نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي تقريرًا تحدّث فيه عن التنافس بين الولايات المتحدة وأوروبا لتعزيز إنتاج اليورانيوم المحلي، حيث يركّز الطرفان على تأمين مصادر الوقود النووي لدعم برامج الطاقة النووية.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن هناك إمكانات كبيرة للعديد من أسواق إنتاج اليورانيوم الجديدة حيث تتطلع الولايات المتحدة وأوروبا إلى تنويع مورديها بعيدًا عن روسيا من أجل مساعي جديدة للطاقة النووية.

وقد أعلنت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية عن خطط طموحة للطاقة النووية للعقود القادمة لدعم التحول الأخضر، إلا أن نقص إنتاج اليورانيوم خارج روسيا يعيق تحقيق هذه الخطط. 

أدت العقوبات التي فُرضت على منتجات الطاقة الروسية وغيرها من المنتجات، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في سنة 2022، إلى نقص عالمي في الغاز الطبيعي واليورانيوم وغيرها من المواد الحيوية. دفع هذا العديد من القوى الحكومية إلى تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها وزيادة الإنتاج الإقليمي لمجموعة متنوعة من مصادر الطاقة والمواد ذات الصلة. وهذا يعني أننا قد نرى قريبًا ظهور أسواق جديدة لإنتاج اليورانيوم في أوروبا والولايات المتحدة.



ذكر الموقع أن الولايات المتحدة وأوروبا فرضت عقوبات صارمة على استيراد منتجات الطاقة، مثل النفط والغاز، في حين أنه كان من الصعب فعل الشيء نفسه مع اليورانيوم بسبب نقص الإمدادات البديلة. وأدى الانخفاض في واردات اليورانيوم الروسية إلى تأخير العديد من مشاريع الطاقة النووية في الولايات المتحدة، على الرغم من المشاريع النووية الطموحة للحكومة.

تستأثر روسيا بتعدين خمسة بالمئة فقط من إمدادات اليورانيوم العالمية محليًا، في حين أن شركة "روساتوم" الحكومية للطاقة النووية الروسية لديها العديد من الشركات التابعة التي تقوم بتعدين خام اليورانيوم في الخارج، في دول مثل كازاخستان. وإجمالا، تسيطر روسيا على نحو 40 بالمئة من منشآت المعالجة العالمية و46 بالمئة من إجمالي قدرة التخصيب في العالم. كما أنها تتفوق على منافسيها عندما يتعلق الأمر بإنتاج أنواع مبتكرة من اليورانيوم، مثل اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة تخصيب تتراوح بين 15 بالمئة و19.75 بالمئة، اللازمة لتشغيل أحدث جيل من المفاعلات النووية.

مع تنويع أوروبا إمداداتها بعيدًا عن الإمدادات الروسية من اليورانيوم، أصبحت كازاخستان موردا رئيسيا، حيث قدمت 26.82 بالمئة من اليورانيوم للاتحاد الأوروبي في سنة 2022.

وزادت كازاخستان قدرتها الإنتاجية بشكل مطرد في السنوات الأخيرة. وفي الوقت نفسه، قدّمت النيجر 25.38 بالمئة من إمدادات الاتحاد الأوروبي، في حين قدمت كندا 21.99 بالمئة. مع ذلك، يجب على أوروبا والولايات المتحدة تطوير قدراتهما الخاصة لإنتاج اليورانيوم إذا أرادتا تجنب اليورانيوم المرتبط بروسيا تمامًا، فضلاً عن ضمان بقائهما قادرين على المنافسة في مجال الطاقة النووية.

في كانون الأول/ ديسمبر، صوتت الولايات المتحدة على مشروع قانون يحظر استيراد اليورانيوم الروسي منخفض التخصيب إلى الولايات المتحدة حتى سنة 2040. ويأتي ذلك بعد عدة عقوبات أكثر صرامة على الطاقة الروسية والابتكارات الأخيرة في صناعة الطاقة الأمريكية، مثل زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتحسين قدرات إنتاج اليورانيوم.


