صحيفة التغيير السودانية:
2024-12-23@18:31:11 GMT

ليست قضية جغرافيا!!

تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT

ليست قضية جغرافيا!!

صباح محمد الحسن

لم تترك تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) حيلة للفريق عبد الفتاح البرهان إلا قطعت حبلها، وكلما أوصد باباً فتحت معه نافذة جديدة في محاولة جادة لوقف هذه الحرب اللعينة، التي أصبح الإصرار على إستمرارها جريمة ثانية يرتكبها فلول النظام بمشاركة ومباركة من دعاة الحرب الذين يتحدثون عن ضرورة حسم التمرد رغم علمهم بالنتائج التي حسمت حياة المواطن بالقتل وبأكبر حصيلة نزوح.

وأعلنت تقدم عن استعدادها للقاء قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في أي زمان ومكان يحددهما، بما في ذلك العاصمة المؤقتة بورتسودان، جاء هذا الإعلان بعد ساعات من تصريحات البرهان التي قال فيها لجنوده أنه لن يفاوض أحداً خارج البلاد
والفريق البرهان يعيد لعبة المراوغة مع القوى السياسية بذات الأدوات التي إستخدمها في لعبة الإطاري حتى أنه يستفيد من الأخطاء نفسها التي تقع فيها القوى المدنية والثورية من تشتت وإنشقاقات واختلاف حول القضايا الأساسية والمصيرية والإبتعاد عن مربع الوحدة وعدم الإلتقاء حول رؤية واحدة.

ولكن ولو أرادت تقدم أن تحرز هدفا يجب أن تبحث عن الحل بعيدا عن البرهان، فمن الجيد أن تتنازل (تقدم) لأجل الوطن ولأجل وقف الحرب، ولكن المؤسف ان هذا التنازل لن يقدره البرهان الذي لا ينظر للأمور من الزاوية التي تنظر بها (تقدم) فالبرهان قد يستغل هذا التنازل إستغلالًا سيئا الأمر الذي قد يجعل نتائج هذا اللقاء لا قيمة لها ولا إضافة، هذا إن كان البرهان فعلا صادقاً في أن مشكلته الحقيقية مع تقدم هي المكان !!

فحتى وإن تم اللقاء في مدينة البرهان المفضلة سيضع البرهان شروطه التعجيزية ويطالب حمدوك بإخراج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين الشرط الذي لن يتخلى عنه البرهان حتى ولو خرجت قوات الدعم السريع من المنازل بإختيارها.

عندها ستجد (تقدم) أنها لم تتقدم خطوة ولم تبارح مكانها الذي كانت فيه لهذا في رأيي أن تسعى (تقدم) وتسحب غطاء القوة الذي مازال يتلفح به البرهان كيف؟.. بتوسيع دائرتها وفتح أبوابها لكل القوى المدنية والثورية لتشكيل أكبر قاعدة مدنية تستطيع بها نزع قرار الكلمة والصوت، فالبرهان مازال يتقدم عليها بسيطرته على القرار بالقوة المستمدة من سلطة الفلول لذلك تجده يتجول بثقة في مساحات المراوغة بالرفض والقبول (على كيفو)، لكن تشكيل جبهة مدنية أكبر يجعل صوتها أعلى من صوته سيما أن الرجل أصبح فاقدا للدعم والسند الخارجي والداخلي.

ثانيا.. أن تدعم (تقدم) بقوة عبر قنواتها الخارجية كل الحلول المطروحة لتجاوز عقبة الفلول وأهمها المطالبة بتصنيف الأخوان منظمة إرهابية وفرض مزيد من العقوبات على الشخصيات والشركات التي تدعم وتغذي ميادين المعارك، وبهذا تكسب تقدم الوقت الذي تحتاجه لضرورة الوقف الفوري للحرب هذا الوقت الذي ما راوغ البرهان ونكص إلا لهدره.

