إيكونوميست: لماذا يجب على العالم إنقاذ مصر من أزمتها؟
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
تعتمد احتمالات الحرب أو السلام في الشرق الأوسط على العديد من الجهات الفاعلة: أمريكا والحوثيين وإيران وإسرائيل والفلسطينيين والسعودية وغيرها،ولكن هناك دولة واحدة أكثر أهمية مما يتصور معظم الناس: مصر.
هكذا يتحدث تحليل لموقع "إيكونوميست"، وترجمه "الخليج الجديد"، داعيا العالم أن ينقذ مصر من أزماتها، ولكنه يشدد أن مصر لن تزدهر أبداً حتى يفسح الرجال الذين يرتدون الزي العسكري الطريق للجميع.
ويصف التحليل مصر بأنها ضخمة، ويبلغ عدد سكانها 110 ملايين نسمة، وتدير قناة السويس، وتشترك في الحدود البرية مع غزة، وتحافظ على معاهدة سلام مع إسرائيل، وتساعد في التوسط في محادثات السلام.
ويشير إلى أنه لا يزال بإمكان مصر أن تلعب دوراً حيوياً للمساعدة في ضمان إقامة دولة للفلسطينيين، وتوفير الأمن في قطاع غزة.
ومع ذلك، يحذر التحليل من أنه إذا انهارت مصر، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من زعزعة استقرار الشرق الأوسط بأكمله.
ويتابع: "مثل هذا الانهيار أمر محتمل إلى حد مخيف، في حين تواجه البلاد أزمة مالية متصاعدة، وبات نظامها عاجزا لا يستحق الإنقاذ، ولكن مصر يجب أن تحصل عليه".
اقرأ أيضاً
إيكونوميست: حرب غزة تفاقم الانهيار الاقتصادي في مصر رغم تمويل صندوق النقد
ويسخر التحليل من الرئيس عبدالفتاح السيسي ويقول إنه رجل قوي قاد انقلابا في عام 2013، وتولى الرئاسة في العام التالي، لكنه أثبت أنه مدير اقتصادي فظيع.
ويشير إلى أنه "في العقد الماضي، شددت الاحتكارات التي يديرها الجيش وأعوانه قبضتهم على اقتصاد مصر الضعيف بالفعل، وخدم الإنفاق الجنرالات، وفر المستثمرون الأجانب، ولا يزال العجز المالي وعجز ميزان المدفوعات مستمرا".
ويلفت إلى أن السيسي اقترض أكثر مما ينبغي، فالدين العام يبلغ 89% من الناتج المحلي الإجمالي، وسجل الدين الخارجي نحو 37%.
ويتابع: "أنقذ صندوق النقد الدولي حكومة السيسي 4 مرات، ودائمًا ما يعد النظام بالإصلاحات الاقتصادية، ثم لا يفعل سوى القليل جدًا".
ويستطرد التحليل: "لقد أدت تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس إلى جعل الأمور أسوأ بالنسبة لمصر، وفي العام الماضي، حصلت البلاد على إيرادات من العملة الصعبة تبلغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي من تشغيل قناة السويس، وتضيف عائدات السياح الأجانب 3% أخرى من الناتج المحلي الإجمالي".
وقد تقلص كلا مصدري النقد بشكل كبير، بعدما بات سعر الصرف الرسمي 30 جنيها مصريا للدولار، بمثابة سراب.
اقرأ أيضاً
إيكونوميست: المصريون ساخطون على السيسي ويخشون سيناريو الخديو إسماعيل
ويبلغ سعر الصرف في السوق السوداء، الذي يعكس ما سيدفعه المشترون الراغبون، 70 جنيها.
وتحتاج البلاد إلى خفض قيمة عملتها رسميا، ولكن القيام بذلك يعني أن قيمة ديونها بالدولار سوف ترتفع نسبة إلى ناتجها المحلي الإجمالي، كما سيؤدي ذلك إلى رفع أسعار المواد الغذائية، وخاصة الحبوب، التي تستوردها مصر في الغالب.
