رفح - يكتظ شارع لا يتجاوز عرضه ثلاثين مترا في وسط مدينة رفح في جنوب قطاع غزة بعشرات آلاف الأشخاص، ما يعيق حركة السيارات، ويحول دون الوصول الى خدمات أساسية ملحة ويزيد من المعاناة المتواصلة بسبب الحرب.

ويعيش في المدينة التي كان عدد سكانها أصلا يبلغ ربع مليون، أكثر من 1,3 مليون شخص حاليا، وفق أرقام الأمم المتحدة، بعد أن نزح إليها مئات الآلاف الذين يتكدّسون في شقق سكنية إما استأجروها وإما ينزلون فيها عند أقارب وأصدقاء، أو في خيام منتشرة في الشوارع الرئيسية والفرعية، في المتنزهات، في الملاعب الرياضية والساحات العامة.

وتقول نهى المدهون (47 عاما) التي نزحت من مخيم بيت لاهيا في شمال القطاع مع عائلتها المكونة من تسعة أفراد الى منزل أقارب لها في رفح، "هذه أسوأ شهور في حياتنا.... أعيش مع بناتي وأطفالي في منزل أقاربنا مع نحو أربعين شخصا. زوجي وأبنائي الأكبر ينامون في خيام. لا يتسّع المكان للجميع. ننام على الأرض ونشعر بالبرد. الأغطية ليست كافية والجو بارد. دخول الحمام معاناة".

لكنها تستدرك "لكننا أفضل حالا من الذين يعيشون في الخيام... لا توجد شقق كافية ولا أماكن حتى لنصب خيام إضافية".

وتمتد مدينة رفح على مساحة 65 كيلومترا مربعا تقريبا. وتتركّز الكثافة السكانية في الأحياء الواقعة في وسط المدينة حتى غربها بينما يتلاشى الازدحام تدريجيا مع الاتجاه نحو الشرق نحو الحدود مع إسرائيل ونحو الشمال حيث تقع مدينة خان يونس التي تشهد عمليات عسكرية مكثّفة.

وطلب الجيش الإسرائيلي منذ الأسابيع الأولى للحرب التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر إثر هجوم غير مسبوق لحماس على الدولة العبرية، من سكان شمال قطاع غزة التوجه جنوبا. وانتقل مئات الآلاف على مراحل في اتجاه خان يونس ورفح، ثم نزح كثيرون مجددا من خان يونس حيث تتركز المعارك منذ أسابيع.

ويقول عبد الكريم مصباح (32 عاما) الذي كان يقيم أصلا في مخيم جباليا في شمال القطاع، "هربنا الأسبوع الماضي من خان يونس من الموت، من دون أن نحضر شيئا معنا. لم نجد مكانا للمبيت. نمنا في الشارع أول ليلتين، ونامت النساء والأطفال في مسجد".

ثم حصلت العائلة على خيمة من "فاعل خير"، ف"نصبناها قرب الحدود المصرية. لا يوجد مكان. لا يفصلنا سوى جدار عن مصر من الجنوب والبحر من الغرب. نموت من شدة البرد في الليل. أطفالي الأربعة يرتجفون من البرد ويشعرون بالمرض والتوعك طوال الوقت".

- "ازدحام مرعب" -

وتسبب هجوم حماس بمقتل قرابة 1160 شخصا في إسرائيل، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى أرقام رسمية. وترد إسرائيل بقصف مدمر وهجوم بري على قطاع غزة حيث قتل منذ بداية الحرب 27019، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، ونزح 1,7 مليون، وفق الأمم المتحدة.

وتعجّ شوارع رفح بالناس. وهم يعيقون تماما حركة سير المركبات الى حدّ أصبحت القيادة تحديا حقيقيا. ويبدو شبه مستحيل على السائقين تجاوز المارة في الشارع الممتد في وسط المدينة على نحو خمسة كيلومترات نحو الغرب حيث شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

على كرسيها المتحرّك، تنتظر أمجاد عبد العال (28 عاما) أمام مركز جمعية للحصول على أغطية وفرش للنازحين في طابور طويل يضمّ عشرات الأشخاص.

