حذر الكاتب البريطاني المعروف ديفيد هيرست؛ من أن نجاح الاحتلال الإسرائيلي في إقناع الرئيس الأمريكي جو بايدن، في شطب وكالة "الأونروا"، هو إنهاء للاعتراف على خمسة ملايين لاجئ فلسطيني.

وأضاف هيرست في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي"، أنه "بدون أونروا لا يوجد لاجئون، وبدون لاجئين لا توجد مشكلة"، وهو ما تهدف إليه "إسرائيل" في منع توريث حالة اللاجئ للأجيال الفلسطينية المقبلة.




وأكد أن حركة "حماس" لا تملك قوائم بأسماء أعضائها، في إشارة للمزاعم التي قدمها الاحتلال حول وجود اسماء مشتركة بين الحركة والأونروا، وهو ما علق عليه هيرست بالقول: "لم يخطر ببال أحد أن يتوقف من أجل التدقيق في مدى مصداقية مزاعم الجيش الإسرائيلي، أو ليجري تقييماً لها في ضوء القائمة المتنامية للافتراءات والأكاذيب المعروفة، التي لم يفتأ نفس الجيش يختلقها من أجل التغطية على جرائم قتله للمدنيين في غزة".

وأدناه نص المقال الذي ترجمته "عربي21":


بات واضحاً الآن كوضوح الشمس ما الذي كان يدور في خلد المسؤولين الإسرائيليين عندما تحدثوا لصحيفتي نيويورك تايمز والوول ستريت جورنال عن اختراق حماس المزعوم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا).

مازلت أجد صعوبة في فهم كيف كانت الحكومة الغربية على استعداد لابتلاع الطعم، بدون أي تدقيق للحقائق، وكيف برمشة عين قررت 17 دولة، تدفع مجتمعة ما يزيد قليلاً عن 440 مليون دولار – نصف الميزانية التشغيلية للأونروا، تعليق مشاركتها في التمويل.

خلال نهاية الأسبوع، الذي من المفروض أن يكون قد شهد تفكير تلك البلدان بالتوقف عن تمويل إسرائيل، بعد الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بشأن الإجراءات المؤقتة الواردة في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، فإذا بكل الكلام ينصب على وقف تمويل واحدة من وكالات الأمم المتحدة التي تُبقي الفلسطينيين على قيد الحياة داخل غزة.

فيما لو نسي الجميع، فثمة حرب تدور رحاها هناك.

توفر الأونروا حالياً ملاذاً لما يزيد عن مليون نازح فلسطيني في 154 موقعاً داخل قطاع غزة. لا يقتصر الأمر على 13 ألف فلسطيني تشغلهم الأونروا، بل هي أكبر وكالة إغاثة تعمل داخل منطقة الحرب هذه، المنطقة التي شهدت دماراً غير مسبوق.

تحمل شاحنات الأونروا، والتي يقودها سائقون يعملون لدى الأونروا، مواد المساعدات الضئيلة من الحدود. هم أنفسهم يقومون بالتحميل والتفريغ، وينقلون المساعدات إلى داخل مخازنهم، ثم يقومون بتوزيعها. كما يقومون بتزويد الوكالات الأخرى التابعة للأمم المتحدة بالمواد.

تقول جولييت طعمه، مديرة الاتصالات في أونروا: "لو اختفت الأونروا، فإن التداعيات على غزة سوف تكون كارثية."

ومع ذلك، بات محتملاً جداً أن تتوقف عمليات الأونروا تماماً.

وعن ذلك تقول جولييت طعمه: "إذا لم يُستأنف التمويل فلن نكون قادرين على الاستمرار في عملنا الإغاثي، بما في ذلك داخل غزة، ما بعد نهاية شهر فبراير (شباط). ليست لدينا احتياطيات، لا يوجد لدينا مدخرات نلجأ إليها في يوم ماطر."

قائمة متنامية من الافتراءات

لم يخطر أي من ذلك ببال البلدان السبعة عشر التي قررت تعليق التمويل.

بومضة تعمي البصر، تحول الجيش الإسرائيلي، الذي قتل 152 من العاملين في الأونروا داخل غزة، في عقولهم إلى ضحية لوكالة الأمم المتحدة التي "تم اختراقها من قبل حماس."