 
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلنت شركة "سنترز إنرجي" أنها حققت إنتاج أول 20 كيلوغرامًا من اليورانيوم عالي التخصيب في الجزء الأمريكي من مشروع اليورانيوم عالي التخصيب التجريبي التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، وقد قدم المشروع أول إنتاج من نوعه في البلاد منذ أكثر من 70 سنة. وتأمل وزارة الطاقة إنتاج 16 جهاز طرد مركزي متقدم في منشأة التخصيب في بيكيتون بولاية أوهايو.

وحسب الموقع، تعد بيكيتون حاليًا المنشأة الوحيدة المرخصة لإنتاج هذا النوع من اليورانيوم، ولكن إذا نجحت، فيمكن للولايات المتحدة إنشاء مواقع إنتاج أخرى. وقد سلّمت شركة "سنترز إنرجي" قبل الموعد المحدد بشهرين أول 20 كيلوغرامًا من اليورانيوم عالي التخصيب. 

ونقل الموقع عن الرئيس والمدير التنفيذي للشركة، دانييل بونمان، أن "هذا الإنجاز الحاسم ضروري لتلبية احتياجات الوزارة على المدى القريب من اليورانيوم عالي التخصيب مع وضع الأساس للاستعادة الكاملة لقدرة الولايات المتحدة المحلية المفقودة على تخصيب اليورانيوم. وأضاف "نحن ملتزمون بالعمل مع الوزارة والصناعة لبناء شراكة بين القطاعين العام والخاص حتى نتمكن من زيادة الإنتاج في السنوات المقبلة لتلبية مجموعة كاملة من متطلبات الأمن التجاري والوطني لليورانيوم المخصب. وتأمل شركة "سنترز إنرجي" في زيادة إنتاجها السنوي من اليورانيوم عالي التخصيب في سنة 2024، وأكثر من ذلك في المستقبل. وسيتم استخدام الوقود لتشغيل النوى الأولية لمفاعلين تجريبيين تم منحهما بموجب برنامج عرض المفاعلات المتقدمة التابع لوزارة الطاقة.

علاوة على ذلك، تقوم المملكة المتحدة بتطوير برنامج إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب. وقد أعلنت وزارة أمن الطاقة وصافي الطاقة في المملكة المتحدة مؤخرًا عن خطط لإنتاج ما يصل إلى 24 غيغاواط من الطاقة النووية بحلول سنة 2050. ولتحقيق هذا الإنجاز، ستستثمر حوالي 12.7 مليون دولار لتطوير المهارات والمواقع اللازمة لإنتاج أنواع الوقود النووي المتقدمة الأخرى في البلاد. 

وذكر الموقع أن المملكة المتحدة تخطط لاستخدام اليورانيوم عالي التخصيب لتشغيل مفاعلات الجيل التالي، التي من المتوقع أن يتم تشغيلها بحلول مطلع ثلاثينيات القرن الحالي.

وتتوقع وزارة أمن الطاقة وصافي الطاقة في المملكة المتحدة أن يدعم التمويل تطوير قدرات إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب في شمال غرب إنجلترا. وذكرت أن "هذا يعتمد على عمل المملكة المتحدة لإزاحة روسيا عن سوق الوقود النووي العالمي، لا سيما في خدمات تحويل اليورانيوم، حيث تستثمر الحكومة والصناعة معًا ما يصل إلى 26 مليون جنيه إسترليني لإعادة هذه القدرة إلى المملكة المتحدة بحلول نهاية العقد".

