تهمة الأمر الموحش بحق الرئيس تثير جدلا وانتقادات في تونس
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
عقب تأييد حكم على طالب جامعي بالسجن لمدة عامين بعد إدانته بتهمة ارتكاب "أمر موحش" بحق الرئيس التونسي، قيس سعيد، طالب حقوقيون وباحثون بإلغاء الفصل 67 من المجلة الجزائية، باعتباره يتنافى مع حرية التعبير والإبداع، على حد قولهم.
وكانت محكمة الاستئناف قد أيدت قبل يومين، قرار المحكمة الابتدائية بولاية المنستير، القاضي بالسجن لمدة عامين في حق الطالب بجامعة الخط العربي بتونس، رشاد طمبورة، البالغ من العمر 28 عاما، وذلك على على خلفية رسمه لجدارية انتقد فيها موقف رئيس البلاد من المهاجرين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
وكان سعيد قد أكد في فبراير من العام الماضي، على وجوب اتّخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفّق المهاجرين غير القانونية من إفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، مؤكّداً أنّ هذه الظاهرة تؤدّي إلى "عنف وجرائم".
تونس.. إيداع الصحفية شذى الحاج السجن في قضية "إنستالينغو" كشفت تقارير إعلامية تونسية، السبت، عن اعتقال الصحفية شذى الحاج مبارك، وإيداعها سجن سوسة، شمال شرق البلاد، على خلفية القضية المعروفة إعلاميا بـ"بإنستالينغو".وجاءت تصريحات سعيّد خلال ترؤّسه في قصر قرطاج اجتماعا لمجلس الأمن القومي "خُصّص للإجراءات العاجلة التي يجب اتخاذها لمعالجة ظاهرة توافد أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس"، وفق بيان للرئاسة التونسية.
وفي ذلك الاجتماع أبدى الرئيس التونسي تشدّدا كبيرا حيال تدفّق "جحافل المهاجرين غير النظاميين"، مع ما يؤدّي إليه من "عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة فضلاً عن أنها مجرّمة قانونا".
"قانون يستند إلى آخر ملغى"وفي تعليقه على الحكم بحق ذلك الشاب، أوضح الإعلامي والكاتب التونسي، منجي الخضراوي لموقع "الحرة" أن ذلك الحكم قد استند على الفصل 67 من المجلة الجزائية، "وذلك الفصل يستند بالأساس إلى فصلين من مجلة (قانون) الصحافة وهما 42 و43".
وتابع: "والمفارقة أن مجلة الصحافة كانت قد ألغيت في العام 2011 مباشرة بعد نجاح الثورة" التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي.
تمديد "الطوارئ" في تونس.. ضرورة أمنية أم تكريس "نظام قمعي"؟ مع إعلان تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر آخر، تثور بعض التساؤلات عن مدى جدوى هذه الإجراءات، خاصة في شهر يناير (جانفي) الذي يشهد في العادة تظاهرات واحتجاجات شعبية في ذكرى سقوط نظام الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي، قبل نحو 12 عاما.ونوه الخضراوي إلى أن طمبورة كان قد حوكم أيضا وفق المرسوم 54 الذي تصل فيه الإدانة إلى السجن لمدة قد تبلغ 10 أعوام.
وكان الرئيس التونسي قد أصدر ذلك المرسوم في 13 سبتمبر من العام 2022، ويتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية، خاصة الفصل 24 منه والذي، بحسب حقوقيين، يجرم حرية التعبير.
"حمال أوجه"وهذه ليست هي المرة الأولى التي توجه فيها تهمة ارتكاب "أمر موحش" بحق رئيس البلاد.
ففي 18 مايو من العام الماضي، قضت محكمة في ولاية قفصة، بسجن أستاذ تعليم ثانوي لمدة شهر واحد مع النفاذ العاجل، ودفع غرامة مالية تقدر 240 دينارا تونسيا (77 دولار أميركيا تقريبا).
وبينت المحامية التونسية، إيمان السويسي، في تصريح لإذاعة "Son Fm" أن تلك الإدانة تندرج ضمن الفصل 67 من المجلة الجزائية.
وأضافت المحامية أن نص القانون الذي يحتوي على تهمة "ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية"، يفترض سوء النية لدى المدعى عليهم، كما أنه حمال أوجه، وفق تعبيرها.
وفي قضية صاحب الجدارية، أوضح الإعلامي، منجي الخضراوي، أن تلك المسألة "قد بدأت عندما رفع معتمد ولاية منستير (مساعد الوالي) دعوى قضائية ضد ذلك الشاب، مدعيا أنه قد سخر من رئيس الجمهورية، وبالتالي فإن النيابة العمومية قد أحالت رشاد طمبورة إلى القضاء".
