تعدين البيانات.. صناعة واعدة وجاذبة للاستثمار في سلطنة عمان
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
تعدين البيانات.. نشاط لاكتشاف المعرفة وتنسيقها في أنماط تسهل استخلاص النتائج
ووضع مؤشرات تستخدم في تحسين عملية صنع واتخاذ القرار وتوقع المتغيرات المستقبلية
365 مليون ريال استثمارات اجتذبتها مراكز استضافة ومعالجة وتعدين البيانات والعملات
135 مليون ريال.. مركز اكساهيرتز انترناشيونال في المنطقة الحرة بصلالة
150 مليون ريال.
80 مليون ريال.. مشروع المدينة الخضراء في المنطقة الحرة بصحار
خلال الأسبوع الماضي، تم توقيع اتفاقية تأجير الأرض لإنشاء مركز استضافة ومعالجة وتعدين البيانات الجديد في المنطقة الحرة بصحار، وينضم هذا المشروع لعدد من الاستثمارات الرقمية التي نجحت سلطنة عمان في جذبها، وتمثل إضافات نوعية للتنويع الاقتصادي ولجهود التوظيف بما تتيحه من فرص للمتخصصين في تقنيات المعلومات والشركات الناشئة العمانية الواعدة في المجالات التقنية، ويبلغ إجمالي الاستثمارات في ثلاثة من هذه المشروعات الرقمية نحو 365 مليون ريال عماني أي ما يعادل 950 مليون دولار أمريكي.
وتتضمن أهم المشروعات الرقمية مركز استضافة ومعالجة البيانات وتعدين العملات المشفرة بالمنطقة الحرة بصلالة الذي تم افتتاح مرحلته الأولى ووضع حجر الأساس للمرحلة الثانية من المشروع خلال العام الماضي، ويصل حجم استثمارات المشروع إلى 135 مليون ريال، كما اجتذبت محافظة ظفار مركزا آخر متخصصا في استضافة ومعالجة البيانات وتطبيقات سلاسل الكتل والتقنيات المالية وتكتمل كافة مراحله خلال 5 سنوات، وتبلغ القيمة الاستثمارية للمركز حوالي 150 مليون ريال عماني، فيما يصل حجم الاستثمارات الجديدة لمشروع تعدين البيانات الجديد في المنطقة الحرة بصحار إلى 210 ملايين دولار أمريكي أي ما يعادل أكثر من 80 مليون ريال عماني.
ويبرز هذا الحجم من الاستثمارات جهودا مستمرة لجذب الاستثمار الرقمي كركيزة مهمة لترسيخ قاعدة قوية لاقتصاد المعرفة في سلطنة عمان، حيث يأتي تعدين البيانات كصناعة واعدة ومستدامة تفتح الباب واسعا لفرص الاستثمار للشركات الكبرى، كما تقدم فرصا جاذبة للشركات الناشئة العمانية المتخصصة في التقنيات والبرمجة، نظرا لأن قوة هذه الصناعة تنطلق من الابتكار والقدرة على تطوير التقنيات الجديدة، كما تتيح هذه المشروعات تعزيز رأس المال البشري في المجال التقني ورفع كفاءات ومهارات الكوادر الوطنية بما يعزز قدراتهم على تقديم منتجات وبرامج تقنية قائمة على اقتصاد المعرفة.
