استغرق فيلم "شماريخ" عاما ونصف العام من الجهود المكثفة والتحضيرات الشاقة، أما الفكرة فعمرها 15 عاما، وفقا لتصريحات المخرج عمرو سلامة متحدثا عن العمل لوسائل الإعلام، ورغم ذلك جاءت النتيجة أشبه بقصاصات ومقتطفات من أعمال أجنبية شهيرة.

قصة الفيلم

يحكي العمل عن رؤوف الابن غير الشرعي لأحد كبار تجار المخدرات الذي يختبئ خلف تجارة الألعاب النارية، يسعى رؤوف طوال الوقت لجعل والده فخورا به لعله يعترف به رسميا، للدرجة التي تجعله يعمل لديه قاتلا مأجورا في سبيل الحصول على محبته ورضاه.

غير أن حياته تنقلب تماما حين يذهب لاغتيال أحد المحامين، وقبل الانتهاء من المهمة تصل ابنته التي تُفاجأ بجثة والدها غارقة في الدماء فتنهار، وبدلا من أن يتخلص البطل منها أيضا يمنحها فرصة النجاة بل وينقذ حياتها بنفسه.

وهنا تزداد الأمور تعقيدا، إذ يأمره والده بالعودة لقتلها إذا ما أراد الحصول على ما تمناه عمرا بأكمله، وعلى غير المتوقع يجد البطل شيئا داخله يمنعه من ارتكاب تلك الجريمة.

يتزامن ذلك مع محاولة أخيه غير الشقيق إنهاء حياة والدهما قبل أن يعترف برؤوف، والتخلص من الأخير شخصيا، الذي يجد نفسه فجأة وقد صار مُطاردا هو وابنة المحامي من قبل العصابة نفسها. هكذا يتقاطع طريقهم معا مرة أخرى ويبدؤون مغامرة مليئة بالحركة والعنف والكثير من الدماء مع القليل من الرومانسية.

أمينة خليل وآسر ياسين بطلا فيلم "شماريخ" (مواقع التواصل الاجتماعي) جون ويك

سلسلة "جون ويك" (John Wick)، وفيلم "نظرية المؤامرة" (Conspiracy Theory)، وفيلم "المصارع" (Gladiator)، هي بعض الأعمال العالمية التي يسهل تتبع الأجزاء المقتبسة منها بفيلم "شماريخ". مثل القاتل المأجور سريع الانفعال والمحب بشدة لكلبه، أو وقوع القاتل المُكلّف باغتيال إحدى الشخصيات، في حب ابنته، أو محاولة الابن التخلص من الأب لمصلحته الشخصية، على الترتيب.

بسبب ذلك الاستنساخ المقتطع وغيره من أعمال أخرى، لم يملك الفيلم بصمة خاصة أو طابعا مصريا أصليا، والأسوأ أن الفيلم تضرر بأن صارت حبكته الدرامية مفككة وضعيفة ومليئة بالثغرات للدرجة التي جعلت كثير من المشاهدين يصفون الأحداث بغير المنطقية.

الأخيار لا يموتون

على المستوى الفني، جاء الحوار شديد السطحية، وتراوح التمثيل بين العادي والضعيف في غياب للتناغم والكيمياء بين الأبطال خاصة الرئيسيين، ربما، باستثناء محمود السراج وآدم الشرقاوي، اللذين قدما شخصيتين غير تقليديتين، وإن كان الأخير بالغ بعض الشيء في اختيار هيئته الشكلية.

وعلى مستوى الحركة والمعارك، يمكن وصف إخراجها بالجيد وإن كانت المعارك نفسها بدت ساذجة دراميا، إذ انتصر آسر ياسين بكل معاركه مهما كان عدد من يواجههم وحده أو كم الأسلحة التي بحوزتهم أو حقيقة كونه محتجزا وأمامه أكثر من تحدي.

أما الفنيات الإيجابية بالعمل، فقد تمثلت في الموسيقى التصويرية التي أبرزت حالة التوتر والانفعال والقلق خلال الأحداث، والمونتاج الجيد الذي ساعد على زيادة سرعة الإيقاع بالعمل دون الشعور بالملل، بالإضافة إلى اللجوء للفلاش باك (للاسترجاع) بطريقة ذكية ومحدودة دون إفراط أو استسهال.

إخراج المعارك في فيلم "شماريخ" يمكن وصفه بالجيد وإن بدت المعارك ساذجة دراميا (مواقع التواصل)

والأهم هو التصوير والمؤثرات البصرية سواء على مستوى مشاهد الحركة أو باستغلال استخدام الشماريخ/الألعاب النارية وحُسن توظيفها لخدمة اللوحة الفنية بصريا أحيانا بالإبهار أو الإمتاع تارة بالدخان وتارة أخرى بالألوان بجانب استغلالها خدمة الحبكة الدرامية بذكاء وابتكار غير مألوف في السينما العربية، مما يجعل أحمد عصام المسؤول عن الألعاب النارية في الفيلم هو أهم أبطاله، يشاركه مدير التصوير كيم ميكيل والمونتير أحمد حافظ، يليهم شركة سي سينما برودكشن التي أنتجت العمل بسخاء وساهمت في أن يخرج على هذا النحو.

لذا، ورغم السلبيات التي أشرنا إليها سابقا، فإن العمل استطاع أن يحظى بجماهيرية وشعبية قبل طرحه، أكثرها يعود إلى اسم آسر ياسين، مما نتج عنه بالتبعية حصوله على نسبة عالية من المشاهدات سمحت بأن يظل معروضا على شاشة السينما لما يقارب شهرين ومنافسا بقوة لأفلام موسم منتصف العام التي طُرحت بعده.

