الكل يريد إنهاء الحرب فى غزة.. دول الجوار المتضررة على الصعيد الاقتصادى.. أمريكا التى تضررت صورتها بشكل غير مسبوق.. الاتحاد الأوروبى الذى تضاربت مواقف الكثير من الحكام فيه مع شعوب لا تتوقف عن التظاهر ضدهم.. فيما تحول مخاوف أطراف الصراع من إعلان انتصار الآخر دون الإسراع بإنهاء الحرب التى ستنتهى قريباً رغم أنف نتنياهو وحكومته.

الجميع فائزون تحت هذا العنوان تلوح فى الأفق إرهاصات عقد صفقة جديدة لوقف الحرب على غزة، والصفقة تطبخ حالياً على نار يأس حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية من تحقيق أى نصر ولو معنوى على المقاومة.

الصفقة دخلت مرحلة جديدة بعد تسريب معلومات عن اتفاق مفاوضين من إسرائيل وأمريكا ومصر وقطر، فى باريس، على هدنة طويلة الأجل رغم تحفظ إسرائيل على بنودها لكن هناك تسارعاً لجهود حل العقد الأخيرة التى تحول دون اكتمالها.

هناك هالة من الغموض حول التفاصيل الكاملة والتسريبات متضاربة، فهناك من يقول إنه سيتم إطلاق سراح إسرائيلى واحد يومياً مقابل 30 فلسطينياً، على أن تتضمن المرحلة الثالثة ضباطاً إسرائيليين محتجزين فى غزة وانسحاب إسرائيل خارج مدن القطاع والتمركز عند نقاط حدودية، ويبدو أن قيادات حماس فى الخارج توافق على ما يتم بحثه لكنها تنتظر رد قادة الحركة فى غزة للقفز نحو الخطوة التالية.

تسريبات اجتماع باريس تقول إن الاتفاق يشمل وقفاً تدريجياً لإطلاق النار أو هدنة لمدة 45 يوماً، وإيصال المساعدات لسكان القطاع، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين وإطلاق المحتجزين الأمريكيين والإسرائيليين المتبقين فى غزة على مراحل، والبدء بالنساء والأطفال.

الاتفاق تم على مخطط من 3 مراحل سيتم عرضه على حركة حماس، المرحلة الأولى تتضمن الإفراج عن 40 رهينة إسرائيلية، منهم نساء ورجال فوق سن الستين وفى حالة صحية خطرة، والثانية إطلاق سراح الرجال من الجنود والمدنيين الذين تقل أعمارهم عن 60 عاماً، والثالثة تشمل جثث المحتجزين لدى حماس.

وسائل إعلام إسرائيلية أكدت أن مجلس الحرب ناقش الصفقة المطروحة، وتشمل إطلاق سراح بين 100 و250 أسيراً فلسطينياً مقابل كل محتجز إسرائيلى لدى حماس.

وفى ظل حالة التضارب المثارة أعلنت القناة 13 الإسرائيلية أن تل أبيب انتهت من صياغة نصوص صفقة من 3 إلى 4 مراحل، تتضمن تغيير انتشار الجيش فى قطاع غزة والانسحاب من بعض المناطق دون إنهاء الحرب بل وقفها لمدة شهرين، يتم خلالها إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين فى غزة وعددهم يزيد على 130 محتجزاً.

ويبدو أن تحقيق توافق حول هذا الاتفاق قد يكون السبيل الوحيد لوقف الحرب فى غزة، لأن الصفقة تشمل فى المرحلة الأولى إطلاق حماس سراح النساء المتبقيات لديها والرجال من كبار السن، وفى المرحلة الثانية يتم إطلاق المحتجزين الأصغر سناً والشباب، وفى الثالثة إطلاق الجنود والجثث التى تحتفظ بها حركة حماس، مع إعادة انتشار القوات الإسرائيلية، بحيث تخرج من المناطق السكنية الرئيسية مع العودة التدريجية للفلسطينيين إلى المناطق التى نزحوا منها شمال القطاع.

