يحتفل المسلمون بالمناسبات الدينية عادة بالصيام تطوع وتقرب لله عزل وجل وحمدًا له على ما أتانا من فضله، ومع اقتراب ليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب الجاري لعام 2024، يتسأل المسلمون عن حكم التطوع بصيامها إحتفالًا بمعجزة الحبيب واصطفاء وتكريم الله سبحانه وتعالى لجانبه الكريم. 

 


الأمر المطلق في الأدلة الشرعية 


وفي هذا السياق أجابت دار الإفتاء المصرية عن جواز صوم ليلة الإسراء والمعراج الموافقه السابع والعشرين من شهر رجب فقالت في فتوى رقم 7433 للأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، أنه مِن المقرر شرعًا أنَّ "الأمر المطلق يقتضي عموم الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال"؛ فالأمر فيه واسعٌ، وإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وإيقاعه أكثرَ مِن وجهٍ؛ فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجهٍ دون وجهٍ إلَّا بدليل، وإلا كان ذلك هو الابتداع في الدين بتضييق ما وسَّعه اللهُ تعالى ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم.

 

التنفل بصيام الأشهر الحُرم 


وبما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حنثا الصيام في الأشهر الحرم، ورجب منها بالاتفاق؛ فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: "صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ"، وصيامُ يوم السابع والعشرين من رجب فرحًا بما أنعم الله تعالى به على نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في هذا اليوم المبارك؛ باعتباره اليوم الذي كان صبيحة ليلة الإسراء والمعراج وفق المشهور لا مانع منه شرعًا.
 


ووضحت دار الإفتاء أن الأمر الشرعي ورد بالتذكير بأيَّام الله تعالى في قوله سبحانه: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ ومِن أيَّام الله تعالى: الوقائع العظيمة التي مَنَّ الله فيها على عباده بتفريجِ كُربةٍ أو تأييدٍ بنصرٍ أو نحوهما، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه؛ شكرًا لله تعالى وفرحًا واحتفاءً واحتفالًا بنجاة أخيه سيدنا موسى عليه السلام.
 

حكم صيام يوم السابع والعشرين من رجب 


وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ".

وفي روايةٍ: أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجُودِيِّ، فصام نوحٌ وموسى شكرًا لله" أخرجه الإمام أحمد في "المسند" مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وتابعت دار الإفتاء المصرية أنه إذا كان الاحتفالُ بصيام اليوم الذي نجَّى الله فيه سيدنا نوحًا عليه السلام ونصر فيه سيدنا موسى عليه السلام مستحبًّا؛ فإنَّ صيام اليوم الذي تجلَّى اللهُ تعالى فيه على نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالمناجاة والرؤية وإمامة الأنبياء والعروج به إلى سدرة المنتهى وما رأى من آيات ربه الكبرى أولى.

وانتهت دار الإفتاء بأنه بناءً على ما سبق من أدلة شرعية فإنَّ التنفل بصيام يوم السابع والعشرين من شهر رجبٍ لا مانع منه شرعًا، بل هو من الأمور المستحبة المندوب إليها والمرغَّب في الإتيان بها وتعظيم شأنها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإسراء والمعراج صيام تطوع صيام الإسراء والمعراج صلى الله علیه وآله وسلم الإسراء والمعراج دار الإفتاء وآله و س ل ى الله ع ه وآله

إقرأ أيضاً:

أحمد عمر هاشم: "الإسراء والمعراج" معجزة عظمى لم تحدث لنبي قبل نبينا الكريم

نظم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته (٥٦)، اليوم الاثنين، "احتفالية الأزهر برحلة الإسراء والمعراج"، حاضر فيها الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، والدكتور عبدالفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الندوة الإذاعي القدير سعد المطعني، رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق، وذلك رغبةً من الأزهر الشريف في الاحتفاء بهذه الذكرى العطرة وتفنيد كل ما يثار من شبهات حول هذه المعجزة الكبرى.

