التيار – حزب الله.. لا مستقبل للعلاقة؟
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
تمر علاقة "التيار الوطني الحرّ" و"حزب الله" بأصعب مراحلها، اذ انها تشهد شبه قطيعة بين الاطرفين خصوصاً بعد التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون الذي اعتبره العونيون اصطفافاً واضحاً لحارة حريك الى جانب خصوم التيار ورغبة ضمنية بتعويم عون رئاسياً وهذا ما لا يريده رئيس التيار جبران باسيل. في المحصلة باتت العلاقة بين الحليفين سيئة للغاية بالرغم من حفاظ الطرفين على خطّ الرجعة.
من يراقب مواقع التواصل الاجتماعي يدرك حجم الهوة التي باتت تحكم علاقة القواعد الشعبية ل"التيار" مع نظيرتها في "حزب الله" فالتراشق الاعلامي العلني الحاصل يوحي بأن قراراً سياسياً خفف القيود وسمح للناشطين من الطرفين بالهجوم على الطرف آخر، حتى أن مناصري "التيار" يقفون بشكل علني ضدّ المعركة التي يقوم بها الحزب في الجنوب ويعتبرون أنها تورط البلد في صراع لا علاقة له به.
لكن ما هو مستقبل علاقة الحليفين السابقين؟ وهل يمكن اصلاح ما انكسر بينهما؟ من الواضح ان الطرفين ليسا مستعجلين لايجاد حلول جذرية لطبيعة العلاقة المستجدة بينهما، اذ ترى "ميرنا شالوحي" أن موقعها أفضل من موقع الحزب في التفاوض اذ ان الاخير بحاجة لاصوات التيار النيابية لايصال مرشحه سليمان فرنجية.وعليه فإن حارة حريك ستقدم في النهاية التنازلات السياسية اللازمة لاعادة المياه الى مجاريها.
في المقابل فإن "حزب الله" غير مستعجل أصلا لحصول انتخابات رئاسية، ويرى ان الظروف الاقليمية والدولية ستمكنه من ايصال مرشحه الرئاسي وبالتالي فإن حاجته للتيار ستصبح هامشية عندها، علماً أنه ليس في وارد الذهاب الى اي تسوية من دون اشراك حليفه السابق فيها، اقله هذا هو التوجه العام في هذه المرحلة، وعليه فإن تحريك المياه الراكدة لن يكون في وقت قريب بل قد يطول حتى اللحظة الاخيرة قبل التسوية.
من هنا يصبح الحديث عن الطلاق النهائي بين الفريقين امراً مستبعداً، فلا باسيل استطاع ايجاد حلفاء جددا يقومون باحتواء طموحاته وافكاره، وهذا ظهر بشكل واضح خلال مرحلة التقاطع مع قوى المعارضة على اسم الوزير السابق جهاد ازعور، ولا "حزب الله" لديه خيارات كثيرة لتأمين غطاء سياسي وشعبي مسيحي يحافظ له على الامتداد الوطني او اقله يمنع حصول احتكاكات واشتباكات طائفية ،يحاول قدر الامكان الابتعاد عنها.
في المرحلة المقبلة سيكون "حزب الله" امام تحد كبير هو الانفتاح على مختلف الفئات والقوى السياسية تمهيدا للدور الجديد الذي قد يلعبه في لبنان، في المقابل فإن "التيار" سيصبح مضطرا بأن يعيد تصحيح علاقته بكل الاطراف او بعضها كي لا يبقى في حالة من العزلة السياسية، لكن الطرفين ليس لديهما اي خيار سوى الحفاظ على حد ادنى من التحالف الثنائي.. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
علاقات بشار التي قضت عليه
في مقالي السَّابق تساءلتُ عن عمق علاقةِ طهرانَ ببشار الأسد، كانَ يعتبرها الجدارَ الذي يستند إليه. أنقذته عام 2014 وفشلت بعد عشر سنين.
في آخر الأسابيعِ من حياتِه قرّر حافظ الأسد في مارس (آذار) عام 2000 التَّفاوضَ مع إسرائيل، وكان في عجلةٍ من أمره يريد إنهاء ما تبقَّى من ملفات عالقة قبلَ تسليم الحكمِ لبشار. وعلى الرغم من مرضِه طارَ إلى جنيف وتفاوض مع رئيس وزراِء إسرائيل إيهود باراك عبرَ الوسيط الرئيس الأمريكي بيل كلينتون. مشروعُ الاتفاق كانَ استعادةَ الجولان المحتل من دون الحديث عن دولةٍ فلسطينية. الإسرائيليون على علمٍ بتأهيل بشار لم يكونوا واثقينَ بأنَّه سيصلُ الحكمَ في ظلّ الصّراع الخفي. تُوفي حافظ بعد عشرةِ أسابيعَ من اجتماع جنيف.لم يعد بشار للتفاوض إلَّا بعد أن اندلعت الاحتجاجات ضده في 2011. نتنياهو ظلَّ متشككاً في قدرة بشار على التَّخلص من علاقته مع طهرانَ وحزبِ الله، ورفض.