فكل عمل لابد أن تسبقه الرغبة والجدية والنية الخالصة وجميعها عند البرهان لا توجد، والدليل أن (تقدم) تكتب له مباشرة وبصورة رسمية وهو يرد عليها عرضًا في خطاباته المرتجلة!!

لذلك يجب أن تتجاوز (تقدم) الطرق التقليدية في براحات السباق لحل قضايا الوطن وأن تستفيد من معرفة وحقيقة الخصوم من تجاربهم السابقة وتدرك أن القضية مع البرهان هي قضية تاريخ وليست قضية جغرافيا.

طيف أخير:
ومازلنا نكرر (لا تنتظروا الجنرال).

نقلاً عن صحيفة الجريدة

الوسومصباح محمد الحسن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صباح محمد الحسن

إقرأ أيضاً:

ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟

بقلم: إبراهيم سليمان

ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
عند الحديث عن خسارة أمرٍ ما، لابد من توضيح الحساب بكافة المعطيات، ورصد الناتج والمحصلة النهائية التي لا تقبل الجدل، ورغم ذلك هنالك تقديرات، يمكن النظر إليها من زوايا مختلفة، ولا يحمد السوق إلا من ربح. وقديما قيل، "الجمرة بتحّرق واطيها" وقيل أيضا "من يده في الماء ليس كمن يده في النار"

يبدو أن حكومة بورتسودان، بقيادة الجنرال البرهان، تشمر، للتعري من ثيابها، وتستعد للخروج عن طورها، من خلال اتخاذها عدة إجراءات تعسفية، تنم عن اليأس وعدم المسؤولية الوطنية، منذ اندلاع الحرب الحالية، قطعت خدمات الاتصالات عن أقاليم غرب السودان، وحرمت مواطنين على الهوية من الأوراق الثبوتية، حظرت عليهم خدمات السجل المدني، وأخيراً عمدت الإتلاف الإجمالي للعملة والوطنية في حوالي أكثر من ثلثي أقاليم البلاد، من خلال تغيرها في مناطق سيطرة الجيش على ضآلتها، حرمان الآخرين منها، وأخراً الإصرار على إجراء امتحانات الشهادة السودانية لحوالي مائتي ألف طالب طالبة، وحرمان حوالي أربعمائة آخرين في بقية أرجاء البلاد!

بهذه الخطوات المتهورة، وغير المسؤولة، لم تترك حكومة بورتسودان، للمستهدفين من أبناء الشعب السوداني، الذين يمثلون الغالبية العظمي، سوى المضي قدماً ودون التردد أو الالتفات إلى الوراء، في المناطق التي تقع خارج سيطرة الجيش، والمحررة من عنف وظلم دولةـــ 56 لتضلع بمهام توفير الخدمات الضرورية لحياتهم اليومية والملحة لأن يعيشوا بكرامة وعدالة. وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للذين يستحقونها، بدلاً من المتاجرة فيها من قبل تجار الحرب في بورتسودان.

لماذا يدفع أبناء الولايات، التي يستهدفها الطيران الحرب لحكومة بورتسوان، وتحرمها من حقوقها الإنسانية والدستورية، تكاليف بقاء السودان موحداً؟ طالما أن هذه الحكومة غير الشرعية تدفع بعنف وإصرار لتمزيق وحدة البلاد!، وما هي قيمة الوحدة الوطنية، التي تزهق أرواح عشرات الملايين من مكونات بعينها؟ وطالما أن هنالك خمس ولايات فقط، بإدارة مواطنيها أو بغيرها، غير مباليين، بهموم وآهات بقية الإقليم، فلينفصلوا هم إن أرادوا ويتركوا الآخرين وشأنهم.

وليس هناك ما هو أغلى من أرواح الأبرياء، والحفاظ عليها، وحقن دماء أبناء الشعب السوداني مقدم على أي اعتبارات أخرى بما فيها والوحدة الوطنية القسرية. لذا نرى أن تشكيل حكومة مدنية في المناطق المحررة والتي هي الآن خارج سيطرة الجيش، وهي المناطق التي لا تعني شيئا لحكومة بورتسودان الانقلابية، ضرورة حياتية، ويعتبر التقاعس عنه، أو التردد فيه حماقة، وخذلان في حق عشرات الملايين المستهدفين، من قبل الحكومة العنصرية في بورتسودان، وجيشها القاتل.

