ثقافة الفراغ السياسي من قمة سرت 2010 إلى طوفان الأقصى 2023
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
دكتور حسن زيد بن عقيل
02 فبراير 2024
انعقدت قمة سرت 2010 وكان لدى القادة العرب شكوك حول نجاح ” مفاوضات السلام مع إسرائيل “. وكانت مخاوفهم من تداعيات تهويد القدس واستكمال حربي نكبة 1948 ونكسة 1967. ومن مخرجات قمة سرت 2010، انقسام القادة العرب إلى ثلاث مجموعات، فيما يتعلق بتطوير آليات العمل العربي المشترك.
الفريق الأول : بقيادة ليبيا واليمن، يريد تسريع وتيرة الإصلاحات ويقترح تحويل الجامعة إلى اتحاد و مفوضيات .
المجموعة الثانية : على العكس من ذلك، يرفضون تسريع وتيرة الإصلاحات، معتبرين أن الظروف غير مهيأة الآن.
أما المجموعة الثالثة، بقيادة مصر، فتدعو إلى تطوير العمل العربي المشترك، على أن يتوافق مع الوضع العربي القائم، أي الإصلاح التدريجي.
وفي قمة سرت أعطى الزعيم الليبي الكلمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس للحديث عن الملف الفلسطيني، لكن في تلك اللحظة انقطع البث التلفزيوني وتم الإعلان عن تحويل الجلسة من مفتوحة إلى مغلقة خوفا من الفضائح . كشف صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية للجزيرة أن من بين البدائل المطروحة مناشدة الإدارة الأمريكية الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967، بالإضافة إلى إمكانية الذهاب إلى مجلس الأمن للاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية. وأكد عباس على أن السلطة الفلسطينية تريد وقفا كاملا للأنشطة الاستيطانية وليس تجميدها. وفي ختام القمة أعرب موسى الامين العام للجامعة العربية عن نفاد صبر الزعماء العرب ازاء عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية وحذر من أنه إذا لم يتم تحقيق تقدم قريبا فإن الجامعة العربية ستركز على مقترحات البدائل..لحل الصراع. ومن بينها، كما أفاد مراسل الجزيرة، ما قدمه ” الأسد ” الذي أكد على ضرورة دعم المقاومة الفلسطينية، واعتبر المقاومة خيارا استراتيجيا للعرب والفلسطينيين، وهو ما رفضه عباس وأكد أهمية التمسك بالخيار السلمي . وذكرت مصادر صحفية أن البعض أثار احتمال سعي العرب لامتلاك الأسلحة النووية إذا لم تلتزم إسرائيل خلال فترة زمنية معينة بالانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والخضوع لنظام الضمانات الذي تطبقه الوكالة الذرية. كما اتفق الزعماء العرب على البدء في تشكيل رابطة إقليمية تضم الأصدقاء الإقليميين لدول الجامعة العربية، تسمى رابطة الجوار العربي. وأضاف موسى أنها تضم إثيوبيا وتشاد وإيران وتركيا، باستثناء إسرائيل من هذه المجموعة. ودعا إلى حوار عربي إيراني، وقال إن العرب يتقاسمون الجغرافيا والتاريخ مع إيران.
وفي أول رد فعل إسرائيلي على القمة، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن القمة لم تساعد في دفع عملية السلام. خلال هذه الفترة، من 2010 إلى قمة بغداد 2012، تمت الإطاحة بأربعة زعماء عرب: فر زين العابدين بن علي إثر الاحتجاجات الشعبية عام 2011، وانتهى الأمر بحسني مبارك في السجن، وخلع علي عبد الله صالح من السلطة، ومعمر القذافي قتل وتشويه جثته. و الرئيس بشار الأسد واجه حرباً ضد تمرد شامل. وبالفعل كان العرب يمزحون قائلاً لو انعقدت قمة عام 2011 ( التي تم تأجيلها عدة مرات) لتقدم الرؤساء العرب رسمياً للمحاكمة . ومع خوف الزعماء العرب من مواقعهم في السلطة، تجذرت ” ثقافة الفراغ السياسي “، وانتشر مفهوم ما أعلنه الرئيس أنور السادات في تصريحه الشهير بعد ” حرب العبور” بأن ” 99% من أوراق الحل في الشرق الأوسط في يد أمريكا ” وهذا غير صحيح : الحل في أيدي العرب و في قدرتهم على تغيير الحقائق.