راحت وسائل الإعلام الدولية تعيد، بلا تمحيص أو تساؤل، إنتاج "إضبارة" الدليل المزعوم التي وزعتها إسرائيل على الصحفيين، وهي الإضبارة التي لم تسلمها رسمياً لوكالة الأونروا نفسها.

علمت وكالة الأمم المتحدة بالأمر عندما قرأت عنه في وسائل الإعلام، التي أفادت في البداية أن 12، ثم 190، ثم 1200، من موظفي الأونروا كانوا "أعضاء في حماس". علماً بأن الأونروا تقوم بشكل منتظم بتقديم قوائم بأسماء العاملين فيها لإسرائيل ولحكومات البلدان التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين.

في شهر مايو (أيار) الماضي، سلمت الأونروا لـ "إسرائيل" قوائم بجميع موظفيها في غزة وفي الضفة الغربية المحتلة وفي القدس الشرقية. تقول طعمه عن ذلك: "لا نحصل على رد إطلاقاً، ناهيك عن أن يصلنا أي اعتراض."

من المؤكد أنه لو كانت "إسرائيل" تجمع المعلومات حول اختراق حماس لمثل هذه الوكالة الأممية الحيوية، والتي توظف كل هذا العدد الكبير من الناس داخل المناطق المحتلة، لكانت عبرت عن مخاوفها في عام 2023 أو في أي سنة سابقة لذلك.

رغم أن الفرصة متاحة أمام الدولة المضيفة للقيام بذلك إلا أن ذلك لم يحصل بتاتاً، علماً بأن وكالة الأونروا موجودة منذ اليوم الذي وجدت فيه دولة "إسرائيل".

لم يخطر ببال أحد أن يتوقف من أجل التدقيق في مدى مصداقية مزاعم الجيش الإسرائيلي، أو ليجري تقييماً لها في ضوء القائمة المتنامية للافتراءات والأكاذيب المعروفة، التي لم يفتأ نفس الجيش يختلقها من أجل التغطية على جرائم قتله للمدنيين في غزة.

من بين المزاعم الإسرائيلية الأكثر استعصاء على التصديق تلك التي تقول إن الجنود الإسرائيليين عثروا على جهاز حاسوب وجدوا بداخله قائمة بأسماء أعضاء حماس، وأنهم قارنوا تلك القائمة بقوائم الموظفين التي زودتهم بها وكالة الأونروا، ووجود نتيجة لذلك أن ما يقرب من 10 بالمائة من موظفي الوكالة الذين يبلغ عددهم 13 ألفاً في غزة هم أعضاء في حركة حماس.



فلتسأل أي خبير في مكافحة التمرد كيف يتم تنظيم الحركات الإسلامية، وسوف يقول لك إنه لا وجود إطلاقاً لمثل هذه القوائم. فحماس لا توجد لديها قوائم بأسماء الأعضاء فيها. وحتى في بلاد مثل الأردن، حيث تعترف الدولة رسمياً بجماعة الإخوان المسلمين، لا توجد مثل هذه القوائم للأعضاء في الإخوان. ولا وجود لمثل هذه القوائم في مصر أو في أي بلد آخر للإخوان المسلمين فيه وجود سياسي.

وتلك هي المشكلة التي واجهها الدبلوماسي البريطاني السابق جون جنكينز عندما كتب تقريره عن تواجد جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا. وهو الذي أخبرني حينها قائلاً: "إن الإخوان المسلمين لا يوجد لديهم عنوان بريدي في هذا البلد، ولا يوجد ما يمكن وضع اليد عليه، حتى لو أردنا أن نفعل ذلك."

وثمة سبب لذلك الوضع، ألا وهو أن الحركات الإسلامية تنظم وتمول عبر خلايا، يبقى وجودها طي الكتمان لدرجة أن الواحدة منها لا تعرف بوجود الأخرى.

نزر يسير جداً من المعلومات الموثوقة


وهذا هو بشكل خاص الوضع داخل منظمة عسكرية مثل حماس.

لقد سعى الرجال الأربعة الذين نظموا هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إلى إبقاء الخطة سراً محفوظاً لا يصل إلى أحد من أعضاء حماس خارج غزة، بما في ذلك نائب رئيس الحركة صالح العاروري الذي قتل على يد الإسرائيليين في بيروت الشهر الماضي.

