عربي21:
2024-09-30@14:26:11 GMT

أمريكا بين خيار الحرب أو الانسحاب

تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT

وضعت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في مأزق استراتيجي جراء انحيازها المطلق لإسرائيل، ومنحت خصومها في المنطقة، وتحديدا إيران، فرصة إضعاف فعاليتها وقوة ردعها، عبر سلسلة من التكتيكات التي استخدمتها طهران عبر إداراتها ببراعة للحرب بالوكالة ضد القواعد الأمريكية والمصالح الغربية في المنطقة.

بالغت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في سيرها خلف سياسات اليمين الصهيوني المتطرف، مما جعلها تضع نفسها في عين الاستهداف من قبل أطراف عديدة، دبلوماسيا وعسكريا، وعلى المستويين الإقليمي والدولي، نتيجة حسابات ساذجة وقراءة متهافتة للمشهدين الإقليمي والدولي، وجراء سيطرة بعض الشخصيات المتطرفة، التي تمتلك خبرة محدودة بأوضاع المنطقة، على القرار الخاص بالشرق الأوسط في دوائر صنع القرار الأمريكي، الأمر الذي أفقد إدارة بايدن القدرة على إدارة الصراع بفعالية، ومنح خصومها محفزات كبيرة لاختبار قوتها وصولا إلى منازلتها في البحر الأحمر وسوريا والعراق.



أدارت إيران لعبة الحرب والتفاوض مع واشنطن بطريقة تنطوي على مزيج من الدبلوماسية والخشونة، تسمح لها بتسديد الضربات للمصالح الأمريكية، دون أن تضطر للخوض في المخاطرة ومنح واشنطن وقوتها الجبارة في المنطقة فرصة ردع طهران وتدفيعها ثمن سياساتها. والغريب أن إيران استبقت أمريكا في استخدام نمط التكتيكات القائمة على القوة والدبلوماسية، وبالتالي أفرغت الجعبة الأمريكية من أحد أهم أدوات إدارتها للحرب في المنطقة
في المقابل، أدارت إيران لعبة الحرب والتفاوض مع واشنطن بطريقة تنطوي على مزيج من الدبلوماسية والخشونة، تسمح لها بتسديد الضربات للمصالح الأمريكية، دون أن تضطر للخوض في المخاطرة ومنح واشنطن وقوتها الجبارة في المنطقة فرصة ردع طهران وتدفيعها ثمن سياساتها. والغريب أن إيران استبقت أمريكا في استخدام نمط التكتيكات القائمة على القوة والدبلوماسية، وبالتالي أفرغت الجعبة الأمريكية من أحد أهم أدوات إدارتها للحرب في المنطقة.

ولعل المشكلة الأكثر وضوحا في إدارة واشنطن للحرب عدم وضعها استراتيجية خروج واضحة، فنتيجة انسياقها خلف أهداف إسرائيل في الحرب، اشتغلت على متابعة يوميات الحرب أكثر من العمل على وضع خطط فاعلة تثبت مقدار تأثيرها وتعكس مدى فعاليتها في السياسة الدولية، وفي إدارتها للنظم الإقليمية الفرعية. وهكذا استغرقت الجهود الأمريكية في تأمين ذخيرة اليوم التالي لآلة القتل الإسرائيلية، وتأمين غطاء دبلوماسي لجنون قادة إسرائيل بعد انقلاب الرأيين الأمريكي والعالمي ضد حربهم الوحشية على غزة.

على وقع هذه السياسات الخاطئة، رأت نخبة من قادة الرأي وأوساط السياسة في أمريكا، أن بلادها باتت تقف على عتبة مخاطر عديدة، تشكلت في لحظة غفلة أمريكية؛ بعض هذه المخاطر بدأ يعبر عن نفسه صراحة، في اليمن والعراق، وبعضها الآخر يتحضر، وربما في مرحلة ليست بعيدة، للإعلان عن نفسه، مثل احتمالات بروز تنظيمات إسلامية سنية تستهدف المصالح الأمريكية في المنطقة، بعد مشاركة واشنطن الصريحة في قتل الفلسطينيين في غزة.