وبينما تتطلع الولايات المتحدة وأوروبا إلى تحويل اعتمادهما النووي بعيدا عن روسيا من خلال تطوير سلاسل توريد بديلة وتطوير قدراتهما على إنتاج اليورانيوم، يمكن توقّع رؤية ارتفاع في عدد أسواق إنتاج اليورانيوم حول العالم. وهذا من شأنه أن يدعم خطط الطاقة النووية الطموحة في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية، فضلا عن تطوير مشهد عالمي للطاقة النووية أكثر قدرة على المنافسة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية اليورانيوم النووي الطاقة أوروبا امريكا أوروبا نووي طاقة يورانيوم صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة وأوروبا إنتاج الیورانیوم المملکة المتحدة الطاقة النوویة للطاقة النوویة بالمئة من

إقرأ أيضاً:

الإنتاجية هي كل شيء.. لماذا تغفل السياسات الاقتصادية ما يهم حقًا؟

ماثيو ج سلوتر وديفيد ويسل

تمر الولايات المتحدة بأوقات عصيبة؛ فالأمريكيون يشعرون بضيق اقتصادي شديد، رغم أن المؤشرات الاقتصادية تبدو جيدة: البطالة منخفضة، والتضخم في تراجع، والبلاد تظل الأكثر ثراءً في العالم. ومع ذلك، تُظهر استطلاعات الرأي المتتالية أن غالبية الأمريكيين غير راضين عن وضع الاقتصاد اليوم أو مستقبله، إذ لا يرى سوى ربعهم أنه جيد أو ممتاز. ويعرب نحو 80% عن عدم ثقتهم في أن أطفالهم سيعيشون حياة أفضل مما يعيشونه.

على مدى سنوات، ناقش المحللون التحديات الفريدة التي تواجهها البلاد، بدءًا من شيخوخة السكان التي تفاقم عجز الميزانية الفيدرالية مع اصطدام الإنفاق الاستحقاقي بالنفور من زيادة الضرائب، مرورًا بالتهديد المتصاعد لتغير المناخ وما يفرضه من ضرورة لإصلاح قطاع الطاقة، ووصولًا إلى اتساع فجوة الثروة والدخل في اقتصادنا المتغير. كما أعربوا عن قلقهم إزاء المستبدين الأجانب الذين يهددون أمن الولايات المتحدة.

لكن المناقشة العامة غالبًا ما تغفل عاملًا مشتركًا وراء كل هذه التحديات، وهو العامل الذي سيحدد قدرة الولايات المتحدة على مواجهتها: إنتاجية العمل. ويُقاس هذا العامل عادةً بكمية السلع والخدمات التي ينتجها كل عامل، وهو المحدد الرئيسي لمتوسط مستوى المعيشة في أي دولة ونجاحها الاقتصادي العام. فالنمو في الإنتاجية بمرور الوقت هو ما مكّن الأمريكيين اليوم من استهلاك مزيد من السلع والخدمات مقارنة بأجدادهم، رغم عملهم لساعات أقل. كما يغذي نمو الإنتاجية ارتفاع الأجور والأرباح، مما يولّد مزيدًا من الإيرادات المالية، ويمنح واشنطن القدرة على بناء دفاعات هائلة. كذلك، يعزز نمو الإنتاجية القوة الناعمة للبلاد، حيث يعكس مكامن القوة في مجتمع ديمقراطي موجه نحو السوق.

شهدت إنتاجية العمل في الولايات المتحدة نموًا سريعًا بعد الحرب العالمية الثانية، لكنها تباطأت بشكل ملحوظ منذ عام 1973. فعلى مدى نصف القرن الماضي، تراوح معدل النمو السنوي بين 1.4٪ و3.0٪، لكنه ظل في المتوسط أقل مما كان عليه في العقود السابقة. ورغم التقلبات خلال الجائحة، فإن البيانات الأخيرة مشجعة، لكن من المبكر اعتبارها اتجاهًا مستدامًا. لهذا التباطؤ آثار كبيرة، حيث قدّرت تقارير سابقة أن دخول الأمريكيين كان يمكن أن تكون أعلى بنسبة 58٪ لو استمر النمو بمعدلاته السابقة. ورغم أن جميع الاقتصادات المتقدمة شهدت تباطؤًا مماثلًا، فإن ذلك لا يعني أن الإنتاجية الأمريكية تنمو بما يكفي، خاصة مع تسارع نمو الإنتاجية في الصين وتحولها إلى منافس اقتصادي وجيوسياسي رئيسي.

