فضل الله: على القيادات وخصوصا الدينية ضبط خطابها جيداً
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
ألقى العلامة السيد علي فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة.
وقال:"إننا يجب أن لا نكون في مواقفنا وخياراتنا في الحياة صدى للناس من حولنا، بحيث نقف حيث يقفون ونتحرك حيث يتحركون، ونؤيد من يؤيدون ونعارض من يعارضون، ونسالم من يسالمون ونحارب من يحاربون، بل أن يكون الحق صدى لإيماننا ولقيمنا التي تدعونا إلى الحق والعدل والصلاح حتى لو كنا في ذلك وحدنا وكان الناس جميعاً في خط الباطل ومع الفساد والظلم والانحراف، ومهما واجهنا في ذلك من مصاعب وتحديات وآلام، ومتى حصل ذلك سنكون في أمان عندما نقف بين يدي الله حيث تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، ونكون أكثر وعياً ومسؤولية لخطواتنا وقدرة على مواجهة التحديات".
أضاف:"البداية من فلسطين، حيث تستمر معاناة الشعب الفلسطيني، فعلى صعيد غزة لا يتوقف العدو الصهيوني عن ارتكاب مجازره بحق المدنيين والتدمير الممنهج للبنى التحتية ولكل مظاهر الحياة فيها، والحصار المطبق على أهلها الذي بات يهدد مئات الآلاف منهم ويفقدهم أبسط متطلبات.وما يشجع العدو على ذلك هو الدعم الذي يتلقاه هذا الكيان، والذي لم يقف عند حدود الدعم العسكري أو المالي أو الاستخباري، وفي تأمين الغطاء الكافي له في المحافل الدولية، بل هناك ما نشهده اليوم من عمل على قطع شرايين الحياة لهذا الشعب والذي يتمثل بتعليق خدمات الأونروا، هذه المنظمة التي تتولى مساعدة الشعب الفلسطيني في مختلف مجالات الحياة".
تابع: "إننا أمام ما يجري نسأل: "أين هو موقع الدول العربية والإسلامية في مواجهة هذا المخطط الذي إن حصل سيتسبب بتشريد شعب عربي وإسلامي ويساهم في إسقاط قضيته، والتي إن سقطت فستكون كل قضايا الأمة العربية والإسلامية ومصيرها في مرمى سهام هذا العدو؟ في هذا الوقت ورغم كل هذه الجراح والآلام التي يعانيها الشعب الفلسطيني من هذا الكيان وداعميه والساكتين على جرائمه، فهو يستمر في مواجهته رغم قلة الإمكانات والتقديمات، مسطراً في ذلك أروع ملاحم البطولة والفداء حتى الاستشهاد في مواجهته لآلة العدو العسكرية المتطورة، وفي ملاحقته له في كل المواقع التي يتقدم إليها والالتفاف عليه أو جعله غير قادر على الثبات فيها، في هذا الوقت نشهد مبادراتٍ تسعى إلى إيقاف نزيف الدم ووضع حد للحرب، إننا نأمل أن تنجح هذه الجهود آخذة في الاعتبار حق الشعب الفلسطيني بالأمن والحرية والعيش الكريم والثبات في أرضه، ونحن على ثقة بأن هذا الشعب لن يقدم انتصاراً مجانياً للعدو وإخراجه من المأزق الذي هو فيه وعلى حساب حريته وكرامته وأمنه والتضحيات الجسام التي قدمها".
أضاف:"نصل إلى لبنان الذي تستمر مقاومته في خيارها بدعم قضية الشعب الفلسطيني، وهي في ذلك تقدم التضحيات الجسام في هذا الطريق شعوراً منها بالمسؤولية في نصرة الشعب الفلسطيني، وفي هذا الوقت يستمر العدو الصهيوني في اعتداءاته على قرى لبنان وتهديده له والتي كان آخرها ما صرح به وزير حرب العدو بأن جيشه "سيتحرك قريباً جداً على الحدود الشمالية مع لبنان"، إلى رسائل الضغط الدولية المتوالية والتي تأتي على طريقة النصائح حتى تتخلى المقاومة عن هذا الخيار. نحن نرى أن هذه التهديدات ليست إلا من باب التهويل والحرب النفسية التي يمارسها العدو، بعدما أصبح واضحاً عدم قدرة الكيان الصهيوني على شن عدوان واسع على لبنان بعد الإنهاك الذي تعرض له جيشه ولإدراكه للقدرات التي تمتلكها المقاومة، وأن الحرب معها لن تكون نزهة، ولغياب الضوء الأخضر الدولي، إلا أننا نؤكد ضرورة الحذر حيال تطورات المشهد في المنطقة كلها، وأن نبقى في لبنان على جهوزية حيال تداعيات ما يحصل، وأن تكون الوحدة الداخلية هي الأساس الذي ننطلق منه لمواجهة كل التحديات القادمة لأننا نخشى من أن تسهم الانقسامات الداخلية وبعض المواقف وردود الفعل عليها في إغراء العدو بتوسيع دائرة عدوانه، أو أن تشجعّه على الذهاب بعيداً في مغامراته".
