نقاط ضعف الأورام تبعث الأمل في علاج ناجع لسرطان الأطفال
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
هايدلبرج "د.ب.أ": رفعت ذراعيها عاليا، قفزت ودارت حول نفسها على أنغام الموسيقى. تتسم إينا ذات الشعر البني بطاقة مفرطة كالإعصار. تستعد الطفلة البالغة من العمر سبعة أعوام لتدريبات البعوض الراقص. إنها رقصة تقوم بها مجموعة فتيات تُعْتَبَر فترة بداية موسم الكرنفال أكثر فترات السنة حيوية ونشاطا بالنسبة لهن.
قبل حلول اليوم العالمي للسرطان غدا الرابع من فبراير، تتذكر دانيلا والدة إينا اللحظات الأولى بعد تلقي الخبر قائلة: "كان الأمر فظيعا، لم أستطع التنفس كأنه كان بداية كابوس" مشيرة إلى أنها بدأت تخشى الموت على طفلتها في ذلك الوقت.
ليس هذا مستغربا إذ إن أمراض السرطان نادرة بين الأطفال وصعبة العلاج بسبب نقص الأدوية المناسبة للأطفال. يعد ورم إينا من أمراض سرطان الجهاز العصبي المركزي، كما يوضح طبيب أورام الأطفال أولاف فيت. وأضاف الطبيب الذي يعمل في مركز هوب لأورام الأطفال(كيتس) في هايدلبرج بألمانيا أن "الأورام الدبقية، مثل ذلك الورم الذي تعاني منه إينا، نراها من أربع إلى خمس مرات في السنة في كل أنحاء ألمانيا".
بعد تشخيص إينا بالسرطان، تغيرت الحياة اليومية بشكل جذري بالنسبة لعائلتها المنحدرة من قرية قريبة من فرانكفورت في ولاية هيسن. تقول والدتها عالمة الرياضة البدنية 40 عاما: "بقيت في المنزل لمدة عام، إينا كانت بحاجة للرعاية الشخصية الدقيقة إذ إنها لم تكن تستطيع حتى صعود الدرج بسبب العلاج الكيميائي". وكان كريستوف والد الفتاة ساعد في الأشهر الأولى. في غضون أيام قليلة، خسرت إينا كل شعرها بسبب العلاج الكيميائي.
وتضامنا مع طفلتهما، قام الوالدان بحلق شعرهما، وقصت لويزا خصلة من شعرها تعبيرا عن تضامنها مع شقيقتها. تعتز الفتاتان بمجموعتهما الضخمة من الحيوانات الدمية. في كل مرة تدخل فيها إينا المستشفى، يرافقها أحد حيوانات المجموعة التي تتألف من أكثر من 100 حيوان دمية. دمية البطريق الكبيرة هي لعبتها المفضلة، وتقول إينا التلميذة بالصف الأول الابتدائي عن البطريق اللعبة إنه "يمكنه التحدث والتحرك وإعطاء القبلات".
يحصي سجل سرطان الأطفال 2000 حالة جديدة من الإصابة بالسرطان سنويا بين القاصرين. للمقارنة: هناك 500 ألف حالة يتم تسجيلها بين البالغين. يموت 20% من الشباب المصابين بالأورام الخبيثة، وفي حالة الانتكاس لأورام الدماغ، ترتفع النسبة إلى 90%. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تقسيم أورام الأطفال والمراهقين إلى العديد من الفئات الفرعية.
هناك لأورام الجهاز العصبي المركزي على سبيل المثال أكثر من 160 فئة فرعية. هذا يعتبر نقمة ونعمة في الوقت ذاته. ويقول فيت الذي يشغل منصب مدير علم الأورام المتعدية للأطفال في مركز (كيتس): "بسبب قلة أعداد المرضى، يصعب تحقيق الدراسات، وغالبا ما يتطلب هذا تعاونا دوليا مكلفا. من ناحية أخرى، يتكرر اكتشاف فئات فرعية تستجيب جيدا للأدوية".
ويعد الورم الدبقي الذي تعاني منه إينا، والناتج عن عيب جيني، أيضا من بين تلك التغيرات النسيجية التي تستجيب لأدوية معينة. وقال فيت: "هذا مثل الفوز باليانصيب". من بين أكثر من 20 ألف جين تم فحصها في الجينوم الورمي، كان هناك جين واحد فقط معيب ومسؤول عن النمو. يعتبر هذا الجين بمثابة نقطة ضعف في الورم، يمكن استغلالها لقتل الورم بأدوية محددة. لا يمكن التعرف على نقاط الضعف في الأورام إلا من خلال إجراءات جزيئية معقدة، وهذا ما تم استخدامه في دراسة "إنفورم" التابعة لمركز (كيتس).
