هل الحكم على الغنوشي إنذار بحل حزبه؟.. قيادات تجيب عربي21
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
عبّرت عدّة قيادات بارزة من حركة "النهضة " التونسية، ومن هيئة الدفاع عن زعيمها راشد الغنوشي عن رفضها للحكم الصادر بحقه، معتبرة أنه "حكم سياسي"، هدفه الوحيد هو "استهداف الغنوشي والمعارضة".
وأكدت قيادات من الحركة في تصريحات خاصة لـ"عربي 21" أن "الحكم ضد الغنوشي ظالم، من قبل سلطة الانقلاب التي تقمع كل معارضيها"، مرجّحين أن "تكون هناك عقوبات أخرى تصل حد حلّ الحزب ومن ثم كل الأحزاب السياسية".
والخميس صدر حكم قضائي ابتدائي، يقضي بسجن رئيس حركة "النهضة " بثلاث سنوات مع النفاذ العاجل، وذلك دون حضور الغنوشي، ودون مرافعات الدفاع، وفقا لما أكده محامي الدفاع، سامي الطريق، في حديثه لـ"عربي 21".
وفي السياق نفسه، أعلنت هيئة الدفاع عن رفضها للحكم، وتوجّهها نحو الطعن، وفقا لكل الإجراءات القانونية التي يسمح بها القانون التونسي.
"استهداف سياسي"
قال مستشار رئيس حركة النهضة، بلقاسم حسن، إن: "الحكم ضد الغنوشي لا دلالة ولا عنوان له سوى أنه استهداف سياسي".
واعتبر بلقاسم حسن، في تصريح خاص لـ"عربي 21" أنه: "لا علاقة لنا بأي لوبي وأنها لم نتلق أي تمويل، ولكن اتهامنا بذلك هو استهداف وغايته التضييق على الحزب ومحاصرته".
وأكد: "تتوالى القضايا ضد الحركة وكل الشخصيات والقوى المتمسكة بالديمقراطية والمعارضة، لن يثنينا ذلك على مواجهة الانقلاب مهما اشتد وطال".
تجدر الإشارة إلى أن السياسي المعارض، راشد الغنوشي، متواجد في السجن منذ نيسان /أبريل من العام الماضي، على خلفية تصريح له في مسامرة رمضانية، وصدر بحقه أكثر من توقيف، فيما يلاحق في أكثر من قضية تحقيقية.
ويقاطع الغنوشي منذ سجنه، كل جلسات الاستماع والتحقيق، وذلك احتجاجا منه على ما يعتبره: "ملاحقات ظالمة سياسية ولا علاقة لها بالقضاء".
وقال المستشار السياسي للغنوشي، رياض الشعيبي، إن "الحكم سياسي وليس قضائيا؛ واضح أن هناك استهداف من السلطة السياسية للأستاذ راشد في أكثر من مرة وفي قضايا مختلفة".
وأضاف الشعيبي في تصريح خاص لـ"عربي 21"، بأن: "هناك خلفية سياسية واضحة والسلطة تريد التنكيل بالمعارضين، وعلى رأسهم الغنوشي، باعتباره من أبرز رموز الانتقال الديمقراطي".
إلى ذلك، تصاعدت في تونس وتيرة الملاحقات للمعارضين، والتي باتت بالعشرات في وقت كثُر فيه الحديث على أن "النظام بصدد تصفية كل الخصوم والمنافسين مع قرب الانتخابات الرئاسية المنتظرة، نهاية العام الجاري، ولامتصاص الغضب الشعبي بسبب تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي".
ولا تستغرب المعارضة أن تكون الأحكام السياسية مقدمة من النظام لحل الحزب الأول "النهضة" والذي تم إغلاق مقراتها منذ أشهر طويلة، مع إخضاع المقر المركزي للتفتيش، ومن بعدها كل الأحزاب السياسية وكل المنظمات والجمعيات والتفرد التام للنظام بالحكم.
حل الأحزاب؟
قال القيادي رياض الشعيبي: "المخاوف بالحل ليست فقط تطال حزبنا، وإنما أيضا بكل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، حيث إن السلطة تستهدف الجميع وكل جسم وسيط".
وأضاف الشعيبي، في حديثه لـ"عربي21" أنه: "هدفها التخلص من كل الهيئات التي تنتقدها وتعارضها وهو مشروع كامل تشتغل عليه السلطة منذ سنوات"؛ فيما علّق عن رد المعارضة، بالقول: "جبهة الخلاص تتحرك على الميدان وهي تقوم بدورها في التصدي للانقلاب ومواجهة توغله في القمع وخاصة الحريات".