تحمل صناعة تعدين البيانات آفاقا واعدة بما تملكه سلطنة عمان من بنية أساسية متطورة في قطاع الاتصالات، والتقدم الملموس لسلطنة عمان في الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة في مختلف القطاعات الاقتصادية، وحيث يعد تعدين العملات والبيانات من بين الأنشطة كثيفة الاستهلاك للطاقة نظرا لما تتطلبه من استخدام خوادم الحوسبة العملاقة في عمليات الاستضافة والمعالجة للبيانات، تستخدم مشروعات تعدين ومعالجة البيانات في سلطنة عمان مصادر متجددة للتشغيل عبر تكنولوجيا التبريد بالمياه المعالجة سواء منذ بدء العمل أو عبر خطط يتم تنفيذها في المراحل المقبلة للمشروعات وهو ما يمثل منطلقا لاستدامة هذه المشروعات والحد من الانبعاثات الضارة التي قد تنتج عنها، كما يعد من أسس استدامة هذه الصناعة الحجم الهائل من المعلومات الناتج عن انتشار التقنيات الإلكترونية وهو أهم الأصول غير الناضبة التي تعزز صناعة معالجة وتعدين البيانات، حيث تتحول هذه البيانات إلى مصدر نمو متجدد وأرباح مجدية للشركات التي تعتمد في أنشطتها على التقنيات، كما تستفيد منها الحكومات والمؤسسات الخاصة في عمليات التخطيط وتحديد الموارد ومتطلبات النمو، وأيضا من أكثر المستفيدين من تعدين البيانات الشركات الناشئة التي تتمكن من ابتكار برامج وتطبيقات تعيد ترتيب ومعالجة هذه البيانات وتصنفها وتستخدم خوارزميات متطورة وبرامج تقنية لتحويل البيانات إلى نتائج ومؤشرات وأنماط معرفية مفيدة.
وتنفذ سلطنة عمان برنامجا وطنيا طموحا للاقتصاد الرقمي كأحد ممكنات النمو وتعزيز تنافسية الاقتصاد، ويستهدف البرنامج الاستفادة من تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وصناعة الأمن السيبراني، وضمن ذلك تسعى سلطنة عمان إلى جذب الاستثمارات والصناعات الرقمية وتوطين صناعات وطنية في هذا المجال، وتعزيز القيمة المحلية المضافة، وإيجاد فرص مستدامة ومولدة للدخل، ودعم الشراكات الاستراتيجية مع مؤسسات القطاع الخاص.
وفي ظل تطور مستمر للبرامج والتطبيقات القادرة على معالجة واستخلاص المعلومات، أصبح تعدين البيانات من الصناعات المتنامية، فالشركات التي يعتمد عملها على شبكة الإنترنت وكذلك المستخدمون من الأفراد والمؤسسات يولدون كميات ضخمة من البيانات التي لا يمكن الاستفادة منها إلا بفهمها واستخدام تطبيقات تقنية تضعها في أنماط تسهل توليد واستخلاص الأفكار والمعلومات، وأصبحت الشركات العاملة في هذه الصناعة تنافس قيمتها السوقية وحجم أعمالها ومعدلات نموها الصناعات التقليدية.
وتأتي تسمية صناعة تعدين البيانات أو Data Mining بالإنجليزية اشتقاقا من أنشطة التعدين واستكشاف المعادن التقليدية، حيث تبدو الفكرة الأساسية للتنقيب عن البيانات مشابهة لما يتم في صناعة التعدين التقليدية، ويقدم تقرير صادر عن شركة آي بي أم التكنولوجية العملاقة ملخصا وافيا لماهية وجدوى تعدين البيانات كنشاط لاكتشاف المعرفة وإعادة إنتاجها وتنسيقها في أنماط تسهل استخلاص النتائج والمؤشرات ويعززه تطور تكنولوجيا مستودعات تخزين البيانات ونمو حجم البيانات الضخمة وتسارع اعتماد تقنيات استخراج البيانات على مدى العقدين الماضيين، مما ساعد الشركات على تحويل بياناتها الأولية وما لديها من معلومات خام إلى معرفة مفيدة وتحسين عملية صنع واتخاذ القرار من خلال تحليل البيانات، ويوضح التقرير أن تقنيات وأنماط استخراج البيانات التي تدعم هذه التحليلات لها هدفان رئيسيان الأول هو وصف وتنسيق ومعالجة مجموعة البيانات المستهدفة والثاني وضعها في نمط يمكنه التنبؤ بالنتائج من خلال استخدام خوارزميات التعلم الآلي. ويساهم ذلك في تنظيم البيانات وتصفيتها، وإظهار المعلومات الأكثر إثارة للاهتمام وتوضيح الرؤى في مجالات الاهتمام والعمل والأسواق، بدءًا من اكتشاف الاحتيال في المؤسسات وحتى سلوكيات وتفضيلات المستخدمين في التسوق والشراء والخروقات التي قد تعرض الأمن السيبراني للخطر لدى المؤسسات والحكومات.
