عربي21:
2024-09-19@18:03:32 GMT

مجتمعنا وإرهاصات الفوضى

تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT

هل نحن مجتمع:

النظرة إلى أننا مجتمع متكامل؛ نظرة تاريخية موروثة لا تأخذ بنظر الاعتبار الهزائم النفسية والتخلف في الفهم والتعرية التي حصلت في المجتمع نتيجة احتكاكه بالثقافات الأخرى دون وعي بثقافته أو حماية بفهم فكري حضاري، أي دون حصانة حقيقية مواكبة للزمن وليدة عصرها من هوية الأمة وكينونتها. ولطالما حاول المصلحون القول إنها "عودة" إلى الفكر الأم، أو "استئناف للحياة" التي كانت عبر التاريخ تمثل زمن التفوق، ناسين الزمن وأحداثه ومتغيراته وغربة ما يدعون إليه، وأنه بات قالبا جبريا كغيره إن أريد فرضه؛ لكن نظرة إلى واقعنا نجد أن الفرد مشوه الفكر بخُلُقِهِ أي رد فعله.

. المجموعة لا تتفق على رأي والجماعة لا تلبث أن تتفكك؛ لأن الأنا والتفاهة باتت عنوانا بارزا صارخا. ودعونا نعرّف كل هذه المصطلحات.

المجموعة والجماعة والمجتمع:

أحيانا وفي خضم مرحلة التلقي والبحث، يحاول الإنسان أن يستبق خطوات المعرفة ليضع تعريفا محددا لفكرة أو مجموعة أفكار لمّا تتبلور بعد، بغية فهمها أو جعلها ممكنة الفهم من النطق وترسخ هذه المعاني في زوايا الذاكرة وربما تكون أحيانا خارج المعنى المراد فعلا.. ويعمم هذا الخطأ بالتقليد وهو يحمل المعنى القاصر خصوصا إذا كان المتبني له مفكرا أو كاتبا. والمجتمع إحدى هذه الكلمات التي تناقلتها الناس، فنرى تعريف المجتمع بأنه مجموعة من الناس في بلد معين فيقال المجتمع الفرنسي أو الروسي.. الخ.. والصحيح أن العدد من الناس يسمى مجموعة، وإذا كان للمجموعة هدف واضح المعالم تسمى جماعة، فتكون بذلك جماعة للصلاة مثلا أو العمل السياسي وما يؤدونه هو عمل الجماعة كصلاة الجماعة مثلا، وإذا أصبحت قوانين تحدد المعاملات والتبادلات وفق نظام يحدد العلاقات تسمى عند ذلك بالمجتمع، وليس للموقع الجغرافي أثر بالنظام إنما هي منظومة الإنسان العقلية.

فالمجتمع هو مجموعة من الناس كثروا أم قلّوا، ويحدد علاقاتهم نظام محدد وأفكار ومشاعر ولا يحدد برقعة جغرافية أو حدود، حيث يكون الهدف واضح المعالم وإن لم يك اتصالا بينهم بشكل مباشر، لكن يبقون مجتمعا بحكم النظام والعقيدة والثقافة.

والمجتمعات تختلف وتتباين بطبيعة الحال من حيث التوسع الحضاري والصلاح الفكري، ومن الممكن أن يكون هنالك مجتمع واحد بمدنيات متباينة، أو من الممكن إدخال المدنية إلى رقعة تغلب عليها البداوة لتكتسب تطبعا مظهرا ومضافا دون أن يؤثر على جوهر السلوك كمظهر مضاف؛ إلا ما علق بالمدنية المنقولة من آثار أفكار المنقول عنه، وقد يرفض المنقول من المنقول إليه والأمثلة كثيرة.. ونلاحظ دولا متجاورة في أفريقيا وآسيا مختلفة بدرجة المظهر المدني، ولا يؤثر هذا على التوسع الفكري مهما حُفز التفكير، لفقدان المعطيات التي تؤدي للتوسع الفكري أو حتى الإبداع المدني والتطور، لكنها بالتأكيد مستهلك جيد للوازم ما نقل إليها من مظاهر مدنية.

المجتمعات في أوروبا تُعرف بسيادة القانون فهي لا تضبط الفكر وإنما تضبط السلوك، لذا عندما تحس من تهديد لنمط الحياة من فكر آخر تتعامل معه بنصوص قانونية فتجرمه مباشرة. وهذا نوع من الاضطراب الذي نراه اليوم والذي ينعكس على العالم ككل بنوع من الفوضى البركانية التي قد تنتج حربا عالمية، عندما أصبح النمط الغربي يميل للتقوقع دفاعا عن ذاته وبالتالي سنصل إلى حرب عالمية للتنفيس من الاحتقان.