وتقول الشابة التي ارتدت سترة زرقاء وقدماها حافيتان بينما كان شقيقها يجرّ كرسيها "كان الازدحام مرعبا. استغرقتنا الطريق بالسيارة نحو ساعتين. لا يوجد عدد كبير من السيارات بسبب نقص الوقود، الجميع يمشي أو يركب شاحنة أو عربات تجرّها حمير".

ونزحت عبد العال مع 11 شخصا آخرين من أفراد عائلتها من مدينة غزة الى مدرسة تابعة للأونروا في حي الجنينة على بعد بضعة كيلومترات من هنا، وهي مسافة كانت تستغرق عادة بالسيارة مدة 15 دقيقة.

وتقول نعيمة البيومي (38 عاما) المتجهة الى مستشفى في غرب المدينة من أجل زيارة ابنة شقيقتها إنها قطعت نصف المسافة من دون أن تجد وسيلة نقل.

وتضيف منهكة "تعبت من المشي، مشيت لنحو ساعتين وما زالت أمامي ساعتان. الطريق مزدحم... ركبت عربة مع حمار بضع مرات وسقطت على الأرض من شدة التزاحم".

- "الموت أرحم" -

ولا يمكن للسيدة التي نزحت من شرق مدينة خان يونس أن تحبس دموعها وهي تسترجع كل المعاناة التي مرّت بها عائلتها. "استشهد توأمي أحمد ومحمد عندما سقط سطح المنزل علينا من القصف. أنجبتهما في الأسبوع الأول من الحرب بعد 13 عاما من الزواج، تمّ إنقاذي مع زوجي، واستشهد الطفلان".

وتتابع "تحقّقت أمنية حياتي بأن أصبح أما، لكن ذلك لم يستمر لأكثر من شهر. أقيم حاليا مع زوجي في خيمة من القماش. في الحقيقة، لم أعد أرغب بالعيش".

يتطوّع مواطنون لتنظيم المرور وفضّ مشاجرات متفرقة بين سائقين ومارة وأصحاب بسطات يفاقمون حركة المرور.

ويقول مهران دبابيش (41 عاما)، وهو سائق سيارة تاكسي نزح من خان يونس، "سيارتي تكسّرت من شدة الازدحام... والأمر يزداد سوءا كل يوم. الطريق بين خان يونس ورفح كانت تستغرق 20 حتى 30 دقيقة في أسوأ الاحوال، اليوم أقصر مشوار داخل رفح يستغرق ساعة ونصف وحتى ساعتين".

ويقول ابراهيم خضر النازح من مدينة غزة والذي يعيش مع 28 فردا من عائلته في خيمة في أقصى غرب المدينة "أتيت للسوق لشراء طعام لعائلتي. مشيت أكثر من ساعتين. الأسعار نار".

في الطريق، تصعد سيدة مع طفلها الرضيع، بمساعدة شبان، الى مؤخرة شاحنة تنقل عشرات الركاب الواقفين. تتشبث بجانب الشاحنة حتى لا تقع، وهي تصرخ "حسبنا الله ونعم الوكيل، الموت أرحم من هذه الحياة".

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: خان یونس

إقرأ أيضاً:

على وقع التصعيد في لبنان.. نازحون في الشوارع والحدائق العامة

يشهد لبنان أزمة سكنية غير مسبوقة منذ بدء التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله الأسبوع الماضي، وأسفر عن نزوح حوالي مليون شخص من المناطق المعرضة للقصف، وفق تقديرات رسمية.

وفي حين تمكن بعض النازحين من العثور على مأوى لدى أقاربهم أو في منازل تمكنوا من استئجارها، وجد عدد كبير منهم أنفسهم مضطرين للنوم في العراء، سواء في الشوارع أو الحدائق العامة، أو اللجوء إلى المساجد كمأوى مؤقت.

ويأتي ذلك نتيجة النقص الحاد في الأماكن المتاحة بمراكز الإيواء، إضافة إلى العجز عن تحمل الارتفاع الجنوني في تكاليف الإيجار، مما يفاقم حدة الأزمة الإنسانية التي تواجه البلاد.

هند واحدة من الذين اضطروا إلى النزوح بعد الهجوم العنيف الذي استهدف منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، الذي أسفر عن اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله، حيث لجأت بداية إلى منزل صديقتها في عين الرمانة بشكل مؤقت، على أمل العثور على شقة للإيجار بعيداً عن معقل حزب الله وبسعر مقبول.