الصفقة قد لا تتم لأن تل أبيب قد لا توافق على إنهاء الحرب كلياً وإطلاق جميع الأسرى الفلسطينيين، لكن بنيامين نتنياهو نفسه أعلن صاغراً خلال لقاء مع عائلات المحتجزين بغزة أنه يعمل على صفقة لإطلاق ذويهم دون الكشف عن تفاصيلها، ورغم تأكيده لعائلات الرهائن أنه مستعد لتقديم تنازلات معقولة مقابل الصفقة، لكنه يرفض طلب حماس وقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلى من غزة.

توقيت صفقة وقف الحرب قد يكون اقترب أكثر من أى وقت مضى استجابة للضغوط الأمريكية والإقليمية المتواصلة، ويسعى الوسطاء لإتمامها بصيغة الجميع منتصرون، لتخدم كلا الطرفين، لأنه لو حدث ذلك سيعتبر نجاحاً للحكومة الإسرائيلية فى عودة الرهائن لأسرهم وتخفيف الضغط على نتنياهو، وبالنسبة للفصائل الفلسطينية ستكون فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم الصفوف، لكن كلا الجانبين يبحث عن نهاية للحرب وفق شروطه تضعه فى خانة المنتصر وهو ما يعرقل عملية الإخراج الدبلوماسية.

وعلى النقيض من الجهود الدبلوماسية تظهر بعض الأصوات لتؤكد أن إسرائيل لن توقف الحرب قبل هزيمة أو استسلام حماس، لأنها فى حرب وجودية وتراجعها أمام حماس سيقوض أركان الدولة العبرية ووقف القتال لمدة شهرين سيسمح لحماس بالتقاط أنفاسها ما يعرض المزيد من جنود جيش الاحتلال للخطر بعد عودة القتال.

وفلسطينياً.. تريد حماس إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين ووقف الحرب بشكل كامل وانسحاب الجيش الإسرائيلى من القطاع واستمرارها فى الحكم، وستتمسك بملف إطلاق سراح جميع الأسرى وفق مبدأ «الكل أمام الكل»، ولن تتنازل عنه بعد كل هذا الدمار الذى حل بالقطاع المنكوب.

أمريكياً.. الولايات المتحدة تدعم هدنة إنسانية أطول فى غزة، لضمان إطلاق سراح المحتجزين وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع، وترى أن المقترح المطروح على الطاولة قوى ومقنع.

وحسب مسئولين إسرائيليين فإن العدد الإجمالى للأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم مقابل الرهائن، قد يتراوح بين 4 و5 آلاف أسير فى سجون الاحتلال، منهم أسرى مدانون بقتل إسرائيليين، وهو ما يمثل ضغطاً هائلاً على تل أبيب وصقورها المتعطشين إلى المزيد من الدماء.

وعلى المستوى السياسى يرى مراقبون أن ما يصدر عن الإعلام الإسرائيلى بشأن صفقة مرتقبة هدفه ترضية أهالى الرهائن وامتصاص غضبهم من عجز الحكومة وفشلها فى استعادتهم طوال ما يقترب من 4 شهور، رغم أن حماس قدّمت مبادرات وأفكاراً محددة، بشأن اتفاق وقف إطلاق النار، لكنها قوبلت بالمراوغة من بنيامين نتنياهو، لأنه له مصلحة فى استمرار الحرب، ومتحمس لما هو أبعد من الحرب، سواء فى طموحات الاستيطان أو بقاء قوات الاحتلال فى غزة خوفاً من أن يقود وقف الحرب نتنياهو وصقوره إلى محاكمات تضعهم خلف قضبان السجون.

