التجارة الدولية والتوترات القادمة حول دعومات الصين
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
في حديثه أمام الصحفيين يوم الجمعة 26 يناير ببكين والذي طرح فيه تقييم الصين لأوضاع التجارة العالمية عام 2024 حذر وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو من بؤس بيئتها. وقال: «تصاعد الحمائية التجارية وتفاقم الصراعات الجيوسياسية» من بين التحديات الرئيسية الماثلة. لكنه طمأن الحضور بقوله: ما هو في صالح الصين الصادرات القياسية من صناعاتها «الثلاث الجديدة».
تحركات غربية
في وقت لاحق من هذا العام من المقرر أن تختتم المفوضية الأوروبية تحقيقا حول الدعم الحكومي لإنتاج السيارات الكهربائية في الصين. ويمكن أن يقود هذا التحقيق إلى زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية. كما تدرس بروكسل أيضا اتخاذ إجراءات طارئة لدعم صناعة ألواح الخلايا الضوئية في بلدان الاتحاد، بما في ذلك إجراء تحقيق حول إغراق السوق. في الأثناء فرضت الولايات المتحدة ضوابط تصدير على شحنات التقنية الرفيعة إلى الصين. فبلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إذا استخدمنا المصطلح الرسمي، تعكف على « إزالة أو تقليل المخاطر» والذي ما يعني عمليا تنويع مصادر المنتجات الرئيسية. وتتشدد في التحقق من الاستثمار بالنسبة للشركات الصينية وفحص المعاملات التجارية بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي. هاجمت بكين تحقيق الاتحاد الأوروبي حول دعم السيارات الكهربائية ووصفته بالحمائية الفاضحة وانتقدت سياسة إزالة وتقليل المخاطر (في علاقاته مع الصين). لكن النقاد الغربيين يحاجُّون بأن صنع السياسات في الصين ظل ميركنتاليا (يسعى إلى الثراء من خلال التجارة- المترجم) على مدى عقود ويستهدف بطريقة منهجية تعزيز الاعتماد على الذات في سلسلة التوريد، وتشكو الشركات الأجنبية من أنها تواجه عراقيل متزايدة أمام دخولها السوق الصينية. يقول وانغ يونغ الأستاذ بمدرسة الدراسات الدولية بجامعة بكين وهو يشير إلى النزاع حول السيارات الكهربائية بين الصين والاتحاد الأوروبي: «أنا قلق بشأن هذه القضية ومن تحولها إلى صراع تجاري آخر بين اثنين من أهم الشركاء التجاريين. إذا حدث ذلك لن يستفيد أي أحد». وأضاف على الصين وشركائها التجاريين الرئيسيين التفكير في «حلول خلاقة» لتجنب التصعيد. لكن جورج ماغنوس الزميل المشارك بمركز الصين في جامعة أكسفورد يعتقد أن المفاوضين التجاريين سيعملون بشدة لمنع المزيد من التداعيات هذا العام. ظهور «الثلاث الجديدة» والصناعات الأخرى في الصين والتي تم تطويرها بدعومات مالية ضخمة من الحكومة يعجل باصطدام النظام الاقتصادي الصيني الذي يزاوج بشكل وثيق بين سياسة الدولة ودعمها المالي وقطاع خاص نشط وبين رأسمالية السوق التي تنتهجها البلدان المتقدمة. يقول ماغنوس: «ما يريده كلا الطرفين ببساطة لا يقبله أي منهما. «فالبلدان المتقدمة وخصوصا الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تريد من الصين التلطيف من سياساتها الصناعية والتركيز على الاقتصاد الداخلي». في الأثناء «من الواضح أن القادة الصينيين يحبذون فكرة العلاقات التجارية المفتوحة لكن التي تتسق مع الطريقة التي يريدون أن يمارسوا بها السياسة الصناعية».
فائض تجاري
ظلت البلدان المتقدمة تشكو وتتباكى منذ فترة طويلة من السياسة الصناعية الصينية. لكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي اشتدت الخلافات في عام 2022 عندما سجلت الصين « فائضا تجاريا تاريخيا» مع الكتلة الأوروبية يقارب 400 بليون يورو. وأعلنت بروكسل عن إجراء تحقيق حول مزاعم «إغراق السوق» عندما بدأت السيارات الكهربائية الصينية في اكتساب حصة سوقية العام الماضي. في الوقت ذاته أقنعت حرب أوكرانيا والجائحة القادة الأوروبيين بأنهم في حاجة إلى تنويع مصادر بعض المنتجات الرئيسية في سلاسل توريد بلدانهم كالمعادن النادرة التي تسيطر عليها الصين. ترافقت تحركاتهم هذه مع إجراءات اتخذت في الولايات المتحدة. فإلى جانب تقييد حصول الصين على أشباه الموصلات المتقدمة وتعزيز مراقبة الاستثمارات القادمة من الصين والذاهبة إليها وقع الرئيس جو بايدن في عام 2022 قانون خفض التضخم والذي يهدف إلى تقوية سلسلة توريد صناعة الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة. من جانبها قالت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية للصحفيين في زيارة لها إلى بكين لمقابلة الرئيس شي جينبينج في ديسمبر: «نحن لا نريد أن نرى فك ارتباطٍ مع الصين. ما نريده هو إزالة وتقليل المخاطر (في العلاقة معها). وأضافت: «ذلك يتعلق بمعالجة أوضاع الاعتماد الزائد عن الحد (على الصين) من خلال تنويع سلسلة إمداداتنا، وبالتالي زيادة مرونتنا». رد المسؤولون الصينيون بانتقاد «السياسات الاقتصادية والتجارية المقيدة» التي انتهجتها أوروبا. وعزا المدير العام للشؤون الأوروبية لوزارة الخارجية الصينية وانغ لوتونغ والذي شارك في اجتماعات مع وفد الاتحاد الأوروبي التطور الصناعي في الصين إلى محض «الابتكار»، مع ذلك بالنسبة لبكين ظلت السياسات الطموحة التي تستهدف تقليل اعتماد الاقتصاد على البلدان الأجنبية قيد التنفيذ لعشرات السنين. وكان هذا التوجه مدفوعا في الأساس برغبة الصين في اللحاق بالبلدان الغربية بعد عقود كان خلالها اقتصادها مغلقا إلى حد بعيد أمام تجارة العالم أثناء قيادة ماو. لكنه تحت رئاسة شي الذي سعى إلى أن يكون أكثر حضورا على المسرح الخارجي صار ذلك من لوازم الأمن القومي.