لماذا الفوضى:

مجتمعنا ليس عدوانيا ببقايا ثقافته، لكن الانفعالات وردود الفعل السلبية تأتي من الحيرة والتناقض بين المنقول والفاعل على أرض الواقع وما عاناه من هجمات وهو أزل فكريا وماديا.

النظام هو قانون من كل فكر أو عرف فاعل ملزم أو تعاليم دين، كلها يمكن أن تتفاعل في المجتمع الحي لتخلق بيئة صحية منتجة، لكن ما ذكرنا من تناقض بين المنقول والواقع يضعنا أما أبواب لا نهائية من الفوضى ومقاومة الارتقاء.

غياب الدولة أو فساد السلطات وأدواتها يزيد من المحنة ويجعل الناس في المجتمع تتصرف بالعقل الجمعي لفقدان الموجه والضمان والأمان بعواقب السلوك والسلوك المقابل، الذي يهم هنا هو الخُلُق أي التصرف كرد فعل للفعل أو الفعل المباشر من الشخص. هنا تظهر معالم التخلف فلا يوجد مجتمع متفق على السوء كقاعدة خلقية لنصفه مثلا بأنه مجتمع متعصب، ولكن هنالك مجتمع تسوده الفوضى كمجتمعنا وحول العالم أيضا في المناطق التي يسترخي بها فعل القانون أو يمكن الهروب من وقعه على الأرض.

فهناك التصرف لأن غيري يتصرف هكذا، مثل عدم الالتزام بنظافة المدينة مثلا مع الحرص على البيت وتكامله، واستغلال الفرص وطغيان الأنا تجعل النخب تركض لاهثة وراء المتمكن من السلطة وإن كان تافها لا يليق وهو بلا سلطة من دون الجلوس معهم. وهذه تشجع على استمرار التفكك المجتمعي في مواجهة الفساد وتعديل المسارات بل تجعل الفساد واقع حال ينمو ويتمكن.

والفساد يكون حيث يغيب القانون واعتلال السلوك بغياب القيم ما لم يك رادع. القادم من دولة تحت سيادة القانون ليس منزها، لذا رأينا أن موظفين يتصرفون بما لا يناسب صلاحيتهم، أجانب كانوا أو محليين، نعلم من خلال فسادهم أن ما يضبط هو سيادة القانون، فالقيم النفعية التي يحملونها ستقبل السلوك السلبي إن أمنت العقاب، وهذا يدل على أنه لا توجد صفة عامة لشعب من التعصب أو الانحلال، وإنما مدى المعرفة وسيادة القانون أو القيم أيا كان الحاكم، فالمعرفة وترجمة القيم إلى قوانين باختيار الأمة يئد الفساد.

الحل الممكن

إن تعليم الناس القيم ضرورة لكن عدم الانتباه إلى أن هذه القيم لا واقع لها وأن المعلم نفسه قد يكون حامل العلم، ولكن مزدوج السلوك أمر سيكون محبطا لا جدوى إيجابية منه وربما يؤدي للسلبية.

الأساس الثقافي هو الفكر الإسلامي، بيد أن الإسلام يحتاج إلى اجتهاد واستنباط يتماهى واستقراء الواقع ومعالجته، لذا يصبح من العلاج نقطتان مهمتان لا بد من توفرهما، وهي سيادة القانون ومحق الفساد، وإعطاء الناس مجالا للتفكير والاختيار كما هو في أصل الفكر الإسلامي الناقد للوكالة والتقليد للسابقين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المجتمع الفوضى الفساد الفساد المسلمين المجتمع الفوضى الأخلاق مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

22 شركة لدعم «نحو مجتمع أكثر أماناً» و80 في الانتظار

دبي: سومية سعد
أعلنت الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، تعاون 22 شركة لدعم مبادرة «نحو مجتمع أكثر أماناً»، التي أطلقتها الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ، ونحو 80 شركة أخرى في لائحة الانتظار، حيث يعكس هذا الدعم المتزايد من الشركات حرصها على المساهمة في المبادرات الإنسانية التي تقدمها دولة الإمارات، وتأكيدها دعم الأفراد في تصحيح أوضاعهم والعيش والعمل بكرامة، انطلاقاً من مسؤوليتها المجتمعية ورغبتها في الإسهام في تعزيز الاستقرار المجتمعي.
وفي خطوة تعكس هذه الحلول المبتكرة، تواصل الإدارة جهودها لتحقيق أهداف المبادرة.
وأوضح الفريق محمد أحمد المري، المدير العام، أن الإدارة تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الشركات الراغبة في الانضمام، ما يعزز فرص التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، لتحقيق أهداف المبادرة.
وضمن نتائجها الأولية، أجرت الشركات مقابلات مع نحو 4 آلاف شخص خلال الأسبوعين الأولين. ويستمر العدد في النمو بفضل الجهود المشتركة بين الإدارة والشركات المشاركة. وقد تم توظيف 58 شخصاً في وظائف تتلاءم مع مؤهلاتهم وخبراتهم، فيما يستمر تعديل أوضاع الآخرين. 
كما أكد الفريق المري، أن 'معايير اختيار الأفراد تشمل المؤهلات الدراسية، والخبرات المهنية، والمهارات الشخصية، والشهادات المهنية إذا وجدت، فضفلاً عن اجتياز المقابلات والاختبارات التي تضعها الشركات'.

