مع استمرار الحرب في السودان، ودخول الخرطوم في قطيعة مع الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد)، زار رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان الجزائر، في 28 و29 يناير/كانون الثاني الماضي، وأجرى مباحثات مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تناولت سبل دعم التعاون بين البلدين.

كما أطلع البرهان -وفقا لبيان صدر عن مجلس السيادة- تبون على تطورات الأوضاع في السودان "على خلفية تمرد مليشيا الدعم السريع على الدولة ومؤسساتها واستهدافها للمدنيين والبنى التحتية".

ومنذ أبريل/نيسان الماضي، تتواصل حرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مما خلف أكثر من 13 ألف قتيل ونحو 8 ملايين نازح، وفقا للأمم المتحدة.

وبحسب محلل سياسي يحاول البرهان، وهو أيضا قائد الجيش، الاستعانة بالجزائر لخلق توازن مع إيغاد التي تواجه اتهامات سودانية بالانحياز إلى الطرف الآخر في الصراع.

وقد اعتبرت الزيارة تطورا لافتا، وأثارت تساؤلات عديدة بشأن توقيتها وهدفها وجدواها والدور الذي يمكن أن تلعبه الجزائر في حل الأزمة السودانية.

مكانة وإمكانيات 

تحظى الجزائر بوُجود نشط على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي وقيادتها المجموعة الأفريقية في المجلس. كما ستخوض الجزائر المنافسة على رئاسة الاتحاد الأفريقي لمدة عام، خلال الدورة 37 للقمة الأفريقية في أديس أبابا يومي 17 و18 فبراير/شباط الجاري، وهو المنصب الذي سيذهب لشمال أفريقيا هذه الدورة.

وبزيارته الجزائر، يهدف البرهان، بحسب مراقبين، إلى الاستفادة من إمكانياتها ومكانتها الأفريقية في دعم الحكومة والجيش في مواجهة قوات الدعم السريع، التي تقول الخرطوم إنها مدعومة من دول إقليمية.

وعقب اللقاء مع تبون، قال البرهان إنه لمس تفهما كبيرا من الجانب الجزائري للأوضاع في السودان، وإن الخرطوم ترحب بأي دور جزائري يسهم في معالجة الأزمة.

ومن جانبه، قال تبون إن الجزائر تقف إلى جانب السودان لتجاوز الظروف الصعبة و"قوى الشر التي تستهدف البلاد، من أجل إيجاد حلول سلمية لمشكلته، مع الإيمان بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول".

وشدد الرئيس الجزائري على أن بلاده، ومن خلال عضويتها في مجلس الأمن، ستبذل قصارى جهدها لحل قضايا السودان.

وجاءت زيارة البرهان إلى الجزائر في ظل خلافات بين السودان وإيغاد، إذ جمدت الخرطوم في 20 يناير/كانون الثاني الماضي عضويتها في الهيئة الأفريقية التي كانت ترعى جهودا لحل الأزمة عبر محاولة عقد لقاء مباشر بين البرهان وحميدتي.

وأرجعت الخرطوم التجميد إلى ما قالت إنه تجاهل المنظمة لقرار السودان بوقف تعامله مع المنظمة في أي موضوعات تخص الوضع الراهن في البلاد.

وقبل تجميد العضوية بيومين، دعت قمة دول إيغاد في أوغندا طرفي النزاع في السودان إلى عقد اجتماع مباشر خلال أسبوعين والالتزام بالحوار، مؤكدة ضرورة الوقف الفوري وغير المشروط لإطلاق النار.

يشار إلى أن إيغاد منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية، تأسست عام 1996، وتتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم دولا من شرق أفريقيا هي: السودان وجنوب السودان وإثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال وجيبوتي وإريتريا.

خلق توازن

وقال المحلل السياسي أيمن إبراهيم إن زيارة البرهان إلى الجزائر تشير إلى محاولة خلق توازن بعد الخلافات مع إيغاد وتجميد السودان عضويته في الهيئة.

وأضاف "كما تشير إلى محاولة مجابهة التحركات الدبلوماسية التي قام بها حميدتي في عدد من دول المنطقة".

وفي 27 ديسمبر/كانون الأول 2023، بدأ حميدتي جولة إقليمية ماراثونية غير مسبوقة قادته إلى أوغندا وإثيوبيا وجيبوتي وكينيا وجنوب أفريقيا ورواندا.