صنع في الصين 2025
يقول ينس اسكلوند رئيس غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين: « الصين هي أول من انتهج إزالة وتقليل المخاطر. وليس سرا أنها ظلت تتحدث عن الاعتماد على الذات منذ فترة طويلة جدا». في أوائل العشرية الأولى من هذا القرن دشنت بكين عدة خطط صناعية استهدفت تقليل اعتمادها على التقنية المستوردة إلى 30% أو أقل بحلول عام 2020. لكن الخطة التي أثارت حقا قلق الحكومات الغربية بما في ذلك إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كانت خطة «صنع في الصين 2025» والتي سعت إلى ترقية براعة الصين التقنية إلى أعلى المستويات. يقول تاو وانغ كبير الاقتصاديين المختصين بشؤون الصين في بنك يو بي إس ومؤلف «السبيل إلى فهم اقتصاد الصين»: إن واضعي السياسات كانوا وقتها قلقين من ارتفاع تكاليف العمل وشيخوخة السكان المتسارعة ونمو التقنيات الرقمية في الخارج. يقول وانغ: « كانت الفكرة أن الصين تواجه تحدي مصيدة الدخل المتوسط. ولذلك كنا حقا في حاجة للانتقال إلى أعلى سلسلة القيمة وترقية صناعتنا لكي نتمكن من المنافسة». كان الجزء المقلق من خطة «صنع في الصين» من منظور البلدان المتقدمة أن وثائقها أدرجت أهدافا تتعلق بالاستحواذ على حصص سوقية طموحة في 10 صناعات استراتيجية تتراوح من تقنية المعلومات إلى أدوات الآلات الرقمية والروبوتات والفضاء وسيارات الطاقة الجديدة. مثلا توجب على المنتجين الصينيين لمعدات شبكة الجيل الخامس الخلوية وأجهزة الهاتف المتنقل الحصول على حصة تساوي 80% من السوق المحلية وما بين 40% إلى 45% في السوق العالمية بحلول عام 2025، وفقا لتحليل من غرفة التجارة الأمريكية. ولتحقيق أهداف شبيهة منحت الحكومة شركات صناعة البطاريات الكهربائية دعما ماليا يمكن أن يشكل ما يزيد على 50% من تكلفة المنتَج. هاجمت جماعات الأعمال الأجنبية الخطة معتبرة إياها ميركنتالية فيما قالت الغرفة الأمريكية: إنها ترجح تفاقم عدم الكفاءة وفرط الطاقة الإنتاجية في الصين وانتشار تشوهات على نطاق العالم.
بعد احتجاجات الحكومات الغربية والتي بلغت ذروتها في الحرب التجارية التي شنها ترامب على الصين أسقطت بكين تدريجيا خطة «صنع في الصين» من الخطاب الرسمي. وشرع الرئيس شي بدلا عن ذلك في الحديث عن «التداول الثنائي» محاولا في الأساس الموازنة بين الصادرات والاستهلاك المحلي. وهي الموازنة التي لم تتمكن بكين حتى الآن من تحقيقها، كما يقول الاقتصاديون.
دعم السيارات الكهربائية
لكن الدعومات السخية استمرت في التدفق نحو العديد من القطاعات المستهدفة والتي تمتد من أشباه الموصلات والى السيارات الكهربائية. على سبيل المثال تذكر نشرة شركة «نيو» الرائدة لصناعة السيارات الكهربائية ليس فقط الدعومات المالية التي تستهدف المستهلكين والمعهودة أيضا في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ولكن أيضا المنح الحكومية لبناء وتشغيل المحطات العامة لتعبئة البطاريات وتطوير المنتج ومنشآت الإنتاج والبحث والتطوير والاستحواذ على الأصول والقروض الحكومية المنخفضة الفائدة. وفي عام 2020 حصلت «نيو» على دعم إسعافي يقارب البليون دولار من مستثمرين تدعمهم الدولة. في عام 2020 أنهت الصين برنامج خاص بدعم المستهلكين لشراء السيارات الكهربائية استمر لمدة 13 عاما. لكن الحكومات المحلية ما زالت تمنح دعومات مالية وتخفيضات ضريبية. ولدى الحكومة المركزية برنامج مطول لخفض الضرائب على مشتريات السيارات الكهربائية يستمر حتى عام 2027. ووفقا لتقديرات مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية وهو مركز أبحاث أمريكي بلغ إجمالي إنفاق الدولة التراكمي على قطاع السيارات الكهربائية أكثر من 125 بليون دولار في الفترة من 2009 إلى 2021.
