حرب الاحتلال في غزة تُدمر طموحات ومشاريع شبابية.. شهادات حية
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
عملت حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ 118 يوما، على تدمير أحلام وطموحات ونجاحات شبان فلسطينيين، إلى جانب استشهاد استشهاد أكثر من 27 ألف شخص وتدمير المنازل والبنى التحتية.
وترصد "عربي21" شهادات حية من شبان يوضحون آثار الحرب على العديد من الفلسطينيين، ضمن جوانب تتجاوز التدمير المادي.
ويقول ممدوح (24 عاما) إن "الحرب أتت على أحلامه بالتخرج من كلية الصيدلية، التي كان ينهي دراسة العام السادس والأخير فيها"، لافتا إلى أن وضع عائلته المادي متواضع، ولا يمكنها توفير تكاليف التعليم الباهظة في كلية الصيدلة.
ويتابع حديثه لـ"عربي21": "لذلك أنا أعمل منذ السنة الأولى بأي شيء من أجل توفير المال، وعملت كبائع أحذية في أحد المحلات وعامل في أحد متاجر المواد الغذائية، وفي السنوات الأخيرة من الدراسة حصلت على وظيفة في شركة ومستودع للأدوية".
مستقبل مجهول
ويستكمل قائلا: "قبل الحرب بشهور كانت حياتي بدأت بالاستقرار في عمل مريح ضمن مجال دراستي، وكنت قد حصلت على ثقة وتفهم الشركة في إكمال السنة الأخيرة من الدراسة، مع راتب يكفيني ويكفي تكاليف الجامعة".
ويشير إلى أنه بات اليوم "بلا عمل وبمستقبل مجهول في إمكانية الحصول على درجته العمية، بعد تدمير الاحتلال جامعته"، مبينا أنه لا يعلم إذا توقفت الحرب اليوم، متى سيعود إلى الدراسة، من أجل استكمال الفصلين الدراسيين الأخيرين.
أما رنيم (18 عاما) فقد كانت تتجهز للسنة المدرسية الأخيرة "الثانوية العامة"، وتطمح للحصول على منحة لدراسة الهندسة المعمارية في الخارج.
وتضيف رنيم لـ"عربي21": "كنت دائما طوال سنوات الدراسة الأولى على مدرستي باستثناء سنة واحدة، وكنت أحلم في يوم النتائج وأتمنى سماع اسمي ضمن أوائل الوطن"، أما الآن فأنا أعمل على تدريس بعد الأطفال من صفوف الابتدائي النازحين معنا في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تعليمهم في هذه المرحلة التأسيسة.
وتقول: "أعرف أن هذه السنين مهمة، وكلما استطاع الطالب إنهاء الدراسة الجامعية أفضل، كلما تمكن من الحصول على عمل بطريقه أسرع، من أجل مراكمة الخبرات والحصول على وظيفة متقدمة".
وتشير إلى أنها "حصلت على شهادة الأيلتس في اللغة الإنجليزية العام الماضي بدرجة 7 وكانت تتمنى دراسة اللغة الفرنسية خلال دراسة الجامعة، لكن حاليا لا تعرف ماذا سيحدث في السنة الدراسية الحالية، حتى لو انتهت الحرب".
شقة تدمرت قبل أن يسكنها
بدوره، يقول حازم إنه كان يتجهز من أجل خطبة فتاة تقدم لها رسميا يوم الأربعاء الذي سبق 7 أكتوبر الماضي، وكان قد اشترى شقة بمقدم نصف ثمنها ويعمل على تقسيط النصف الآخر.
ويكشف حازم لـ"عربي21" أنه "بعد الحرب أنا مطالب بتسديد ثمن شقة تدمرت كليا ولم أسكنها أبدأ، وأحلام الزواج تأجلت إلى أجل لا أعرفه، وتعب سنين من العمل في مجال البرمجة ذهب في لحظات بسبب القصف الإسرائيلي".
وينوه إلى أن الشركة الدولية التي كان يعمل بها كانت قد اختارته من أجل تمثيلها في مؤتمر تقني سيقام في العاصمة السعودية الرياض في أيار/ مارس المقبل، نظرا لكفائته في العمل وقيادة المتمزية لفريق برمجي من محتلف دول العام.