اصطدمت هند بواقع عقاري مرير، حيث ارتفعت أسعار الإيجارات إلى مستويات خيالية، وتقول لموقع "الحرة"، "شقة متواضعة من غرفتين وفي حالة سيئة كانت تؤجر بحوالي 1500 دولار شهرياً، مع اشتراط المالك دفع الإيجار مقدماً لستة أشهر أو سنة، إلى جانب عمولة المكتب العقاري، مما جعل الأمر مستحيلا بالنسبة لنا كعائلة مدخولها الشهري لا يتجاوز الألف دولار".

بعد استنفاد جميع الخيارات، وجدت هند نفسها مضطرة لاستئجار غرفة في فندق مهجور منذ عقود، يفتقر إلى الماء والكهرباء، مقابل 700 دولار شهرياً، وتقول "ما هذا الجشع؟ يكفي ما نعيشه من فقر ونزوح، لماذا يُستغل الناس في ظل الأزمات والحروب؟"

أثار الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات استياء اللبنانيين، لاسيما أنها تأتي في ظل ظروف أمنية صعبة واقتصادية خانقة يمر بها بلدهم.

بينهم 300 ألف طفل.. مأساة النازحين في لبنان بالأرقام قدّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عدد الأطفال النازحين في لبنان منذ بدء التصعيد بين إسرائيل وحزب الله قبل عام بأكثر من 300 ألف طفل، فرّ الجزء الأكبر منهم على وقع الغارات الكثيفة المستمرة منذ الأسبوع الماضي. معاناة جماعية

ومع تصاعد الأزمات المتلاحقة التي يشهدها لبنان، تجد العديد من العائلات نفسها في مواجهة قاسية مع الظروف المعيشية والأمنية المتدهورة.

منال، وهي متضررة من الوضع الراهن، تروي تجربتها المؤلمة "هربت وعائلتي من الضاحية الجنوبية دون أن نأخذ معنا حتى أمتعتنا. ما يحدث هو جريمة بحقنا، سواء من الذين يورطون لبنان في الحرب أو من يستغلون هذا الوضع لتحقيق أرباح طائلة".

لم تكن هذه المرة الأولى التي تضطر فيها منال للنزوح. فقد غادرت بلدتها الحدودية عيترون بعد تعرضها للقصف مع اندلاع المعارك بين حزب الله وإسرائيل في الثامن من أكتوبر 2023. 

انتقلت منال إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، إلا أنها وجدت نفسها مجدداً مضطرة وعائلتها لمغادرة المنطقة، هذه المرة إلى جبيل، حيث استضافهم زميل زوجها.

عجز زوج منال عن استئجار منزل في ظل الارتفاع الهائل بأسعار الإيجارات، وتقول لموقع "الحرة": "وصل بدل إيجار شقة مفروشة من أربع غرف إلى 2000 دولار شهرياً، مع إجبار المستأجرين على دفع مبالغ كبيرة مقدماً لتغطية أشهر عدة".

وتصف منال حالتها بالقول "نحن نعيش مأساة تلو الأخرى، ننتقل من بيت إلى بيت كأننا في رحلة هروب لا تنتهي. كل ما نتمناه الآن أن ينتهي التصعيد العسكري، فثمن الحروب لا يدفعه سوى الأبرياء".

بدوره، يؤكد رئيس اتحاد روابط مخاتير عكار ومختار بلدة ببنين، زاهر الكسار، أن الأوضاع في لبنان باتت صعبة للغاية، خصوصاً بعد التصعيد العسكري الأخير الذي دفع بأعداد كبيرة من النازحين إلى ببنين.

ويوضح في حديث لموقع "الحرة" أنه "تم افتتاح مدرستين ومعهد في البلدة لاستيعاب النازحين، كما فتح العديد من الأهالي منازلهم لاستضافة معارفهم"، ومع ذلك، يقول الكسار إن نسبة من أجّروا منازلهم للنازحين تبقى ضئيلة، بينما ظهرت بعض الحالات "الشاذة: وفق تعبيره، التي استغلت الأزمة عبر عرض منازلها للإيجار بأسعار مبالغ فيها.