ما هو مهم لمخططي الدولة في الصين أن القطاع أوفى بأهدافه. لقد استحوذت العلامة الصينية للسيارات الكهربائية على 79.9% من السوق المحلية، حسب وسائل الإعلام الحكومية. ما أخاف الغرب حقا بشأن شركات التقنية النظيفة الصينية أن تقنيتها كثيرا ما تفوق تقنيات الولايات المتحدة والبلدان المتقدمة الأخرى. قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي في أبريل الماضي: إن الولايات المتحدة عليها القبول بحقيقة أن اقتصادا «غير سوقي» كبير جرى إدماجه في النظام الاقتصادي العالمي على نحو فرض تحديات كبيرة». واتهم الصين بتقديم دعم مالي واسع النطاق للقطاعات الصناعية التقليدية كالصلب وأيضا لصناعات المستقبل الرئيسية.
لكن وانغ الأستاذ بجامعة بكين يقول: من الخطأ التهوين من الدور المهم للقطاع الخاص الصيني الحيوي والضخم في نجاح صناعات عديدة بما في ذلك السيارات الكهربائية. ويقول عن الشركات الخاصة في الصين: «بالطبع هي تستفيد من الدعم المقدم من مختلف مستويات الحكومة. لكن يجب عدم التقليل من دورها في مجالي الابتكار وريادة الأعمال. لقد استفادت كثيرا من المنافسة الشرسة في الصين والعالم».
ويقول المحللون من الجوانب السلبية لمثل هذا التدخل الحكومي الكبير: إن السياسات الصناعية الصينية قد تقود إلى نتائج لا يمكن التنبؤ بها وتترتب عنها تكلفة باهظة. ففي مقاطعة سيشوان الغربية بالصين تشكل شركة تشونغتشينغ لتقنية الأغشية الكهروضوئية الرقيقة للطاقة الشمسية مثالا واحدا لإخفاق السياسة المركزية. نائب عمدة تشونغتشينغ الذي ترأس حفل تدشين مصنع الشركة في عام2017 كان قد أعلن في اعتزاز أن المشروع الذي يكلف 2.55 بليون رينمينبي «سيفتتح عهدا جديدا» لصناعات الطاقة النظيفة في المدينة، لكن اليوم يبدو المصنع مهجورا. فقد تخلى عنه حملة أسهم الشركة المدعومين من الدولة بعدما قرروا أن تقنيته لا يمكنها المنافسة في سوق الخلايا الضوئية بالصين. لقد أغلقت بواباته الدوارة بالأسلاك وغادر منذ فترة طويلة المهندسون الألمان الذين تولوا تركيب خطوط إنتاجه المتقدمة. ويقول الحارس الوحيد عند المدخل: «لا يوجد مستثمرون جدد لتشغيل المصنع». وعلى الرغم من نمو صناعة الطاقة الشمسية في الصين إلى حد جعلها تهيمن على السوق العالمية، إلا أنها أيضا شهدت تقلبات، فالشركات أفلست مثلا عندما انكمشت سوق الصادرات عقب أزمة الدين في منطقة اليورو والتي بدأت عام 2008، إنه نموذج الازدهار والانهيار الذي تكرر في قطاعات أخرى، ولقد واجهت الصين عنتا لتطوير صناعة أشباه موصلات متقدمة على الرغم من الدعم الحكومي طوال 40 عاما.
حتى صناعة السيارات التي هيمنت عليها الاستثمارات المشتركة الصينية الأجنبية المشتركة لم تكن منافسة عالميا قبل تطوير سيارات الطاقة الجديدة، حسبما تقول وانغ تاو المحللة ببنك يو اس بي والتي تعتقد أن الاختلاف في حالة قطاع السيارات الكهربائية عدم حماية الحكومة للشركات القائمة. «فهي بدلا عن ذلك أوجدت حوافز لدخول المستثمرين في هذه الصناعة ثم المنافسة، وفاز فيها من لديه استراتيجية وتقنية أفضل». يقول يورج ووتكي الرئيس السابق لغرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين ورئيسها الفخري حاليا: «صناعة السيارات الكهربائية الصينية على الرغم من براعتها التقنية، إلا أنها اتبعت مسارا شبيها بالقطاعات الأخرى التي تفضلها بكين. ويقول أيضا: «كل أحد لديه تمويل لا حدود له من القروض ودعم من الحكومة المحلية، وذلك هو السبب في أن الصين كلما تتوسع في الإنتاج تصبح منتجاتها رخيصة جدا، وآلية الإنقاذ الوحيدة لها هو صمام أمان اسمه التصدير». ويضيف ووتكي: إن دافع الضرائب الصيني هو في النهاية من يسدد الفاتورة.