وقال:"من هنا، نجدد دعوتنا للقيادات الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية إلى ضبط خطابها جيداً أو ردود أفعالها بما لا يؤدي إلى توتر أو شرخ داخلي في وقت أحوج ما نكون للوحدة في مواجهة تحديات الداخل والخارج، ونخص بالذكر القيادات الدينية التي يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في مد الجسور بين اللبنانيين والتركيز على المشتركات الوطنية وتعزيز الوحدة الداخلية، حيث أن دورها الأساس يكمن في أن تكون الأمينة على القيم الأخلاقية والإنسانية والوطنية، فإذا اهتز هذا الدور تهتز أركان الوطن وتتسع الهوة بين مكوناته، وهو ما لا يريده أحد على الإطلاق".
( الوكالة الوطنية)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی فی هذا فی ذلک
إقرأ أيضاً:
وكيل الأزهر: مأساة الشعب الفلسطيني تحدث أمام مجتمع دولي يقف متفرجًا وعاجزًا عن وقف معاناتهم
أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، اليوم الأحد، أن انعقاد النسخة الخامسة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة بجامعة الدول العربية، تحت عنوان «حلول مستدامة من أجل مستقبل أفضل: المرونة والقدرة على التكيف في عالم عربي متطور» يثبت أن الدولة المصرية مواكبةٌ لما يجري في الساحة من حراك اقتصادي واجتماعي، وأنَّها حريصة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، الذي يؤكد دومًا أهمية توفير حياة كريمة لجميع المصريين، واهتمام أجهزة الدولة بمقاومة ومكافحة الفقر وهو ما تبينه بوضوح الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة، رؤيةِ مصر2030، التي تمثِّل إرادةً حقيقيَّةً نابعةً من قراءةٍ واعيةٍ للواقع، ومن فكرٍ منظمٍ، ومن أملٍ في مستقبلٍ مختلفٍ.
وأشار وكيل الأزهر الشريف خلال كلمته في المؤتمر الذي عقد بجامعة الدول العربية بالتعاون مع الشركاء من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وعدد من الهيئات المعنية في مصر والمنطقة العربية، إلى أهميَّة هذا المؤتمر التي تكمن في محاولة إيجاد صيغٍ للتكامل بين: (التنميةِ المستدامة والاقتصادِ الإسلامي بهدف مقاومةِ الفقر) وتبعاته، وذلك من خلال تعزيز الحوار والتفاهم والتفاعل بين الخبراء والمتخصصين في مجالات التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي، لبلورة رؤية شاملة حول مقاومة الفقر، ورسم السياسات الحقيقيَّة لمواجهته. كما يمثل المؤتمر جرس إنذار إلى كل العقلاء في العالم كي يتكاتفوا ويكثفوا جهودَهم من أجل انتشال الفقراء من واقعهم المؤلم، حتى لا يصبحوا فريسة سهلة لجماعاتِ العنف والجريمة والإرهاب الذي يصيب الجميع بالألم.
وقال الدكتور محمد الضويني إن التنمية المستدامة ليست شعارا، بل هو واجب تفرضه الظروف المتغيرة، ولقد أصبحت هذه التنمية المستدامة هدفا ساميا لأي وطن يسعى نحو التقدم والريادة، وسبيلا للمحافظة على الهوية من أي اختراق أو استهداف. وفي ضوء ذلك واستجابةً لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يعنى الأزهر الشريف بنشر ثقافة الاستدامة، والتأصيل لها، والتوعية بأهميتها، وترسيخ قيمها، وتحقيق أهدافها في المجتمع، وفي مقدمة هذا (مقاومة الفقر)، فعقد الأزهر العديد من المؤتمرات التي تتعلق بالتنمية المستدامة، ومواجهة أزمات الحياة، ومنها: مؤتمر «مواجهة الأزمات المعيشية وتداعياتها.. رؤية شرعية قانونية» بكلية أصول الدين بالمنصورة، ومؤتمر «التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر من منظور الفقه الإسلامي والقانون الوضعي» بكلية الشريعة والقانون بتَفهنا الأشراف.