وتابع: "للأسف بقية أحزاب المعارضة مازالت مشتتة، ومازالت لم تصل لمرحلة الوعي العميق بخطورة هذه السلطة، وخطرها على الحرية والديمقراطية بالبلاد".
بدوره، قال بلقاسم حسن: "نحن لا نستبق قرارات الانقلاب، ولكننا لا نستغرب مواصلته اتخاذ قرارات وإجراءات تعسفية استبدادية، مثلما يفعل منذ حصول الانقلاب؛ خاصة الاعتقالات والقضايا والمحاكمات وغلق المقرات.. وذلك تكريسا للاستهدافات المتكررة والمتتالية منذ لحظة الانقلاب".
وشدد القيادي بـ"النهضة " في حديثه لـ"عربي21" أنه: "تأكد لدينا سلامة توصيفنا بأنه انقلاب منذ اللحظة الأولى فكل الإجراءات تضرب الحريات وهي استهداف مباشر لكل المعارضين والقضايا المفتعلة ومن بينها "اللوبينغ" هي استهداف واضح".
وأضاف "إجراء الأحكام على الغنوشي وضد قيادات بارزة تقلدت مناصب عليا وغلق المقرات إجراءات استبدادية تنذر بأخرى قد تذهب إليها سلطة الانقلاب خاصة بعد الحكم الصادر البارحة، وإزاء الدعوات غير المسئولة من بعض الإقصائيين أعداء الديمقراطية".
وختم المتحدث نفسه لـ"عربي21" بالقول: "لا نستغرب شيئا وننتظر الأسوأ، وحزبنا مهدد بمزيد التضييق والحصار..، ولكننا نؤكد أن النهضة شرعيتها ليست بالتأشيرة وإنما بسنوات عمرها، ونضالها على عقود، ضد كل الدكتاتوريات من أجل الديمقراطية والحقوق والحريات والتنمية، كل إجراءات التعسف لن تمنعنا من التزامنا بمقاومة الاستبداد".
ومنذ أشهر تم إعلان قرار السجن في حق قيادات النهضة، من بينهم رئيس الحكومة السابق، ووزير الداخلية، علي العريض، ووزير العدل السابق، نور الدين البحيري، والقيادي البارز الحبيب اللوز، ورئيس مجلس الشورى، عبد الكريم الهاروني، ورئيس الحركة بالنيابة، منذر الونيسي، وأعضاء من الشورى.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية التونسية الغنوشي حكم قضائي تونس الغنوشي حكم قضائي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
اليمن.. الواقعُ وسؤالُ النهضة
عبدالرحمن مراد
يمكن القول اليوم إن اليمن في أشدّ الحاجة إلى ثورة ثقافية حقيقية تعيد ترتيب النسق الحضاري والثقافي، وتعمل على تحديد المفاهيم وصياغة أهداف وطنية جديدة، فالذي يحدث هو أننا واقعون تحت تأثير سياق من التلقي والاتصال؛ باعتبَارهما وسيلة تفاعل أَسَاسية بين الجماعات والأفراد؛ للتحكم بالأنظمة المادية والرمزية في السياق التاريخي والثقافي إلى درجة أننا نتقبل الحدث ونعيد إنتاج دلالته في وسط زمني مغاير، وهو الأمر الذي يجعلنا في تيهٍ دائم وفي حالة اغترابية مُستمرّة عن واقعها.
علينا التفكير بمسؤولية معرفية وأخلاقية بالغة الإحساس؛ فالمجتمعات من حولنا في عالمنا الحضاري الجديد حصلت على ميزات اجتماعية من القوة، والثروة، والمهارة، والعقلانية..، ونحن ما نزال -نحن العرب- ندور حول أنفسنا ونستغرق أنفسنا في جدل عقيم في حين أننا عاجزون عن ملء الفراغ الحقيقي الذي يشتهي الامتلاء، ونقف في تمترس عجيب وراء الصورة النمطية في أذهاننا عن أنفسنا وعن الآخر وعن الدولة.