حسد غربي
تاريخيا، الطرح الأوَّلي للسياسة الصناعية رافقته قوانين تجعل من الصعب على الأجانب المشاركة بحسب ووتكي الذي يقول: «لا يمكنك المنافسة ضد اقتصاد ينفتح فقط عندما يغادر القطار المحطة». كثيرا ما يعدّ واضعو السياسات ورجال الأعمال الصينيون شكاوى الأجانب نوعا من الحسد، وخلال اجتماع لرجال الأعمال الصينيين والغربيين في بروكسل العام الماضي كما يذكر أحد المديرين التنفيذيين الغربيين شرع مسؤول في إحدى الشركات الحكومية الصينية في إلقاء محاضرة حول الكيفية التي فقدت بها أوروبا «أخلاقيات العمل البروتستانتية». ويقول التنفيذي الغربي: «هنالك (في الصين) حقا تصور بأن أوروبا أصبحت كسولة»، وأضاف هذا على الرغم من حقيقة أن مستويات الإنتاجية في أوروبا لا تزال أعلى مقارنة بالصين. ويشير واضعو السياسات الصينيون أيضا إلى تزايد الدعومات الأمريكية والأوروبية لصناعة الطاقة الخضراء. فتكلفة قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة على سبيل المثال قدرت أصلا بحوالي 385 بليون دولار. لكن يمكن أن ترتفع في النهاية إلى ثلاثة تريليونات دولار. يقول ووتكي: « في أوروبا قبل 10 أو 20 عاما وفي الولايات المتحدة أيضا اعتقدوا أننا إذا تعاملنا مع الصين ستصير أشبه بنا، لكن الصين تمكنت في الواقع من جعلنا أشبه بها»، ويقول المحللون: ما هو مختلف بالنسبة لأحدث السياسات الصينية على أية حال تأكيدها المتزايد على الأمن القومي. تحت قيادة شي توسعت الحكومة الصينية في تعريفها للأمن لكي يشمل معظم مجالات التقنية من الطاقة والبيئة وإلى البيانات والصناعة التحويلية مع التركيز على الاعتماد على الذات. مع تراجع سوق العقارات في الصين وعدم إقبال المستهلكين على الإنفاق تقرض البنوك الصينية المزيد للمصنِّعين مما يثير المخاوف في أوروبا خصوصا وأن موجة أخرى من السلع الرخيصة توشك على أن تنطلق نحوها. ويقول المحللون: إذا توصل الاتحاد الأوروبي تحقيقه حول دعم السيارات الكهربائية إلى معاقبة السيارات الصينية من المحتمل أن ترد بكين على ذلك. في العام الماضي ردت بكين على قيود التصدير الأمريكية بالحد من شحنات معدنين تحتكرهما ويستخدمان في صناعة الرقائق هما الغاليوم والجرمانيوم. الصين أيضا هذا الشهر حذرت فرنسا التي تعدها بين من يقفون وراء النزاع حول السيارات الكهربائية وذلك بشروعها في إجراء تحقيق حول واردات الكونياك الفرنسي. يقول هنري غاو أستاذ القانون بجامعة سنغافورة للإدارة: الصين ستبذل قصاراها لتجنب حدوث انهيار في علاقتها مع الاتحاد الأوروبي على نحو ما حدث مع الولايات المتحدة في عهد ترامب. ومع صراع اقتصادها وارتفاع الدين الحكومي لا يمكنها على أية حال الاستمرار في دعم سياراتها الكهربائية. يقول غاو: في الغالب سيدرك الرئيس شي أن ليس من الحكمة الشجار مع عدد كبير من كبار الشركاء التجاريين في نفس الوقت ويضيف: من المحتمل أن شي يرى العالم الحالي عبر عدسة (الممالك الثلاثة)». وهو يشير بذلك إلى فترة من التاريخ كانت تحارب خلالها ثلاث دول من أجل الهيمنة في الصين. يقول: «أنت لا يمكنك محاربة مملكتين في الوقت نفسه. عندما تحارب إحداهن يجب أن تحاول التودد إلى الأخرى. تلك هي الإستراتيجية». بالنسبة للاقتصادات المتقدمة يمكن أن يساعد إنتاج الصين وصادراتها المنخفضة التكلفة الحكومات على موازنة الضغوطات التضخمية في أثناء تحولها إلى التقنيات النظيفة. ويمكن أن يقدم ذلك حافزا لحل الخلافات التجارية القادمة. يقول روبن شينغ كبير الاقتصاديين المختصين بشؤون الصين في بنك مورغان ستانلي «إذا أراد الناس على الصعيد العالمي تبني التحول إلى الموارد المتجددة بسرعة من المعقول استخدام منتجات أرخص وأكثر كفاءة من حيث التكلفة». ويقول: إنه أيضا توازن دقيق بين المضي قدما نحو التحول إلى الموارد المتجددة وبين الاكتفاء الذاتي فيما يخص سلسلة التوريد. يعتقد ايسكلوند بوجود مجال أمثل يمكن أن يستفيد فيه الطرفان من القدرات التنافسية للجانب الآخر. يقول: «من الأفضل لكل من الصين وأوروبا في الأجل الطويل إيجاد ذلك التوازن الذي يسمح لكلا الجانبين استخدام ميزاتهما بطريقة تدعم الطرف الآخر. لكن ذلك ليس ما نَجِد أنه يحدث اليوم».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السیارات الکهربائیة فی الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی على الرغم من صنع فی الصین الصین فی یمکن أن لا یمکن فی عام
إقرأ أيضاً:
سؤال يؤرق واشنطن.. صنع في المكسيك أم الصين؟
في عام 2023، أظهرت بيانات التجارة الخارجية الأميركية تحولا واضحا، ولأول مرة منذ عشرين عاما تتخطى المكسيك الصين، وتصبح أكبر مصدر للولايات المتحدة، بقيمة وصلت إلى 475 مليار دولار.
هذا التفوق المكسيكي، يأتي في سياق أوسع عنوانه حرب تجارية بين واشنطن وبكين، لتحصد المكسيك مكاسب هذا النزاع بعدما وقعت اتفاقية تجارة حرة بداية عام 2020 مع الولايات المتحدة وكندا.
هذه الاتفاقية جعلت الاستثمارات الأجنبية تتدفق لولايات البلد اللاتيني، إذ وجد الصينيون عبر المكسيك طريقا معفى من الجمارك نحو الولايات المتحدة.
برنامج "الحرة تتحرى"، الذي تثبه قناة "الحرة" رصد مساعي بكين للالتفاف على رسوم الجمارك الأميركية، وكيفية التفاف الشركات الصينية وإخفاء بلد المنشأ لبضاعتها، للتحايل على اتفاق التجارة الحرة بين دول أميركا الشمالية.