 

المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يطلق برنامج السياحة المعرفية للطلاب الوافدين "أنت تسأل ونحن نجيب" ضمن فعاليات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في معرض الكتاب

 

في بداية الندوة، قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، إن رحلة الإسراء والمعراج كانت بالروح والجسد وباليقظة تكريما للرسول "صلى الله عليه وسلم"، مصداقا لقوله تعالى "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى"، وعبده هنا تفيد أن الرحلة تمت بالروح والجسد، والإيمان بذلك واجب لأنهما ثابتان بالكتاب والسنة، مضيفا أن هذه معجزة عظمى لم تحدث لنبي قبل نبينا الكريم "صلى الله عليه وسلم" تكريما له وتصديقا لخيريته، ويجب علينا فقط التسليم والإيمان التام بما أخبرنا به الله تعالى من أمور غيبية لن يكون بمقدور عقولنا أن تستوعبها، خاصة في ظل ما نشهده في العصر الحالي من حملات للتشكيك في الكثير من الثوابت والمعجزات بحجة أن العقل لا يقبلها.

ومن جانبه، أوضح الدكتور عبدالفتاح العواري أن رحلة الإسراء والمعراج كانت بالروح والجسد، وبمثابة راحة ومواساة من الله سبحانه وتعالى لقلب النبي "صلى الله عليه وسلم" بعد عام الحزن، إذ جلبت له كل خير بعد ما لاقاه من إيذاء، واصفًا إياها بأنها معجزة كبرى ودعوة للثبات على الحق مهما كانت التحديات، مشيرًا إلى أن الإسراء والمعراج كانت أيضًا تكريمًا وتشريفًا للمسجد الأقصى وبيانًا لمكانته في الإسلام، كما أن هذه الرحلة المباركة تحتوي على دروس عظيمة للمسلمين منها الصبر واليقين والثبات على الإيمان في مواجهة الشدائد، كما أنها تذكر المسلمين بأن الحياة مليئة بالصعوبات، لكن ثبات الإيمان والإصرار على الحق يفتح الأبواب ويجلب الفرج، مؤكدا أن ذكرى الإسراء والمعراج تدعو المسلمين إلى التقرب لله في كل الأحوال والتمسك بالقيم والمبادئ الإسلامية السامية.

وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية أن رحلة المعراج لم تكن مجرد معجزة، حيث رأي فيها النبي "صلى الله عليه وسلم" من آيات ربه الكبرى، وفرضت خلالها أقدس فريضة في الإسلام، وهي الصلاة، محذرا من محاولات البعض لتزييف الحقائق أو التشكيك في هذه المعجزة الكبرى بدعوى حرية الرأي، مؤكدًا أن ذكرى الإسراء والمعراج تدعو المسلمين للإيمان والتسليم بكل ما يعجز عقلنا البشري القاصر عن تصوره، والعمل على تصحيح المفاهيم وتحقيق الإيمان الراسخ بمعجزات الله وخيرية نبينا الكريم "صلى الله عليه وسلم ".

أدار الندوة الإذاعي القدير سعد المطعني، كبير مذيعي إذاعة القرآن الكريم 
ومدير الإذاعة الأسبق، والذي أكد أن هذه ذكرى غالية على قلوب المسلمين، وتثبت عظمة ومكانة المسجد الأقصى ومدينة القدس في تاريخنا وتراثنا الإسلامي، مؤكدا أن القدس عربية وحتما ستعود يوما محررة، هذا وعد الله ولا يخلف الله وعده، كما افتتح الحفل بتلاوة آيات من تلذكر تاحكيم للقاريء الصغير عمر أحمد، وتخلل الحفل إلقاء بعض الأناشيد والتواشيح الدينية للمنشدة الزهراء لايق حلمي وعدد من طلاب الأزهر الشريف حول أهمية معجزة الإسراء والمعراج وقيمتها الروحية للمسلمين.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

مقالات مشابهة

  • «أوقاف الظاهرة» تحتفي بذكرى الإسراء والمعراج
  • أوقاف الفيوم تحيي ذكرى الإسراء والمعراج بمسجد التقوى
  • الإسراء والمعراج
  • هل راجع النبي الله في عدد الصلوات برحلة الإسراء والمعراج.. الإفتاء تجيب
  • هل رأى النبي الله في رحلة الإسراء والمعراج.. وهل كان الحوار باللغة العربية؟
  • الحكمة من ترتيب الأنبياء في السماوات برحلة الإسراء والمعراج
  • ما الحديث الذى دار بين الله والنبي ليلة الإسراء والمعراج؟.. أمين الفتوى يجيب
  • بحضور أحمد عمر هاشم.. الاحتفاء بليلة "الإسراء والمعراج" بجناح الأزهر بمعرض الكتاب
  • أحمد عمر هاشم: الإسراء والمعراج معجزة عظمى لم تحدث لنبي آخر
  • أحمد عمر هاشم: "الإسراء والمعراج" معجزة عظمى لم تحدث لنبي قبل نبينا الكريم