عربي21:
2024-12-25@18:16:38 GMT

أمريكا بين خيار الحرب أو الانسحاب

تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT

وضعت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في مأزق استراتيجي جراء انحيازها المطلق لإسرائيل، ومنحت خصومها في المنطقة، وتحديدا إيران، فرصة إضعاف فعاليتها وقوة ردعها، عبر سلسلة من التكتيكات التي استخدمتها طهران عبر إداراتها ببراعة للحرب بالوكالة ضد القواعد الأمريكية والمصالح الغربية في المنطقة.

بالغت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في سيرها خلف سياسات اليمين الصهيوني المتطرف، مما جعلها تضع نفسها في عين الاستهداف من قبل أطراف عديدة، دبلوماسيا وعسكريا، وعلى المستويين الإقليمي والدولي، نتيجة حسابات ساذجة وقراءة متهافتة للمشهدين الإقليمي والدولي، وجراء سيطرة بعض الشخصيات المتطرفة، التي تمتلك خبرة محدودة بأوضاع المنطقة، على القرار الخاص بالشرق الأوسط في دوائر صنع القرار الأمريكي، الأمر الذي أفقد إدارة بايدن القدرة على إدارة الصراع بفعالية، ومنح خصومها محفزات كبيرة لاختبار قوتها وصولا إلى منازلتها في البحر الأحمر وسوريا والعراق.



أدارت إيران لعبة الحرب والتفاوض مع واشنطن بطريقة تنطوي على مزيج من الدبلوماسية والخشونة، تسمح لها بتسديد الضربات للمصالح الأمريكية، دون أن تضطر للخوض في المخاطرة ومنح واشنطن وقوتها الجبارة في المنطقة فرصة ردع طهران وتدفيعها ثمن سياساتها. والغريب أن إيران استبقت أمريكا في استخدام نمط التكتيكات القائمة على القوة والدبلوماسية، وبالتالي أفرغت الجعبة الأمريكية من أحد أهم أدوات إدارتها للحرب في المنطقة
في المقابل، أدارت إيران لعبة الحرب والتفاوض مع واشنطن بطريقة تنطوي على مزيج من الدبلوماسية والخشونة، تسمح لها بتسديد الضربات للمصالح الأمريكية، دون أن تضطر للخوض في المخاطرة ومنح واشنطن وقوتها الجبارة في المنطقة فرصة ردع طهران وتدفيعها ثمن سياساتها. والغريب أن إيران استبقت أمريكا في استخدام نمط التكتيكات القائمة على القوة والدبلوماسية، وبالتالي أفرغت الجعبة الأمريكية من أحد أهم أدوات إدارتها للحرب في المنطقة.

ولعل المشكلة الأكثر وضوحا في إدارة واشنطن للحرب عدم وضعها استراتيجية خروج واضحة، فنتيجة انسياقها خلف أهداف إسرائيل في الحرب، اشتغلت على متابعة يوميات الحرب أكثر من العمل على وضع خطط فاعلة تثبت مقدار تأثيرها وتعكس مدى فعاليتها في السياسة الدولية، وفي إدارتها للنظم الإقليمية الفرعية. وهكذا استغرقت الجهود الأمريكية في تأمين ذخيرة اليوم التالي لآلة القتل الإسرائيلية، وتأمين غطاء دبلوماسي لجنون قادة إسرائيل بعد انقلاب الرأيين الأمريكي والعالمي ضد حربهم الوحشية على غزة.

على وقع هذه السياسات الخاطئة، رأت نخبة من قادة الرأي وأوساط السياسة في أمريكا، أن بلادها باتت تقف على عتبة مخاطر عديدة، تشكلت في لحظة غفلة أمريكية؛ بعض هذه المخاطر بدأ يعبر عن نفسه صراحة، في اليمن والعراق، وبعضها الآخر يتحضر، وربما في مرحلة ليست بعيدة، للإعلان عن نفسه، مثل احتمالات بروز تنظيمات إسلامية سنية تستهدف المصالح الأمريكية في المنطقة، بعد مشاركة واشنطن الصريحة في قتل الفلسطينيين في غزة.

نتيجة لذلك، بدأ الصوت يعلو في أمريكا مطالبا بالانسحاب من منطقة الشرق الأوسط، فيما يبدو أنه إدراك من هذه الأصوات لصعوبة ترميم الصورة الأمريكية، فضلا عن احتراق أوراق الردع الأمريكية، فما دامت تواجه فاعلين لا هياكل لديهم ولا بنك أهداف محددا، فإن القوّة الأمريكية، وفي حال انخراطها في صراع مع هؤلاء، من المرجح أن تلجأ في المرحلة المقبلة إلى أحد خيارين: إما إحداث انقلاب جذري في سياساتها وتكتيكاتها في إدارة أزمات المنطقة كقوة عظمى تترتب عليها التزامات عديدة؛ من ضمنها وقف الحرب في غزة وإجبار إسرائيل على الاعتراف بدولة فلسطينية، وما يستتبع ذلك من إعادة إعمار لغزة، وهذا سيفتح لها المجال لتفكيك العقد التي وضعت نفسها بها، وإما الانسحاب من المنطقة، لكن بعد عملية انتقام تزيد من نكبات شعوب المنطقة وتتركها لمصائر مجهولةفإنها لن تحصد غير الخيبة وضعف الهيبة، والمؤكد عداء مزيد من الشعوب في المنطقة وخارجها، وخاصة وأن خصومها يأتون في الغالب من مناطق منكوبة بالأصل، وأي استهداف لهم سيحمّل أمريكا مسؤولية أوضاعهم الكارثية، دون أن تكون هناك نتائج واضحة لاستهدافهم، بدليل الضربات الأمريكية ضد الحوثين في اليمن، والتي تبدو كمن يناطح الخور في جبال اليمن.