الباحث الاقتصادي في جامعة جورج مايسون الأميركية، أومود شكري يقول إنه خلال إدارتي دونالد ترامب الأولى، وجو بايدن وبهدف حماية الصناعة الأميركية فرضت واشنطن رسوما جمركية عالية على الواردات من الصين كالسيارات الكهربائية وألواح الطاقة الشمسية.
وأضاف أن الصين تحاول تجاوز التعريفات الجمركية، ونقلت مصانعها قرب الحدود الأميركية، لتصدر منتجاتها إلى الولايات المتحدة بشعار "صنع في المكسيك".
ديفيد غانتس، محام في التجارة الدولية وزميل جامعة أريزونا قال إن هذا يسمى بـ "النقل القريب، بأن تنقل الشركات الأميركية أو الأوروبية أو الآسيوية، مصانعها إلى المكسيك حيث تكاليف العمالة منخفضة وسهولة الشحن للسوق الأميركية شديدة القرب، هذه ممارسة مستمرة في المكسيك منذ أكثر من 30 ثلاثين عاما وفي السنوات الأخيرة، اتبعتها شركات صينية كثيرة.
وعلى مدى العقدين الماضيين، بذلت بكين جهودا كبيرة للاستثمار حول العالم، وأينما تشرق الشمس، يوجد استثمار صيني، الذي سيستفيد بالطبع من موقع المكسيك، شديد القرب من السوق الأميركية، على ما يؤكد جيانغ جي شي وهو أستاذ شؤون أميركا اللاتينية بجامعة شنغهاي الصينية.
مصدر قلق للإدارة الأميركية واشنطن زادت الرسوم الجمركية على البضائع الصينية . أرشيفيةويشرح الباحث الاقتصادي شكري لماذا يشكل هذا الأمر مصدر قلق للولايات المتحدة، إذ أن المنتجات الصينية مثل أنظمة السيارات الكهربائية الحديثة، الصينية وغيرها، تشمل كاميرات وأجهزة استشعار، وهذا قد يمثل تهديدا للأمن القومي، فهذه الأنظمة، تجمع معلومات وبيانات، وإن كان صاحب السيارة، من موظفي الحكومة، أو أجهزة الاستخبارات، فقد يتم جمع معلومات عن مكان عمله.
وفي ربيع 2024، فرضت الإدارة الأميركية، تعريفة جمركية، على واردات صينية، بقيمة ثمانية عشر مليار دولار، والتي شملت قائمة الصلب، وأشباه الموصلات، والسيارات الكهربائية.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن حينها إنهم "أحيانا يسرقون براءات الاختراع، عبر هجمات سيبرانية، وهذا موثق ومعروف دوليا، عندما تتبع تكتيكات كهذه، فهذا غش، وليس منافسة".
بايدن لنظيره الصيني: منافسة أميركا والصين يجب ألا تتحول إلى نزاع أعلن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن السبت خلال اجتماعه الثنائي الأخير مع نظيره الصيني شي جين بينغ أنه يتعين على الولايات المتحدة والصين بذل كل ما في وسعهما لمنع المنافسة بينهما من "التحول إلى نزاع".اتهامات واشنطن لبكين، بإغراق السوق الأميركية ببضائع مقلدة، ورخيصة الثمن، ليست جديدة.
ورسوم بايدن، جاءت كجزء من حرب تعريفات جمركية، بدأها دونالد ترامب، عام 2018، وهو العام ذاته، التي سجلت الولايات المتحدة فيه، عجزا تجاريا مع الصين، بأكثر من 400 مليار دولار.
الرئيس الأميركي، ترامب قال في تصريحات وقتها "هذا يعني أن الصين، تمثل أكثر من نصف عجزنا التجاري، وهو الأكبر، الذي تشهده أي دولة في التاريخ، وهو أمر خارج عن السيطرة، لذا سنعمل على حل هذه المشكلة".
ومن وقتها، توالى فرض التعريفات، من الجانب الأميركي.
وقال المحامي غانتس إن "الرسوم الجمركية تتراوح بين 7 و25 في المئة، على بضائع قيمتها 350 مليار دولار، من الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، فرضها ترامب قبل ست سنوات، وواصلها بايدن قبل أشهر، بتعريفة تبلغ 100 في المئة، على السيارات الكهربائية المستوردة مباشرة من الصين لأميركا، وهي قليلة العدد حاليا".
رغم انتقادها لإجراءات واشنطن، ردت الصين بتعريفات على صادرات أميركية، بقيمة 100 مليار دولار، شملت منتجات من الأغذية والغاز الطبيعي، إلى السيارات والطائرات.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشون ينغ حينها إن "التصرف بعشوائية وتهور، خطأ وانعدام للمسؤولية، ما زلنا نتمنى أن يلتقي المسؤولون من الجانبين، لحل تلك القضايا، عبر الحوار البناء والتفاوض".
"الأبواب الخلفية" الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تتنامى. أرشيفيةوبعد عامين من التفاوض، أبرم الجانبان اتفاقا، لكن بكين، ووفقا لتقارير أميركية، لم تلتزم ببنوده.
ويبين تقرير لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي بواشنطن أنه "بموجب الاتفاق، وافقت الصين على توسيع مشترياتها من سلع وخدمات أميركية، بمقدار 200 مليار دولار، بين الأول من يناير 2020، ونهاية ديسمبر 2021، وفي النهاية، اشترت الصين 58 في المئة فقط، من مجمل ما التزمت بشرائه وفق الاتفاق".
إضافة لذلك، لجأت شركات صينية لأبواب خلفية، للوصول إلى السوق الأميركية، دون دفع رسوم جمركية.