اللواء صلاح القمزي


وأضاء اللواء صلاح أحمد القمزي، مساعد المدير العام لقطاع متابعة المخالفين والأجانب، على قصص النجاح الملهمة التي انبثقت عن المبادرة وقال «كل قصة نجاح شهادة حية على جهودنا المستمرة في دعم الأفراد ببرامج تدريبية وتطويرية تهدف إلى ضمان استقرار الموظفين الجدد وتمكينهم من تحقيق النجاح الوظيفي».
تتميّز هذه الجهود بمرونتها في توفير فرص عمل متنوعة تتجاوز القطاعات التقليدية، ما يعزز إمكانية الاستفادة لأكبر عدد ممكن من الأفراد. 
وتشمل مجالات التوظيف الإنشاءات، النقل والخدمات اللوجستية، والعمالة المساعدة، والصناعة، والمطاعم، ما يوسع نطاق الفرص المتاحة للباحثين عن عمل.
وتلتزم الشركات بتقديم حزمة من المزايا، مثل الرواتب المجزية، والتأمين الصحي، والسكن، والإجازات المدفوعة، وبرامج التدريب والتطوير المهني التي تسهم في رفع كفاءة الموظفين. فضلاً عن ذلك، تتبنى بعض الشركات مبادرات دعم إضافي، كبرامج التوجيه والإرشاد، والدعم المالي في مناسبات محددة، وتغطية تكاليف تعليم الأبناء، بهدف توفير بيئة عمل مستقرة ومتوازنة.
وتعزيزاً لجهودها المستمرة في دعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، تواصل الإدارة توسيع شبكة التعاون مع القطاع الخاص، لزيادة فرص العمل وخلق بيئة متكاملة تجمع بين القطاعات المختلفة. وقد أظهرت المبادرة نجاحاً ملحوظاً، حيث بلغت نسبة الرضا بين الأفراد الذين وظّفوا 100%، ما يعكس قدرتها على تلبية احتياجات المستفيدين وتحسين جودة حياتهم بشكل فعّال.
وفي ختام هذه الجهود، تدعو الإدارة جميع الأفراد الراغبين في تسوية أوضاعهم، إلى اغتنام الفرص المتاحة قبل انتهاء المدة المحددة للمبادرة. 
وتؤكد التزامها المستمر بتقديم حلول مبتكرة وخدمات عالية الجودة، تسهم في تحقيق رؤية الإمارات لبناء مجتمع متكامل وآمن، حيث تظل المبادرات الفعّالة جزءاً أساسياً من مسيرة تحسين جودة الحياة وتعزيز الاستقرار للجميع.

احصائية بإنجازات إقامة دبي في توظيف المخالفين

مقالات مشابهة

  • هيومن رايتس: القانون الدولي يحظر استخدام الفخاخ المتفجرة التي ضربت لبنان
  • سائقة متهورة تثير الفوضى في إسطنبول.. الشرطة تتدخل وتفرض غرامة كبيرة
  • «الوطني الفلسطيني» يدعو المجتمع الدولي للتعامل بشكل عملي مع القرارات الأممية التي تدعم القضية الفلسطينية
  • عرب نيوز: الفأر إغتال البيدجا بسبب المنافسة على عمليات الاتجار بالبشر.. وليبيا لن تتعافى من الفوضى في أي وقت قريب
  • 22 شركة لدعم «نحو مجتمع أكثر أماناً» و80 في الانتظار
  • شرطة رأس الخيمة تنظم ملتقى حول مفهوم ثقافة احترام القانون
  • الفوضى تضرب صفوف حزب الله بعد تفجيرات "البيجر"
  • شرطة رأس الخيمة تنظم ملتقى حول مفهوم ثقافة احترام القانون ودوره في حماية المجتمع من الجريمة
  • النهج النبوي حارب الأنانية والرأسمالية التي يتغول فيها الأغنياء على حساب الفقراء
  • أحمد موسى: قيمة سرقة الكهرباء وصلت إلى 40 مليار جنيه