لقد فاجأ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) جميع من في الشتات ممن يزعمون أنهم على تواصل مع حركة حماس، وهي الحركة التي تحظرها بريطانيا.

تقوم حماس، في كل مستوياتها التنظيمية، على السرية، وهو ما يفسر ندرة المعلومات حول عدد المقاتلين لديها، أو حول أساليب التجنيد التي تتبعها، أو حجم شبكة الأنفاق التي أقامتها. وكذلك هو حال الترسانة التي تتوفر لديها من القنابل الصاروخية المضادة للدروع، والتي شكلت مفاجأة غير سارة للجيش الإسرائيلي.

كثير من المفاجآت مقابل النزر اليسير من المعلومات الاستخباراتية الموثوقة.

في سبيل الدفاع عن نفسه في مواجهة النقد المحلي له بأنه لا يحقق تقدماً في حملته البرية، زعم الجيش الإسرائيلي ذات مرة بأنه اكتشف وجود مخزن كبير من الأسلحة داخل أحد الأنفاق. كان سهلاً على حماس دحض تلك المزاعم.

فالحركة لا توجد لديها مخازن أسلحة، بل جميع أسلحتها موزعة ويتم إخفاؤها بعناية، وذلك لسبب عسكري بسيط ألا وهو أن مخازن السلاح أياً كان حجمها تصبح عرضة للقصف الجوي.

ينبغي على كل من يردد هذه المزاعم الإسرائيلية، سواء كان صحفياً أو حكومة، أن يتذكر كم عدد المناسبات خلال الشهور الأربعة الماضية التي ضبط فيها الجيش الإسرائيلي متلبساً بتزوير الأدلة حول ما الذي كان يفعله داخل غزة.

واحد من الأمثلة الكثيرة على ذلك كان الاستهداف المتعمد بالقتل للصحفي حمزة الدحدوح، نجل مدير مكتب قناة الجزيرة في غزة وائل الدحدوح.



كان حمزة ورفيقه مصطفى ثريا جزءاً من مجموعة من الصحفيين تغطي مشهد غارة جوية. كان ثريا هو الشخص المكلف بالتقاط صور جوية، باستخدام مسيرة، في غزة. انطلقت مسيرته لبرهة قصيرة لتصوير مشهد الدمار الذي حل بالمنطقة.

بعد بضع لحظات تعرض موكب الصحفيين أثناء مغادرته للموقع لضربتين من طائرة مسيرة، استهدفت الضربة الثانية السيارة التي كانت تقل حمزة ومصطفى، فقتلا على الفور. زعم الجيش الإسرائيلي حينذاك أنه استهدف "أفراداً ضالعين في مجموعات تنشط في الهجوم على قوات الدفاع الإسرائيلية."

كل صحفي شارك في تغطية الحرب يعلم أن الصحفيين كثيراً ما يتم استهدافهم من قبل الجنود الإسرائيليين، من القناص الذي قتل شيرين أبو عاقلة، الصحفية الفلسطينية الأمريكية، إلى ما لا يقل عن 117 صحفياً قتلتهم إسرائيل في غزة أثناء هذه الحرب.

لا ينبغي تصديق ما تعلن عنه إسرائيل من معلومات استخباراتية.

إذن، هذا الجيش الذي لديه سجل طويل من نشر الأخبار الكاذبة حول عملية تستغرق وقتاً أطول بكثير مما كان يظن، لماذا ينبغي تصديقه فيما يدعيه على منظمة تابعة للأمم المتحدة لم يزل يسعى لإلغائها منذ سنين؟

حق العودة


إذن دعونا نضع إصبعنا على السبب الحقيقي الذي من أجله تسعى "إسرائيل" جاهدة إلى "هدم" الأونروا.

هذا الأمر لا علاقة له بحماس وليس له كثير علاقة بالحرب التي تدور رحاها حالياً في قطاع غزة. ولفهم ذلك علينا أن نعود بالزمن إلى قرارات الأمم المتحدة في عام 1947، وإلى إقامة دولة "إسرائيل" في عام 1948، ثم قبول هذه الدولة عضواً في منظمة الأمم المتحدة.