وبعد قمة سرت، بدأت الاضطرابات المعروفة باسم “الربيع العربي” بالظهور في العالم العربي. علاوة على ذلك، تميزت هذه المرحلة بتدمير هياكل السلطة القديمة، وفي الوقت نفسه، تم تعزيز دور القوات المسلحة – أساس الاستبداد ودعم الحركات السياسية الإسلامية. ومن نتائج الربيع العربي إضعاف وإخراج دول مهمة في المنطقة، مثل العراق ومصر وسوريا واليمن، من معادلة القوى الإقليمية. وحلت محلها دول مجلس التعاون الخليجي (دول وظيفية أنشأتها أوروبا وأميركا ولا تستطيع أن تعلو فوقها)، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لملء الفراغ الذي تركته هذه الدول العربية الكبيرة والحد من دور الدول غير العربية (تركيا وإيران). ورغم كل الجهود الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية التي بذلها السعوديون والإمارات، فإن هذه السياسات الطموحة لم تساعدهم على تحقيق أهدافهم ومصالحهم، وفشلت في إيجاد توازن مع إيران وتركيا. نعم، السعودية والإمارات عملاقان اقتصاديان، لكنهما تفتقدان الرؤية المدنية، وتفتقران إلى القدرات العسكرية الوطنية، وتعتمدان على المرتزقة العسكريين والخبرات والقوى البشرية الوافدة ، لذا ليس لديهما أي فرصة لحل أي أزمة في المنطقة. كما ذكرنا، فهي دول وظيفية مهمتها القيام بما لا تستطيع الدول الأوروبية أو أمريكا القيام به علناً في المنطقة، أو تتحمل مسؤوليته لأسباب مختلفة، مثل الوظائف التي تخالف المواثيق والأخلاقيات الدولية، على سبيل المثال، عدوان التحالف السعودي الإماراتي على اليمن والعدوان الإماراتي والتخريب في ليبيا والسودان، أو تجنب أي عمل ينطوي على مواجهة يمكن أن تؤثر على المشاعر الوطنية أو الدينية،مثل توفير الغذاء لإسرائيل و عدم توفيره للسكان الجائعين في غزة.
دول الخليج هي دول وظيفية مثل دولة إسرائيل، ولكن بمستوى أدنى. ونظراً لانعدام الثقة . لنتأمل هنا تقييم السيناتور الأمريكي كريس مورفي للسعودية والإمارات : لقد أساء كلا الشريكين استخدام الأسلحة في الماضي وقد يستخدمانها بشكل عدواني في المستقبل. وتشير التقارير إلى أن الإمارات قامت بالفعل بنقل أسلحة بشكل غير قانوني إلى الميليشيات السلفية في اليمن. لكن الأمور تتغير بسرعة في الشرق الأوسط، ولنكن صادقين، لا يمكننا أن نعرف على وجه اليقين ما ستفعله دول الشرق الأوسط بالأسلحة التي بعناها لهم.
في حين أن مكانة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في السياسة الأميركية، وفي الإدارات اللاحقة، تعتمد على قدرات ومقومات القوة العالمية التي تمتلكها إيران، وعلى موقعها ودورها المهم والمؤثر، إيجابا وسلبا، في العديد من القضايا الإقليمية. فإيران مؤهلة للمساهمة إيجاباً أو سلباً في المصالح الأميركية، سواء في الشرق الأوسط أو الخليج العربي أو آسيا الوسطى. وهذا يعتمد على نوعية العلاقة بين الجانبين: فإيران تمتلك قدرات مدنية وعسكرية وجغرافية واقتصادية وبشرية تؤهلها لأن تكون قوة إقليمية مؤثرة في المستقبل. وهذا يعزز سعيها لامتلاك القدرات النووية السلمية وربما الأسلحة النووية في المستقبل.