الواضح أن الصفقة جاهزة لكن إبرامها سيبقى مرهوناً بحجم التنازلات التى يمكن أن يقدمها كل طرف، فحماس تريد فرض شروطها وتحقيق أعلى قدر من المكاسب يعوض حجم الدمار الهائل والخسائر البشرية الرهيبة جرَّاء العدوان على غزة، وإسرائيل تحاول حفظ ماء وجهها القبيح بتقليل حجم التنازلات حتى لا تشتعل الأوضاع داخلها أكثر مما هى مشتعلة الآن.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: غزة نتنياهو الاتحاد الأوروبى حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية إطلاق سراح وقف الحرب فى غزة

إقرأ أيضاً:

عاجل - أسير إسرائيلي يهاجم نتنياهو وبن غفير ويستغيث من "جحيم غزة": "أوقفوا الحرب وأبرموا الصفقة"

بثت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، اليوم الأربعاء، مقطع فيديو يظهر فيه جندي إسرائيلي أسير لديها، يشن خلاله هجومًا لاذعًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بالإضافة إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

ويتعلق الفيديو بالأسير الإسرائيلي بارون بارسلافسكي، البالغ من العمر 21 عامًا، وينحدر من مدينة القدس، حسب ما ظهر في المقطع المصور الذي نشرته سرايا القدس.

حماس: فقدنا الاتصال بمجموعة تحتجز الجندي ألكسندر بعد قصف مباشر بعد اعلان حماس فقدان الاتصال بآسري الجندي الأمريكي الإسرائيلي.. من هو عيدان ألكسندر؟ بارسلافسكي يحمل نتنياهو مسؤولية بقائه في الأسر

حمّل بارسلافسكي رئيس الحكومة الإسرائيلية مسؤولية عدم الإفراج عنه في أي صفقة تبادل أسرى مع المقاومة الفلسطينية، موجّهًا رسالة مباشرة لنتنياهو قال فيها:
"دمي في رقبتك يا نتنياهو".

وحذّر الجندي الأسير من الخطر الداهم الذي يهدد حياته مع استمرار القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، قائلًا: "القنابل تتساقط يوميًا، وقد تسقط إحداها فوق رأسي". كما وصف الوضع داخل القطاع بأنه مدمر تمامًا، مضيفًا: "غزة باتت مدمرة، ولم يبقَ منها شيء نهائيًا".

مطالبات بوقف الحرب واتهامات بالكذب

طالب بارسلافسكي رئيس الوزراء بوقف الحرب التي وصفها بـ "الغبية"، مؤكدًا أنها لن تعيد الأسرى بل ستجلب الموت والألم والدماء فقط. وهاجم محاولات الضغط العسكري لاستعادة الأسرى، معتبرًا أنها محاولات فاشلة لن تنجح أبدًا، وقال بنبرة تحدٍّ:
"لا توجد أي فرصة في هذا العالم ستُخرجني من الأسر بالضغط العسكري، توقف عن الكذب".

كما حذّر من تنفيذ أي عملية عسكرية تهدف إلى استعادة الأسرى، موضحًا أن مقاتلي سرايا القدس سيقومون بتفجير المكان فور علمهم باقتراب القوات الإسرائيلية.

 

استغاثة وانهيار: "من أنتم لتقرروا من يموت؟"

أظهر الفيديو لحظة انهيار نفسي تام للجندي بارسلافسكي، حيث خاطب نتنياهو مستغيثًا:
"رجاءً أخرجني من هنا.. أوقف هذا الكابوس"، وتساءل بانفعال:
"من أنت حتى تختار من يموت ومن يبقى حيًا؟ أين فتوى فداء الأسرى؟ ألسنا بشرًا؟"

وانتقد بشدة تركيز الحكومة الإسرائيلية على الجندي الأميركي الإسرائيلي ألكسندر عيدان، متسائلًا:
"من هو؟ هل هو أفضل مني؟ أنا لست من الفئة زد (Z)"، في إشارة إلى شعوره بالإهمال.

