أفكار حول نظام التفاهة في ضوء طوفان الأقصى
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
سواء أترجمنا الكلمة الفرنسية "Médiocratie" بكلمة "التفاهة" (كما هو شائع) أم بكلمة "الرداءة" وغيرها، فإن الأطروحة التي جاءت في كتاب الفيلسوف الكندي "آلان دونو" (2015) قد وفّرت مرجعية نظرية صلبة لنقد الغرب في تاريخه وراهنه، ولكنّ منطق المجهود الذهني الأدنى دفع أغلب القرّاء إلى إسقاط ذلك النموذج التفسيري للواقع ما بعد الحداثي على بيئة لم تعرف الحداثة ذاتها.
لعل من أبرز بركات "طوفان الأقصى" أنها أنه قد أظهرت حقيقتين هامتين لعموم العرب والمسلمين، وهما حقيقتان مترابطتان: أولا خضوع المعرفة الغربية لسقف "التصهين"، أو على الأقل قابلية "الثقافة العالمة" فرديا ومؤسساتيا لخدمة المشروع الصهيو-صليبي وتوظيف منتجات العقل –حتى في صوره الأكثر نقدية كما هو الحال مع يورغن هابرماس- لتبرير ذلك المشروع، ثانيا عجز "المثقف الحداثي العربي" بمختلف مرجعياته الأيديولوجية عن تحشيد الرأي العام ضد المواقف الرسمية، بل ميل أغلب المثقفين إلى التماهي مع تلك المواقف وتبريرها؛ إما لعجزهم عن "تحييد" الخلاف الأيديولوجي مع "المقاومة الإسلامية" والدفع به إلى خلفية المشهد، أو خوفا على مصالحهم المادية والرمزية المرتبطة بأنظمة الحكم "المطبّعة" أو السائرة في طريق التطبيع (بما فيها بعض الدول التي تدعي مناهضة المشروع الصهيوني، ولكن منظومات الاستعمار الداخلي فيها لا يمكن أن تكون-رغم كل مزايداتها الخطابية- إلا حليفا موضوعيا للمشروع الصهيوني في الإقليم).
من أبرز بركات "طوفان الأقصى" أنها أنه قد أظهرت حقيقتين هامتين لعموم العرب والمسلمين، وهما حقيقتان مترابطتان: أولا خضوع المعرفة الغربية لسقف "التصهين"، أو على الأقل قابلية "الثقافة العالمة" فرديا ومؤسساتيا لخدمة المشروع الصهيو-صليبي وتوظيف منتجات العقل –حتى في صوره الأكثر نقدية كما هو الحال مع يورغن هابرماس- لتبرير ذلك المشروع، ثانيا عجز "المثقف الحداثي العربي" بمختلف مرجعياته الأيديولوجية عن تحشيد الرأي العام ضد المواقف الرسمية، بل ميل أغلب المثقفين إلى التماهي مع تلك المواقف وتبريرها
عندما عرّف آلان دونو نظام التفاهة بأنه ذلك "النظام الاجتماعي الذي تسيطر فيه طبقة الأشخاص التافهين على جميع مناحي الحياة، وبموجبه تتم مكافأة الرداءة والتفاهة عوضا عن العمل الجاد الملتزم"، فإنه كان يؤسس حكمه على استقراء التاريخ الغربي تحديدا، وهو تاريخ لا يمكن التسليم بكَونيته سواء في تحولاته المفصلية أو في راهنيته ما بعد الحداثية.
ونحن لا نذكّر بهذه الحقائق لأننا نتبنى قراءة ديكولونيالية، أي قراء ما بعد استعمارية أو قراءة تريد استعادة صوت "الهامش" فقط، بل نحن نفعل ذلك لأننا نؤمن بأن أي تبيئة للمصطلحات الغربية في الفضاء العربي الإسلامي دون مجهود نقدي هي بالضرورة تبيئة استعمارية؛ حتى عندما يكون المتلفظ بها أو المروج لها من أدعياء مقاومة الاستعمار ومن رموز مشاريع التحرير الوطني.
حتى لو سلّمنا جدلا بأن "نظام التفاهة" هو نظام مُعولم، فإن أساس العَولمة هو العلاقات اللا متكافئة بين المركز وهوامشه. ومن باب المفارقة أن اللا تكافؤ قد ازداد رسوخا بعد مرحلة الاستعمار المباشر المتزامنة -بالمعنى العام- مع دخول الإمبريالية في مرحلة "التصهين"، بعد قيام دولة الكيان وهيمنة اليهود على الغرب اقتصاديا وإعلاميا وفكريا. وهو ما دفعنا في أكثر من موضع سابق إلى "تحيين" أطروحة لينين (الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية) واعتبار الصهيونية أعلى مراحل الإمبريالية.
