المطران عطا الله حنا: واجب علينا ان ننادي بتحقق العدالة في أرض غيبت عنها كل السبل للامان والسلام
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
قال المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس، لدى استقباله اليوم وفدا من ابناء الرعية الارثوذكسية في مدينة حيفا، بأننا نرحب بكم وانتم تزورون مدينة القدس وخاصة كنيسة القيامة المجيدة حيث القبر المقدس الذي منه بزغ نور الحياة.
وتابع: وامام هذا القبر المقدس نرفع الدعاء معا وسويا من اجل السلام والمحبة ومن اجل ان تتوقف الحرب لكي ينعم كل انسان بما يستحقه من حياة كريمة وحرية.
وأضاف “حنا” بانه لا يمكنهم ان يقفوا صامتين متفرجين امام مأساة غزة، وعندما نطالب بوقف الحرب هذا لا يعني اننا تابعين لاي فصيل او حزب سياسي، فنحن لسنا تابعين لاحد ولا نتلقى اوامر من احد ومواقفنا هي نابعة من التزامنا بالقيم الروحية والانسانية النبيلة.
وأكد “حنا”، انهم لا يؤمنون بثقافة العنف والحروب والقتل وامتهان الكرامة الانسانية ونحترم كل انسان وحقه بالعيش بسلام وما يحدث حاليا في غزة لا يمكن قبوله وتبريره بأي شكل من الاشكال.
وتابع “حنا”: نرفع الصوت عاليا مطالبين بأن تتوقف هذه الحرب فما ذنب اطفال غزة لكي يموتون جوعا وما ذنب المدنيين في غزة لكي يدفعون فاتورة هذه الحرب وهذه الاجندات السياسية القذرة.
وأستطرد “ حنا”، بأنه ليس محللا سياسيا او عسكريا ولن اكون بل انه رجل دين ينتمي الى كنيسته والى شعبه والى هذه الارض المقدسة والمباركة ونحن ملتصقون التصاقا بهذه الارض التي ننتمي اليها بكل جوارحنا، فنحن لسنا غرباء او دخلاء او اقليات في اوطاننا وصوتنا يجب ان يبقى دائما صوتا مناديا بالحق والعدالة ونصرة المظلومين والمتألمين.
وأكد “حنا ” ان القدس مدينة مقدسة في الديانات التوحيدية الثلاث ولها مكانتها وفرادتها وهي تختلف عن اي مدينة اخرى في هذا العالم ومن واجبنا جميعا ان نعمل من اجل الحفاظ عليها وعلى طابعها وتاريخها وتراثها.
وأشار “حنا ” إلي ان سلام القدس مغيب وهي المدينة التي من المفترض ان تكون مدينة للسلام لان فيها تمارس المظالم بحق شعبنا ومقدساتنا واوقافنا.
وكما تستهدف المقدسات الاسلامية تستهدف الاوقاف المسيحية فمن باب الجديد مرورا بباب الخليل ووصولا للحي الارمني، هنالك مخطط ممنهج لاستهداف الحضور المسيحي العريق والاصيل في هذه المدينة المقدسة.
واختتم المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس، لسنا دعاة حروب بل دعاة محبة واخوة وسلام ولاولئك الذين يتحدثون عن السلام اقول يجب ان تتحدثوا اولا عن العدالة المغيبة في ديارنا، فعن اي سلام تتحدثون في ظل هذه الحرب وفي ظل ما يتعرض له الفلسطينيون في كافة تفاصيل حياتهم.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: اطفال غزة ارثوذكس الإسلام الارض المقدسة كنيسة القيامة كرامة الإنسان
إقرأ أيضاً:
القطينة مدينة العلم والعلماء تعود إلى حضن الوطن
(1) بين عروس الرمال الأبيض والقطينة عهد سيف ورمح عريق، فقد أسند الإمام محمد احمد المهدي قيادة معركة شيكان للدفاع عن الأبيض لثلاثة من كبار الأمراء وفي طليعتهم أبطال القطينة الأمير محمد عتمان ابوقرجة ، والامير شيخ فضلو ود أحمد وهما من أرومة بني عتمان ، حيث كان يطوف أحد ظرفاء المدينة وهو بين تجليات الحضور والغياب ويردد في شجن لازمة:
ياحليل أولاد عتمان الكلهم فرسان . ثم ما يلبث أن يعدد في تفجع وحسرة مآثرهم ومقاتلهم وبطولاتهم . والتاريخ أحيانا يعيد نفسه على عكس ما ذكر كارل ماركس ، فلا غرو أن تزامن فك الحصار عن الأبيض وتطهير القطينة من دنس المرتزقة الأوباش العلوج.