كان أول من صاغ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم هو وسيط الأمم المتحدة في فلسطين فولك بيرنادوت، الذي دافع عن ذلك الحق وسعى إلى تكريسه أثناء الهدنة التي تم ترتيبها في يونيو (حزيران) من عام 1948.

في تقريره العام الأول الذي رفعه إلى أمين عام الأمم المتحدة في سنة 1948، كتب فولك بيرنادوت يقول: "سوف يشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ العدالة الأولية لو أن هؤلاء الضحايا الأبرياء في الصراع حرموا من حق العودة إلى ديارهم، بينما يتدفق المهاجرون اليهود على فلسطين، والذين يشكلون بالفعل تهديداً بأن يحلوا بشكل دائم مكان اللاجئين العرب الذين تعود جذورهم في هذه الأرض إلى قرون".



يذكر أن بيرنادوت، اليهودي السويدي الذي أنقذ آلاف اليهود، وحال دون أن ينتهي بهم الأمر إلى معسكرات الإبادة النازية، اغتيل على يد مجموعة يهودية سرية كان يقودها إسحق شامير، الذي أصبح فيما بعد رئيساً للوزراء في "إسرائيل". على كل حال، تم تكريس ما تحدث عنه من حق العودة للفلسطينيين ضمن قرار الأمم المتحدة رقم 194.

كان ذلك شرطاً لقبول عضوية "إسرائيل" في الأمم المتحدة عام 1949. حينها سئل مندوب "إسرائيل" في الأمم المتحدة، أبا إيبان، عما إذا كانت "إسرائيل" ستلتزم بتنفيذ ما هو مطلوب منها بموجب قرار 194، فأجاب أبا إيبان قائلاً: "بإمكاني أن أعطي جواب تأكيد قاطع على السؤال الثاني حول ما إذا كنا سنتعاون مع مؤسسات الأمم المتحدة بكل السبل المتاحة لنا من أجل تنفيذ القرار المتعلق باللاجئين."

تم تأسيس الأونروا في عام 1949 من أجل توفير التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية لما يقرب من 700 ألف لاجئ أوجدتهم "إسرائيل".

بدون أونروا لا يوجد لاجئون


إنها اليوم المنظمة الوحيدة التابعة للأمم المتحدة التي تعرّف اللاجئ الفلسطيني بأنه الشخص الذي كان مكان إقامته فلسطين ما بين يونيو (حزيران) 1946 ومايو (أيار) 1948 والذي فقد داره نتيجة الصراع.

ينطبق وضع اللاجئ على جميع نسل هؤلاء، الأمر الذي يعني أنها اليوم تساعد ما يزيد عن خمسة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.

فيما لو نجحت "إسرائيل" في إقناع الرئيس الأمريكي جو بايدن بشطب الأونروا ونقل ما تقوم به من مهام إلى وكالات أخرى مثل المفوضية العليا للاجئين أو برنامج الغذاء العالمي، فإن الأمم المتحدة لن تعترف بعد ذلك بوجود خمسة ملايين لاجئ فلسطيني.

بدون أونروا لا يوجد لاجئون، وبدون لاجئين لا توجد مشكلة. تتهم "إسرائيل" الأونروا بأنها هي التي "تديم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين" من خلال السماح للاجئين بتوريث وضع اللاجئ إلى الأجيال القادمة.

والحقيقة هي أن "إسرائيل" هي المسؤولة وحدها، بشكل متسلسل ومتكرر، عن إيجاد اللاجئين وعن حرمانهم من حق العودة إلى وطنهم. ويوم الأحد، سعى 12 وزيراً في الحكومة الحالية، بكل ما أوتوا، لإيجاد المزيد من اللاجئين.



لقد شاركوا في مؤتمر يطالب بإعادة استيطان قطاع غزة، وهو نموذج علني مرعب للتحريض على جريمة الإبادة الجماعية التي تنظر فيها المحكمة الدولية.

أحد مؤسسي الحركة التي تطالب بإعادة استيطان غزة قاتل مدان اسمه أوزي شرباف، والذي قضى حكماً سبع سنين في السجن على قتله ثلاثة طلاب في الكلية الإسلامية في الخليل عام 1983.