ولو كان المنطق الاقتصادي هو الاعتبار الوحيد، لكان من الممكن وصف "دواء مر" لمصر، فإن أي إقراض إضافي من قبل صندوق النقد الدولي أو الحكومات الأجنبية سيكون مشروطًا بإعادة هيكلة ديونه، والعيش في حدود إمكانياته، وإخراج الجيش من العمل.
ومع ذلك، وحسب التحليل، فإن مثل هذا التقشف سيكون خطيرا للغاية، قد تمضي مصر سنوات في التخلف عن السداد، وهي منطقة محايدة ماليا: فالصين، ثالث أكبر دائن ثنائي لها، تحاول عادة منع إعادة هيكلة الديون.
ويضيف: "سيواجه السيسي صعوبة في إطعام شعبه أو دفع رواتب موظفيه الحكوميين، وربما يطلق الشباب المحبطون في مصر احتجاجات حاشدة، وهو ما قد يقابل بالقمع العنيف".
اقرأ أيضاً
إيكونوميست: لإنقاذ الاقتصاد المصري.. أخرجوا الجيش منه
ويحذر التحليل من أنه سيكون من الصعب احتواء أي اضطراب، خاصة أن المتشددون يمثلون بالفعل مشكلة خطيرة في شبه جزيرة سيناء المصرية، المتاخمة لإسرائيل وغزة، ويمكن أن تنتشر إلى المدن، مما يهدد حكومة السيسي.
ويشدد التحليل على أن الشرق الأوسط الكبير، الذي يحترق بالفعل، لا يستطيع أن يتحمل اندلاع حريق في مصر أيضاً، وعلى أقل تقدير، فإن ذلك سيجعل مصر غير قادرة على المساعدة في التوسط أو تنفيذ اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويضيف: "لذا يتعين على العالم أن يمسك أنفه وينقذ مصر مرة أخرى، فربما تحتاج البلاد إلى ما لا يقل عن 10 مليارات دولار من التمويل قصير الأجل لتجديد ديونها وتخفيف صدمة الانخفاض الكبير في قيمة العملة، وهو ما يوجب على الدول الغربية وصندوق النقد الدولي ودول الخليج العربية الغنية أن تتدخل".
وفي المقابل، والحديث للتحليل: "يجب عليهم الضغط علناً على الجيش للتخلي عن قبضته على الاقتصاد، وسيفعلون ذلك وهم على علم تام بأنه من غير المرجح أن يمتثل الجيش للقرارات، خاصة أن السيسي هو نفسه جنرال سابق".
ويختتم التحليل بالقول: "مصر لن تزدهر أبداً حتى يفسح الرجال الذين يرتدون الزي العسكري الطريق للجميع، ويحتاج المصريون العاديون إلى معرفة ذلك وسماعه".
اقرأ أيضاً
خبراء: مصر لم تخرج من الخطر رغم اتفاق الإنقاذ مع صندوق النقد
المصدر | إيكونوميست - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر إنقاذ إيكونوميست اقتصاد مصر السيسي الجيش المحلی الإجمالی صندوق النقد اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
ما تداعيات رفع الدعم كليا عن المحروقات في مصر بنهاية 2025؟
القاهرة– في خطوة رآها مراقبون متوقعة بالنظر إلى ملف الاستدانة المصري، أعلنت الحكومة المصرية خطتها لرفع الدعم كاملا عن المحروقات بحلول نهاية عام 2025.
وأكد رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحفي عقد الأربعاء الماضي، أن الخطة الحكومية تراعي الإبقاء على دعم السولار وأسطوانات الغاز بجزء كبير.
ووفق مدبولي، فإن الحكومة تدير ملف الوقود بحرص شديد بما يضمن استقرار السوق المحلية ويحقق التوازن بين توفير الموارد المالية للدولة وحماية المواطنين من أي تأثيرات سلبية.