لتحقيق نهضة في الإنتاجية، تحتاج الولايات المتحدة إلى سياسات تدعم البحث والتطوير، والاستثمار في التعليم والتدريب، والانخراط في الاقتصاد العالمي عبر الهجرة والاستثمار عبر الحدود، كما يجب تجنب السياسات التي تعوق تدفق الأفكار ورأس المال، أو تقوض التحالفات الدولية، أو تخفض الاستثمار الحكومي في البحث لصالح الإنفاق على الاستحقاقات، ورغم أن تحسين الإنتاجية لن يحدث بين عشية وضحاها، فإن التزام واشنطن بهذه الأدوات سيعزز النمو الاقتصادي، ويمهد لحل العديد من التحديات الداخلية والعالمية.

تعد الإنتاجية عنصرا أساسيا في رفع مستويات الدخل والرفاهية الاقتصادية، وقد شدد الاقتصاديون على أهميتها لعقود. فزيادة الإنتاجية تتم عبر تعزيز رأس المال المتاح لكل عامل أو من خلال الابتكار، الذي يشمل تطوير سلع وخدمات جديدة وتحسين أساليب الإنتاج. ويعتمد الابتكار على عوامل مثل التعليم، والبحث والتطوير، والانفتاح على المنافسة العالمية.

أثبتت الأبحاث أن الابتكار كان المحرك الرئيسي لنمو الإنتاجية في الولايات المتحدة خلال القرن الماضي. فقد أظهرت دراسة لروبرت سولو أن معظم الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي للفرد بين 1909 و1949 جاءت من التغير التكنولوجي، بينما أكدت دراسة أخرى أن 80٪ من نمو الناتج بين 1948 و2013 ارتبط بتطوير الأفكار المبتكرة.

ويُظهر التاريخ الاقتصادي الأمريكي كيف ساهم الابتكار في تحسين الإنتاجية، خاصة في الزراعة. فإنتاج 100 بوشل من الذرة كان يتطلب 344 ساعة عمل عام 1800، لكنه انخفض إلى 147 ساعة بحلول 1900، ثم إلى ثلاث ساعات فقط في 1980. وقد تحقق هذا بفضل التقنيات الحديثة والآلات المتطورة، مما سمح للعمال بالانتقال إلى قطاعات صناعية أخرى.

كما أدّت عوامل أخرى دورًا حاسمًا في تعزيز الإنتاجية، مثل تحسين التعليم وزيادة الهجرة وتدفقات رأس المال الأجنبي. وكانت الولايات المتحدة رائدة في نشر التعليم الثانوي عبر «حركة المدارس الثانوية» الممولة من الضرائب. ففي 1910، لم يكن سوى 9٪ من الأمريكيين بعمر 18 عامًا حاصلين على شهادة الثانوية، لكن بحلول 1940 أصبح معظم الشباب يكملون تعليمهم الثانوي، مما أدى إلى نمو الإنتاجية وتقليل فجوة الدخل بين الفئات المختلفة من العمال.

وشهدت الولايات المتحدة طفرة في الإنتاجية بعد الحرب العالمية الثانية بفضل استثمارات ضخمة في البحث والتطوير والتعليم والتجارة العالمية، مدفوعة بالمنافسة مع الاتحاد السوفييتي. ولكن بحلول السبعينيات، تباطأ هذا النمو بسبب صدمات أسعار النفط، وتراجع الإنفاق الفيدرالي على البحث والتطوير، وضعف النظام التعليمي، وتزايد الحواجز التجارية.

في منتصف التسعينيات، شهد الاقتصاد الأمريكي انتعاشًا مؤقتًا بفضل تكنولوجيا المعلومات، حيث ساعدت العولمة والاستثمار في التقنيات الرقمية على زيادة الإنتاجية وتحقيق فوائض في الميزانية. لكن هذه الطفرة انتهت بعد عام 2005 بسبب توقف التخفيضات الجمركية وضعف الابتكار، مما أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة التفاوت في الدخل والعجز المالي.