ولا شكّ في أن الحرب الكونية على غزة قد أكدت هذه الحقيقة وجعلت الفصل بين الغرب "العلماني" وبين عمقه الصهيو-صليبي أمرا مجانبا للصواب، كما أن هذه الحرب قد أكدت أيضا أن "التصهين" قد أصبح مكوّنا بنيويا من مكونات العقل السياسي العربي-الإسلامي الرسمي (وشبه الرسمي)، بعد أن كان محصورا في الجملتين اليهودية والمسيحية الغربية وما يرتبط بهما من أطروحات في مرحلة الاستعمار غير المباشر (أي الاستعمار الاقتصادي والثقافي).
لا شك عندنا في أن أي قارئ عقلاني لكتاب "نظام التفاهة" قد سأل نفسه بعض الأسئلة التي قد يكون منها الأسئلة التالية، وهي أسئلة جعلتها حرب الإبادة على غزة وبؤس الرد العربي الرسمي والشعبي أكثر إلحاحا: إذا كان "دونو" يصف النظام الغربي المهيمن على العالم بـ"نظام التفاهة"، فهل يجوز لنا أن نصف هوامش ذلك النظام وملحقاته الوظيفية بـ"التفاهة"؟ أم إن علينا اجتراح مفهوم مطابق لواقع العمالة والاستلاب الذي تعيشه تلك "الكيانات" بما فيها الكيانات العربية-الإسلامية؟ وإذا ما سلّمنا جدلا بصلاحية "نظام التفاهة" لوصف الواقع العربي-الإسلامي، فهل للتافه العربي-الإسلامي الدور نفسه الذي لنظيره "التافه" الغربي؟ وهل هو حقا نظيره، أم هو -أي التافه الغربي- سيده وقدوته ومرجع المعنى النهائي عنده؟ هل إن "نظام التفاهة العربي-الإسلامي" هو نتيجة صيرورة تاريخية طبيعية، أم إنه نتيجة تدخلات "خارجية" تتعامد وظيفيا مع "قابلية الاستعمار" بمختلف أشكاله المباشرة وغير المباشرة؟
هذه الحرب قد أكدت أيضا أن "التصهين" قد أصبح مكوّنا بنيويا من مكونات العقل السياسي العربي-الإسلامي الرسمي (وشبه الرسمي)، بعد أن كان محصورا في الجملتين اليهودية والمسيحية الغربية وما يرتبط بهما من أطروحات في مرحلة الاستعمار غير المباشر (أي الاستعمار الاقتصادي والثقافي)
ختاما، فإن من "التفاهة" أن نُسوّيَ في النظام العالمي المتصهين بين أصناف "التافهين"، فالغرب الذي أنتج "نظام التفاهة" وعمل على عولمتها ليس هو الهامش العربي الإسلامي الذي يعيش نظام تفاهة من الدرجة الثانية. فرغم هيمنة "التافهين" على المجال الغربي، بما ذلك في مجالي الحكم والعلم (الجامعات)، فإنه لا يمكن المقارنة بين التوافه عندهم وتوافهنا. فتوافههم يعملون للحساب الخاص (سواء أكانت خدماتهم للدولة أم للطائفة أم للمؤسسة)، أما توافهنا فإنهم يعملون بالضرورة لحساب الغير، أو هم مجرد وكلاء محليين لمركز القرار والتوجيه في الغرب. ولكننا نؤمن بوجود رابط خفي بين الجميع، ألا وهو خدمة المشروع الصهيوني الذي تحضر فيه فلسطين باعتبارها "مركزا" أو نقطة ارتكاز، ولكنها لا تختزل المشروع كله.
إن المشروع الصهيوني (الذي أصبح هو نفسه مشروع الإمبريالية في مرحلتها الصهيونية) لا يمكن أن ينجح إلا بعولمة "عبادة العجل" عند الغوييم أو الأغيار من غير اليهود، أي عولمة أنماط اقتصادية وثقافية ومجتمعية أساسها الغرائز والشهوات وتغذية "الإنية المركزية" دون أي بعد متعال، ولا علاقة لها بـ"القيم الدينية" أو الأخلاقية، مع تسفيه كل الأنظمة العقائدية والتحريض على أصحابها بدعوى مقاومة الإرهاب أو الدفاع عن حقوق الإنسان، مع استثناء النظام العقدي اليهودي المؤسس لدولة الكيان الغاصب.
