مخاوف غياب الأمن والنزاهة تلقي بظلالها على انتخابات باكستان
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
يقترب موعد الانتخابات العامة في باكستان المقرر عقدها في الثامن من فبراير/شباط الجاري لاختيار 266 عضوا في المجلس الوطني و593 عضوا في برلمانات الأقاليم، وحسب الدستور الباكستاني فإن الحزب الذي يملك الأغلبية في البرلمان المنتخب يشكل الحكومة ويحصل على الثقة من المجلس الوطني، كما تنتخب برلمانات الأقاليم رؤساء الوزراء في حكومات الأقاليم لخمس سنوات.
وأبرز الأحزاب التي تخوض هذه الانتخابات هي حزب الرابطة الإسلامية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف، وحزب الشعب بزعامة بيلاول بوتو زرداري نجل رئيسة الوزراء السابق بينظير بوتو والرئيس السابق آصف علي زرداري، إضافة إلى حزب حركة إنصاف بزعامة رئيس الوزراء السابق عمران خان.
وتعدّ الاقتراع الحالي من أكثر الانتخابات إثارة للجدل في تاريخ باكستان منذ تأسيسها في عام 1947، وكان من المقرر أن تجري في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ولكن تم تأجيلها إلى فبراير/شباط الحالي لأسباب قيل إنها تتعلق بإعادة توزيع الدوائر الانتخابية.
فتور المشاركة الشعبيةورغم أهمية الحدث الانتخابي الذي يأتي وسط ظروف سياسية واقتصادية صعبة تواجهها باكستان، فإن المراقبين يرون أن الحماس والشغف التقليدي أثناء الحملات الانتخابية ضعيف هذه المرة، وافتقدت الفعاليات والمهرجانات الانتخابية الحضور الجماهيري الكثيف والحيوية المعهودة في أغلب المدن.
ولعل من أبرز الأسباب لفتور حماس الناخب الباكستاني هو غياب المنافسة الجادة في هذه الانتخابات، فزعيم المعارضة ورئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان معتقل وخارج المنافسة الانتخابية، ولم يسمح له بالترشح وخوض الانتخابات.
كما صدر حكم بسحب الرمز الانتخابي التقليدي "مضرب الكريكيت" من حزبه، مما دفع الحزب إلى أن يطلب من مرشحيه خوض الانتخابات مرشحين مستقلين، وهذا الأمر يقلل من فرص فوز الحزب في الانتخابات، إضافة إلى ذلك تعرض العشرات من قيادات الحزب ومرشحيه للتوقيف والمحاكمات.
ويرى المحلل السياسي الباكستاني ضيغم خان أن "التنافس الانتخابي ضروري لوجود الحماس والمشاركة الشعبية القوية في المهرجانات الانتخابية، ولكن هذا التنافس غير موجود هذه المرة".
تكهنات حول النزاهة
ومن الأسباب التي أفقدت المهرجانات الانتخابية حيويتها المعهودة وجود كثير من التكهنات والشائعات حول مدى نزاهة العملية الانتخابية، الأمر الذي جعل الناخب الباكستاني قليل التحمس للمشاركة في الفعاليات والمهرجانات الانتخابية.
وفي هذا السياق، يصف الكاتب الباكستاني طاهر مهدي الانتخابات القادمة بأنها "مهندسة"، في حين يذهب عابد حسين في مقال له في موقع الجزيرة الإنجليزي أبعد من ذلك، ويصف الانتخابات المقبلة بأنها "الأولى في قائمة الانتخابات التي وقع فيها تلاعب في تاريخ ديمقراطية باكستان المتعرجة".
ومن أسباب الفتور قلة ثقة الشارع الباكستاني بجدوى العملية السياسية لحل مشكلات البلاد نظرا للفشل المتكرر للقيادات السياسية في إخراج باكستان من أزمات اقتصادية وأمنية تعصف بها.
وهذا ما يؤكده المحلل السياسي ضيغم خان بقوله "البلاد تمر حاليا بأزمة سياسية ويرى الشعب أن الانتخابات لا تحل مشاكله".
ويعزو بعض المحللين ضعف المشاركة الشعبية في المهرجانات والفعاليات الانتخابية إلى وجود تكهنات بخصوص إجراء الانتخابات أصلا، على الرغم من اقتراب موعدها.
ويقول قمر الزمان كايره -أحد المرشحين ومن قيادات حزب الشعب بقيادة بيلاول بوتو زرداري- في تصريحات صحفية "الناس يسألوننا هل ستعقد الانتخابات؟ ونحن نقول لهم: لا يوجد سبب في الظاهر لتأجيل الانتخابات".
التهديدات الأمنيةوللوضع الأمني دوره أيضا في برودة الفعاليات الانتخابية، فمع اقتراب موعد الانتخابات تشهد باكستان تصعيدا في نشاط المجموعات المسلحة خاصة في مقاطعتي بلوشستان وخيبر بختونخوا، اللتين وقعت فيهما عمليات عسكرية وتفجيرات تبنتها مجموعات مسلحة مناوئة للحكومة الباكستانية، على الرغم من تشديد الإجراءات الأمنية للحفاظ على أقصى درجات الأمن قبل أيام من إجراء الانتخابات.
ويذكر في هذا السياق أن باكستان قد شهدت خلال العام الماضي 664 هجوما مسلحا مختلفا في الحجم والنوع، حسب المعهد الباكستاني لدراسات النزاع والأمن، مما يشير إلى زيادة بنسبة 67% مقارنة بالعام 2022.