ويرى إبراهيم أن الحكومة السودانية بقيادة البرهان ترغب كذلك في الاستفادة من عضوية الجزائر في مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي كحليف مساند لرؤيتها، مع الأخذ في الاعتبار الاحترام الذي تحظى به في المنطقة.

ويستبعد إبراهيم أن تقود الجزائر جهدا منفردا للتوسط في الأزمة السودانية، ولكنها قد تعمل على دفع الجهود القائمة التي تقودها السعودية في منبر جدة، لخلق بيئة مناسبة للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى حل الأزمة الراهنة، وفق تقديره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

قائد القوات الأوغندية يهدد السودان بعد اعتذار بلاده

جدد قائد قوات الدفاع الشعبية الأوغندية موهوزي موسيفيني نجل الرئيس الأوغندي تهديداته باجتياح العاصمة السودانية الخرطوم بعد ساعات من تقديم بلاده اعتذارا رسميا عن تصريحات مشابهة.

ماكرون يدعو طرفي النزاع في السودان إلى إلقاء السلاح برنامج الغذاء العالمي: مقرا للأمم المتحدة بجنوب شرق السودان تعرض لقصف جوي

وبحسب روسيا اليوم، نشر موهوزي نجل الرئيس الأوغندي موسفيني عبر حسابة الرسمي على منصة "إكس" مهددا السودان قائلا: "والدي لو أمرنا بالسيطرة على الخرطوم لفعلنا ذلك غدا".

وجاءت تصريحات قائد قوات الدفاع الشعبي الأوغندية بعد ساعات من بيان للخارجية السودانية رحبت فيه باعتذار الحكومة الأوغندية رسميًا عن التصريحات التي أطلقها قائد قوات الدفاع الأوغندية والتي تحدث فيها عن غزو الخرطوم بدعم من الإدارة الأميركية.

وكان قائد قوات الدفاع الشعبي الأوغندية نجل الرئيس الأوغندي كتب في تغريدة له على منصة "إكس" قبل أيام "نحن فقط ننتظر زميلنا، دونالد ترامب، ليصبح رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، وبدعمه سنتمكن من الاستيلاء على العاصمة السودانية الخرطوم".

وأضاف نجل الزعيم الأوغندي في تدوينته: "سوف تنتهي هذه الفوضى في السودان قريبًا!.. إذا كان هؤلاء الشباب في الخرطوم لا يعرفون ما هي الحرب فسوف يتعلمون".

ودانت السودان تلك التصريحات لقائد قوات الدفاع الشعبي الأوغندية، في بيان للخارجية السودانية في 18 ديسمبر استنكر التصريحات التي نشرها المسؤول العسكري الأوغندي مطالبا باعتذار رسمي من الحكومة الأوغندية.

وقالت الخارجية الأوغندية في مذكرة وجهتها إلى سفارة السودان في كمبالا "إن تلك التعليقات لا تمثل الموقف الرسمي للحكومة الأوغندية" وأن المواقف الرسمية تُعلن عبر القنوات الدبلوماسية المعروفة، وليس عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها نجل الرئيس الأوغندي الذي ينظر إليه على أنه خليفة والده في الحكم جدلا بسبب تصريحاته، حيث سبق توجيهه تغريدات حملت تهديدات لدولة كينيا في إحدى المرات، مما أدى إلى إقالته من منصب قائد القوات البرية في عام 2022.

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام يلتقي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة
  • البرهان يطالب الأمم المتحدة بموقف حاسم حيال الدول المساندة لـ الدعم السريع
  • ذكريات د. إحسان عباس في السودان
  • مصر ياً اخت بلادي يا شقيقة
  • رغم الاعتذار.. قائد جيش أوغندا يهدد مجددا بـ”غزو الخرطوم”
  • قائد الجيش الأوغندي يهدد بغزو الخرطوم
  • رغم الاعتذار.. قائد جيش أوغندا يهدد مجددا بـ"غزو الخرطوم"
  • قائد القوات الأوغندية يهدد السودان بعد اعتذار بلاده
  • مسؤول سعودي يلتقي البرهان في ثاني زيارة رسمية منذ اندلاع الحرب
  • البرهان يلتقي نائب وزير الخارجية السعودي