ويضيف أنه "استقبل شخصياً عدداً كبيراً من النازحين في منزله"، مستدركاً "لكنه بحاجة إلى خدمات أساسية مثل الأدوية التي لا تتوفر بشكل كافٍ عبر القنوات الرسمية".

ويشرح الكسار أن "العديد من النازحين يعيشون في منازل فارغة من الأثاث، ويحتاجون بشكل ملح إلى الفرش، البطانيات، والطعام اليومي"، معرباً عن قلقه من أن الوضع الاقتصادي المأساوي في البلدة قد لا يسمح للأهالي بالاستمرار في تقديم الدعم لفترة طويلة".

في ختام حديثه يتساءل "أهالي ببنين يقومون بواجبهم، لكن إلى متى سيتمكنون من تأمين كل هذه الاحتياجات؟".

"كأهوال يوم القيامة".. نازحون لبنانيون يروون قصص الهروب من الموت "أشعر أنني أختنق، لا أستطيع تجاوز ما حدث لي ولأولادي"، بهذه الكلمات بدأت الناشطة الاجتماعية، الخبيرة بالحماية الأسرية، رنا غنوي، رواية تجربتها المرعبة عقب الغارات الإسرائيلية، التي استهدفت بلدتها كفر رمان الجنوبية. خلفيات متعددة

تأثر سوق الإيجارات في لبنان بشكل كبير جراء أزمة النزوح الأخيرة، وفقاً للباحث في المعهد اللبناني لدراسات السوق، خالد أبو شقرا.

ويوضح لـ"الحرة" أن "زيادة الطلب وتراجع العرض على الشقق الناتج عن توقف حركة البناء منذ عام 2019 بسبب الأزمة الاقتصادية وتدهور القطاع العقاري، أديّا إلى ارتفاع الإيجارات وتراجع الخيارات المتاحة".

ويشير أبو شقرا إلى أن "بعض أصحاب العقارات يرفعون الأسعار بسبب مخاوف من المشاكل الأمنية أو عدم القدرة على صيانة عقاراتهم بعد تأجيرها". 

ويضيف أن بعض العقارات الكبيرة مثل الفيلات تُؤجر لأكثر من عائلة، مما يزيد من تكاليف صيانتها، كما يؤثر موقع الشقة كذلك في سعر الإيجار.

وبينما يواجه الكثير من النازحين صعوبات في تحمل تكاليف الإيجار، يؤكد أبو شقرا أن "قلة منهم قصدوا مراكز إيواء، بينما يعتمد العديد منهم على مواردهم الشخصية، التي قد لا تكفيهم سوى لشهر أو شهرين، مما يضطر البعض إلى بيع ممتلكاتهم لتأمين الإيجار". 

ومع استمرار التصعيد العسكري، تبقى قدرة النازحين المستأجِرين على تسديد الإيجارات غير مضمونة.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، أفاد البنك الدولي بأن 70% من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر متعدد الأبعاد. يقول أبو شقرا إن "الفقر يتركز بشكل خاص في المناطق التي تستضيف النازحين، مثل طرابلس وعكار، مع العلم أن العديد من النازحين يعتمدون على مصادر دخل محلية، مثل الزراعة أو التجارة، التي فقدوها نتيجة النزوح".

كذلك تؤكد المستشارة القانونية للجنة الأهلية للمستأجرين، المحامية مايا جعارة، أن الطلب على الشقق المفروشة شهد زيادة كبيرة مؤخراً، لاسيما في بيروت وجبل لبنان والشمال، نتيجة الأحداث الأخيرة والنزوح غير المسبوق.

وتبيّن جعارة لموقع "الحرة" أن السوق العقاري يعاني من تضخم ملحوظ، يؤثر بشكل خاص على سوق الإيجارات، في حين يظل التأثير أقل على أسعار العقارات، مشيرة إلى أن "الإيجارات تتجاوز 50% من دخل الأسر، وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية التي تحدد ألا تتجاوز تكلفة السكن ثلث الدخل".

كما أن هناك تضخما صوريا وفق ما تقوله جعارة "قد يكون سببه عدم الرغبة في التأجير بسبب المخاطر وخوفاً من استهداف المستأجِر من قبل إسرائيل، فيأتي رفض التأجير عن طريق طلب بدلات مرتفعة".