وقال شكري إن "الحكومة الصينية، وبغرض الالتفاف على التعريفات، أنشأت مصانع جديدة في كل دول العالم، كفيتنام، لإنتاج بضائع تحمل شعار، صنع في فيتنام، ولتخطي رسوم دخول السوق الأميركية أو الأوروبية، كهدف أساسي".
هل تنجح خطة ترامب الجمركية في كبح جماح الصين؟ آراء متباينة حول تبعات السياسات الاقتصادية، وبخاصة التعريفات الجمركية، التي ينوي الرئيس المنتخب دونالد ترامب تطبيقها لدى دخوله البيت الأبيض يناير المقبل.كانت فيتنام، أول تطبيق لهذه الممارسة، في بداية الأزمة، ويشير غانتس إلى أنه "إذا نظرت لبيانات التجارة الأميركية، فإن الواردات من فيتنام مثلا، والتي انتقلت إليها شركات كثيرة من الصين، زادت بشكل كبير في العامين الماضيين، ومن المؤكد أن الزيادة، بضائع بها مكونات صينية، أو هي إنتاج صيني كامل".
ووفقا لإحصاءات واشنطن الرسمية، تضاعفت صادرت البلد الآسيوي، إلى الولايات المتحدة، من 49 مليار دولار عام 2018، إلى 114 مليارا عام 2023.
لكن فيتنام، لم تكن منفذ الصينين الوحيد، باتجاه السوق الأميركية، ومنذ بداية الاشتباك الجمركي، بين واشنطن وبكين، تزايدت الاستثمارات الصينية في المكسيك، خاصة مع انضمام الأخيرة، لاتفاقية تجارة حرة، مع جارتها الشمالية.
استثمارات بالملياراتوفي عام 2023، نشرت الحكومة المكسيكية تقريرا، يشير لتعهد بكين، باستثمارات تتعدى، 12 مليار دولار.
فيكتور غاو، محام ونائب رئيس مركز الصين للعولمة في بكين قال إن "الحكومة المكسيكية منفتحة للغاية، ما سهل جذب الاستثمارات الصينية، إضافة لذلك، ساعد كون المكسيك، جزءا من منطقة التجارة الحرة في أميركا الشمالية، ألا يقتصر الإنتاج على سوقها المحلي، بل يُصدّر للولايات المتحدة وكندا، وكذلك لكل أميركا الجنوبية".
استثمارات بكين، لم تكن أمرا جديدا، فإحصاءات الحكومة المكسيكية تشير، إلى وجود صيني ضئيل نسبيا، وصل البلاد قبل نحو 25 عاما.
وهو ما يكشفه موقع وزارة الاقتصاد المكسيكية، الذي يلفت إلى أنه "في الفترة من يناير1999، إلى يونيو 2024، تلقت المكسيك ما مجموعه 2.48 مليار دولار، كاستثمارات أجنبية مباشرة من الصين".
لكن تقارير أميركية قدرت حجم هذه الاستثمارات، بنحو خمسة مليارات دولار، ضختها بكين في المكسيك، منذ عام 2007، أي ضعف المعلن رسميا.
كيف ستؤثر عودة ترامب على العلاقة مع الصين؟ في أعقاب لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن بنظيره الصيني "شي جين-بينغ" في عاصمة البيرو قبيل انطلاق اعمال قمة العشرين، أكدت بكين أنها ستسعى جاهدة لضمان انتقال سلس في علاقاتها مع واشنطن، وأنها مستعدة للعمل مع إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.إنريكي دوسيل بيترز، وهو أحد أبرز الاقتصاديين المكسيكيين، المؤيدين لاستثمارات الصين في بلاده، يقدر الأرقام بأعلى منذ ذلك بكثير.
ويشير بيترز وهو مدير مركز الدراسات الصينية المكسيكية "في تقريرنا، سجلنا 22 مليار دولار، من الاستثمارات الصينية في المكسيك، بين عامي 2000 و2023، في حين تسجل المصادر المكسيكية الرسمية، مليارين ونصف المليار دولار".
الفارق الكبير بين تقدير دوسيل، والأرقام الرسمية، والذي يصل لتسعة أضعاف، فسرته دراسة أممية، نشرت قبل أكثر من عشر سنوات، وأفادت بأن الكثير من الاستثمارات الصينية، تصل عبر دول وسيطة، تصنف كملاذات ضريبية.
تعد أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، وجهة مهمة للاستثمار الأجنبي الصيني المباشر، والذي يتركز بشكل شبه كامل في الملاذات الضريبية، بإجمالي يبلغ 31 مليار دولار، ومع ذلك، فإن أكثر من 90 في المئة منها، تتركز في جزر كايمان وجزر العذراء البريطانية.
وقال بيترز إنه "إذا ضخ مستثمر صيني، أمواله عبر دولة ثالثة، ولتكن الولايات المتحدة، فإن المصادر الرسمية، تعتبره استثمارا أميركيا وليس صينيا، أما نحن ولأننا نعلم أنها شركة صينية، فإننا نسجلها كذلك".
كيف أخفت شركات صينية جنسية بضائعها؟ مصانع مكسكية تغزو المكسيك. أرشيفية - تعبيريةفي عام 2016، وقبل بدء الحرب التجارية، بين واشنطن وبكين، أسس الصينيون مدينة صناعية، باسم مجمع هوفوسان، في ولاية نويفو ليون المكسيكية، إلا أن انطلاقتها الفعلية، بدأت بعد حرب الرسوم الجمركية.
عشرات الشركات، قررت نقل خطوط إنتاجها، إلى المجمع، الذي لا يبعد سوى 200 كلم، عن الحدود الأميركية.