من الطبيعي أن يكون "الأشرار" من بين المشاركين في المؤتمر، ألا وهم وزير الأمن الوطني إيتامار بن غفير ووزير المالية بيزاليل سموتريتش. ولكن كان لحزب الليكود في المؤتمر حضور قوي كذلك.

ناقش المؤتمر "الهجرة الطوعية" للمواطنين الفلسطينيين في غزة، حيث وقف وزير الاتصالات من حزب الليكود، شلومو كارهي، ليبين بأنه في حالة الحرب "طوعياً قد تكون أحياناً الحالة التي تفرضها (على شخص ما) إلى أن يعطوا موافقتهم."

انهيار الولايات المتحدة


تعطي الولايات المتحدة العالم دروساً حول النظام العالمي القائم على القواعد والأحكام. وها هي المحكمة الدولية قد أمرت إسرائيل باتخاذ كافة ما في وسعها من تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولمعاقبة من يقومون بالتحريض عليها.

هذه هي إجابة 12 وزيراً من وزراء الحكومة على حكم المحكمة الدولية. ومع ذلك لا تحرك واشنطن سكناً.

بدلاً من إجبار "إسرائيل" على الالتزام بما حكمت به المحكمة الدولية، راحت مجموعة من الأعضاء الديمقراطيين اليهود في مجلس النواب الأمريكي تناقش البدائل للأونروا مع الكولونيل إيلاد غورين، رئيس الإدارة المدنية في وحدة تنسيق نشاطات الحكومة الإسرائيلية في المناطق.

نفى غورين علانية حدوث مجاعة جماعية في غزة، وزعم أن "إسرائيل" تبذل كل ما في وسعها من أجل تسهيل تدفق المساعدات على غزة.



لو كانت لدى أي شخص شكوك حول نوايا "إسرائيل"، فقد صرح نتنياهو يوم الأربعاء بأن من المهم جداً إنهاء مهمة الأونروا.

يتم الدفع بأمريكا ليس فقط في طريق يؤدي إلى حرب إقليمية، بل يتم الدفع بها في طريق يفضي إلى تدمير حياة ملايين اللاجئين في مختلف أنحاء العالم العربي، وهو الأمر الذي يهدد بضعضعة الاستقرار في الأردن ولبنان، وكذلك داخل المناطق المحتلة جميعاً.

إن من الجنون أن تنصاع الولايات المتحدة لذلك. حتى الآن لم تبد واشنطن أي مؤشرات على أنها تدرك مدى خطورة الاندفاع في هذا الطريق على النظام العالمي.

عندما تكتب الأجيال القادمة تاريخ انهيار الولايات المتحدة كزعيمة للعالم، إنها لحظات كهذه هي التي سوف تعتبر العوامل التي أدت إلى سقوط أمريكا كقوة عالمية كبيرة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال الأونروا لاجئين حماس حماس الاحتلال أونروا لاجئين سياسة دولية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین الفلسطینیین الجیش الإسرائیلی الولایات المتحدة المحکمة الدولیة الأمم المتحدة للأمم المتحدة حق العودة أعضاء فی داخل غزة لا توجد مثل هذه لا یوجد فی عام فی غزة من أجل

إقرأ أيضاً:

ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟

ما دمنا لم نفارق بعد نظام القطب الواحد المهيمن على العالم تظل النظرية القديمة التي نقول إن الشعب الأمريكي عندما يختار رئيسه فهو يختار أيضا رئيسا للعالم نظرية صحيحة. ويصبح لتوجه هذا الرئيس في فترة حكمه تأثير حاسم على نظام العلاقات الدولية وحالة الحرب والسلم في العالم كله.

ولهذا فإن فوز دونالد ترامب اليميني الإنجيلي القومي المتشدد يتجاوز مغزاه الساحة الداخلية الأمريكي وحصره في أنه يمثل هزيمة تاريخية للحزب الديمقراطي أمام الحزب الجمهوري تجعله عاجزا تقريبا لمدة ٤ أعوام قادمة عن منع ترامب من تمرير أي سياسة في كونجرس يسيطر تماما على مجلسيه.

هذا المقال يتفق بالتالي مع وجهة النظر التي تقول إن اختيار الشعب الأمريكي لدونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية ـ رغم خطابه السياسي المتطرف ـ هو دليل على أن التيار الذي يعبر عنه هو تيار رئيسي متجذر متنامٍ في المجتمع الأمريكي وليس تيارا هامشيا.