سنكتب عن القطينة بدم الشغاف وأنا ابن بجدتها ، فلها دم وعرق وسيف وقلم في مشروع النهضة السودانية منذ أبكار التاريخ ، فهي كانت تشكل الحدود الجنوبية لمملكة علوة المسيحية، وآخر نقطة حشد منها القائد عبد الله جماع جيشه للاجهاز على مملكة علوة ومن شرقها وغربها نهض شعب الفونج العظيم بقيادة عمارة دونقس وهزم جيش عبد الله جماع في أربجي ثم تحالفا وأسسا مملكة الفونج أول سلطنة إسلامية نهضت بعد سقوط الأندلس عام 1493. وقد زارها ملوك الفونج وفي طليعتهم الملك بادي أبوشلوخ.
(2)
في القطينة بدأت وقدة العلم في السودان وأشعل نارها الشيخ محمود العركي الذي سبق أولاد جابر الاكابر في تلقي العلم في مصر ثم عاد إلى السودان وبنى قصره المنيف ذو الشرفات والأسداد والذي يقع في الأحياء الجنوبية الشرقية لمدينة القطينة ولا تزال أوتاده راكزة. وأنار تقابة القرآن وعلم المجتمع الفقه وقد وثق ذلك بروف يوسف فضل عند تحقيقه كتاب الطبقات لود ضيف الله حيث أكد نهوض سبع منارات للعلم ممتدة من الحلفايا إلى مدينة الكوة في النيل الأبيض.
(3)
كما نالت القطينة شرف السبق في التعليم الديني، فقد نالت هذا الشرف الباذخ في التعليم النظامي حيث افتتح فيها جيمس كري وزير المعارف أول مدرسة للبنين عام 1902م والمدرسة الأميرية الوسطى عام 1953م ، لذلك ظلت مدينة القطينة عميقة التأثير في مجرى التاريخ الوطني الحديث ورفدت السودان بالأفذاذ بالسيف ما قنعوا فزانوا المنبرا فمنها على المثال لا الحصر الدرديري اسماعيل مؤسس حزب وحدة وادي النيل، وبابكر عوض الله أول وآخر سوداني تسنم رئاسة السلطات الثلاث في السودان ، والشيخ علي طالب الله أول امين عام لحركة الإخوان المسلمين ، ومحمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي ، وفاطمة احمد ابراهيم أول امرأة تدخل البرلمان ، والشاعر صلاح احمد ابراهيم، والفريق أول بشير محمد علي وزير الدفاع والفريق علي يوسف قائد نسور الجو، والوزير هارون عوض ورجل الاعمال الشيخ بشير النفيدي ،والدكتور عثمان الهادي في طليعة الآباء المؤسسين لتجربة التأمين الاسلامي في السودان، والوزير والشاعر عبد الباسط سبدرات، وأستاذ الأجيال الشيخ بشير سنادة والاستاذات نفيسة الشيخ وفاطمة عبيد طه.