وكان مجلس الشيوخ الباكستاني قد أصدر في الخامس من الشهر الحالي قرارا طالب فيه المفوضية العليا للانتخابات في باكستان بتأجيل إجراء الانتخابات العامة في البلاد بسبب التهديدات الأمنية ووجود مخاوف تهدد حياة المرشحين خاصة في مقاطعة خيبر بختونخوا، وكان مستند المجلس في القرار إنذارات أصدرتها أجهزة أمنية بهذا الصدد.
وبلغت وتيرة التصعيد إلى حد إغلاق المدارس والجامعات في العاصمة إسلام آباد بسبب مخاوف أمنية في الأسبوع الماضي، وجاءت هذه الخطوة لتزيد من ضبابية الأوضاع، حسب تعبير صحفية "إكسبريس تريبيون" الصادرة من كراتشي.
وفي تقرير لها عن المخاطر الأمنية المصاحبة الانتخابات في باكستان، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن مصدرا دبلوماسيا غربيا في إسلام آباد أشار إلى مقتل رئيسة وزراء الباكستانية الأسبقة بينظير بوتو خلال حملة انتخابية في مدينة راولبندي عام 2007، قائلا "كلما تشتد الحملات الانتخابية، يزداد خطر الهجمات الإرهابية في باكستان".
وتؤكد البيانات الحكومية الرسمية في باكستان على جدية الموقف الأمني، فالحكومة تصر على تأمين سلامة الانتخابات باتخاذ كافة الإجراءات الأمنية اللازمة لحماية المرشحين والناخبين وموظفي الانتخابات في كافة أرجاء البلاد.
وتفيد التقارير المنشورة في الإعلام الباكستاني بأن الحكومة ستخصص 300 ألف جندي لحماية مراكز الاقتراع وضمان إجراء الانتخابات في أجواء آمنة.
وعلى الرغم من التحديات، فإنه من المرجح إجراء الانتخابات العامة في باكستان في موعدها المحدد، ويبدو في غياب التنافس الانتخابي الجاد فرص فوز نواز شريف للوصول إلى رئاسة الوزراء للمرة الرابعة أكبر من غيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إجراء الانتخابات فی باکستان
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يقدم المشورة لجنوب السودان حول كيفية إجراء الانتخابات
أكد الاتحاد الأوروبي، مجددا دعمه لجنوب السودان في الانتقال إلى مجتمع مستقر وسلمي وديمقراطي، وقد التزم نائب رئيس وفد الاتحاد ، لوثار جاشكي، خلال إطلاق الموجز السياسي: "كيفية إجراء الانتخابات"، في جوبا يوم الأربعاء.
وقال نائب رئيس وفد الأتحاد لوثار جاشكي: "دعونا نتخذ الخطوة الملموسة الأولى مع الانتخابات، مصحوبة بمجتمع مدني قوي".
وأكد جاشكي أنه "من الممكن تنظيم الانتخابات في ديسمبر 2026 وإجراء عملية انتخابية شاملة وشفافة إذا تم اتخاذ القرارات السياسية ، ومعالجة النقاط العشر الشهيرة ، والأهم من ذلك ، سمحت اللجنة الوطنية للانتخابات بتقديم جداولها الزمنية الخاصة للتحضير للانتخابات ثم تنفيذها".
وأضاف مبعوث الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد يدعم الانتخابات في جميع أنحاء العالم من خلال المساعدة الانتخابية ومراقبة الانتخابات، لأن الانتخابات تمنح الناس إحساسا بالمشاركة في حكم بلدهم.
وتابع :" إنهم يضعون الشرعية على أولئك الذين يحكمون ويخلقون المساءلة، أولئك الذين يتم انتخابهم لم يفوزوا بجائزة ولكنهم يتحملون مسؤولية خدمة الجمهور. وهم مسؤولون أمام الجمهور".
وأعرب جاشكي عن أسفه لعدم وجود خطة حتى الآن بشأن كيفية رغبة حكومة جنوب السودان في توجيه الفترة الانتقالية، مشيرا إلى الحاجة إلى رفع الأصوات حول الانتخابات المقبلة لتجنب أخطاء الماضي.
وقال: "يظل رفع الأصوات أمرا مهما وضروريا لبيئة مواتية ، للفضاء السياسي والمدني الذي تحتاجه أي ديمقراطية مثل السمكة التي تحتاج إلى الماء ، مثل الزهرة التي تحتاج إلى المطر ، كما نحتاج إلى الأكسجين".
وأشارجاشكي إن التقدم في مختلف العملية الانتخابية سيفضي إلى الدعم الدولي،وقال: "عدم إحراز تقدم - كما نشهد حتى الآن - والإرادة السياسية محبطة إلى حد ما، و الاتحاد الأوروبي هو أول مانح ولا يزال أكبر مانح فيما يتعلق بدعم تهيئة بيئة مواتية لإجراء الانتخابات.
لكن الانتخابات ليست هدفا في حد ذاتها، بل يجب أن تؤدي إلى شيء ما، إلى بلد سلمي ومستقر وديمقراطي. إنها ستؤدي بالتأكيد إلى نهاية الفترة الانتقالية".
وأشار جاشكي أيضا إلى أن الاتحاد الأوروبي داعم قوي لعملية السلام منذ توقيع أول اتفاق سلام في عام 2015، هدفنا الأسمى هو السلام.
كما ندعم محادثات توميني الجارية بهدف التوصل إلى عملية سلام أكثر شمولا.