مدير منظمة كينترا للصناعيين بنويفو ليون، خوان بابلو غارسيا أكد أنه "واقع نلمسه، استثمارات جديدة، تتدفق من كل الدول، إلى نويفو ليون، وشركات موجودة في الولاية، تزيد استثماراتها، لمواكبة النمو والنشاط الاقتصادي، والتصدير شمالا، إلى الولايات المتحدة".
خبراء: الصين مركز جديد لغسيل أموال كارتلات المكسيك حذر خبراء خلال جلسة استماع بالكونغرس الأميركي من أن شبكات متنامية مختصة بتبييض الأموال في الصين باتت تغذي وباء الإدمان على المخدرات الذي أضحى أكبر قاتل لفئة الشباب في الولايات المتحدة، وفقا لما ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية.وعندما دفعت طفرة التجارة، المكسيك، لأن تصبح أكبر مصدر للسوق الأميركية، عام 2023، أظهرت بيانات الملاحة الدولية، زيادة لافتة، في حركة الشحن البحري، من الصين، إلى البلد اللاتيني.
وتظهر بيانات منصة زينيتا لتحليل بيانات الشحن البحري أنه في يناير 2024 ارتفع نمو الطلب على واردات الشحن بالحاويات من الصين إلى المكسيك، بنسبة 60 في المئة، ما زاد الشكوك في أن المكسيك، أصبحت بابا خلفيا إلى الولايات المتحدة.
ويؤكد مدير مركز الدراسات الصينية المكسيكية، بيترز أن هذه "الشركات تطرح منتجاتها داخل المكسيك، وبعضها يدمج بضائعه في صادرات المكسيك، لأكثر من 100 دولة، ولكن 80 في المئة من صادرات المكسيك تذهب للولايات المتحدة بالطبع".
لكن خبراء صينيون، يدعون نبل الغاية من وراء هذه الاستثمارات، وقال أستاذ شؤون أميركا اللاتينية بجامعة شنغهاي الصينية، جيانغ جي شي "لا تشغل بالك بالقط، طالما أنه قادر على الإمساك بالفأر، أعني أن الاستثمار الصيني في المكسيك، مفيد للاقتصاد المحلي، والمكسيك الأكثر ازدهارا، ستختفي منها المخدرات والهجرة غير الشرعية، وهذا مفيد للولايات المتحدة".
ويرى الباحث شكري "أن الحكومة المكسيكية عليها أن تشعر بقلق بالغ، لأن الحكومة الأميركية، صارت تراقب باهتمام كبير، كل ما يرد إليها من بضائع صينية، عبر المكسيك".
وتحتكم هذه المراقبة الأميركية، إلى بنود اتفاق التجارة الحرة مع مكسيكو سيتي، وشروطه لإعفاء البضائع الواردة من الجنوب.
وذكر بيترز أن "اتفاقية التجارة الحرة، بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، تأخذ في عين الاعتبار، أن صناعة السيارات أو الحواسيب أو الشاشات، تحتاج إلى مئات المكونات، التي لا تنتجها المكسيك، فتستوردها من الخارج، وفي النهاية يقال إن هذا الحاسوب، صنع في المكسيك، فإذا كانت القيمة المضافة محليا من 50 إلى 80 في المئة، تدفع تعريفة واحدة، وإن كانت أقل، تضاف رسوم أخرى".
سلع صينية تحت المجهر الولايات المتحدة اتخذت خطوات هامة لإحياء صناعات أميركية في مواجهة الصين . تعبيريةوتحظى سلع صينية بعينها بالاهتمام الأكبر، من جانب واشنطن، ويلفت غانتس إلى أن "الولايات المتحدة لا يساورها التخوف، بسبب الإنتاج الصيني في المكسيك عموما، ولكن ما يحظى بالاهتمام بصورة أكبر، هو السيارات الكهربائية وبطارياتها، التي قد تجمعها شركات صينية في المكسيك، وتصدرها للسوق الأميركية".
في فبراير 2024، أعلنت شركة BYD الصينية، عزمها تأسيس مصنع لإنتاج السيارات الكهربائية، في المكسيك.
جاء ذلك في وقت تهيمن فيه الصين، على سوق المركبات الكهربائية العالمية، بحسب تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس نقلا عن شركة الاستشارات والتحليل غلوبال داتا، تتفرد الصين بالمركز الأول بفارق كبير، 62 في المئة من أصل 10.4 مليون سيارة كهربائية، تم إنتاجها في جميع أنحاء العالم العام الماضي، فيما جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية، بحوالي مليون مركبة، أي أقل من عشرة في المئة من الإنتاج العالمي.
والعامل الحاسم وراء هذا التفوق، كان السعر، فالسيارة الصينية، تباع بنحو نصف سعر نظيرتها الأميركية.
الصين وأميركا.. توقعات باشتداد المنافسة على الذكاء الاصطناعي يتحدث الرئيس المنتخب، دونالد ترامب عن جهود لدعم التفوق الأميركي في سباق التسلح مع الصين في مجال الذكاء الاصطناعي.لذلك وصف ممثلو صناعة المركبات الكهربائية في الولايات المتحدة، إعلان BYD، تطورا يهدد بقاء صناعتهم.
ويقول الخبير القانوني غاو إنه "لأكثر من عشر سنوات، أظهرت الصين ثباتا، في بناء منظومات السيارات الكهربائية، وتحديدا بطارياتها، وهي متقدمة على منافسيها عالميا بخمس إلى عشر سنوات، أنت تصفها بالسيارات رخيصة الثمن، لكنك تغفل نقطة مهمة، فأسعار هذه السيارات في المتناول، ولكنها متطورة للغاية، ويمكن ربطها بسهولة بالفضاء الإلكتروني، وأنظمة الذكاء الاصطناعي".
