فقط، لقد قلنا مرارًا وتكرارًا، أن الهدف هو مصر الدولة والمؤسسات، وأن الطريق إلى ذلك هو الطابور الخامس الذى لا يعرف للوطن حدودًا يقاتل من أجلها، ولكنه يريد الوصول إلى السلطة بأية طريق تمهد لجماعة الإخوان الإرهابية حكم مصر لمدة خمسمائة عام كما كانوا يقولون ويعتقدون!
لا تنس أن صفقة التهجير تم تسويقها فى عهد جماعة الإخوان كان مقابلها هو الصعود إلى قمة الهرم فى الدولة، والسيطرة على مقدرات هذا الشعب الذى قام بتصحيح مساره فأطاح بهم بعد عامٍ واحد فقط، ليصبح المخطط الذى كان سيتم تنفيذه رضاءً مع الجماعة لا يمكن تحقيقه إلا غصبًا وقهرًا مع غيرهم، ولذلك فالولايات المتحدة ومن قبلها إسرائيل تعلم أن مُخطط التهجير لن ينجح مع السيسى، ولن تقبله الدولة المصرية، ولن يسمح به الجيش المصرى، فالشعب الصامد والذى خاض أربع حروب للحفاظ على ترابه يُدرك أن هذا الخطر الكامن فى مصطلحات مثل الإنسانية والعطف على الشعب الذى تتم إبادته فى غزة، ما هو إلا حصان طروادة سيتم استخدامه للقضاء على القضية الفلسطينية والاستيلاء على سيناء للأبد، وبعدها ستتهم إسرائيل سكان سيناء (الغزاوية) بأنهم يخضعون لسيطرة حماس التى طردتها إسرائيل من غزة، وسيكون هذا هو مبررها بعد عشرة أوعشرين عامًا لسرقة سيناء من جديد، عندها ستقول لنا أمريكا «يجب نقل سكان سيناء التى أصبحت مركزًا للإرهاب إلى مدن القناة أو باقى المحافظات المصرية لحمايتهم من هجمات الجيش الإسرائيلي»، وتستمر اللعبة إلى أن نجد الضفة الأخرى من النيل يُرفع عليها علم إسرائيل ليتحقق حلم الدولة اليهودية التى تأسست سنة 1948 بكيان يمتد من النيل للفرات!
قد تقول لى.. هذا سيناريو من وحى الخيال.. لا يا عزيزى المواطن.. هذا سيناريو مستوحى من الأدبيات الإسرائيلية المكتوبة، وكنا نقاومه منذ كنا طلابًا فى جامعة القاهرة فى نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات.. وكنا نتحدث مع زملائنا حول فلسفة إصرار إسرائيل على اختيار مبنى مجاور للجامعة فى الجيزة ويطل على نهر النيل كمقرٍ لسفارتها التى تم افتتاحها فى مصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، بأنه اختيار يتسق مع فكرها، فقد اختارت موقع السفارة على النيل فى الجيزة وليس العاصمة، لأن القاهرة طبقًا للبروتوكولات والخطة الاستراتيجية الإسرائيلية تقع فى شرق النيل وليس غربها، وشرق النيل هو جزء من دولة إسرائيل التى تمتد من النيل للفرات، وبالتالى لا يجوز للدولة أن تفتتح سفارة لنفسها فوق أرضها، أما الجيزة فهى غرب النهر الذى لن تعبره إسرائيل.
وقد تقول لى.. ولكن سفارة إسرائيل الآن موجودة فى المعادى بالقاهرة؟ نعم يا عزيزى.. هذا صحيح.. لأنها اضطرت مع ضغوط المتظاهرين قبل 14 عامًا على الرحيل والتراجع إلى شرق النيل مثلما تراجعت تاركة سيناء فى 1973 وما بعدها!
ثم إنك «مش واخد بالك» بأن إسرائيل تقترب من الفرات، وفى نفس الوقت تقترب من النيل بعد إبادة غزة، وهى تحركات تشبه حركة «البَرجلْ» الذى تزداد مساحة قدميه شرقًا وغربًا فى وقت واحد، فهى تتحرك نحو الشرق بنفس مقدار تحركها نحو الغرب، فقد دمرت غزة وطردت سكانها، وتحركت فى ذات الوقت للسيطرة على جنوب لبنان، واستولت على مساحات شاسعة من الأراضى السورية دون أن تواجه أية مقاومة من الجيش السورى المنهار، كما أن دخولها لسوريا تم بعد اتفاق مع (محمد الجولانى الذى أصبح اسمه أحمد الشرع) الرجل يرفض مصافحة النساء ولكنه يقبل ترك أرض بلاده فى سوريا والتى يحكمها الآن تُسرق وتنهب، ليتضح لنا أن مُخطط تمكين الجماعات الدينية المتطرفة هو مشروع يحظى برضًا إسرائيلى واضح!