ولا شك عندنا في أن "البقرة الحمراء" التي ينوي اليهود ذبحها تمهيدا لتدمير الأقصى وبناء المعبد وتغيير فتوى تحريم دخوله، تختزل المشروع الإمبريالي كله في لحظته المتصهينة. فهذا المشروع يحتاج إلى "عبدة العجل" (وهم أساسا نخب التطبيع السياسي والثقافي والديني القائم على "التسامح اللا متكافئ" باعتباره شكلا من أشكال التبادل اللا متكافئ) حتى يستطيع تمرير مشروعه التوراتي، كما يحتاج المشروع الصهيوني إلى علمنة الوعي العربي-الإسلامي بصورة مشوّهة ومعادية للهوية الجماعية أو إلى "تطييفه" (ربطه بالطائفية وبرهانات الدولة-الأمة أو الطائفة-الأمّة)، حتى يتمكّن من تفكيك أية مقاومة "إسلامية" مشروعة ووصمها بالإرهاب والتطرف والرجعية. وهي حقائق جاءت "طوفان الأقصى" لتدفع بها إلى الضوء، بعد أن عمل "أدعياء التنوير" وسدنة "الفرقة الناجية" على تهميشها خدمة للمشروع الصهيوني ووكلائه في منظومات الاستعمار الداخلي التي تسمى مجازا "دولا وطنية".
twitter.com/adel_arabi21
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الصهيونية الصهيونية أيديولوجيا النظام الدولي طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المشروع الصهیونی العربی الإسلامی طوفان الأقصى لا یمکن
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى.. ومصير التطبيع
أما آن للمنافقين المرجفين والمتخاذلين أن يؤمنوا بعدالة القضية الفلسطينية، وأن زوال الاحتلال بات قريبا حتى لو تلقي الدعم والمساندة من هنا وهناك، ومن القريب والبعيد؟ إن عدالة القضية يا سادة والإيمان بها والالتفاف حولها أول درجات النصر وتحقيق المأمول، وأن محاربتها والتشكيك في عدالتها والتخلي عنها، وطعنها في الظهر أول دركات الخيانة والهزيمة.
إن زوال الاحتلال أمر محتوم وهو مؤجل في علم الغيب ليوم معلوم آت لا محالة، هذا يقين وثقة من رب العالمين مهما شكك المشككون ودعم الصهاينة المتخاذلون.
أعلنها أبو العبد الشهيد إسماعيل هنية على مرء وسمع العالم "لن نعترف بإسرائيل"، هل أدركنا الآن أن السرطان الذي يهدد أمن أمتنا هو الاحتلال الصهيوني لا غيره؟
لقد سطرت غزة بدماء شعبها ملحمة تاريخية ووطنية سياسية وثقافية واجتماعية وإعلامية أبهرت بها العالم أجمع، ليستيقظ معها الضمير الإنساني دوليا وعالميا معلنا تضامنه مع شعب غزة في صموده وكفاحه في وجه الطغيان الصهيوني الذي احتل الأرض واستباح العِرض لأكثر من 70 عاما.
لقد ظن البعض أن القضية الفلسطينية قد ماتت أو لن تقوم لها قائمة "في زخم وخضم التطبيع المتسارع من بعض دول المنطقة في دعمهم وتضامنهم المنقطع النظير للكيان الصهيوني على حساب أمن شعبنا وأمتنا"، وتحرير أقصانا ومقدساتنا لفرض واقع جديد يجبر المقاومة وحماس على وجه الخصوص بقبوله، فكان طوفان الأقصى المفاجئ والموفق بمثابة نقلة نوعية وعسكرية وضربة استباقية جعلت القضية الفلسطينية الأولى عالميا في جميع المحافل الدولية، وفي مقدمة ذلك الشعوب الحرة من كل أنحاء العالم وعلى مختلف توجهاتهم على هذا الكوكب، بعدما عمد الاحتلال إلى تزيف الحقائق وممارسة سياسة التضليل وتبرير قمعه ووحشيته في التعامل مع المدنيين، وقد نسي أو تناسي عمدا أنه كيان محتل للأرض.
ومن هنا نؤكد على ما يلي:
أولا: القضية الفلسطينية قضية عادلة بامتياز وهي الأرض الوحيدة المحتلة على مستوى العالم، والدفاع عنها والموت في سبيلها والعمل على تحريرها من أيدي المحتل أمر مشروع لأصحاب الأرض وكل شرفاء العالم.
ثانيا: ثبات وشجاعة وبسالة حماس مع جميع فصائل المقاومة في المواجهة وفي أرض الميدان جعل شعوب العالم تنظر لحماس بنظرة مختلفة عن ذي قبل، وأن طوفان الأقصى وضع فلسطين في صدارة المشهد العالمي.