عوامل عدة أسهمت في هذا الوضع، أبرزها كما توضح المحامية اللبنانية "توقف القروض السكنية بسبب الأزمة المالية والمصرفية، بالإضافة إلى احتجاز أموال المودعين".

 ورغم انخفاض أسعار العقارات منذ بداية الأزمة المالية في 17 أكتوبر 2019، إلا أن الأسعار عادت تدريجياً إلى الارتفاع بوجود تفاوت كبير بين المناطق وفقاً لقدرات سكانها، تتابع جعارة.

وتشير إلى أن "التضخم في سوق الإيجارات بلغ نسباً غير مقبولة، إذ اتجه الشباب اللبناني إلى الاستئجار في ظل غياب القروض السكنية، بينما تسببت الظروف الناتجة عن النزوح السوري ونزوح سكان الجنوب بسبب أحداث غزة في تفاقم الأزمة".

وبحسب جعارة،  أدى "طمع بعض الملاك والمطورين العقاريين في رفع أسعار الإيجارات عبر إقناع الملاك بعرض ممتلكاتهم للإيجار".

لبنان.. "نداء عاجل" لجمع 426 مليون دولار للمساعدات الإنسانية أطلق كل من رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في البلاد، عمران رضا، الثلاثاء، نداء عاجلا لجمع 426 مليون دولار لتوفير مساعدات إنسانية وإغاثية للمتضررين والنازحين جراء التطورات الأخيرة. صورة معاكسة

في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات من قبل بعض تجار الأزمات، برز عدد كبير من اللبنانيين الذين قدموا منازلهم مجاناً للنازحين، ومنهم أهالي بلدة برجا، "إذ استقبلت الغالبية العظمى من سكان البلدة النازحين وفتحت لهم منازلها دون أي طلب لبدل إيجار" بحسب ما يقول الناشط جمال ترو لـ"الحرة".

وهو شخصياً استقبل عائلتين لم يكن يعرفهما من قبل في منزله، وانتقل للعيش مع أصدقائه في غرفة صغيرة.

ويضيف ترو أنه "في كل أزمة هناك من يستغل الوضع، لكن الغالبية الساحقة من الناس يتمتعون بقلوب رحيمة"، على حد تعبيره، مردفاً "المسألة الآن تتعلق بالإنسانية، وهذه اللحظة تمثل تضامناً اجتماعياً بين جميع اللبنانيين".

ويقول "أخلاقنا وتربيتنا ومبادئنا لا تسمح لنا بأن نتعامل بشكل غير إنساني".

ويعتقد ترو أن "السياسيين هم من مارسوا سياسة فرق تسد لتقسيم المجتمع، لأنهم يدركون أن توحد اللبنانيين يهدد مواقعهم"، معتبراً أن "التضامن بين اللبنانيين اليوم رسالة يجب أن تُبنى عليها أسس العقد الاجتماعي الجديد وهي لبنان الموحد، بعيداً عن الصراعات الطائفية والعقائدية والمناطقية، فهذا هو الطريق الوحيد لحل أزماتنا وبناء دولة تحظى باحترام المجتمع الدولي".

في ذات السياق، واصل المحامي رفيق غريزي تواصله مع أصدقائه الذين تعرضوا للقصف حين بدأ التصعيد العسكري على جنوب لبنان، حيث نصحهم بالمغادرة حفاظاً على سلامتهم، إلا أن العديد منهم كانوا مترددين بداية في اتخاذ هذه الخطوة، واصفاً الموقف بأنه "صعب"، 

يتابع "ليس من السهل على الإنسان أن يتقبّل مغادرة منزله والانتقال للعيش في منازل غرباء أو مراكز إيواء".

عمل غريزي على التنسيق مع ناشطين في بلدات مختلفة لتأمين منازل للنازحين، بالإضافة إلى توفير الفرش والبطانيات لتلبية احتياجاتهم الأساسية، ويقول لموقع "الحرة" إن "الظروف الإنسانية تستدعي وقوف الجميع إلى جانب النازحين، بغض النظر عن الانتماءات السياسية".