لكن هذه التقنية، تثير مخاوف متعلقة بالأمن القومي، ويقول خبراء أميركيون إن تلك السيارات، إن دخلت السوق الأميركية، قد يكون بمقدورها، جمع صور ومعلومات من مواقع عسكرية وأمنية، إضافة إلى محطات إنتاج طاقة.
ويرى الباحث الاقتصادي شكري أنه "لا توجد ضمانة، ألا تشارك الشركات الصينية تلك المعلومات، مع حكومة بكين، التي تدعمهم ماليا، وتساعدهم على الاستثمار في الخارج، أيضا من منظور الأمن القومي، واقتصاديا كذلك، لو صنعت هذه السيارات في المكسيك، وتدفقت إلى السوق الأميركية، فهذا سيهدد مستقبل صناعة السيارات الكهربائية، في الولايات المتحدة، وخاصة كيانات مثل تسلا ولوسيد".
الالتفاف بتصدير المنتجات الحرب التجارية الأميركية الصينية. تعبيريةوفي سبتمبر من 2024 بادرت واشنطن بخطوة وقائية وحظر البيت الأبيض استيراد السيارات الصينية، التي تقترن بأنظمة تكنولوجية خارجية، يطورها صانعوها، لدواع أمنية، ولحماية الصناعة المحلية.
وقبل ذلك بأشهر، رصدت السلطات الأميركية، تلاعبا في بضائع أخرى وصلت بالفعل، عبر المكسيك.
وقال الرئيس الأميركي، بايدن حينها "نظرا لأن الشركات الصينية تنتج كميات من الصلب، أكبر بكثير من الاحتياج المحلي، لذل فهي تغرق السوق العالمية، بكميات إضافية، وبأسعار منخفضة بشكل غير عادل، هم لا يتنافسون، بل يغشون، يغشون".
نتيجة لحرب الرسوم والتعريفات، انخفضت مبيعات الصلب الصيني للولايات المتحدة، بنحو 30 في المئة، بين عامي 2018 و2023، لكن، خلال الفترة ذاتها، سجلت صادرات الصلب الصيني للمكسيك، زيادة تقدر بـ 60 في المئة.
وفي يونيو 2024، أعلن مكتب الإحصاء الأميركي، أن 13 في المئة من الصلب الوارد من المكسيك، مصنوع خارج الجارة الجنوبية.
ملامح جديدة في العلاقة التجارية الأميركية الصينية بعد يناير المقبل العاصمة البيروفية ليما ربما قد تحتضن آخر لقاء بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ.ويشرح غانتس أن "معظم الصلب المستورد من خارج الولايات المتحدة وأميركا الشمالية، يخضع لرسوم جمركية، بنسبة 25 في المئة، ولو أمكن لشركة صينية، إرسال الصلب إلى المكسيك، وإعادة تصديره للسوق الأميركية، ستتجنب الرسوم الجمركية بالكامل، هذه ليست قضية تصنيع، بقدر ما هي قضية تحايل".
في واشنطن، حذر أربعة أعضاء بمجلس الشيوخ، من سوء استغلال اتفاقية التجارة الحرة، مع المكسيك، في خطاب إلى الرئيس، جو بايدن.
وقالوا في الخطاب "لقد أقر الكونغرس اتفاقية التجارة الحرة، مع المكسيك، وليس الصين، ولابد من اتخاذ إجراءات فورية، لمنع الحزب الشيوعي الصيني من استغلال اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، وتحويل هذه الاتفاقية التجارية المهمة إلى سلاح".
ماذا بعد 2026؟ الصين تستغل اتفاقية المكسيك مع الولايات المتحدة لصالحها. أرشيفية - تعبيريةوبحلول عام 2026، ينتظر أن تراجع الدول الثلاث، الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، اتفاقية التجارة الحرة بينهم، إما بغرض التجديد، أو الإلغاء، أو اللجوء لخيار ثالث، أكثر احتمالا.
أستاذة السياسات الاقتصادية بجامعة كارلتون الأميركية، ميريديث ليلي قالت "إذا لم تتفق الدول الثلاث على تجديد الاتفاق في عام 2026، فإننا سننتقل إلى فترة من المراجعات السنوية، وفي اعتقادي، لا يوجد سبب على الإطلاق، يدفع السياسيين لتجديد الاتفاقية".
القواعد العسكرية الصينية الجديدة.. "جرس إنذار" للغرب أنفقت الصين عشرات المليارات من الدولارات لتحويل الحقول الزراعية والموانئ البحرية التجارية إلى مجمعات عسكرية لعرض القوة عبر آلاف الأميال من المحيطات التي تدعي أنها ملك لها.ويسود توافق بين ممثلي الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، بأن استثمارات بكين في المكسيك، هي مجرد حيلة للتسلل إلى الأسواق الأميركية، عبر إخفاء بلد المنشأ الحقيقي، بين قوسين، وبغرض التهرب من دفع الرسوم المستحقة.
ولهذا يقترح أعضاء في الكونغرس، إيصاد ذلك الباب، بحظر منتجات الشركات الصينية، المصنوعة في الجارة الجنوبية، بينما يعول آخرون، على قدرة سلطات الجمارك، على ضبط أي تلاعب محتمل، حتى موعد مناقشة اتفاق التجارة الحرة، عام 2026.
ولم تتلق "الحرة" أي رد على طلبات التعليق من وزارة الاقتصاد المكسيكية، كما لم تستجب وزارة التجارة الصينية لسؤالنا عن مدى التزام الشركات الصينية، العاملة في المكسيك ببنود بلد المنشأ في اتفاقية التجارة الحرة لدول أميركا الشمالية.