نتيجة لذلك، بدأ الصوت يعلو في أمريكا مطالبا بالانسحاب من منطقة الشرق الأوسط، فيما يبدو أنه إدراك من هذه الأصوات لصعوبة ترميم الصورة الأمريكية، فضلا عن احتراق أوراق الردع الأمريكية، فما دامت تواجه فاعلين لا هياكل لديهم ولا بنك أهداف محددا، فإن القوّة الأمريكية، وفي حال انخراطها في صراع مع هؤلاء، من المرجح أن تلجأ في المرحلة المقبلة إلى أحد خيارين: إما إحداث انقلاب جذري في سياساتها وتكتيكاتها في إدارة أزمات المنطقة كقوة عظمى تترتب عليها التزامات عديدة؛ من ضمنها وقف الحرب في غزة وإجبار إسرائيل على الاعتراف بدولة فلسطينية، وما يستتبع ذلك من إعادة إعمار لغزة، وهذا سيفتح لها المجال لتفكيك العقد التي وضعت نفسها بها، وإما الانسحاب من المنطقة، لكن بعد عملية انتقام تزيد من نكبات شعوب المنطقة وتتركها لمصائر مجهولةفإنها لن تحصد غير الخيبة وضعف الهيبة، والمؤكد عداء مزيد من الشعوب في المنطقة وخارجها، وخاصة وأن خصومها يأتون في الغالب من مناطق منكوبة بالأصل، وأي استهداف لهم سيحمّل أمريكا مسؤولية أوضاعهم الكارثية، دون أن تكون هناك نتائج واضحة لاستهدافهم، بدليل الضربات الأمريكية ضد الحوثين في اليمن، والتي تبدو كمن يناطح الخور في جبال اليمن.

يتمثل المأزق الأمريكي في أن حربها على خصومها، وهم هنا في الغالب الأطراف التي تدعمها إيران، لن تكون لها نتائج واضحة، ولن تنهي مخاطر هؤلاء على مصالحها، بل على العكس، ربما تعزّز مكانتهم في البيئات التي يتواجدون فيها، وترسخ وجودهم بشكل حاسم. ومن جهة ثانية، إن لم ترد واشنطن فإن لذلك ارتدادات جيوسياسية خطيرة على نفوذها في المنطقة وعلى صورتها كقوة عظمى، ولن يكون من السهل بعد ذلك ردع أي طرف يحاول تحدي أمريكا، لا في الشرق الأوسط ولا في منطقة غيرها في العالم.

تدرك واشنطن جيدا هذه التبعات التي يمكن أن تنسحب على مناطق نفوذها في أجزاء عديدة من العالم، لذا فمن المرجح أن تلجأ في المرحلة المقبلة إلى أحد خيارين: إما إحداث انقلاب جذري في سياساتها وتكتيكاتها في إدارة أزمات المنطقة كقوة عظمى تترتب عليها التزامات عديدة؛ من ضمنها وقف الحرب في غزة وإجبار إسرائيل على الاعتراف بدولة فلسطينية، وما يستتبع ذلك من إعادة إعمار لغزة، وهذا سيفتح لها المجال لتفكيك العقد التي وضعت نفسها بها، وإما الانسحاب من المنطقة، لكن بعد عملية انتقام تزيد من نكبات شعوب المنطقة وتتركها لمصائر مجهولة. وفي كلتا الحالتين ستدفع أمريكا أثمانا باهظة لسياساتها الخاطئة في المنطقة.

twitter.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه القوة إسرائيل إسرائيل امريكا الحوثيين القوة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