شعرت عواصم دول مجلس التعاون الخليجي مؤخراً بثقل إيران في الاستراتيجية والجيواستراتيجية الأمريكية (غير المعلنة) في الشرق الأوسط، خاصة في ظل إدارة أوباما وبعد الاتفاق النووي الإيراني عام 2015. وتركت دول مجلس التعاون الخليجي الستة وإسرائيل حيرة بشأن السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط ودفعتهم للتفكير في تطوير علاقاتهم السرية . لكنهم فشلوا في إقامة علاقات دبلوماسية مباشرة مع بعضهم البعض. وأظهرت هذه العلاقات عدداً من المصالح المشتركة (التي لم تكن على مستوى القيم)، وبالتالي لم يصل التعاون إلى مستوى إعادة بناء نظام إقليمي بالتعاون مع إسرائيل. لاحقاً، حاولت الإدارة الأميركية بالتعاون مع تل أبيب القيام بعدة محاولات للتمهيد لإنجاح العلاقات الإسرائيلية الخليجية، لتكون بمثابة جسر للعلاقات العربية الإسرائيلية، على أن تتجاوز القضية الفلسطينية. بدأت هذه الخطوات التمهيدية بما يسمى «اتفاق القرن»، ثم مع «اتفاقيات التطبيع»، وأخيراً مع «اتفاقيات إبراهيم». والهدف هو خلق الأمن والاستقرار الإقليميين لإسرائيل، وهو ما يمثل أولوية في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وشعر الفلسطينيون أن الجميع يغض الطرف عنهم. ماذا يمكنهم أن يفعلوا وهم محتلون ومحاصرون؟ وجاء طوفان الأقصى ردا على ذلك، ليذكر إسرائيل والولايات المتحدة والعالم بأن ثقافة الفراغ السياسي انتهت الآن، وفلسطين لا تزال حية ومهمة.
كاتب و محلل سياسي يمني
المصدر: موقع حيروت الإخباري
كلمات دلالية: فی الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
إسرائيل وخطة الهيمنة على الشرق الأوسط
منذ عدة أيام، كثّفت إسرائيل غاراتها على طرطوس، مواصلةً نهجها التصعيدي الذي يعكس شهيتها المفتوحة للعدوان. وقبل ذلك بأسبوع، خرج نتنياهو في مؤتمر صحفي، مستعرضًا ما وصفه بإنجازات إسرائيل خلال العام الماضي، أو بصياغة أدق، مستعرضًا إنجازاته هو وأفضاله على إسرائيل، ولماذا يتوجب عليها التمسك به، وهو من يستطيع إدارة الأزمات، مهما استفحلت، بحزم وقوة.
اللافت أنه أبقى كل الملفات مفتوحة، رغم أنّه يستطيع إغلاقها، على الأقل ملفّ لبنان الذي أنجز فيه اتفاقية مبرمة، محددة المعالم. ولكن بطبيعة الحال، كان نتنياهو يحاول أن يشير إلى أن إسرائيل ما زالت تحتاج إليه، وهذا ما كان يعنيه عندما صرّح بكلمات واضحة أنه: "يأمل أن إسرائيل سوف تبقى في المستقبل إلى الأبد". فهو يقول بطريقة غير مباشرة: إن هذا كله منوط بخياراتكم وتعاملِكم معي أنا "المخلّص".
لكن بعدها بيوم واحد فقط، يقف نتنياهو على منصة الاتهام، ليذكره هذا بأن ما تبقّى أمامه ليس سوى سنوات قليلة، قد تكون ثلاثًا لا أكثر، (إذا لم تتدخل أي عوامل خارجية) ليصدر القرار الحاسم لحياته السياسية. أضف إلى ذلك أنه سوف ينهي العقد الثامن، وبالتالي يتوجب عليه أن ينهي ميراث حياته السياسية.
إعلاننتنياهو كان واضحًا، على الأقل في الأشهر الأربعة الأخيرة، أن إسرائيل، أو لنسمّه مشروع نتنياهو، يتمثل في خطوتين: الأولى هي بسط نفوذ إسرائيل بالكامل ما بين البحر والنهر، وبات واضحًا أن هناك مطامع حقيقية في ألا تخرج إسرائيل القطاع عن سيطرتها.
وهو كذلك لم يخفِ أبدًا طمعه في أن تكون إسرائيل ذات سيادة وهيمنة داخل الشرق الأوسط.