وفقًا لطبيعة الإنسان في اليمن فإن حضور سؤال النهضة في عملياته النفسية والذهنية يرتبط بأجهزة السلطة السياسية ونوعيّة علاقاتها بحركة المجتمع وتفكيره وردود الفعل العام، فالسؤال في جلّ ضروراته يبحث في طبيعة السلطة السياسية والعلاقات الاجتماعية، فالسؤال النهضوي في جوهره موضوع سياسي في المقام الأول، فهو يضع السلطان والسلطة والسياسة والسياسي والحكم وأدواته وتفاعلاته موضع التساؤل والسؤال نظرًا إلى تعدد المرتكزات والمرجعيات النظرية الحضارية التاريخية، وتنوع القوى الاجتماعية / السياسية في المشهد السياسي الوطني؛ فسؤال النهضة الوطنية موضوع أَو قضية كلية متكاملة المعطيات والأبعاد؛ فالصراع الذي استمد السؤال النهضوي شرعيته منه، يفترض به أن يتخلّى عن أدواته وآلياته القديمة، وعلية أنْ يتجه إلى البُعد المعرفي فيطرح سؤال النهضة في التاريخ والفكر والسياسة والحضارة والاجتماع والانثروبولوجيا الثقافية والاقتصاد السياسي والفلسفة والعلاقات السياسية بعد أن تفاعل مع هذا السؤال من خلال حالة التفكيك للبناءات وخاض الصراع الدامي ووصل إلى خلق حالات جديدة، وتلك الحالات الجديدة حملت روح التوازن الاجتماعي والسياسي وهي تتهيأ الآن لتقبل الواقع الجديد الذي تنتظر منه إعادة ترتيب شكل العلاقة الجديدة بين الدولة والمجتمع، وبرؤية ذات توافق وتناغم مع سؤال النهضة الوطنية.
***
ما هو ثابت أن جدلية القديم / الجديد -كثنائية تاريخية مُستمرّة منذ ظهور الجماعات الاجتماعية البدائية وحتى ظهور الدولة وفق المفهوم الفلسفي والثقافي والمعاصر- فالجدلية ظلت كحالة تدافعيه تسير وفق سنن كونية ثابتة، فالقديم في أدواته وآلياته وفي أساليبه الحضارية والثقافية لا يصل إلى حالة الفناء المطلق ولكنه يعيد إنتاج نفسه في حالة من حالات التكيف مع مظاهر الزمن الجديد..، وحتى يبلغ الجديد مقاصده عليه أَلَّا يغفل عن الحقائق التالية:-
1- الماضي يمتد في كُـلّ جديد ويفترض ألا يرى الجديدُ عدميته بل يقوم بترميمه وإعادة إنتاجه تخفيفاً لحدة الصراع، ونرى ضرورة تطهير الماضي بالنقد والرؤى الجديدة وَاستخلاص نافذة منه للمستقبل مع الإيمان المطلق بالتجديد والتحديث وبصناعة اللحظة الحضارية وصناعة المستقبل.
2- الذات الداخلية مكون أَسَاسي لمصادر الطاقة والإمْكَانات وإحداث المتغير الحضاري، مع التركيز على تنمية القدرات الذاتية وتفجير إمْكَاناتها النفسية والذهنية والإبداعية وفي ذات السياق رفض شخصنة الأشياء والدولة.
3- التأكيد على القول إن القيمة المثلى للفكرة ليس في الإشباع الذي تحدثه بل في وظيفتها وقدرتها على التفاعل مع الواقع لحل كُـلّ إشكالاته حتى يتجاوب ذلك الواقع مع حاجات الناس وميولهم، ويملك القدرة على إحداث المتغير من خلال مرونته وقابليته للعمل، وتأكيد الطابع الحضاري الجديد.
4- الوجدان بطبيعته يفرق بين الناس لذلك يفترض التأكيد على العقل؛ باعتبَاره أدَاة تمثيل وتوحيد، وهو قادر على فهم الروابط بين الأشياء وخلق روابط جديدة مع التأكيد على دور المدركات في التعبير عن الواقع.
5- الإنسان هدف التنمية ومحورها وتحديث وظائف مؤسّسات الدولة بما يتوافق وهرم الحاجات للإنسان ضرورة حضارية وهرم الحاجات يتطور مع التطور الحضاري والثقافي وتعزيز قيم الانتماء وتصميد الهوية الإيمَـانية والوطنية لا يمكن أن يتحقّق دون أن يجد الإنسان اهتمامًا فوقيًّا في الرؤى والفلسفات والإجراءات تحدث الإشباع اللازم في فراغاته الوجودية الفيسيولوجية والسيكولوجية وشعوره بالوجود والفاعلية في معادلة الحياة.
***
مع التأكيد أن هذه الإشارات الواردة في السياق تأتي إسهاماً منا ضمن مشروع التغيير الجذري الذي أطلقه قائد الثورة السيد العلم عبدالملك الحوثي، وهي قد تسهم في إضاءة بعض الجوانب لحكومة التغيير والبناء التي يعول عليها القائد -حفظه الله– في التغيير والبناء وُصُـولًا إلى التغيير الجذري كمشروع لثورة 21 سبتمبر؛ إذ لا بُـدَّ لنا من إثارة سؤال النهضة في مقابل فرضية التغيير الجذري.