واشنطن بوست: الإدارة الأمريكية تستعد لانتقام إيراني محتمل بعد اغتيال زعيم حزب الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية النقاب أن الإدارة الأمريكية تستعد لانتقام إيراني محتمل بعد استهداف إسرائيل رئيس جماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله، في قصف جوي يوم أمس الأول. 
وأوضحت الصحيفة في تقرير إخباري لمراسليها في المنطقة إن كبار المسئولين في إدارة جو بايدن ما زالوا يقيمون الوضع في لبنان وخطواتهم التالية، محذرين من أنه من الصعب التنبؤ بما قد يحدث بعد اغتيال زعيم حزب الله في الغارة الجوية الإسرائيلية.
وأضافت الصحيفة إن الإدارة الأمريكية تتأهب لمجموعة من الإجراءات الانتقامية المحتملة من قبل إيران للهجوم الذي فاجأ البعض حيث أثار المزيد من الأسئلة حول الاتصالات بين الولايات المتحدة وحليفتها الوثيقة إسرائيل. 
ونقلت الصحيفة عن مسئولين أمريكيين قولهم إنهم لم يكونوا يعلمون أن إسرائيل ستشن غارة جوية لمحاولة قتل نصر الله، وأنهم فوجئوا أيضًا بعملية إسرائيلية في وقت سابق من هذا الشهر حيث فجروا أجهزة اتصال لاسلكية محمولة يستخدمها أعضاء حزب الله.
وفي الأيام الأخيرة، يبدو أن المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين كانوا يتحدثون مع بعضهم البعض، حيث قال كبار المسؤولين في إدارة بايدن يوم الأربعاء الماضي إن إسرائيل وافقت من حيث المبدأ على وقف إطلاق النار لمدة 21 يومًا مع حزب الله بينما لم تتحقق هذه الصفقة أبدًا، ويقول الإسرائيليون إنهم لم يقتربوا أبدًا من الموافقة.
بينما لا يعتقد المسئولون الأمريكيون أن إسرائيل ولا حزب الله سيوافقان على وقف إطلاق النار في الأيام المقبلة، قال مسؤول كبير في الإدارة إن الهدف الطويل الأجل للبيت الأبيض لا يزال تهدئة التصعيد وإيجاد حل دبلوماسي بين إسرائيل وحزب الله يسمح لعشرات الآلاف من السكان على جانبي الحدود بالعودة إلى منازلهم. 
لكن إسرائيل استمرت في قصف لبنان بالضربات يوم أمس السبت وأشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أنهم سيواصلون حملتهم العسكرية حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت يوم أمس السبت إن الحرب في لبنان "لن تتوقف".
ونقلت الصحيفة عن مسئولين كبار في إدارة بايدن قولهم أمس السبت إنهم ما زالوا يقيمون الوضع في لبنان وخطواتهم التالية، محذرين من أنه من الصعب التنبؤ بما قد يتبع ذلك في الأيام المقبلة خاصة أن الخطر الأكثر إلحاحًا، وفقًا للعديد من كبار المسؤولين في الإدارة، هو كيف تختار إيران الرد على مقتل زعيم أهم مجموعة تابعة لها في المنطقة.
وأضاف أحد كبار المسؤولين في الإدارة أن الولايات المتحدة تستعد لمجموعة من الاستجابات المحتملة، بما في ذلك الانتقام المباشر من حزب الله أو الهجمات من وكلاء إيرانيين آخرين، مثل الحوثيين في اليمن، الهجمات الإيرانية على القوات الأمريكية في المنطقة، أو هجوم صاروخي إيراني مباشر على إسرائيل، موضحا إن الولايات المتحدة شعرت بأنها "في وضع جيد" للتعامل مع مجموعة الاستجابات.
وتابعت أن تصعيد إسرائيل ضد حزب الله أدى في الأيام الأخيرة إلى إثارة قلق المجتمع الدولي مع تصاعد المخاوف من حرب إقليمية أوسع نطاقًا. وبحسب وزارة الصحة اللبنانية، فقد قصفت إسرائيل لبنان وقتلت أكثر من ألف شخص خلال الأسبوعين الماضيين.
ولا يزال المسؤولون الأمريكيون ينصحون إسرائيل بعدم غزو بري للبنان، محذرين من أن مثل هذه الخطوة قد تأتي بنتائج عكسية خاصة أن العمليات السرية التي تشنها إسرائيل، إلى جانب الضربات الجوية ربما وجهت ضربة قاضية.
وفي يوم أمس السبت، كانت الخطوات التالية لإيران تحت التدقيق الدقيق حيث قال مسئولان سابقان في الاستخبارات الإسرائيلية على دراية بالعمليات والتحليلات الإسرائيلية الحالية إن عملاء حزب الله المهتزين كانوا يتطلعون إلى طهران للحصول على إرشادات حول ما إذا كان ينبغي شن انتقام واسع النطاق على إسرائيل، بما في ذلك باستخدام صواريخ يمكن أن تصل إلى المدن الكبرى بينما قال أحد المسؤولين إن إيران مترددة على الأرجح في إعطاء الضوء الأخضر لأنها تعلم أن ضربة ضخمة من حزب الله يمكن أن تؤدي إلى انتقام من إسرائيل، مما يضعف وكيل إيران الرئيسي، وربما على إيران نفسها، وفقا للصحيفة. 
كما أن الهدف الرئيسي للبيت الأبيض خلال الحرب التي استمرت قرابة عام في غزة كان هو تجنب اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا لكن إسرائيل تجاهلت مرارًا وتكرارًا نصيحة الولايات المتحدة بتجنب التصعيد، وفي عدة نقاط على مدار الأسبوعين الماضيين، قال مسؤولون من إدارة بايدن إنهم لا يعرفون شيئًا عن العمليات الإسرائيلية الكبرى الجارية في لبنان.
ونوهت الصحيفة بأن الخطوات التالية لإسرائيل أو إيران بعد اغتيال نصر الله هي مصدر مناقشات دبلوماسية مكثفة حيث قال أندرو ميلر، الذي غادر مؤخرًا إدارة بايدن كأعلى دبلوماسي للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية للصحيفة:" نحن في منطقة مجهولة وأي شخص يتحدث بيقين عما سيحدث يجب التعامل معه بحذر، هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها الأصل الاستراتيجي الأساسي لإيران تهديدًا وجوديًا، لكن إيران تظل حذرة من الصراع الإقليمي. سترد إيران ولكن من المستحيل تقريبًا التنبؤ بتوقيت وطريقة وحجم هذا الرد".
وإذا قامت إسرائيل بغزو بري، فهناك "بعض القلق" في الحكومة الإسرائيلية وأيضًا داخل إدارة بايدن من أن القوات الإسرائيلية قد تكون مفرطة التوسع حيث غزت إسرائيل لبنان آخر مرة في عام 2006، وهي العملية التي يعتقد الكثيرون في إسرائيل أنها انتهت دون منتصر واضح وتركت حزب الله في وضع قوي عسكريًا.
كما تعرض اقتصاد إسرائيل لضربة كبيرة منذ هجمات حماس 7 أكتوبر الماضي، مع خفض درجة الائتمان وانكماش إجمالي الناتج المحلي بشكل حاد حيث انخفضت التجارة والاستثمار، ومن شأن توسيع الصراع أن يؤدي إلى تفاقم ذلك.
لم يكشف البنتاجون يوم أمس السبت عن أي تدابير إضافية لتعزيز الأمن في المنطقة، لكنه حافظ لأشهر على حالة تأهب عالية هناك، مع نشر الدفاعات الجوية في مواقع متعددة وسفن حربية منتشرة في جميع أنحاء المنطقة. 
 