ويستدرك بقوله: "الآن أنا عالق في غزة بسبب الحرب ومحاط بكل هذه الخسارة، لكن الحمدلله طول ما الخسارة في المال بتكون معوضة وربنا بختار لنا الأفضل دايما".
من ناحيته، يقول عبدالله (40 عاما) إنه كان يتجهز إلى افتتاح معمل جديد غير مسبوق في قطاع غزة للطباعة الثلاثية الأبعاد، بعدما تمكن بطرق صعبة ومكلفة جدا من توفير بعض الطابعات والمواد الخام الخاصة بها.
ويؤكد عبدالله لـ"عربي21" أن "سنوات الحصار الطويلة جلعت فرصة نجاح أي مشروع تجاري في غزة صعبة ومنخفضة مع تكاليف تأسيسية وتشغيلية مرتفعة جدا"، موضحا أن ذلك بسبب ارتفاع أسعار الإجارات والكهرباء التي تعتمد بشكل كبير على المولدات التجارية، نظرا لأزمة الكهرباء القديمة منذ عام 2006.
ويوضح أن ارتفاع تكاليف المشروع تعود أيضا إلى الحصار الإسرائيلي، الذي يحظر دخول مثل هذه المعدات أو يفرض عليها العديد من القيود.
ويكشف أنه "تمكن من إدخال المعدات بطرق صعبة، مثل تفكيك الطابعة وإدخالها كقطع غيار مع العديد من التجار عبر معبر رفح، أو المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل وذلك طبعا بأضعاف ثمنا الأصلي".
ويختم بقوله: "كنت أخطط لافتتاح معملي مع بداية السنة الجديدة، لكن عرفت منذ أسابيع بتدمير بيتي الذي كنت أخزن فيه معظم المعدات الخاصة بالمشروع، وبصراحة الآن ليس لدي حتى الطاقة لإعادة التفكير بأي شيء (..)، تخلص الحرب وبصير خير إن شاء الله".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة أحلام الحرب غزة شباب الحرب أحلام مشاريع المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن من أجل
إقرأ أيضاً:
الاتّحاد الأُورُوبي: بياناتٌ جوفاء تُواكِبُ آلة الحرب الصهيونية لقتل الفلسطينيين
محمد عبدالمؤمن الشامي
لطالما رفع الاتّحاد الأُورُوبي شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي، لكنه في كُـلّ مرة يثبت أن هذه القيم تسقط أمام المصالح السياسية والاقتصادية. فبينما يتعرض الشعب الفلسطيني لأبشع الجرائم من قتل وتهجير وحصار، يكتفي الاتّحاد الأُورُوبي بإصدار بيانات خجولة تندّد دون أن تردع، وتستنكر دون أن تعاقب. هذه الازدواجية الصارخة في المواقف تجعل منه شاهد زور على واحدة من أطول المآسي الإنسانية في العصر الحديث، حَيثُ تُرتكب الجرائم بحق الفلسطينيين أمام أعين العالم، دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكنًا. فإلى متى يبقى الاتّحاد الأُورُوبي متفرجًا، مكتفيًا بالكلمات، بينما الاحتلال الإسرائيلي يمضي في عدوانه بلا حسيب ولا رقيب؟
عندما اندلعت الأزمة الأوكرانية، سارع الاتّحاد الأُورُوبي إلى فرض عقوبات صارمة على روسيا، شملت تجميد الأصول، وقطع العلاقات الاقتصادية، ووقف تصدير التكنولوجيا والمنتجات العسكرية. كما قدمت دول الاتّحاد دعمًا عسكريًّا واقتصاديًّا واسعًا لكييف، متذرعة بضرورة حماية السيادة الوطنية الأوكرانية ووقف الانتهاكات الروسية للقانون الدولي.