ونسيج وحده البروف الفذ وعالم الفيزياء النظرية محجوب عبيد طه ، وكأني بالقطينة عناها الشاعر ود المكي ابن مدينة الأبيض بأبياته الفولاذية وهي تصدر في قفاز مخملي من أرومة ديوانه أمتي:
أمتي خطت مضاربها فوق يافوخ الشمس
وفرشت موائدها على أعلى الشمس
وتوزع قومها على حارات الشمس
في قمة الشمس الصبية
أمتي لفت عمائمها ووثقت العباءة
هذا عصير الشمس فوق جبهتي
هذا كساء أمتي
هذا الكساء دمغتي
(4)
للقطينة شرف مؤثل في المناجزة بالسنان عن السودان فقد تواثق ابنائها وفي طليعتهم ابوقرجة أمير البرين والبحرين مع الإمام المهدي على تحرير السودان من قبضة حكم أسرة محمد علي باشا وشهدوا معه كل المعارك حتى التحرير الشامل ، وقد وثق هذه الصولات شيخ المؤرخين السودانيين محمد عبد الرحيم في كتابه نفثات اليراع عن الشاعر محمد عثمان جقود
نحن الخيلنا غارا في نواحي سواكن
ونحن صغيرنا بخطف العلوج الماكن
(وشايبنا) عالم بالحروب وعراك
يدخل في الصواريخ قلبه ثابت وساكن
وشايبنا يقصد به الأمير شايب ود أحمد أحد أبطال المهدية.
ونساء القطينة تأبطن السيوف وقتلن المأمور ساتي بك وقنبور في معركة غابة النور بوبا الأب المؤسس للمدينة في ثوبها الحديث ، ومنها أول امرأة سودانية صنعت زاد المجاهد لجيش المهدي أثناء تقدمه لاسقاط الخرطوم وهي مريم بت أحمد والتي كانت تلقب بشقيقة الأمراء.
ولما هفا لسان شعراء الأغنية الوطنية بامدرمان، كانت القطينة حاضرة على لسان احد ابنائها الشاعر جعفر علي
ما براك ياامدرمان
معاك قطينة الفرسان
معاك قرجة ومعاك شايب
معاك عبد الله ود سلمان
صحيح القبة ضاوية مكان
وصحيح الطابية عز وأمان
تعالي معاي شوفي كمان
معاك صايم ديمة وشيخ الدومة
مكاوي ود عثمان
رجال قلوب عامرة بالإيمان
ناس الخلوة واللالوبة
والمهيوبة للضيفان وحواري في داخل الحيشان
(5)
القطينة مدينة الجمال فقد أسرت بسحرها الأخاذ الأدباء والفنانيين وذكرها ود الرضي في رائعته الاسكلا
جبل أولياء حبيبي غشا وحصل في القطينة عشا
وقد خصها الشاعر حسن اكرت في رائعته ظبية البص السريع
عدى بينا وفرك الرمال
للقطينة جنة بلال
قمت ليك أزحت الستار
ضوى وجهك وزاد النضار
والقطينة مدينة التنوع الفكري والسياسي والمجتمعي والتصاهر والاندماج وفي عمق طينتها الخصوب الودود الولود تحقق قولا وفعلا شعار وحدتنا وقوتنا في تنوعنا.
الله أكبر فقد عادت القطينة ببسالة الجيش والقوات النظامية والمقاومة الشعبية ودماء ابنائها البررة خاصة في احياء الكداريس والخلاوات الذين ارتقوا شهداء عزيزة أبية شامخة إلى حضن الوطن وستعود بسواعد ابنائها أكثر إعمارا ونماء وإثمارا ووضاءة وجمال، فشدوا الوثاق على الوثاق
نترك الدنيا وفي ذاكرة الدنيا
لنا ذكر وذكرى من فعال وخلق
ولنا إرث من الحكمة والحلم
وحب الآخرين
وولاء حينما يكذب أهليه الأمين
ولنا في خدمة الشعب عرق
وهكذا نحن ففاخر بنا.
عثمان جلال
الثلاثاء: 2025/2/25
إنضم لقناة النيلين على واتساب