مقالات مشابهة

  • اللامي: القواعد الأمريكية في العراق منطلق لدعم واشنطن للكيان الصهيوني
  • إيران: لسنا دولة حرب وتأخر الرد لا يعني تجاهل أعمال المعتدين
  • إيران: لسنا دولة حرب وصبرنا لحكمة وتأخر الرد لا يعني تجاهل أعمال المعتدين
  • واشنطن بوست: بعض القنابل الإسرائيلية التي اغتالت نصر الله أميركية من طراز BLU-109
  • غارديان: اغتيال نصر الله يضع طهران أمام خيار مصيري ويهين واشنطن
  • “واشنطن بوست”: إدارة بايدن تجد صعوبة في التنبؤ برد إيران على اغتيال نصر الله
  • واشنطن بوست: الإدارة الأمريكية تستعد لانتقام إيراني محتمل بعد اغتيال زعيم حزب الله
  • الجارديان: مقتل حسن نصر الله يترك إيران أمام خيار مصيري ويمثل إهانة للولايات المتحدة
  • اتفاق بين العراق والولايات المتحدة على إنهاء مهمة التحالف الدولي.. هذا موعد الانسحاب
  • الحكم بسجن أبوختالة 28 عاما في أمريكا في قضية الهجوم على القنصلية الأمريكية ببنغازي