ويتعارض هذا التوجه الحكومي مع تصريحات سابقة لرئيس الوزراء في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين استبعد زيادة أسعار الوقود إذا استقرت أسعار النفط العالمية عند 70 دولارا.
ويتراوح متوسط أسعار النفط حاليا بين 67 و69 دولارا، في حين حددت الموازنة العامة، للعام المالي الحالي، السعر بنحو 82 دولارا.
يأتي الإعلان الحكومي بعد يوم واحد فقط من موافقة صندوق النقد الدولي، على صرف 1.2 مليار دولار، قيمة الشريحة الرابعة من قرض طلبته مصر تبلغ قيمته الإجمالية 8 مليارات دولار.
ومنذ عام 2014، رفعت السلطات أسعار الوقود 12 مرة آخرها، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقد شهد العام الفائت وحده ارتفاع أسعار المنتجات البترولية 3 مرات.
إعلانوتقدر حصة الدعم المقدمة للمواد البترولية وفق الموازنة العامة للدولة، للسنة المالية الحالية، بنحو 155 مليار جنيه (3 مليارات دولار).
يقول المدير التنفيذي لمركز الدراسات التنموية، مصطفى يوسف، إن الخطوة الحكومية لرفع الدعم عن المحروقات، كانت متوقعة بالنظر إلى كون رفع الدعم كاملا، هو أحد اشتراطات صندوق النقد الدولي للموافقة على صرف شرائح القرض الأخير.
ويضيف، أن الخطوة تأخرت نحو عامين "بموجب الاتفاق مع صندوق النقد، حين رفع الدعم كليا، وكان مقررا له عام 2023، ولكن الحرب على قطاع غزة وتداعياتها الاقتصادية أحدثت مرونة لدى المؤسسة الدولية مع مصر وسمحت بالتأجيل".
خلال مؤتمر صحفي، الأسبوع الماضي، قالت رئيسة بعثة صندوق النقد لمصر إيفانا فلادكوفا، إن السلطات المصرية التزمت بخفض أسعار منتجات الوقود إلى مستويات استرداد التكلفة بحلول نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2025.
وتتضمن اشتراطات المؤسسة المالية الدولية لصرف قروض لمصر إعادة هيكلة الدعم لضمان كفاءة توزيع الموارد المالية.
ويضيف يوسف لـ (الجزيرة نت)، أن الحكومة المصرية عموما تستجيب لاشتراطات صندوق النقد في مسألة الإصلاح الهيكلي للاقتصاد على فترات وليس فورا، تجنبا للغضب الشعبي، وهو ما يتفهمه المسؤولون بالصندوق.
ويتوقع أن يؤدي رفع الدعم عن المحروقات إلى زيادة بالتبعية في أسعار السلع والخدمات بنسب تتراوح بين 30 إلى 35%، مرجحا مزيدا من انخفاض القوى الشرائية للمواطنين جراء القرار.
وعن العوامل التي ستحدد الأسعار الجديدة للمحروقات بعد رفع الدعم عنها، يعلق المدير التنفيذي لمركز الدراسات التنموية، بأن السعر العالمي من المفترض أن يكون هو المعيار الذي يحدد عليه السعر المحلي.
آلية تحديد الأسعارويتفق الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، مع يوسف بشأن اعتبار رفع الدعم عن المحروقات خطوة متوقعة، مشيرا إلى أن التخلص من دعم الوقود هو أحد أهم التوصيات التي يقدمها صندوق النقد الدولي لكل الاقتصادات التي تلجأ إليه لطلب المشورة والدعم.
إعلانوأكّد أن التوجه الحكومي الأخير يرتبط بتعهدات مصر أمام صندوق النقد للحصول على القرض الأخير بـ 8 مليارات دولار.
ووفق بيانات البنك المركزي المصري تبلغ قيمة الدين الخارجي المصري نحو 155 مليار دولار.
وعن تداعيات القرار، يتوقع الخبير الاقتصادي، أن ترتفع أسعار المحروقات بنسب تتراوح بين 10 إلى 15% وهو ما سيؤدي إلى زيادة تكاليف إنتاج السلع والخدمات بنسب تتراوح بين 20 إلى 25%.