ثالثا: الصمود الأسطوري لشعب غزة الذي قدم أكثر من 45 الف شهيد تقريبا على مدار أكثر من عام أغلبهم من الأطفال، والذي كشف وعرّى زيف وكذب روايات الاحتلال أمام العالم المدعوم من قبل اللوبي الصهيوني. يستحق هذا الشعب الفلسطيني العظيم وفي القلب منه شعب غزة كل الدعم والمساندة.
المقاومة وحسن إدارة المعركة:
أولا: تفوقت المقاومة بحسن إدارة الحرب تكتيكيا وعسكريا وسياسيا وإعلاميا بشكل مهني ووطني وخاصة في مواقع القتال المختلفة وعلى كل الجبهات، رغم الحصار الذي دام لسنوات طويلة، وكذلك تفوق المتحدث العسكري لحركة حماس أبو عبيدة الملقب بـ"الملثم" بنقل واقع المعركة أمام العالم ليتحمل مسؤوليته، وكذلك أمام الداخل الاسرائيلي قبل أن تزيف الحقائق من قبل قادة الاحتلال الصهيوني وهو ما اعتادوا عليه، فأصبح أبو عبيدة أيقونة الشباب في عالمنا العربي والإسلامي بل ولشباب العالم أجمع.
ثانيا: الإعداد الجيد والمدروس والانسجام التام والتنسيق الموفق بين جميع فصائل المقاومة وبين حماس، مما أربك العدو وحرمه من تحقيق جميع أهدافه المعلنة طول فترة الحرب رغم الدعم العسكري واللوجستي الذي لم يتوقف طول فترة الحرب حتى إعلان وقف إطلاق النار، وعلى رأس أهدافه التي أعلنها والتي خسرها جميعا القضاء على حركة حماس وتدمير قدرتها العسكرية وتحرير الأسرى.
ثالثا: التمسك وعدم التنازل والتفريط فيما أعلنته حماس وباقي الفصائل الفلسطينية مع أطراف التفاوض وأهمها قضية تبادل الأسرى في سجون الاحتلال والانسحاب الكامل للكيان الصهيوني من أرض غزة، وكذلك فتح معبر رفح لإدخال المساعدات اللازمة للقطاع وعودة النازحين إلى منازلهم بأمان دون تهديد من الكيان قد يعرض حياتهم للخطر، وقبل كل ذلك إعادة الإعمار..
رابعا: التفوق الإعلامي والعسكري لحماس وباقي فصائل المقاومة والتي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة على مستوى العالم وعلى رأسها قناة الجزيرة التي كان لها الدور البارز في نقل الأحداث بمهنية وإنصاف دون تزيف أو تضليل للواقع، مما أكسبها بذلك مصداقية كبيرة تضاف الي تاريخها الإعلامي حول العالم.
خامسا: براعة وحنكة فريق التفاوض لحركة حماس وباقي الفصائل بكل حكمة ومسؤولية منضبطة لضمان حقوق الشعب الفلسطيني كاملة دون نقصان، مما وضع مستقبل نتنياهو السياسي على المحك.
وكما رأينا وشاهدنا جميعا حالة التنازع والفشل بل والغضب الذي أصاب حكومة نتنياهو في كل مفاصل ومؤسسات الكيان سواء كانت أمنية أو سياسية أو عسكرية أو إعلامية أو اجتماعية، مما وضع إدارة الكيان الصهيوني في مرمى وغضب الشعب الصهيوني، ورأينا حجم المظاهرات التي خرجت للشارع تطالب نتنياهو بضرورة القبول بصفقة تبادل عاجلة ووقف فوري لإطلاق النار وعودة الأسرى.
أرادوا للقضية الفلسطينية أن تكون طرحى في غرف الإنعاش وفي مرض سريري دائم، فجاء طوفان الأقصى يؤكد عافيتها، ويشحذ همتها، ويبطل ويفشل جميع المؤامرات التي تحاك بها في جنح الظلام من تطبيع آثم وتهجير مفضوح وصفقات مشبوهة، ليعيد للقضية الفلسطينية زخمها الشعبي، وتفرض إرادتها على المجتمع الدولي، وتكتسب حماس بهذا الطوفان حاضنة شعبية جارفة ليس فقط في فلسطين وغزة تحديدا بل على مستوى العالم أجمع، وتؤكد أيضا على أن فلسطين القلب النابض لهذا العالم.
لقد كشف لنا طوفان الأقصى أن الاحتلال مثل بيت العنكبوت وأنه إلى زوال لو تخلى عنه المنافقون والمتخاذلون والمرجفون في أمتنا العربية.