وأشار محمد الضويني خلال كلمته إلى جهود الأزهر في هذا المسار، وقال إن الأزهر الشريف لم ينفصِل عبر تاريخه الطويل عن قضايا الواقع ومشكلات الأمة ومعضلات المجتمع، حيث أسهم برجاله وعلمائه وجميع منسوبيه وقطاعاته وأدواته المتعددة والمتنوعة، في تحقيق التكامل بين التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي، من أجل مقاومة الفقر بكافة صوره وأشكاله، وفي إطار هذه الجهود تم إنشاءُ (بيت الزكاة والصدقات المصري) الذي قام بتنفيذ العديد من البرامج التي تهدف إلى مد يد العون إلى الفقراء والمحتاجين والغارمين والمرضى، الذين يجدون صعوبة في تحمل نفقات الحياة وتحمل أعبائها.
ودعا وكيل الأزهر إلى تعزيز التكامل بين التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي من أجل القضاء على الفقر وآثاره، فهذا لم يعد ترفًا، بل ضرورة ملحة. وأن يسير هذا جنبًا إلى جنب مع التنمية في البناء القيمي والأخلاقي والروحي للإنسان، وصيانة حياته حاضرًا ومستقبلًا. وإن هذا التكامل بين التنمية المستدامة بمفهومها الإسلامي الأكثر شمولًا وعمقًا، والاقتصاد الإسلامي بأدواته المتعددة ينبغي أن يتجاوز الحلول المؤقتة المسكِّنة، إلى حلول دائمة تعزز العدالة الاجتماعية، وتدعم توزيع الثروات على نحو صحيح.
وأوضح وكيل الأزهر أن الاقتصاد الإسلامي يسعى إلى المحافظة على الحياة ومكوناتها ومواردها وإنسانها، بما فيه من أدوات متعددة تقوم على تبادل المنافع بين الغني والفقير، والتي يتربح منها الأغنياء ليزدادوا غنًى، وتساعد الفقراء في الارتقاء بحالهم، وتحسين معيشتهم، والحد من درجة الفقر لديهم، ومنها أنواع الزكاة والصدقات، ومنها الحرص على التوزيع العادل للثروة، ومنها تشجيع العمل والإنتاج، ومنها تطوير الموارد البشرية، ومنها دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومنها دفع الشركات والمؤسسات إلى مباشرة مسؤوليتها المجتمعية وغير ذلك من أدوات. فضلا عن أنواع العقود المستحدثة كشركات العِنان والمضاربة، وغيرها من أنواع الشركات التي أباحتها وأقرتها الشريعة الإسلامية، والتي تعمل على الحد من الفقر، وتحقق التنمية المستدامة للفرد والمجتمع.
وأردف الدكتور محمد الضويني أن الفقر مشكلةٌ صعبة تعاني منها معظم المجتمعات، وللقضاء على هذه المشكلة وآثارها لا بُدَّ من الوقوف على أسبابها. فالفقر ظاهرة ذات جذور متشابكة، وإن ما يدور على الساحة العالميَّة اليوم، من حروب وقتل وتدمير من أبرز الأسباب السياسية والاجتماعية التي تصنع الفقر، وترهق به المجتمعات لفترات طويلة، لما ينتج عنها من تدهور اقتصادي وعمراني، يتبعه تراجعٌ وتَدَنٍّ في مستوى المعيشة، وفقدانٌ لمقومات الحياة الأساسية، ناهيك بما تتركه الحروب من خلل سياسي مقصود، وكلما اتسعت رقعة الفقر والجوع والتهميش ابتعد العالم عن الأمن والاستقرار.
وذكَّر وكيل الأزهر الحاضرين في المؤتمر والضمير العالمي بمأساة الشعب الفلسطيني الأَبي، وما يعانيه الأبرياء الذين يتخطفهم الجوع والخوف، ويتوزعون ما بين ألم التهجير والتشرد والجوع، وبين قسوة القتل والتنكيل والترويع، من كِيانٍ محتلٍ ظالمٍ لا يَرقب فيهم إلًا ولا ذمة، فيما يقف المجتمع الدُّولي متفرجًا وعاجزًا عن مساعدتهم ووقف معاناتهم. مشيرًا فضيلته إلى أن التكامل المنشود بين التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي لمواجهة الفقر، يواجه تحدياتٍ كبيرة في التنفيذ والمتابعة، وهو ما يتطلب تعاونًا دوليًّا وإرادة سياسية قوية، وبناء منظومة شاملة تحقق الأهداف المرجوة من هذا التكامل.
اقرأ أيضاًوكيل الأزهر: فلسفة القرآن لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين
وكيل الأزهر يشارك في قمة قادة الأديان بأذربيجان تحت شعار «أديان من أجل كوكب أخضر»
وكيل الأزهر: الربط بين التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر ليس غريبا على الفكر الإسلامي