وبالرجوع إلى الإحصاءات الرسمية، فقد تخطت أرباحه حتى الآن حاجز 27 مليون جنيه في مصر وحدها، بالإضافة إلى أرباحه في الدول العربية الأخرى والتي لم يعلن عنها بعد.

قد إيه وقت صعب تعلن عن نزول فيلمك وتحاول تروجله في ظروف زي ديه.

كما حددت هذه المواعيد سلفا من قبل الأحداث، فيلم شماريخ سيتاح في السينمات المصرية من ١٤ ديسمبر، وعرضه العالمي الأول ١ ديسمبر في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.

أول معالجة للفيلم كانت سنة ٢٠٠٥، وأول نسخة من… pic.twitter.com/9Z6cgvzFkL

— Amr Salama (@amrmsalama) November 18, 2023

 

رحيل مفاجئ

فيلم "شماريخ" تأليف وإخراج عمرو سلامة، وبطولة آسر ياسين وأمينة خليل وخالد الصاوي وآدم الشرقاوي، ومصطفى درويش في آخر ظهور له قبل وفاته المفاجئة العام الماضي وقبل انتهائه من مشاهده بالفيلم.

ومع أن ذلك وضع عمرو سلامة في موقف سيئ يجعله مضطرا للاختيار بين رغبته في الاحتفاظ بكل مشاهد درويش وبين تأثير ذلك على خط سير العمل الدرامي، إلا أنه سرعان ما حسم موقفه واختار تكريم درويش حيا وميتا، الأمر الذي استلزم بعدها الكثير من المونتاج والتعديلات بالكتابة حتى لا يتضرر النص.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

من بين خيوط الصمت.. سيدة مصرية تنسج المجد من قلب «الحرانية»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في قرية هادئة جنوب الجيزة، حيث تسكن أشعة الشمس تفاصيل الطين والقلوب، تعيش أم هدى، سيدة خمسينية، لا تجيد القراءة ولا الكتابة، لكنها تُتقن ما هو أعمق من ذلك بكثير: فن تحويل الخيوط إلى لوحات تحبس الأنفاس، داخل منزل بسيط من الطوب اللبن، تجلس “أم هدى” أمام نولها الخشبي منذ ساعات الصباح الأولى، تمرر خيطًا فوق خيط، وتضرب بعصاها الخفيفة بثقة تشبه عزف الموسيقيين، حتى يُولد من بين يديها سجاد يدوي يشبه أعمال كبار الفنانين التشكيليين. 

ولكن ما لا يعرفه الكثيرون، أن هذه اللوحات التي تخطف الأنظار ليست من معارض باريس أو روما، بل هي نتاج عرق سيدات قرية الحرانية، من مركز رمسيس ويصا في محافظة الجيزة، “أم هدى” ليست وحدها في هذا الطريق، بل واحدة من عشرات السيدات اللاتي ورثن هذا الفن من الجدات، فن يمتزج فيه الإبداع بالتحمل، والجمال بالصبر. “السجادة الواحدة ممكن تفضل نشتغل فيها سنة كاملة”، تقول أم هدى بينما تشير إلى واحدة من أعمالها المعروضة في معرض صغير على أطراف القرية.

ورغم أن هذا الفن متجذر في تاريخ مصر، إلا أن المفارقة المدهشة أن عدد الأجانب الذين يعرفون بوجود هذا المكان ويزورونه من مختلف أنحاء العالم، يفوق بكثير عدد المصريين الذين لم يسمعوا حتى باسمه، والقرية التي كانت يومًا ما محطة فنية هامة، يزورها فنانون عالميون ومهتمون بالفنون اليدوية، أصبحت اليوم تعتمد على عزيمة نسائها فقط، ليبقى الفن حيًا، ومع كل سجادة تُنجز، لا توثق السيدات فقط مهارتهن، بل يسجلن بصمت فصلًا جديدًا في قصة مقاومة، بطلتها امرأة مصرية، لا تسعى إلى الشهرة، بل إلى الحفاظ على تراث يوشك على الاندثار.

أم هدى وسيدات الحرانية لا يحتجن ميكروفونات أو كاميرات ليتحدثن، فكل خيط في نسيجهن يروي حكاية: عن الكبرياء، والإبداع، والانتماء. ومن وسط النول الخشبي، يخرجن بكنوز ناعمة لا تُقدر بثمن، تنتمي لمصر وحدها، ولا توجد في أي مكان آخر على وجه الأرض.

IMG_0273 IMG_0274 IMG_0275 IMG_0276 IMG_0279 IMG_0277 IMG_0278 IMG_0281 IMG_0282

مقالات مشابهة

  • تعاون سينمائي قريب يجمع أسماء جلال بـ «آسر ياسين ومحمد إمام وويجز»
  • نسخة احتياطية
  • قائد القوات الجوية في التشيك ويتفقد مقر إيروفودخودى لصناعة الطيران
  • OpenAI تطلق نسخة «خفيفة» من أداة البحث العميق في ChatGPT
  • من بين خيوط الصمت.. سيدة مصرية تنسج المجد من قلب «الحرانية»
  • OpenAI تطرح نسخة خفيفة من أداة ChatGPT المخصصة للبحوث المتقدمة
  • «المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
  • نشرة الفن| عمر محمد رياض: مكنتش راضي عن أول دور قدمته.. ووفاة جدي محمود ياسين كانت صدمة .. علي حمدي: رفضت هذه الأعمال لأنها لا تناسبني
  • «الخارجية» تتسلّم نسخة من أوراق سفير بيلاروس
  • مؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم تنظم سلسلة ورش عمل تربوية للمعلمين