يتمثل المأزق الأمريكي في أن حربها على خصومها، وهم هنا في الغالب الأطراف التي تدعمها إيران، لن تكون لها نتائج واضحة، ولن تنهي مخاطر هؤلاء على مصالحها، بل على العكس، ربما تعزّز مكانتهم في البيئات التي يتواجدون فيها، وترسخ وجودهم بشكل حاسم. ومن جهة ثانية، إن لم ترد واشنطن فإن لذلك ارتدادات جيوسياسية خطيرة على نفوذها في المنطقة وعلى صورتها كقوة عظمى، ولن يكون من السهل بعد ذلك ردع أي طرف يحاول تحدي أمريكا، لا في الشرق الأوسط ولا في منطقة غيرها في العالم.

تدرك واشنطن جيدا هذه التبعات التي يمكن أن تنسحب على مناطق نفوذها في أجزاء عديدة من العالم، لذا فمن المرجح أن تلجأ في المرحلة المقبلة إلى أحد خيارين: إما إحداث انقلاب جذري في سياساتها وتكتيكاتها في إدارة أزمات المنطقة كقوة عظمى تترتب عليها التزامات عديدة؛ من ضمنها وقف الحرب في غزة وإجبار إسرائيل على الاعتراف بدولة فلسطينية، وما يستتبع ذلك من إعادة إعمار لغزة، وهذا سيفتح لها المجال لتفكيك العقد التي وضعت نفسها بها، وإما الانسحاب من المنطقة، لكن بعد عملية انتقام تزيد من نكبات شعوب المنطقة وتتركها لمصائر مجهولة. وفي كلتا الحالتين ستدفع أمريكا أثمانا باهظة لسياساتها الخاطئة في المنطقة.

twitter.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه القوة إسرائيل إسرائيل امريكا الحوثيين القوة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

“واشنطن بوست”: القوات الأمريكية قد تبقى في العراق لفترة أطول من المتفق عليها بسبب أحداث سوريا

العراق – ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” نقلا عن مسؤول عراقي كبير أن القوات الأمريكية قد تبقى في العراق لفترة أطول من المتفق عليها بسبب الأحداث في سوريا.

وأضاف المصدر: “المسؤولون العراقيون غيروا وجهة نظرهم بشأن الانسحاب الأمريكي المحتمل في أعقاب الأحداث الأخيرة في المنطقة”، حيث يبدو أن الموعد النهائي الحالي “غير واقعي”.

وبحسب الصحيفة، فإن السلطات العراقية أصبحت أكثر اهتماما بالمقترحات الأمريكية لنشر وحدات استخباراتها بالقرب من الحدود العراقية مع سوريا.

وفي الوقت نفسه، تشير الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني لم يطلب تمديد الوجود العسكري الأمريكي.

وتؤكد “واشنطن بوست” أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لم يكشف بعد عن خططه للقوات الأمريكية في العراق، لكن مستشاريه أوضحوا أن بين أولوياته قتال “داعش”.

وفي وقت سابق، ذكرت وكالة “رويترز” أن الولايات المتحدة والعراق توصلا إلى تفاهم بشأن انسحاب قوات التحالف من البلاد، وينبغي لها مغادرة قاعدة عين الأسد بحلول سبتمبر 2025.

ولاحقا، قال ممثل عن الإدارة الأمريكية إن الولايات المتحدة ضمن “خطة انتقالية” ستوقف نشاط قواتها في عدد من مناطق العراق، لكنها لن تسحبها بشكل كامل.

المصدر: واشنطن بوست

مقالات مشابهة

  • ماسك يتسبب في انهيار التوافق على مشروع الميزانية الأمريكية.. فوضى في الكونغرس
  • ماسك يتسبب بانهيار التوافق على مشروع الميزانية الأمريكية.. فوضى في الكونغرس
  • “واشنطن بوست”: القوات الأمريكية قد تبقى في العراق لفترة أطول من المتفق عليها بسبب أحداث سوريا
  • “أسوشيتد برس” تكشف حقيقة الوعكة التي أصابت كلينتون
  • حرب السودان.. جهود دولية إنسانية دون حل في الأفق
  • الاحتلال يقتحم مخيم بلاطة ويصيب ثلاثة فلسطينيين قبل الانسحاب
  • سيناريو مغاير.. واشنطن بوست: بغداد ستطلب بقاء القوات الأمريكية في العراق
  • تقرير: إسرائيل تدرس خيار الهجوم المباشر على إيران
  • ترامب يريد منع الحرب العالمية الثالثة وحماية سماء أمريكا بـقبة حديدية
  • نسعى لأن نكون يقظين.. واشنطن تشعر بالقلق من خطر حقيقي بشأن إيران