نفس ما حدث فى سوريا.. يُدرس تنفيذه فى مصر.. ولكن لأن مصر دولة كبيرة– كما قال الرئيس فى الكاتدرائية يوم 6 يناير– فإن السيناريو من وجهة نظرى سيكون مختلفًا.. فالجيش المصرى قوى ومواجهته لن تكون سهلة.. والدولة المصرية تعمل بشكل علمى ومنظم وخداعها مستحيل.. ولذلك فإن الخطة سوف تختلف عن سيناريو سوريا وسيكون الهدف هو اختراق المؤسسات السياسية من الداخل.. وأطلب منك يا عزيزى أن تراجع ما قاله السيد وزير الداخلية منذ أيام قليلة فى خطابه أمام السيد رئيس الجمهورية خلال الاحتفال بعيد الشرطة.. فقد قال نصًا: «تسعى جماعة الإخوان الإرهابية.. لإحياء نشاطها عبر التوسع فى ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة واستقطاب الشباب صغير السن ودفعه للقيام بأعمال غير مسئولة أملًا فى زعزعة الأمن والاستقرار، فضلًا عن التنسيق مع عدد من ذوى التوجهات الفكرية الأخرى من منطلق المصالح المشتركة لتبنى الدعوة لإعادة دمجها فى النسيج المجتمعى الذى لفظها لفكرها القائم على العنف والتخريب».
الكلام واضح.. وقلته لحضراتكم مرارًا فى مقالات عديدة.. جماعة الإخوان تحاول الاندماج عبر عناصر إخوانية ممتازة داخل المجتمع السياسى من خلال اختراق الأحزاب، عبر تمويل ضخم جدًا يستهدف الاستيلاء على هذه الأحزاب، ومن ثم خوض انتخابات مجلسى النواب والشيوخ القادمتين تحت ألوية هذه الأحزاب وشعاراتها– حدث بالفعل فى التسعينات وقامت الجماعة بالاستيلاء على حزب العمل– وبعدها ستجد كوادر إخوانية ممتازة تتوغل داخل الأحزاب والمجلسين التشريعيين، وقد يستطيع أحدهم التسرب إلى منصب تنفيذى مهم– حدث بالفعل فى نهايات عهد مبارك هشام قنديل رئيس وزراء الإخوان كان عضوًا فى الجهاز الإدارى للجنة السياسات– ومن بعدها ننتظر انتخابات رئاسة الجمهورية لنجد أحد الأحزاب– التى تم اختراقها– يدفع بمرشحٍ إخوانى يرتدى ثوب الليبرالية، مدعومًا بأموال الجماعة ومساندة مخابرات دول أجنبية، لتكتشف فى النهاية أن نموذج (الجولاني) تم زرعه فى مصر خلال سنوات قليلة، لنواجه مصيرًا مُعدلًا- لما حدث فى سوريا- لن تُدرك مخاطره إلا عندما تقع «الفاس فى الراس»!!
للمرة الرابعة أو الخامسة احذر من اختراق التنظيمات للأحزاب والمؤسسات السياسية.. ورغم إدراكى ليقظة وصحيان مؤسسات الدولة.. إلا أن دافعى فى التكرار هو أن الذكرى تنفع المؤمنين.
الموضوع كبير.. والخطة جُهنمية.. ونحن يقظون.. ولن تمر هذه المخططات الشيطانية مهما فات الزمن.. وسنقاوم أجيالًا بعد أجيال خطط تهجير سكان غزة نحو سيناء.. ومخططات الاستيلاء على أحزابنا.. وسيناريوهات اختراق مؤسساتنا.
اللهم احفظ بلدنا.. تحيا مصر.. وعاش الجيش المصرى العظيم.

مقالات مشابهة

  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
  • أصبحت أفعالكم لا تليق بمقام أم الدنيا
  • الرئيس المقاول
  • «الجارديان»: «ترامب» يهدد آمال «غزة» فى إعادة الإعمار
  • «ترامب».. لا بد منه!
  • قضية القضايا
  • عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب
  • سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!
  • هلاوس ترامب
  • انطلاق أعمال اجتماع الـ 61 للجنة كبار المسؤولين العرب المعنية بالأسلحة النووية بالجامعة العربية