فكرة الصدفة أو الخروج عن المألوف التي روج لها الديمقراطيون عن فوز ترامب في المرة الأولى ٢٠١٦ ثبت خطأها الفادح بعد أن حصل في ٢٠٢٤ على تفويض سلطة شبه مطلق واستثنائي في الانتخابات الأخيرة بعد فوزه بالتصويت الشعبي وتصويت المجمع الانتخابي وبفارق مخيف.

لكن الذي يطرح الأسئلة الكبرى عن أمريكا والعالم هو ليس بأي فارق من الأصوات فاز ترامب ولكن كيف فاز ترامب؟ بعبارة أوضح أن الأهم من الـ٧٥ مليون صوت الشعبية والـ٣١٢ التي حصل عليها في المجمع الانتخابي هو السياق الاجتماعي الثقافي الذي أعاد ترامب إلى البيت الأبيض في واقعة لم تتكرر كثيرا في التاريخ الأمريكي.

أهم شيء في هذا السياق هو أن ترامب لم يخض الانتخابات ضد هاريس والحزب الديمقراطي فقط بل خاضه ضد قوة أمريكا الناعمة بأكملها.. فلقد وقفت ضد ترامب أهم مؤسستين للقوة الناعمة في أمريكا بل وفي العالم كله وهما مؤسستا الإعلام ومؤسسة هوليوود لصناعة السينما. كل نجوم هوليوود الكبار، تقريبا، من الممثلين الحائزين على الأوسكار وكبار مخرجيها ومنتجيها العظام، وأساطير الغناء والحاصلين على جوائز جرامي وبروداوي وأغلبية الفائزين ببوليتزر ومعظم الأمريكيين الحائزين على نوبل كل هؤلاء كانوا ضده ومع منافسته هاريس... يمكن القول باختصار إن نحو ٩٠٪ من النخبة الأمريكية وقفت ضد ترامب واعتبرته خطرا على الديمقراطية وعنصريا وفاشيا ومستبدا سيعصف بمنجز النظام السياسي الأمريكي منذ جورج واشنطن. الأغلبية الساحقة من وسائل الإعلام الرئيسية التي شكلت عقل الأمريكيين من محطات التلفزة الكبرى إلي الصحف والمجلات والدوريات الرصينة كلها وقفت ضد ترامب وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم ينحز منها صراحة لترامب غير موقع إكس «تويتر سابقا». هذه القوة الناعمة ذات السحر الأسطوري عجزت عن أن تقنع الشعب الأمريكي بإسقاط ترامب. صحيح أن ترامب فاز ولكن من انهزم ليس هاريس. أتذكر إن أول تعبير قفز إلى ذهني بعد إعلان نتائج الانتخابات هو أن ترامب انتصر على هوليوود. من انهزم هم هوليوود والثقافة وصناعة الإعلام في الولايات المتحدة. لم يكن البروفيسور جوزيف ناي أحد أهم منظري القوة الناعمة في العلوم السياسية مخطئا منذ أن دق أجراس الخطر منذ ٢٠١٦ بأن نجاح ترامب في الولاية الأولى هو مؤشر خطير على تآكل حاد في القوة الناعمة الأمريكية. وعاد بعد فوزه هذا الشهر ليؤكد أنه تآكل مرشح للاستمرار بسرعة في ولايته الثانية التي تبدأ بعد سبعة أسابيع تقريبا وتستمر تقريبا حتى نهاية العقد الحالي.

وهذا هو مربط الفرس في السؤال الكبير الأول هل يدعم هذا المؤشر الخطير التيار المتزايد حتى داخل بعض دوائر الفكر والأكاديميا الأمريكية نفسها الذي يرى أن الإمبراطورية ومعها الغرب كله هو في حالة أفول تدريجي؟