يستطرد "بالطبع سيتحمل المستهلك تلك الزيادات، ما سيشكل عبئا على الطبقات الفقيرة وذات الدخل المنخفض".
وفق المؤشرات الرسمية، تراجع معدل التضخم السنوي إلى 12.8% في فبراير/شباط الماضي، مقارنة بـ23.2% في يناير/كانون الثاني من نفس العام.
وعلى خلاف يوسف، استبعد عبد المطلب أن يكون السعر العالمي هو المحدد لأسعار المحروقات بعد رفع الدعم الكلي عنها، يضيف "لن تتمكن الدولة من التعامل مع أسعار المحروقات، طبقا للأسعار العالمية خاصة لو انخفضت تلك الأسعار".
ويتوقع الخبير الاقتصادي، أن تستحدث الحكومة آلية معينة لإدارة التسعير، لكنه في الوقت نفسه رجح أن تلجأ الحكومة للاستعانة بالسعر العالمي مع إضافة هامش ربح لها.
زاوية أخرى يشير إليها أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية، مصطفى شاهين، وهي تحرير سعر صرف العملة المحلية وتأثيره على أسعار المنتجات البترولية.
في مارس/آذار من العام الماضي، أعلن البنك المركزي تحرير سعر الصرف، وهو ما أدى إلى انخفاض الجنيه مقابل الدولار من 30 جنيها إلى نحو 50 جنيها.
ويبيّن شاهين لـ (الجزيرة نت)، أن أسعار المحروقات انخفضت عالميا، لكن السوق المحلية لم تتأثر بهذا الانخفاض وظل السعر في طريقه إلى الارتفاع بفعل تعويم الجنيه، معتبرا غلاء الأسعار بمثابة ضريبة غير مباشرة على المواطنين.
إعلانويدلل على ذلك بحجم الدعم المقرر للمنتجات البترولية بالموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي، ويضيف: "رغم أن حجم الدعم المقرر كبير ورغم انخفاض الأسعار عالميا إلا أن الغلاء يزداد على المستوى المحلي".
ويتوقع أستاذ الاقتصاد، أن يتأثر المستهلكون تأثرا كبيرا بسبب رفع الدعم عن الوقود، خاصة مع انخفاض الدخول، وهو ما سيؤدي إلى كساد اقتصادي، حسب قوله.
حيرة الشارعوكان للقرار الحكومي بخصوص أسعار المحروقات في الشارع المصري صداه لدى الطرفين، البائع والمشتري.
يقول مسعد، بائع فواكه إن أسعار المحروقات تؤثر تأثيرا مباشرا على سعر المنتج الذي يبيعه، ويوضح لـ (الجزيرة نت): "بعض الآلات المستخدمة في الزراعة تستخدم الوقود، فضلا عن استخدام السيارات لنقل المحصول من المزرعة إلى محل البيع".
ولا يتصور البائع، كيف ستكون الأمور مع الوضع الجديد بعد تطبيق القرار الحكومي، ويضيف: "الأسعار مرتفعة فعلا ونعاني كتجار من قلة إقبال الزبائن".
وتراود الحيرة نفسها المستهلك، فتقول سامية أمين، موظفة، إنها تعاني كل شهر من عبء التوفيق بين نفقات الأسرة ودخل زوجها إضافة إلى راتبها.
وتضيف لـ (الجزيرة نت): "صحيح الرواتب زادت أكثر من مرة بقرارات حكومية خلال السنوات الأخيرة، لكنها زيادات لا تواكب القفزات المتتالية في الأسعار".
ومع الزيادة المرتقبة في الأسعار ستواجه الموظفة المصرية عبئا أكبر لتدبير النفقات الشهرية لأسرتها، تقول "لا أرغب في التفكير في كيفية مواجهة مستقبل الأسعار.. إنني أواجه أزمة حاليا ولا قدرة عندي على مزيد من التفكير".