وتابع: "رئيس الجمهورية قال سابقا إنه لا يريد من أحد أن يدافع عنه وإن القانون هو من يحميه (كأي مواطن)، وبالتالي في هذه القضية نرى مسؤل جهوي قد أخذ القرار من تلقاء نفسه، وبرأيي فإن ذلك ينطوي على مبالغة وتعسف أو ربما رغبة لدى ذلك المعتمد في التقرب من السلطة".
"قانون استبدادي"من جانبه، يرى الإعلامي والكاتب والتونسي، بدر السلام الطرابلسي، في حديثه إلى موقع الحرة: "أن إتيان (أمر موحش) ضد رئيس الجمهورية هي تهمة لا توجد إلا في المنظومات السياسية السلطوية التي لا تحتمل النقد والسخرية والرأي الآخر ولديها حساسية من تعدد الآراء وحرية التعبير".
وتابع: "وهو قانون متوارث من المنظومة الاستبدادية السابقة للثورة التي كانت تقمع حرية التعبير".
وأضاف: "للتذكير هنالك صحفيون أحيلوا على القضاء بقوانين زجرية تتناقض مع مبادىء وروح الديمقراطية وشريعة حقوق الإنسان نذكر من بينهم خليفة القاسمي وشذى مبارك، وهذا القانون لا علاقة له بصون مقام الرئاسة، وما يقال بشأن ذلك مجرد تعبيرات فضفاضة تستعملها الأنظمة الدكتاتورية لخنق حرية التعبير".
وفي يوليو من العام الماضي، كشفت تقارير إعلامية عن اعتقال الصحفية شذى الحاج مبارك، وإيداعها سجن سوسة، شمال شرق البلاد، على خلفية القضية المعروفة إعلاميا بـ"بإنستالينغو".
و"إنستالينغو" شركة إنتاج للمحتوى الرقمي، ملاحقة قضائيا منذ العام 2021، بعد أن داهمت الشرطة مقرها، ووجهت تهم "اعتداء مقصود منه تبديل هيئة الدولة" و"ارتكاب اعتداء ضد أمن الدولة الداخلي وجرائم مالية"، ضد عدد من العاملين بها، ومن بينهم شذى الحاج مبارك.
وفي نفس السياق، طالب الخضراوي بإلغاء ذلك القانون وما يماثله، موضحا أن "السخرية من الشخصيات العامة تدخل في مجال حرية التعبير مثل أي أسلوب سلمي غير عنيف".
وأما الناشط السياسي، محمد المناعي، فقال: "أنا مع إلغاء بعض القوانين التي تحد من حرية التعبير بشرط أن نميز بين تلك الحرية وبين أساليب التهجم على الدولة بطريقة غير موزونة".
وشدد على ضروة "محاسبة أي شخص ينتهك أعراض وشرف الآخرين ويحيك الأكاذيب والشائعات ضدهم، سواء كان ذلك الشخص رئيس جمهورية أو مواطن عادي، وبالتالي يجب محاسبة من يقدم على ذلك".
ومع ذلك أكد المناعي أنه مع إلغاء بعض القوانين التي تحد من حرية التعبير في البلاد مثل الفصل 67، مضيفا: "لا يجوز إدانة شخص بتهمة (أمر موحش) لمجرد أنه مارس عملية نقد من خلال نشر تدونية في مواقع التواصل أورسم لوحة جدارية".
ونوه إلى أنه مع "حرية النقد البناء والساخر، خاصة وأننا نعلم أن أرقى وأقوى الدول في العالم قد بنيت ديمقراطيتها على أسس حرية التعبير والرأي والرأي الآخر، ولكن وفي الوقت ذات فإن تشويه السمعة والإساءة إلى الشرف الشخصي للناس أمر مرفوض".
وبالنسبة للقضاء، وفيما إذا كان قد تحول إلى إداة لمحاربة حرية الرأي عبر العمل بتلك القوانين، أجاب الخضراوي: "للأسف كثر الحديث عن استقلالية القضاء، وأضحى العديد من القضاة يميلون إلى إصدار الأحكام السالبة للحرية في قضايا تتعلق بحرية الخطاب والإبداع".
وأضاف: "من المفروض في أقصى الحالات وإذا اعتبرنا أنه كان هناك مخالفات للقانون فإن العقوبة في مثل هذه القضايا يجب أن لا تتجاوز الخطية المالية (الغرامة)، أو التحذير دون أن تصل الأمور إلى إصدار أحكام بالسجن".
وأما الطرابلسي، فختم حديثه إلى موقع الحرة بالقول: " توجد في البلاد أساسا، منظومة قانونية خاصة بتنظيم حرية التعبير والصحافة (المادتين 115 و116)، وهي لاتتضمن بنود زجرية وسجنية مثل القانون المتعلق بإتيان (أمر موحش) ضد رئيس الجمهورية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: رئیس الجمهوریة حریة التعبیر من العام
إقرأ أيضاً:
"حرية": قوات الاحتلال تعمدت توجيه هجماتها تجاه أطفال غزة
غزة - صفا
أصدر تجمع المؤسسات الحقوقية "حرية"، يوم الأربعاء ورقة حقائق تفصيلية بمناسبة يوم الطفل العالمي، تحت عنوان: "أطفال غزة في طليعة ضحايا العدوان".