في أي تقدير منصف فإن هذا التآكل في قوة أمريكا الناعمة يدعم التيار الذي يؤكد أن الامبراطورية الأمريكية وربما معها الحضارة الغربية المهيمنة منذ نحو٤ قرون على البشرية هي في حالة انحدار نحو الأفول. الإمبراطورية الأمريكية تختلف عن إمبراطوريات الاستعمار القديم الأوروبية فبينما كان نفوذ الأولى (خاصة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية) على العالم يبدأ بالقوة الخشنة وبالتحديد الغزو والاحتلال العسكري وبعدها يأتي وعلى المدى الطويل تأثير قوتها الناعمة ولغتها وثقافتها ونظمها الإدارية والتعليمية على شعوب المستعمرات فإن أمريكا كاستعمار إمبريالي جديد بدأ وتسلل أولا بالقوة الناعمة عبر تقدم علمي وتكنولوجي انتزع من أوروبا سبق الاختراعات الكبرى التي أفادت البشرية ومن أفلام هوليوود عرف العالم أمريكا في البداية بحريات ويلسون الأربع الديمقراطية وأفلام هوليوود وجامعات هارفارد و برينستون ومؤسسات فولبرايت وفورد التي تطبع الكتب الرخيصة وتقدم المنح وعلى عكس صورة المستعمر القبيح الأوروبي في أفريقيا وآسيا ظلت نخب وشعوب العالم الثالث حتى أوائل الخمسينات تعتقد أن أمريكا بلد تقدمي يدعم التحرر والاستقلال وتبارى بعض نخبها في تسويق الحلم الأمريكي منذ الأربعينيات مثل كتاب مصطفى أمين الشهير «أمريكا الضاحكة». وهناك اتفاق شبه عام على أن نمط الحياة الأمريكي والصورة الذهنية عن أمريكا أرض الأحلام وما تقدمه من فنون في هوليوود وبروداوي وغيرها هي شاركت في سقوط الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي بنفس القدر الذي ساهمت به القوة العسكرية الأمريكية. إذا وضعنا الانهيار الأخلاقي والمستوى المخجل من المعايير المزدوجة في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية للفلسطينيين واللبنانيين والاستخدام المفرط للقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية كأدوات قوة خشنة للإمبراطورية الأمريكية فإن واشنطن تدمر القوة الناعمة وجاذبية الحياة والنظام الأمريكيين للشعوب الأخرى وهي واحدة من أهم القواعد الأساسية التي قامت عليها إمبراطورتيها.

إضافة إلى دعم مسار الأفول للإمبراطورية وبالتالي تأكيد أن العالم آجلا أو عاجلا متجه نحو نظام متعدد الأقطاب مهما بلغت وحشية القوة العسكرية الأمريكية الساعية لمنع حدوثه.. فإن تطورا دوليا خطيرا يحمله في ثناياه فوز ترامب وتياره. خاصة عندما تلقفه الغرب ودول غنية في المنطقة. يمكن معرفة حجم خطر انتشار اليمين المتطرف ذي الجذر الديني إذا كان المجتمع الذي يصدره هو المجتمع الذي تقود دولته العالم. المسألة ليست تقديرات وتخمينات يري الجميع بأم أعينهم كيف أدي وصول ترامب في ولايته الأولى إلى صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتمكنه في الوقت الراهن من السيطرة على حكومات العديد من الدول الأوروبية بعضها دول كبيرة مثل إيطاليا.

لهذا الصعود المحتمل لتيارات اليمين المسيحي المرتبط بالصهيونية العالمية مخاطر على السلم الدولي منها عودة سيناريوهات صراع الحضارات وتذكية نيران الحروب والصراعات الثقافية وربما العسكرية بين الحضارة الغربية وحضارات أخرى مثل الحضارة الإسلامية والصينية والروسية.. إلخ كل أطرافها تقريبا يمتلكون الأسلحة النووية!!

حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري

مقالات مشابهة

  • «الأونروا»: 70 ألف فلسطيني في شمال غزة يكافحون للحصول على مياه نظيفة
  • الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6 % من حاجة السكان
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • "الأونروا": إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة السكان
  • “الأونروا”: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة السكان
  • الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة السكان
  • كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يبيّن لـCNN
  • بوتين يوقع قانونا يسمح للمتطوعين للقتال في أوكرانيا بشطب ديونهم غير المسددة
  • هيرست يعلّق على مذكرات الاعتقال: إسرائيل أصبحت رهانا خاسرا بالنسبة لأمريكا
  • الإمارات: آثار خطيرة لقرار إسرائيل حظر عمل «الأونروا»