لكن على الجانب الآخر، عندما يتعلق الأمر بفلسطين، فَــإنَّ الموقف الأُورُوبي يتغير تمامًا. رغم أن “إسرائيل” تمارس الاحتلال والاستيطان والقصف العشوائي ضد المدنيين في غزة والضفة الغربية، إلا أن الاتّحاد الأُورُوبي يكتفي بالإعراب عن القلق وإصدار بيانات غير ملزمة، دون أن يتخذ أي إجراءات فعلية لمعاقبة الاحتلال أَو الضغط عليه لإنهاء جرائمه.
التفسير لهذا التناقض يكمن في عدة عوامل، أبرزها النفوذ الإسرائيلي في أُورُوبا، حَيثُ تملك “إسرائيل” لوبيات قوية تؤثر على السياسات الأُورُوبية، بالإضافة إلى علاقات اقتصادية وأمنية متينة مع العديد من دول الاتّحاد. كما أن المصالح الاستراتيجية تلعب دورًا كَبيرًا، حَيثُ يعتبر الاتّحاد الأُورُوبي “إسرائيل” حليفًا مُهَمًّا في الشرق الأوسط، خَاصَّة في مجالات التكنولوجيا والأمن والاستخبارات، مما يجعله يتجنب أي صدام دبلوماسي معها.
إضافة إلى ذلك، يظهر الخضوع للضغوط الأمريكية، حَيثُ تتماشى السياسات الأُورُوبية في كثير من الأحيان مع التوجّـهات الأمريكية التي تقدم دعمًا غير مشروط لـ “إسرائيل”. وأخيرًا، يتجلى الإرث الاستعماري الأُورُوبي في كيفية تعامل بعض الدول مع القضية الفلسطينية بنوع من الإرث التاريخي الاستعلائي؛ مما يجعلها أقل اندفاعًا في دعم الفلسطينيين مقارنة بأزمات أُخرى.
إذا كان الاتّحاد الأُورُوبي جادًّا في إنهاء معاناة الفلسطينيين، فعليه التوقف عن الاكتفاء بالإدانات الفارغة، والبدء باتِّخاذ إجراءات ملموسة ضد الاحتلال. وتشمل هذه الإجراءات فرض عقوبات اقتصادية على “إسرائيل”، كما فعل مع روسيا، وإيقاف التعاون العسكري والتكنولوجي مع الاحتلال، ودعم التحقيقات الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية بدلًا من عرقلتها، والضغط على “إسرائيل” لوقف الاستيطان وإنهاء الحصار على غزة.
إن استمرار هذه السياسة المتخاذلة لا يقوض فقط مصداقية الاتّحاد الأُورُوبي، بل يجعله شريكًا غير مباشر في الجرائم التي تُرتكب بحق الفلسطينيين. وبينما تتصاعد المعاناة في غزة والضفة الغربية، يبقى الاتّحاد غارقًا في بياناته الدبلوماسية، التي لم تعد تعني شيئًا لشعب يرزح تحت الاحتلال منذ عقود، ويتطلع إلى عدالة لا تزال غائبة عن ضمير العالم.
ختامًا، يجب على الفلسطينيين أن يتيقنوا أن الانتظار للبيانات الدبلوماسية أَو الوعود الزائفة لن يحقّق لهم حقوقهم، ولن يخفف من معاناتهم. فلا العدالة تُمنح في مؤتمرات أَو من خلال تصريحات جوفاء. المقاومة هي الطريق الوحيد الذي يضمن لهم الحرية والكرامة، وهي السبيل الفعلي لتحطيم قيد الاحتلال وجعل العدالة واقعًا ملموسًا على الأرض. على الفلسطينيين أن يواصلوا نضالهم دون تردّد أَو ضعف، وأن يلتفوا حول إرادتهم وقوة مقاومتهم. وفي هذا السياق، يجب أن يعلموا جيِّدًا أن محور المقاومة بأطيافه كافة يقف معهم بصلابة، وأن أحرار العالم يشدون أزرهم في معركتهم العادلة ضد الظلم والعدوان. سيظل العالم، بكافة فصائله الحرة، داعمًا لهم في مسيرتهم نحو الحرية والاستقلال، فالعالم الحر لا يعترف إلا بحق الشعوب في التحرير والنضال؛ مِن أجلِ الكرامة.