وذكر "حرية" في الورقة بشكل تفصيلي أرقام وإحصائيات جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال الغزيين منذ السابع من اكتوبر 2023 وحتى تاريخ 20/ نوفمبر/ 2024.
وبين "حرية" أن طواقمه رصدت ووثقت خلال الفترة التي تغطيها الورقة آلاف الحالات التي كان الأطفال أحد ضحاياها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأوضح "حرية" أن الانتهاكات التي تعرض لها أطفال قطاع غزة تعددت وتنوعت حيث شملت جرائم القتل والاعتداء على السلامة الشخصية بالضرب واحياناً بالإهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة، وكذلك الاعتقال، والحرمان من العلاج، والتهجير القسري، والتجويع، والحرمان من الحقوق الأساسية بما يشمل حقهم في التعليم والسكن الملائم والصحة وغيرها من الحقوق التي كفلتها لهم قواعد الشرعة الدولية والاتفاقيات الدولية الخاصة بالأطفال.
وبين "حرية" في ورقة الحقائق المعدة أن قوات الاحتلال قتلت منذ بدء العدوان على قطاع غزة (17390) طفل تقل أعمارهم عن 18 عام، كما وأصيب (22110) طفل آخرين يحتاجون للسفر لتلقي العلاج في ظل فقدان الأدوية اللازمة لهم.
وجاء في الورقة أن (1250) حالة بتر للأطراف السفلية في صفوف الأطفال الغزيين سجلت منذ بدء العدوان نتيجة إصابتهم بشظايا مقذوفات وصواريخ إسرائيلية، كما توفي (55) طفلا نتيجة سوء التغذية والجفاف، بفعل سياسة التجويع التي تنتهجها قوات الاحتلال في عدانها ضد المدنيين.
وسجل "حرية" وفاة (217) طفلا حديث الولادة "خدج" نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن الحضانات والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الصحية.
كما سجل اعتقال قوات الاحتلال لعشرات الأطفال خلال توغله في المدن والمخيمات في محافظات قطاع غزة أو خلال مرورهم عبر الحواجز العسكرية التي تقيمها قوات الاحتلال، وتعرضوا لأفظع أنواع التعذيب والإهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة داخل المعتقلات الإسرائيلية.
وقال "حرية": إن (3500) طفل، لا تتوفر لدى عوائلهم أي معلومات حول مصيرهم حتى اللحظة، كما هناك (35 ألف) حالة لأطفال يعيشون دون والديهم أو أحدهما.
وبين "حرية" من خلال ورقة الحقائق أن قوات الاحتلال الحربي أجبرت عشرات الآلاف من الأطفال الغزيين على النزوح القسري، وفي عشرات الحالات سجل "حرية" نزوح أطفال بدون أسرهم بعد أن فقدوهم نتيجة الهجمات الحربية التي تنفذها قوات الاحتلال دون مراعاة لقواعد وأحكام القانون الإنساني، كما سجل تعرض عشرات الآلاف من الأطفال الغزيين على مستوى محافظات قطاع غزة لسوء التغذية والتجويع الممنهج الذي تعتمده قوات الاحتلال وسيلة في عدوانها المتواصل بحق المدنيين.
وتطرقت ورقة الحقائق إلى الحماية الدولية التي أضفتها قواعد القانون الدولي الإنسان على الأطفال، وتعرضت لحقوقهم الدنيا التي كفلتها الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأطفال. و ذكر "حرية" أن صمت الأسرة الدولية والأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة على جرائم قوات الاحتلال بحق الأطفال الغزيين، عزز تنصل قوات الاحتلال من مبادئ وقيم وأعراف النزاعات المسلحة، وجعلها تتمادى في انتهاك تلك القواعد والأعراف,.
وفي نهاية الورقة التفصيلية أكد "حرية" على ضرورة إنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي حظي بها مجرمي الحرب الإسرائيليين على مدار عقود من الزمن.
وأكد "حرية" على ضرورة قيام الأسرة الدولية والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بالتحرك العاجل والتدخل السريع الذي يضمن توفير الحماية للشعب الفلسطيني عموماً وللأطفال على وجه الخصوص.
وجدد "حرية" مطالبته للأمين العام للأمم المتحدة باتخاذ خطوات جدية في سياق ضمان إدراج سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشكل دائم ضمن قائمة " العار" السنوية للجهات المنتهكة لحقوق الأطفال.