من أبرز الأسبابِ التي أطالت عمرَ نظام حافظ الأسد قدرتُه على إدارة علاقاته الخارجية مع خصومه. امتنعَ عن مواجهة إسرائيل بعد هزيمة 1973. في حين أن بشار وضع سوريا ضمنَ امبراطورية الحرس الثوري، وكان من المحتَّم أن تُستهدف بالتدمير لاحقاً.
لماذَا لم يوقع حافظ اتفاقَ سلام مع إسرائيل وهو الذي كان على علاقةٍ تنسيق سرية معها؟ ذكر أقربُ رجاله إليه، الراحل عبد الحليم خدام، أن حافظ كان يخشى أن يُقال أنَّ الأقليةَ العلوية هي من وقَّعت السلام مع العدو.
وماذا عن معاركه معها عبر لبنان؟ في الواقع لم تشن سوريا هجماتٍ على إسرائيل في ثلاثين سنةً في لبنان، بل كانت تقوم بدورِ العسكري لوقفِ نشاطات الفصائل الفلسطينية، ولاحقاً حزب الله بدرجة أقل، حتى جاء بشار الذي وسّع المخاطر. كانت استراتيجية الأسد الأب هي الاستيلاءَ على لبنان ما دامت إسرائيل تحتل الجولان. واستخدمه ورقة مع الدول العربية، ولعبَ دور الوسيط في خطفِ الرهائن الغربيين.
وبالسياسة نفسها، الاقتراب من النَّار دون الاحتراق بها، إذ منح أكراد تركيا الملجأ، وعندما هدّدته أنقره أوقفهم وسلَّم زعيمهم بشكل غير مباشر.
ولابدّ من فهم علاقة حافظ مع إيران حيث كانت معقدة، استخدمها للتوازن الجيوسياسي ضدَ نظام عدوه صدام للحؤول بينه وإسقاط نظام دمشق. واستخدم طهران لتعزيز أهميته في الرياض، ولعب أدواراً متكرّرة لتخفيف التوتر مع طهران.
بعد تفجير الخبر 1996 سلَّم بعض الهاربين السعوديين بعد أن انكشف أن الخلية قد اختبأت في دمشق، ومن جانب آخر سهّل هروبَ زعيمها إلى طهران.
في محاولة لفهم العلاقة، تحدّث خدام عن سياسة حافظ الأسد حيال إيران. عندما جاء رفسنجاني في عام 1985 يطلب دعم الأسد في حربهم ضد العراق. كبائعٍ إيراني ماهر حاول أن يقنعه بأن مكافأة تحالفهم معه عند انتصارهم على صدام سيعزّز موقف سوريا ضد تركيا وإسرائيل والعراق. يقول كان الأسد حذراً من التمادي في الحلف وسطَ رمال المنطقة المتحركة.
لا شكَّ أن من أسباب سقوط نظام بشار الأسد فشله في إدارة سياسته الخارجية، وتحديداً تحالفه مع إيران. ففي الوقت الذي أسس حافظ علاقة وطيدة بنظام الخميني مدركاً أهميته، رفض مشاركته الحرب، لكنه مثل إسرائيل وليبيا باع إيران سراً صواريخ سكود.
أمّا بشار، ففي بدايات رئاسته أوحى للجميع أنه غير البوصلة غرباً، بعيداً عن موسكو وطهران. وما لبث أن أدرك الحقيقة كلّ من تحمَّس له في البداية... السعودية وأسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
في مطلع تحالفه مع إيران خطط بشار للاستيلاء على القرار اللبناني باغتيال رفيق الحريري والعديد من القيادات، ليصبح حزب الله الحاكمَ الأوحد في لبنان بعد إخراج قوات الأسد.
ثم تجرأ بشار على فتح حدوده الجنوبية للمجاميع المسلحة لمهاجمة النظام الجديد في بغداد، الذي كان تحت حماية واشنطن. ما برّر لجيرانه، الأردن وتركيا، فتح حدودهم للثوار السوريين ضده في عام 2012 ، وأخيراً قضوا على حكمه.
من حيثُ الحقيقة يمكن تفهّم التحالفات في سياق الصراع الإقليمي بالنظر إلى علاقةِ حافظ القوية بطهران، لأنها لاعباً مهماً، وكذلك بشار، إلا أنّ الأخير انغمس في حروبها في لبنان والعراق. خدام يقول بشار اتخذ قراراً مصيرياً بالاندماج الكامل مع طهران في عام 2011، لكن رأيي، كما ذكرت سابقاً، كان تورطه في حروب طهران قبل ذلك بسنوات. فهل كانَ وصول بشار للحكم بدعم استثنائي من طهران هو ما دفعه دائماً للعب دور الوكيل مثل حرب الله؟ قلةٌ قليلة تعرف ما حدثَ بين عام 2000 و2024.