واعترف بارسلافسكي بأنه منح صوته لبن غفير في الانتخابات الأخيرة، لكنه قال إنه لم يصوت له ليتركه يموت في غزة، مما يعكس شعوره بالخيانة من قبل القيادة السياسية التي دعمها.

مناشدة لترامب وانتقادات للسياسات الأميركية

وجّه الأسير الإسرائيلي رسالة إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مطالبًا إياه بالتحرك للإفراج عن الأسرى، مشيرًا إلى وعوده السابقة بذلك في حال توليه الحكم، كما استهجن عدم صدور أي أوامر أميركية لوقف الحرب الدائرة في غزة.

جحيم الأسر ومعاناة إنسانية يومية

كشف بارسلافسكي عن تفاصيل مأساوية لمعاناته اليومية، مؤكدًا أنه يعيش منذ عام ونصف في "جحيم لا ينتهي" وسط نقص شديد في الطعام والشراب والرعاية الطبية.

وقال إن حالته الصحية "صعبة للغاية ولا يمكن تصورها"، مشيرًا إلى ظهور بقع حمراء على جسده تسبب له حكة مستمرة دون معرفة السبب.

وأضاف أنه ينام والفئران والحشرات تمشي فوق رأسه وعلى قدميه، كما وصف حياته بأنها "ظلام دامس بلا شمس أو هواء نقي" منذ السابع من أكتوبر 2023. 

وطالب الحكومة الإسرائيلية بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع لتحسين أوضاع الأسرى.

جمود في ملف التبادل واستمرار العدوان

يُذكر أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، والتي استمرت 42 يومًا وانتهت في مارس الماضي، شهدت إطلاق سراح 33 أسيرًا إسرائيليًا (25 حيًا و8 جثامين) مقابل إفراج المقاومة عن قرابة ألفي أسير فلسطيني، من بينهم أصحاب أحكام عالية ومؤبدات.

ورغم التزام الفصائل الفلسطينية بالاتفاق، تنصلت إسرائيل من استكمال المرحلة الثانية، لتستأنف عدوانها على غزة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 50 ألف فلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023، وفقًا لمصادر حقوقية فلسطينية.

وبحسب التقديرات الإسرائيلية، لا يزال هناك 59 أسيرًا إسرائيليًا لدى المقاومة في غزة، من بينهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من 9500 أسير فلسطيني يتعرضون لـ "التعذيب والإهمال الطبي وسوء المعاملة"، ما أدى إلى وفاة عدد كبير منهم، وفق تقارير إعلامية وحقوقية.

مقالات مشابهة

  • حماس تستبعد “صفقة جزئية” والمعارضة تتهم نتنياهو بإفساد المفاوضات
  • بوتين خلال استقباله أسيرا إسرائيليا سابقا في غزة: يجب أن نشكر حماس
  • حماس تستبعد صفقة جزئية والمعارضة تتهم نتنياهو بإفساد المفاوضات
  • بوتين: روسيا ستبذل كل ما بوسعها لعودة بقية المحتجزين من غزة |فيديو
  • ديوان نتنياهو: رئيس الوزراء وجه بمواصلة الجهود الرامية إلى إطلاق سراح الأسرى
  • شقيق الأسير الإسرائيلي “أفيناتان أور”: نتنياهو يملك قرار الصفقة والحل هو تنفيذها ووقف الحرب
  • عاجل - أسير إسرائيلي يهاجم نتنياهو وبن غفير ويستغيث من "جحيم غزة": "أوقفوا الحرب وأبرموا الصفقة"
  • بن جفير: لا مبرر لإدخال مساعدات إلى غزة إلا بعد إطلاق سراح جميع المحتجزين
  • نتنياهو يؤكد إصراره على أن تفرج "حماس" عن بقية الرهائن المحتجزين
  • نتنياهو يتصل بماكرون ويرفض تصريحاته عن الحق الفلسطيني.. والرئيس الفرنسي يرد