المنوط بالحكومة المدنية المرتقبة، توفير خدمات التربية والتعليم، وخدمات السجل المدني والأوراق الثبوتية، وفتح معابر تجارية لتصدير المنتجات واسترداد كافة الضروريات المنقذة للحياة، وطباعة عملة وطنية مبرأة للذمة، استباقاً للكارثة الاقتصادية التي تلح في الأفق، ونزع الشرعية من حكومة بورتسودان التي تصر على استمرار الحرب، وترفض كافة النداءات الوطنية الدولية للجلوس للتفاوض بشأن وقف الحرب وإحلال السلام في البلاد، وتقول أنها مسعدة لمواصلة الحرب مائة عام!

وطالما أن هنالك صراع بين قوتين عسكريتين، فليكن هنالك تنازع بين حكوميتين، لتتعادل الكفتتين، وربما يسرع ذلك إيجاد حلول للحكومتين، لكن لا ينبغي أن تتوقف حياة أغلبية الشعب السوداني، من أجل خاطر الحفاظ على وحدة البلاد، التي لم يحرص عليها دعاة الحرب.

ولا نظن أن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة في الخرطوم، ستضر بوحدة البلاد، أكثر حرب كسر العظام الدائرة حالياً، وتأجيج نيران خطاب الكراهية الممنهجة، من دعاة دويلة النهر والبحر، الذين يعادون كافة مكونات البلاد، يرفضون المساواة بين مكوناتها!

ليس هناك ما يمكن خسارته، من تشكيل حكومة موازية مرتقبة بالخرطوم، حتى إن لم يعترف بها أحد، يكفي أن المأمول منها، فك ارتهان مصير غالبة مكونات الشعب السوداني، لمزاج ورعونة حكومة بورتسودان غير المسؤولة. ومما لا شك فيها أن الأوضاع الإنسانية في ليبيا واليمن، وحتى جمهورية أرض الصومال، أفضل ألف مرة منها في معظم أرجاء البلاد. تمزيق وحدة السودان المسؤول عنه حكومة بورتسودان بإجراءاتها التعسفية وقائد الجيش، الذي أعلن على رؤوس الأشهاد، استهداف حواضن قوات الدعم السريع، ويظل يمطرهم بالبراميل المتفجرية بشكل يومي.

وفي الحقيقة، فإن حكومة بورتسودان المعزولة دولياً، قد مزّقت وحدة البلاد فعلياً، بالتصعيد المنتظم من قبلها بشأن اتخاذ إجراءات مست جوهر قومية الدولة السودانية، وأن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة ما هو إلا تحصيل حاصل.
والغريق لا يخشى البلل.
ebraheemsu@gmail.com
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 181//  

مقالات مشابهة

  • إعلام القوى الثورية مقابل إعلام الكيزان
  • ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
  • الدقير وخطوة في الاتجاه الصحيح
  • من التضخم إلى البيتكوين.. هذه أبرز القوى الاقتصادية التي شكلت 2024
  • قطاع المرأة بـ «تقدم» يختتم ورشة عمل حول تعزيز دور النساء في إنهاء الحرب وبناء السلام
  • من التضخم إلى البتكوين.. هذه أبرز القوى الاقتصادية التي شكلت 2024
  • مسؤول سعودي يلتقي البرهان في ثاني زيارة رسمية منذ اندلاع الحرب
  • تبدأ اليوم.. الأحوال المدنية المتنقلة تقدم خدماتها في 43 موقعًا
  • عائلات المحتجزين بغزة: إنهاء الحرب ليس إخفاقا والأهم عودة أبنائنا
  • تقدم: ندعو أطراف الحرب لاتخاذ قرار شجاع بوقفها