في المقابل، شهدت الصين طفرة إنتاجية غير مسبوقة منذ الإصلاحات الاقتصادية في 1978، حيث تحرر الاقتصاد من سيطرة الدولة، وزادت الاستثمارات الأجنبية والصادرات، وارتفع الإنفاق على البحث والتعليم. بين 1979 و2019، نمت إنتاجية الصين بمعدل 7.5% سنويًّا، مما جعلها قوة اقتصادية عالمية. ورغم تباطؤ هذا النمو مؤخرًا بسبب الشيخوخة السكانية وتعزيز سيطرة الدولة، لا تزال الصين تبتكر وتوسع إنتاجيتها، خاصة في مجالات التكنولوجيا النظيفة. وفي ظل تبني واشنطن لسياسات أكثر حمائية، تسعى بكين لبناء نظام تجاري عالمي جديد من خلال مبادرات مثل الحزام والطريق.

قد تكون التوقعات بعودة النمو السريع والمستدام للإنتاجية في الولايات المتحدة مفرطة في التفاؤل، حيث تشير التوقعات الرسمية إلى نمو سنوي متواضع لا يتجاوز 1.4% حتى عام 2054. ومع ذلك، يمكن للولايات المتحدة تعزيز الإنتاجية من خلال زيادة الاستثمار في البحث والتطوير والتعليم المبكر.

ينبغي مضاعفة التمويل العام للبحث والتطوير ليصل إلى 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي، مع توزيع الإنفاق على قطاعات متعددة لتعزيز الابتكار. كذلك، يجب توفير برامج تعليمية عالية الجودة للأطفال الصغار، رغم التكلفة العالية، نظرًا للفوائد الاقتصادية والاجتماعية بعيدة المدى.

مع ذلك، تواجه هذه الاستثمارات تحديًا بسبب العجز الفيدرالي المتزايد وارتفاع الدين العام، مما يستدعي تمويل هذه النفقات عبر سياسات ضريبية أكثر كفاءة، مثل إلغاء تخفيضات الضرائب لعام 2017 بدلًا من تمديدها.

إضافةً إلى ذلك، يجب أن تركز السياسة المالية على تقييم تأثير التشريعات المختلفة على الإنتاجية، مع مراعاة العوامل المؤثرة مثل دور المهاجرين الموهوبين في تعزيز الابتكار. كما ينبغي أن ترافق أي سياسات تقيد السوق، مثل فرض قيود على تيك توك أو دعم الطاقة النظيفة، أهداف واضحة تعوض عن التأثيرات السلبية على الإنتاجية.

تواجه الولايات المتحدة تحديات في تحديد السياسات التي تحفز نمو الإنتاجية. فرغم أن المنافسة تعزز الابتكار، فإن تأثير سياسات مكافحة الاحتكار غير واضح. لكن من المؤكد أن الانفتاح على التجارة والاستثمار والهجرة يعزز الإنتاجية، حيث تستفيد الاقتصادات المنفتحة من الابتكارات العالمية.

في 2022، شكلت الشركات الأجنبية أقل من 1% من الشركات الأمريكية، لكنها ساهمت بـ12% من إنفاق الأعمال على البحث والتطوير، و16% من الاستثمار في المصانع والمعدات، و23% من إجمالي الصادرات. كما وظفت أكثر من 8.3 مليون عامل بمتوسط رواتب 89296 دولارًا، أي أعلى بنسبة 22% من متوسط القطاع الخاص.

المهاجرون أيضًا أدوا دورًا كبيرًا في الابتكار، حيث يشكلون 14% من السكان لكنهم يمثلون 38% من الحائزين على نوبل في الكيمياء والطب والفيزياء، و36% من إجمالي الفائزين بها في العقدين الماضيين، و24% من الحاصلين على جائزة «عبقرية» ماك آرثر منذ 2000.