ويرى فيت أن تطوير الأدوية الجديدة المخصصة للأطفال أمر ملح، "لأن الأورام لدى الأطفال تختلف بشكل كبير عن تلك التي تصيب البالغين وتتطلب تطوير أدوية مصممة خصيصا لها." وتجعل الأسواق الصغيرة لأنواع السرطان النادرة تطوير العقاقير من قبل شركات الأدوية مسألة عالية التكلفة للغاية. ويطالب فيت بمزيد من الاستعداد من الشركات لتطوير أدوية السرطان للبالغين بالتوازي مع تطويرها للأطفال. استفادت إينا من طرق التحليل الجزيئي الجديدة في إطار برنامج "إنفورم" الذي فحص حتى الآن أورام أكثر من 3000 طفل مصاب بالسرطان من 13 دولة، حيث لم تعد العلاجات القياسية تؤثر فيهم.
بعد أربعة أشهر من العلاج الكيميائي وعملية استغرقت إحدى عشرة ساعة، تمت إزالة 96% من ورم إينا. كان هناك حوالي 200 جرام من الأنسجة الغريبة التي انتشرت في رأس الطفلة. عاشت العائلة في هدوء لمدة عام، ثم عاد الورم للظهور مرة أخرى. وعلقت إينا ببراءة الطفولة على هذه الانتكاسة قائلة: "ورمي صار له صديق".
في ذلك الوقت، توافر دواء في إطار دراسة سريرية في هايدلبرج، وكان هذا الدواء يتناسب مع نقطة الضعف التي تم العثور عليها في ورم إينا.قلص هذا الدواء حجم الورم إلى حجم حبة الجوز في غضون عام تقريبا. تنصح دانيلا الآباء الآخرين بالتواصل المفتوح مشيرة إلى أن هناك مجموعة على تطبيق واتساب تقوم بإعلام الأصدقاء والعائلة عن حالة إينا الصحية، وقالت دانيلا التي نما شعرها المجعد مرة أخرى كما هو الحال مع إينا أيضا:"هكذا لا نحتاج إلى الإبلاغ عن كل شيء مرات عديدة ويكون الجميع على اطلاع بآخر التطورات".
وبدوره ينصح الطبيب فيت الآباء المتضررين، خاصة في حالة الأورام النادرة، بإعادة استشارة فريق من الخبراء المتمرسين وقال إن أقسام طب الأورام للأطفال في ألمانيا مجهزة جيدا ومرتبطة شبكيا لهذا الغرض.
حتى الآن، تقتصر الآثار الجانبية المحتملة لإينا على زيادة طفيفة في الوزن. تعرب دانيلاعن شعورها براحة كبيرة، قالت: "إينا حية وستظل على قيد الحياة. هذا حظ عظيم." وقالت دانيلا إنها سعيدة لأن ابنتها احتفظت بمزاجها المشرق رغم كل الألم، وأعربت دانيلا عن أملها في تخلص إينا من الورم بشكل كامل في غضون ثلاثة أو أربعة أعوام، ونوهت إلى أنها خرجت بشيء واضح بعد المخاوف التي أصابتها في أول الأمر وهو أن "تشخيص السرطان ليس حكما بالإعدام."
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مكة.. فريق طبي ينقذ حياة معتمر صيني من ورمًا سدويًا بالمعدة
نجح فريق جراحي بمستشفى الملك فيصل بمكة المكرمة، عضو تجمع مكة المكرمة الصحي، في إنقاذ حياة معتمر صيني يبلغ من العمر 61 عامًا، كان يعاني من نزيف حاد نتيجة ورم سدوي في المعدة، ما استدعى إجراء عملية جراحية استمرت 90 دقيقة لاستئصال الورم بالكامل.
تفاصيل الحالة وسرعة التعاملوأوضح تجمع مكة المكرمة الصحي أن المعتمر وصل إلى قسم الطوارئ في حالة حرجة، حيث كان يعاني من آلام شديدة في البطن ونزيف في الجهاز الهضمي العلوي. وبعد الفحوصات الأولية، أحيل إلى قسم العناية المركزة لتلقي الدم ومشتقاته، واستقرار حالته الصحية.
أخبار متعلقة الموارد البشرية: 8 ساعات عمل يومياً كحد أقصى لعمال الزراعة والرعاة الإرشاد الزراعي: النظافة أولى خطوات مواجهة الديدان المعوية لدى الإبلوأضاف التجمع أنه بعد استقرار حالة المريض الصحية وإجراء المزيد من الفحوصات، تبيّن وجود ورم سدوي معوي (GIST) في جدار المعدة. وعلى الفور، تم إيقاف النزيف باستخدام المنظار العلوي كإجراء أولي.
وفي ضوء توجيهات رئيس أقسام الجراحة، تم تشكيل فريق طبي متخصص لاستئصال الورم بقيادة استشاري الجراحة د. عبدالإله المالكي، واشتمل الفريق على أخصائيين في الجراحة العامة والتخدير، إضافة إلى فريق الجهاز الهضمي لتحديد موضع الورم بدقة أثناء الجراحة. وتم استئصال الورم بالكامل باستخدام المنظار الجراحي عبر ثلاث فتحات صغيرة لا تتجاوز السنتيمتر الواحد.
الجدير بالذكر أن المريض خرج من المستشفى بعد ثلاثة أيام من العملية وهو في حالة صحية جيدة، بفضل الله.