ثم تأتي سوريا. يسقط نظام الأسد، حامي حمى جبهة إسرائيل منذ عام 1974. فهذه الحدود (حدود هضبة الجولان المحتل) كانت تعتبر الأهدأ إسرائيليًا منذ ذلك التاريخ، بل وأكثر هدوءًا من حدود إسرائيل مع الأردن ومصر بعد اتفاقيات السلام. بلغة مكتوبة أو غير مكتوبة، كان من الواضح أن هناك تفاهمات مبيّتة بين النظام المخلوع وإسرائيل، وأن إسرائيل تقدّر جهود النظام في كبح جموح الفلسطينيين وثوّار الفلسطينيين، كما كان واضحًا في محطات تاريخية مهمة.
ومع ذلك، لم تكن إسرائيل راضية أبدًا عن "أوتوستراد طهران- الضاحية الجنوبية". وبالتالي، كان جُلّ استباحتها واستهدافها للأجواء السورية يقتصر فقط على ضرب هذا الأوتوستراد، ضمن شروط "حق الرد" السوري الأسدي في الزمان والمكان المناسبين.
لهذه الأسباب تحديدًا، عندما تحرك الثوار جنوبًا، دخلت إسرائيل إلى كابينتها على مدار ليالٍ متواصلة، تحاول فحص السيناريوهات المحتملة لتعاملها مع الوضع السوري القادم. فالوضع القائم سوف يكسر، والسيناريو المفضل لإسرائيل هو أن تتحول سوريا إلى ساحة حرب أهلية مليئة بالدماء تؤرّق أرواح السوريين ومشاريعهم بالاستقرار، وألا تؤتي هذه الثورة ثمارها.
ولهذا السبب، يمكن القول إن الخطوات الإسرائيلية، بمختلف مسمياتها، أتت لتنغّص على السوريين فرحتهم بمنجزات ثورتهم السلمية، محاولةً سلبهم الشعور بالأمن من خلال سيناريوهات الحرب الأهلية، والدماء، والاقتتال في الشوارع، الذي كان في حالته الصغرى داخل سوريا، مذكّرةً إياهم بسيناريوهات ثورات الشرق الأوسط.
إعلانولكن هذا ليس كل شيء. فالأراضي الجديدة التي احتلتها هي سلوك استفزازي يهدف لجس نبض الحركات الثورية في سوريا من جهة، ولتقول لهم عبر الضربات التي قامت بها: "ما كان هو ما سيكون، بل وأكثر". فحالة الهيجان الأمني واستباحة الحرمات السورية بشكل مستفز تسعى من خلالها إسرائيل إلى محاولة إشعال فتنة أمنية، وإيقاظ ربما بعض الجهات التي ما زالت صامتة.
يجب أن نتذكر أيضًا أن هناك ساحة خلفية تتقنها إسرائيل، وهي ساحة الاستخبارات الرمادية، وهي تستخدمها لتُفعّل بشكل نشط فتنتها داخل سوريا، فيتم تهويل أي بيان تمردي، وإن كان بلا رصيد مثلًا. لأن ما تسعى إليه هو خلق حرب أهلية تفضي إلى دويلات متناحرة لا تشكل أي تهديد على أمنها، تمامًا كما كان الوضع مع النظام السابق، بل وربما لتنسيهم تمامًا أن هناك جولانًا سوريًا محتلًا.
وهذا ما عبر عنه نتنياهو في دكتاتورية صارخة، عندما أعلن أنَّ اتفاقية فض الاشتباك الموقّعة عام 1974 لاغية. ففي دولة تعتبر نفسها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، يجب أن يُتّخذ قرار إلغاء الاتفاقيات عبر برلمانها، وبعد تدارس في الغرف المغلقة، وليس عبر إعلان فردي في مؤتمر علاقات عامة صحفي. فيقول إن الجولان تم احتلاله من الجمهورية العربية السورية، التي باتت من الماضي، وإن إسرائيل ستتعامل مع الحالة السياسية القادمة أيًّا كانت.