لكن الولايات المتحدة تتجه نحو سياسات أكثر انغلاقًا، حيث رفعت القيود على الاستثمار الأجنبي، وتدرس فرض قيود على الاستثمارات الخارجية. كما هدد الرئيس السابق ترامب بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على الواردات من الصين، و20% عالميًّا، مما قد يضعف الإنتاجية. إضافةً إلى سياسات هجرة مقيدة، تشمل ترحيل العمال الأقل مهارة وتقييد تأشيرات العمال ذوي المهارات العالية.

في أبريل 2023، تلقت الولايات المتحدة 758,994 طلبًا للحصول على 85,000 تأشيرة

H-1B فقط، ما يعكس النقص الكبير في العمالة الماهرة. في المقابل، استغلت كندا الفرصة، حيث قدمت في يوليو 2023 برنامجًا لجذب 10,000 من حاملي تأشيرات H-1B الأمريكيين الذين فقدوا وظائفهم، وتم ملء جميع الشواغر خلال يومين فقط.

نشأت الحمائية الأمريكية بسبب فشل السياسات في التعامل مع تبعات العولمة، حيث خسر بعض الأمريكيين وظائفهم وثرواتهم، مما أدى إلى فقدان الثقة بالبلاد. «صدمة الصين»، التي أدت إلى فقدان مليوني وظيفة بين 1997 و2011، أبرزت هذا التأثير السلبي. ومع تزايد أتمتة الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، قد تتكرر هذه الأزمة، حيث تقدر دراسة أن ثلثي الوظائف الأمريكية معرّضة للخطر. في 2024، توقع رئيس تاتا أن تختفي مراكز الاتصال في عام واحد بسبب الذكاء الاصطناعي.

القلق العام من الذكاء الاصطناعي واضح، كما ظهر في إضراب هوليوود 2023. إذا لم يتم تعويض العمال المتضررين، قد يتكرر الاستياء كما حدث مع «صدمة الصين». لذا، على واشنطن ضمان استفادة الجميع من مكاسب الإنتاجية عبر سياسات مثل إعفاء ضريبي بقيمة 10,000 دولار للعمال النازحين أو فرض «ضريبة الذكاء الاصطناعي» على الشركات التي تستبدل الوظائف بالخوارزميات.

لتحفيز الإنتاجية دون الإضرار بالعمال، ينبغي تعديل الضرائب لدعم الاستثمار في البشر وليس فقط في التكنولوجيا. السياسات الناجحة في البحث والتطوير والانفتاح العالمي ضرورية لمواجهة التحديات الأمريكية الداخلية والخارجية، مما يسهم في خلق اقتصاد أكثر استدامة وعالم أكثر استقرارًا.

ماثيو ج سلوتر أستاذ إدارة الأعمال الدولية في كلية تَك للإدارة الأعمال في دارتموث

ديفيد ويسل صحفي وكاتب أمريكي

نشر المقال في Foreign Affairs

مقالات مشابهة

  • مسعود يناقش مع رؤساء ومسؤولي كبرى الشركات العالمية بأمريكا سبل تعزيز التعاون
  • خلافات أمريكا وأوروبا.. هل هي بداية انقسام حضارة الغرب وماذا سيفعل عندها العرب؟
  • «تقديم الساعة 60 دقيقة».. لماذا قررت الحكومة العودة للتوقيت الصيفي في مصر؟
  • اجتماع ثلاثي في بكين حول القضايا النووية الإيرانية
  • شرخ في جدار الغرب.. الطلاق بين الولايات المتحدة وأوروبا
  • محافظ جنوب الباطنة يبحث تعزيز التعاون مع شركات الطاقة وتحلية المياه
  • بريطانيا: إيران زادت إنتاجها من اليورانيوم عالي التخصيب بمعدل 51%
  • لماذا تعد مدينة سماء الخليج العربي بأبين الخيار الأمثل للراغبين بمنزل العمر؟
  • الإنتاجية هي كل شيء.. لماذا تغفل السياسات الاقتصادية ما يهم حقًا؟
  • لماذا يهز تعليق الولايات المتحدة للتعاون الاستخباراتي مع أوكرانيا عالم التجسس؟