ومع الدمج والتطور في أدوات تحليل البيانات ووضع التصورات للمؤشرات، يصبح عالم استخراج وتعدين البيانات أسهل وأسرع من أي وقت مضى، ويحقق التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي سرعة في اعتماده عبر الصناعات والأنشطة المختلفة، وقد يحتاج المحللون أيضًا إلى إجراء أبحاث إضافية لفهم سياق العمل والنتائج بشكل مناسب، واستخدامها في تحديد خطط العمل أو توقع التغيرات في المستقبل، كما تمتد جدوى هذه المعرفة المدهشة للكشف عن حالات الفساد أو الاحتيال، فتحليل البيانات قد تتولد عنه الأنماط التي تحدث بشكل متكرر في البيانات ويمكن أن تزود المحلل برؤى قيمة لنشاط عمله أو الأسواق المستهدفة، في حين أن ملاحظة الحالات الشاذة في البيانات يعد مفيدا أيضا، حيث تساعد الشركات في اكتشاف الاحتيال، ولذلك أصبحت صناعة تعدين البيانات مهمة في عمل المؤسسات المصرفية والمؤسسات المالية الأخرى، وتستخدمها الشركات الإلكترونية لإزالة حسابات المستخدمين المزيفة من مجموعات البيانات الخاصة بها، ورصد وتوقع سلوك الجمهور المستهدف في عملها.
ومنذ بدأ تعدين البيانات قبل أكثر من عقدين، شهد تقدما عبر الدمج ما بين طرق التحليل التقليدية والتطبيقات المتقدمة لتحليل البيانات الضخمة وتحويلها من مجرد معلومات ضخمة غير مفهومة إلى معلومات ذات قيمة يمكن استثمارها والاستفادة منها بعد ذلك، وعلى الرغم من أن هذه الصناعة ما زالت تواجه تحديات تتعلق بقابلية التوسع والأتمتة، لكن التكنولوجيا تتطور باستمرار وهذا النشاط يستحوذ على اهتمام كبير من قبل المؤسسات البحثية وشركات التكنولوجيا لتطوير التطبيقات والخوارزميات القادرة على وضع البيانات في أنماط معرفية مفيدة، وكان من أهم نتائج هذه الجهود التقدم المذهل في توليد الأفكار منذ ظهور تطبيق تشات جيه بي تي الذي ابتكرته شركة أوبن إيه آي ويتيح قيام الذكاء الصناعي بمحادثات تفاعلية مع البشر عبر تقنيات حديثة ومتطورة.
ويقدر تقرير صادر عن مجلة فورتشن بيزنس انسايت أن سوق برمجيات تعدين البيانات بلغت قيمتها ما يقرب من مليار دولار بحلول نهاية العام الماضي، وعلى الرغم من هذه القيمة الكبيرة بالفعل فمن المتوقع أيضا أن ينمو السوق بمعدل سنوي مركب يبلغ 49.5 بالمائة ليصل إلى 15 مليار دولار بحلول عام 2029، وتشير تقديرات فورتشن بيزنس انسايت إلى أن 88 بالمائة من الشركات التي استخدمت تقنية التعلم الآلي شهدت تحسنا بنسبة 200 بالمائة في عملياتها، والتعلم الآلي هو شكل متقدم من أشكال استخراج البيانات الذي يستفيد من مجموعات البيانات الكبيرة لفك تشفير أنماط البيانات واستخدامها بعد ذلك للتنبؤ بالنتائج المستقبلية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی المنطقة الحرة استضافة ومعالجة وتعدین البیانات هذه الصناعة ملیون ریال سلطنة عمان فی أنماط
إقرأ أيضاً:
خلال مؤتمر AIDC بمعرض Cairo ICT: مصادر الطاقة وتحديد الأولويات أهم عناصر توطين الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات
ناقشت الجلسة الأولى في مؤتمر AIDC ضمن فعاليات الدورة الـ28 لمعرض Cairo ICT أولويات صناعة الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات.
أوضح المهندس محمد نصر، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للشركة المصرية للاتصالات، أن الحوسبة السحابية وفرت فرصة لتطوير مراكز البيانات وتأثيرها على مختلف القطاعات، مؤكدًا أن الكهرباء ومصادر الطاقة هي الأساس عند التفكير في إنشاء صناعة لمراكز البيانات.