في سيناريوهات الدويلات، هي تنفّذ مشروعها الأحب القديم الجديد، ألا وهو دولة أقليات حليفة داخل الشرق الأوسط؛ دولة الأكراد. لطالما عملت إسرائيل على هذه الخطة منذ ستينيات القرن الماضي، وربما في العشرين عامًا الأخيرة كان هناك نشاط أكبر لهذه الخطة، بعد حرب الخليج الثانية، ففي هذا السيناريو هي تزعج العرب من جهات عدة.
يجب ألا ننسى أيضًا، وهذا هو الأهم، أن الحالة الإسرائيلية- الإيرانية لطالما كانت رومانسية على مدى الثلاثين عامًا الأولى. ففي فكرها التقسيمي، هي تؤمن بأنها يجب أن تُجزِّئ الشرق الأوسط إلى أقليات لتشكّل تحالفًا أمام الهيمنة القومية العربية بالمفهوم القومي.
إعلانوبعيدًا عن انشغالها الدائم بإشعال النعرات الطائفية، يجب أن نتذكر أنه في حالة وجود دويلات طائفية متناحرة، هناك سباق تسلّح، ولطالما كانت إسرائيل، في حالة النزاعات في الشرق الأوسط، تلتقط الفرصة لتسليح طرف ضد آخر؛ لتحقيق أهداف إستراتيجية بعيدة، وهذا ما قامت به مع نظام إيران الملالي ضد العراق، وفي الحرب الأهلية اليمنية ضد الجيش المصري.
فضرباتها اليوم للبنى التحتية العسكرية تأتي في سياق خلق سباق تسلّح تكون هي المسيطرة عليه، تشتري عبره الولاءات من أشباه الدويلات المتناحرة، التي ستملك بصعوبة بضع بنادق كلاشينكوف بطبيعة الحال.
ومن هذه النقطة تحديدًا نذهب إلى سيناريو الدولة السورية المتحدة، ففي ضرب البنية التحتية، تضمن إسرائيل ألا تُشكّل هذه الدويلة بأي شكل من الأشكال خطرًا على مقدّرات إسرائيل الإستراتيجية، حتى وإن كنا نتحدث عن أسلحة أكل الدهر عليها وشرب، ولا تضاهي التهديد العسكري الإسرائيلي المحدق بكل هذا الشرق.
ففي رؤيتها، تسعى أن تكون هذه الدولة تابعة، وليس بالضرورة أن يكون التطبيع عبر اتفاقيات واضحة، بل يمكن أن يكون عبر دولة محايدة وتابعة، أقرب ما يكون الوضع مع النظام السابق، بل وأكثر، دولة مرتبطة بإسرائيل في سباق التسلّح: الكم والكيف وما إلى ذلك من تبعيات.
أما عن السيطرة على الأرض، فهي ورقة مفاوضات واضحة تحاول إسرائيل من خلالها أن تفاوض الدولة العتيدة على اتفاقيات أيًّا كانت، من خلال عقيدتها، العقيدة الإسرائيلية الباهتة، عقيدة "الأرض مقابل السلام".
وسوف تحاول بهذه الإستراتيجية أن تحقق مثل هذه الشروط، وواضح أنها ستحاول أن تملي وتفرض شروط رضوخ، والأهم من هذا كله هو تنازل الدولة العتيدة السورية عن هضبة الجولان المحتل بالكامل، أو قد يكون ذلك جزءًا من المناورة أمام إدارة ترامب في تحصيل خطة الضم في الضفة الغربية.
إعلانوفي زيارة قد ترمز إلى نهاية مرحلة من التعقيدات الميدانية الإسرائيلية، في لبنان، وسوريا وفلسطين، يقف نتنياهو على أعلى قمة احتلتها إسرائيل في جبل الشيخ السوري، مؤكدًا أن قوات الاحتلال ستبقى في هذه النقطة حتى يتم التوصل إلى ترتيب يضمن ما سماه أمن إسرائيل.
هذه التصريحات تعكس نية إسرائيل في تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، خاصةً بعد سقوط النظام المخلوع في سوريا، وتؤكد على أهمية جبل الشيخ كمنطقة إستراتيجية لنوايا إسرائيل المبيّتة، هيمنة غير قابلة للتشكيك ما بين النيل والفرات، تحت ذريعة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وكأن العربي مسلوب هذا الحق مهما استُبيحت حقوقه.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية