زاكورة..5 تلاميذ يتركون رسالة غريبة قبل أن يختفون
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
أثار اختفاء ثلاث تلميذات وتلميذين، حالة استنفار قصوى في صفوف السلطات المحلية بعدد من جماعات إقليم زاكورة، إضافة إلى أعوان السلطة وعناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة. وما زاد إثارة شكوك كبيرة، أن هؤلاء التلاميذ المختفين تركوا رسالة قصيرة قبل تواريهم عن الأنظار تحمل عبارة “معذرة لا تبحثوا عنا، نعتذر كثيرا”، وهو الأمر الذي زاد من حدة الضغط على أسر المختفين.
واستنادا إلى المعطيات، تمكنت السلطات المحلية وعناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة وأعوان السلطة من العثور على التلاميذ المختفين، وذلك بأحد الجبال القريبة من جماعة “تافتشنا”، حيث تم نقلهم إلى المستشفى الإقليمي بزاكورة، لإخضاعهم للفحوصات الطبية وإجراء خبرة للتأكد من كونهم لم يتعرضوا لأي اعتداء جسدي أو جنسي، ثم الاستماع إليهم بعد ذلك من قبل الدرك الملكي في محاضر رسمية، من أجل كشف لغز اختفائهم ومغادرتهم لدار الطالب والطالبة التي يقطنون بها من أجل متابعة دراستهم.
المصدر: مملكة بريس
إقرأ أيضاً:
من الأقسام إلى ساحات التضامن.. تلاميذ المغرب يرفضون الصمت تجاه مجازر غزة (شاهد)
"لا لا للخيانة، ولا لا للتطبيع"، و"غزة غزة رمز العزة" و"هذا عار، هذا عار، فلسطين في خطر"، بمثل هذه الشعارات، صدحت أصوات الآلاف من التلاميذ المغاربة، من قلب مدارسهم، في عدّة مدن، طوال الأسبوع الجاري؛ وذلك فيما وُصف بـ"الحراك اللّافت، المشكّل لرسالة قوية ترفض استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة".
من مدن: وجدة والرباط، وطنجة وفاس والدار البيضاء وتطوان وسلا ومكناس، وصولا لمناطق جبلية مثل إقليم الحوز، حوّل التلاميذ بين ليلة وضحاها، المدارس إلى منصات للخطب التضامنية، رافعين أعلام فلسطين، وهاتفين بشعارات مثل: "المغرب وفلسطين شعب واحد مو شعبين"، في مشاهد رجّت مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
في هذا التقرير ترصد "عربي21" مشاهد التضامن العارم التي قادها تلاميذ المغرب في موجة احتجاجية وصفت بـ"غير المسبوقة، وتعكس عمق الوعي السياسي لدى النشء"، إذ تحولت ساحات المدارس إلى منصات للخطب والهتافات التضامنية.
تضامن يتجاوز الجدران المدرسية
المسيرات التلاميذية الغاضبة، المُطالبة بإسقاط التطبيع، وبوقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة المحاصر، تزامنت مع "الإضراب العالمي لأجل غزة"، فلم تكن مُجرد احتجاج عابر، بل تتويجا لسلسلة مبادرات طلابية في المغرب، بدأت منذ بداية الحرب الهوجاء على غزة.
وقال عدنان، وهو تلميذ يدرس بالقسم الخامس ابتدائي: "التضامن مهم مع إخواننا في الغزة، الذين يعيشون القهر، ولا أحد يقوى على إيقاف الحرب"، فيما قالت والدته التي كانت تراقب احتجاجات التلاميذ على بعد مسافة منهم: "جميل هذا الحراك، لكي لا تُنزع منهم إنسانيتهم، الفطرة الآن هي من تتكلم".
وتابعت الأم التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، في حديثها لـ"عربي21": "بالطبع لن أمنع ابني من الإعلان عن احتجاجه، والكشف عن رفضه لاستمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي، الوعي بالقضية الفلسطينية يبدأ منذ الطفولة؛ لكنني في المقابل أحرص على مراقبته عن بعد، خوفا عليه من أي تجاوز قد يؤذي طفولته".
وفي السياق نفسه، لم يقتصر تضامن تلاميذ المغرب على حدود المؤسسات التعليمية (الابتدائية، والإعدادية، والثانوية)، بل جابوا الشوارع المجاورة لمدارسهم، مع رفع شعارات تدعم كامل الأهالي بقطاع غزة المحاصر، وتطالب بـ"وقف فوري" لكافة أشكال التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
إلى ذلك، عاشت عدّة مؤسسات تعليمية، بمختلف المدن المغربية، على مدار أسبوع كامل، على إيقاع توقّف عن الدراسة، عقب انخراط أطر تربوية في الإضراب العالمي من أجل غزة؛ أبرزها ما شهدته مدينة طنجة، بتحوّل مظاهرة أمام مديرية طنجة أصيلا للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إلى مسيرة حاشدة جابت شوارع المدينة.
كذلك، في اعتصام ليلي دام ما يناهز خمس ساعات، شارك المئات من أبناء مدينة طنجة، للتأكيد عن تضامنهم المطلق مع كامل الشعب الفلسطيني خاصة في غزة، ورفضهم لاستمرار حرب الإبادة التي يتعرض لها على يد قوات الاحتلال االإسرائيلي، بدعم أمريكي مطلق.
هذا الشكل الاحتجاجي، الذي وصف بكونه: "الأول من نوعه في مدينة البوغاز (طنجة)"، أتى تلبية لنداء "المبادرة المغربية للدعم والنصرة" في طنجة إلى ساكنة المدينة، رفضا للمجازر اليومية التي تُرتكب في حق أبناء القطاع المحاصر.
جيل جديد يرفض الصمت
لم يتوانَ المغاربة (صغارا وكبارا) في استكمال مشهد التضامن المستمر منذ ما يناهز السنتين، خاصة عقب يوم من مليونية الرباط، بمشاركة قوية في "الإضراب العالمي لأجل غزة"، حيث عمّت احتجاجات غاضبة مختلف المدن، شارك فيها مئات التلاميذ والطلبة وأيضا أطر التعليم والصحة، للتعبير عن رفضهم لعدوان الاحتلال الإسرائيلي.
في السياق ذاته، شهدت مختلف الجامعات المغربية، الإثنين الماضي، جُملة مظاهرات، شملت أزيد من 14 مؤسسة جامعية، وذلك بحسب ما أكّده نائب الكاتب الوطني للاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
وفي وقت سابق، من الأسبوع نفسه، نظم عشرات المحامين المغاربة وقفة احتجاجية بمدينة الدار البيضاء، تضامنا مع الفلسطينيين في غزة؛ تحت شعار "أوقفوا العدوان الصهيوني"، وذلك استجابة لدعوة من جمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء.
وخلال الوقفة ذاتها، رفع المحامون، وهم يرتدون زيهم الرسمي، الأعلام الفلسطينية، فيما رددوا عدّة شعارات داعمة للقضية الفلسطينية.
تجدر الإشارة إلى أنه منذ مطلع آذار/ مارس الجاري، عاودت حكومة الاحتلال إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى غزة لمنع دخول المساعدات الإنسانية، بعد تنصلها من اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، وسط تجاهل أمريكي وصمت دولي، ما فاقم أكثر من المعاناة الإنسانية الملحّة داخل القطاع المحاصر، وما جعل أصوات الرّافضين لاستمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، تعلوا أكثر، في عدّة دول عبر العالم.
وإجمالا، خلّفت حرب الإبادة الجماعية التي يستمر عليها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، بدعم أمريكي مطلق، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.