وقال نصر: "الأهم هو تحديد الأولويات والمتطلبات بما يتناسب مع التكلفة، ومن المهم أيضًا معرفة الشروط المطلوبة لإنشاء مراكز البيانات، حيث تُعد القوة الكهربائية العنصر الأهم في هذا المجال، ولكن حجر الزاوية هو التواصل بين كل الجهات ذات العلاقة".
وأضاف الدكتور إسماعيل شاكر، الرئيس التنفيذي لمجموعة شاكر الاستشارية، أن المحرك الرئيسي لأنظمة الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات هو عنصر الكهرباء والطاقة.
وأشار إلى أن حجم هذه الصناعة يتسع بشكل كبير، ويجب وضع ضوابط لهذه الصناعة حسب احتياجات الطاقة والتكلفة وغيرها من العناصر، مما يتطلب جعل مراكز البيانات أكثر ذكاءً عبر حلول الذكاء الاصطناعي.
ونوه فينهاي مونزارا، الرئيس التنفيذي لمركز البيانات الأفريقي، إلى أن مجالات الطاقة المتجددة هي العنصر الأهم في صناعة مراكز البيانات، مضيفًا أن مصر والقاهرة تعدان السوق الرئيسي في عملية التنمية في إفريقيا، وأن مصر تستطيع أن تكون رائدة في هذا المجال.
وأكد على أهمية كفاءة المياه المستخدمة في التبريد، في ظل الاهتمام بالطاقة المستخدمة داخل مراكز البيانات.
وأضاف أحمد مكي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة بنية، أنه من الضروري التمييز بين أنواع وأحجام مراكز البيانات حسب المستفيدين من الخدمات.
وأشار إلى أن مصر تمتلك عناصر هامة للنهوض بصناعة مراكز البيانات، منها الموقع الجغرافي المتميز وتوافر بنية تحتية ذات كفاءة عالية، مما يتيح فرصة كبيرة للتوسع في هذه الصناعة.
وقال إن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر هي الدول التي ستقود صناعة مراكز البيانات، وهو الأمر الذي يحظى بالإجماع.
وأوضح رانجيت جاجاري، رئيس قسم تطوير الأعمال والمبيعات الدولية في شركة SWDC، أنه من الضروري تحديد المجالات الأساسية التي تُقام مراكز البيانات من أجلها. وذكر أن الموجة التالية لمراكز البيانات ستعتمد على الذكاء الاصطناعي من خلال تجميع القدرات ومصادر الطاقة، موضحًا أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تم تفعيلها بالفعل في العديد من مجالات مراكز البيانات.
يأتي المعرض برعاية كل من شركة "دل تكنولوجيز" ومجموعة "إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية"، والبنك التجاري الدولي CIB مصر، وشركة "هواوي"، وشركة "أورنچ مصر"، وشركة "مصر للطيران"، بالإضافة إلى "المصرية للاتصالات" و"ماستركارد"، وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "إيتيدا"، وشركة "فورتينت".
كما تضم قائمة الرعاة "إي آند إنتربرايز"، ومجموعة "بنية"، وشركة "خزنة"، وشركة "سايشيلد"، ومجموعة "شاكر"، وشركتي "ICT Misr" و"IoT Misr"، و"نتورك إنترناشيونال"، و"Cassava Technologies"، و"إيجيبت تراست".
وتقام فعاليات النسخة الثامنة والعشرين لمعرض ومؤتمر مصر الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وإفريقيا "Cairo ICT 2024"، تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الفترة من 17 إلى 20 نوفمبر 2024، بمركز مصر للمعارض الدولية، وبرعاية الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وتنظم Cairo ICT 2024 شركة "تريد فيرز إنترناشيونال" بالتعاون مع "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية"، تحت شعار "The Next Wave"، حيث يستعرض المؤتمر الموجة التالية من التقدم التكنولوجي وأحدث التقنيات والاتجاهات المستقبلية التي ستعيد تشكيل الصناعات والاقتصادات والمجتمعات بحضور كبرى المؤسسات العالمية وقادة التكنولوجيا.