"الدعم الحكومي للنازحين كان ضئيلاً حتى قبل بدء التصعيد العسكري الكبير بين حزب الله وإسرائيل"، وفق ما يقوله أبو شقرا "حيث لم تتجاوز مساهمة الدولة 10% من التكلفة الفعلية لرعايتهم"، 

ويضيف أن "كل 100,000 نازح يكلفون ما بين 73 و100 مليون دولار، في حين لم تتجاوز المساعدات الدولية والمحلية 34% من هذا المبلغ"، مما يعني أن النازحين يعتمدون بشكل كبير على أنفسهم.

ويقول أبو شقرا إن "المجتمعات المضيفة تواجه صعوبات في تلبية احتياجات النازحين، إذ تعاني البلديات والجمعيات الأهلية من أزمات مالية، ومع فتح مراكز الإيواء من المؤكد أن تكاليف المياه والكهرباء سترتفع".

ترسانة حزب الله.. ما الأسلحة التي تملكها الميليشيا اللبنانية؟ تتصاعد الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله، بعد الإعلان الإسرائيلي عن توغل في جنوب لبنان، الثلاثاء، يستهدف "البنية التحتية" للتنظيم في المنطقة. قلق.. ورسالة

تعرب المحامية مايا جعارة عن قلقها من صعوبة عودة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية، موضحةً أن "لبنان يعاني من قاعدة اقتصادية تجعل من الصعب تخفيض الأسعار بشكل كبير بعد ارتفاعها"، 

وتضيف أن "الاستجابة للعرض والطلب يجب أن تترافق مع وضع ضوابط تحمي المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر".

ووجهت جعارة انتقادات حادة للمسؤولين في السلطة اللبنانية، مشيرةً إلى غياب سياسة إسكانية واضحة، حيث أن مجلس النواب لم يقم بأبسط واجباته.

وترى أن "حق السكن هو حق أساسي وإنساني، ولا ينبغي تركه فقط للعرض والطلب، بل يجب وضع ضوابط لحماية المواطنين".

"كت يجب أن تتدخل السلطة السياسية في الأزمات عبر قوانين وإجراءات استثنائية لحماية مصالح كل من الملاك والمستأجرين"، تضيف جعارة، لافتة إلى إمكانية تبني عقود إيجار موسمية لمدة ثلاثة أشهر كحل مؤقت يضمن حقوق المالكين في استرجاع ممتلكاتهم دون تأخير بعد انتهاء فترة التأجير.

من جهته، يقول أبو شقرا إن السلطة السياسية "لا تتدخل في تحديد أسعار الإيجارات"، فالعقد "شريعة المتعاقدين" في ظل نظام اقتصادي حر يقوم على العرض والطلب. ورغم ذلك، يدعو إلى ضرورة التضامن الإنساني بين اللبنانيين وعدم استغلال الأزمة لتحقيق مكاسب مادية.

من جانبه يبعث الكسار برسالة إلى أهالي البلدات التي استقبلت نازحين، يدعوهم فيها إلى "ضرورة التعامل مع ضيوفهم بأخلاق عالية".

كما يحث النازحين على احترام سكان البلدات التي استضافتهم، وتجنب رفع الشعارات الدينية أو حمل السلاح.

مقالات مشابهة

  • على وقع التصعيد في لبنان.. نازحون في الشوارع والحدائق العامة
  • مئات الصواريخ من إيران إلى فلسطين المحتلة
  • شاهد لحظة وصول مئات الصواريخ الايرانية تل ابيب وتكبيرات الفلسطينيين
  • بيان جديد بشأن مراكز الايواء التي يمكن أن تستقبل النازحين
  • فضل الله: معركتنا هي منع العدو من تحقيق أهدافه
  • سرقة مئات الملايين من بنك بشفشاون و الأمن يعتقل موظفين
  • المدينة التي لا ترحم: ارتفاع الإيجارات يدفع البغداديين نحو المجهول
  • شاهد.. فيديو من داخل الطائرات الإسرائيلية التي أغارت على مدينة الحديدة
  • الاحتلال يستهدف النازحين مجددا في بيت لاهيا ويقصف سيارة بخان يونس
  • اكتشاف فأس من العصر البرونزي عمره 5 آلاف عاماً