المصافحة الثالثة.. زيارة مرتقبة للرئيس التركي إلى القاهرة
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
يبدو أن العلاقات المصرية التركية تقترب من إنهاء شتائها الطويل الذي يربو على 10 سنوات سادتها القطيعة والجمود والصراع، وذلك بزيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة المصرية القاهرة، ولقاء رئيس النظام عبدالفتاح السيسي.
والأربعاء، ونقلا عن مصادرها، كشفت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية عن زيارة أردوغان إلى مصر 14 شباط/ فبراير الجاري، لتعزيز التعاون بمنطقة شرق البحر المتوسط الغنية بالطاقة، وذلك في ظل أجواء مغبرة وصراعات تعصف بإقليم الشرق الأوسط.
وتعتقد الوكالة الإخبارية أن لقاء أردوغان والسيسي، الذي لم تؤكده أيا من أنقرة أو القاهرة بشكل رسمي، من المتوقع أن تركز على المساعدات الإنسانية لأكثر من 2.3 مليون فلسطيني يتعرضون للإبادة الجماعية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي.
وفي السياق، أكد مسؤول تركي، الأربعاء أن الرئيس أردوغان سيسافر مصر 14 شباط/ فبراير الجاري، بعدما تطورت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وجرى تبادل السفراء العام الماضي، فيما تداولت مواقع إخبارية مصرية وتركية وعربية الخبر نقلا عن "بلومبيرغ"، و"رويترز".
"المصافحة الثالثة"
ويرى مراقبون، أنه إذا تم لقاء القاهرة، فإنها ستكون المصافحة الثالثة بين السيسي وأردوغان، بعد أن التقيا بافتتاح نهائيات كأس العالم لكرة القدم (قطر 2022)، ثم في 10 أيلول/ سبتمبر الماضي، بقمة "مجموعة العشرين" بالهند، وجرى حينها طرح مسألة تبادل الزيارات بينهما.
كما أنها ستكون الزيارة الأولى لأردوغان إلى القاهرة منذ نحو 12 عاما، والزيارة الأولى له إلى مصر كرئيس لتركيا، حيث أن آخر زياراته لها كانت وهو رئيس لوزراء بلاده، حيث استقبله الرئيس الراحل محمد مرسي في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012.
ومع انقلاب السيسي، على الرئيس مرسي، 3 تموز/ يوليو 2013، أعلن أردوغان، أنه انقلاب عسكري على رئيس شرعي، وانتقد مجزرة "رابعة العدوية" في 14 آب/ أغسطس من نفس العام، وفتح أراضيه لاستقبال المعارضة المصرية، وسمح لها بتدشين فضائيات معارضة.
وبعد سنوات من القطيعة والخلاف في ملفات إقليمية بين البلدين منها ليبيا وسوريا، وفي ملفات اقتصادية بينها ترسيم الحدود البحرية بالبحر المتوسط والمنطقة الاقتصادية بشرق المتوسط، تكللت لقاءات رجال مخابرات الدولتين ومسؤولي الخارجية فيهما، والتي استمرت نحو 3 سنوات في تموز/ يوليو الماضي حين أعلن الجانبان رفع علاقاتهما الدبلوماسية لمستوى السفراء.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، اعتمد أردوغان أوراق السفير المصري عمرو الحمامي، ما فتح الباب للقاءات على مستوى دبلوماسي أوسع بل ولقيادة البلدين.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أعلن أردوغان، عزمه زيارة مصر في أقرب وقت ممكن، دون أن يحدد موعدا للزيارة، وهو ما أكده السفير التركي بالقاهرة، صالح موطلو شن، بقوله في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، إن زيارة الرئيس التركي لمصر، مدرجة على جدول الأعمال.
"الملف الاقتصادي"
وإذا جرى اللقاء بالفعل، فإن السيسي، يلتقي أدوغان، بعد حصوله على الولاية الثالثة لحكم مصر مدة 6 سنوات جديدة وحتى 2030، تضاف إلى 10 سنوات سابقة، وذلك في الوقت الذي يقضي أردوغان ولايته الثانية مدة 5 سنوات جديدة تنتهي عام 2028.
وإلى جانب ملفات ليبيا، وغزة، وغاز شرق المتوسط، يأتي الملف الاقتصادي على اولوية أية تفاهمات مصرية تركية.
ويواجه كلاهما أزمات اقتصادية خانقة، حيث تعيش القاهرة على وقع أزمات مالية واقتصادية ومعاناة المصريين من التضخم في ظل تراجع قيمة الجنيه وتغول أزمة الديون الخارجية على موازنة الدولة، بينما يحاول أردوغان بحكومة جديدة وطاقم اقتصادي جديد في التخلص من أزمة التضخم وتراجع قيمة الليرة، ما يجعل الملف الاقتصادي هاما للجانبين.
ووصل مستوى التبادل التجاري بين البلدين نحو مليار دولار، في 2022، فيما يسعى الجانبان لزيادة حجم التجارة البينية حتى 15 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
وفي العام 2022، بلغ حجم الاستثمار التركي في مصر 103.5 ملايين دولار، حيث تعمل 790 شركة تركية بمصر باستثمارات تبلغ حوالي 2.5 مليار دولار، ما جعل أنقرة بالمرتبة السادسة كأكبر وجهة للصادرات المصرية بـ3.2 مليارات دولار، وجعل تركيا ثالث أكبر دولة مصدرة لمصر بـ3 مليارات دولار.
"من يبدأ الزيارة؟"
وفي تعليقه على الأنباء المتداولة حول زيارة أردوغان لمصر، قال الباحث والأكاديمي المصري الدكتور محمد الزواوي، لـ"عربي21": "حتى الآن لم تصدر عن أية جهات رسمية مصرية أو تركية تأكيدات عن الزيارة وموعدها".
المحاضر في معهد الشرق بجامعة سكاريا التركية، أوضح أن "ما يتم تداوله فقط هو تسريبات نقلا عن موقع (بلومبيرغ) حتى الآن، ومن ثم فلستُ متأكدا من عقد القمة، أو زيارة أردوغان لمصر حتى نرى تأكيدات رسمية من الطرفين أو أحدهما على الأقل".
وأكد أنه "بالفعل كانت هناك وعود بإجراء زيارات، ونذكر أن السيسي، كان مقررا له أن يزور تركيا، لكنه ذهب إلى روسيا لحضور القمة الروسية الأفريقية 27 تموز/ يوليو الماضي، وكان يمكنه المرور بتركيا ولكنه لم يمر".
وأضاف: "إذا المشكلة هي من يبدأ الزيارة، التي تحيط بها عدة حساسيات، لأن أردوغان، إذا جاء لمصر يريد ضمانات من الصحافة المصرية بألا تقوم باتهامه بدعم جماعة الإخوان في تركيا أو القول إنه تجرأ سابقا على القاهرة، وغيرها من الأمور التي تأخذ طابع الحساسية".
وذكر أن "الرئيس الأمريكي جو بايدن، عندما تحدث عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأكد أنه سيظل منبوذا، وبعدها زار بايدن السعودية ووجهت له الصحافة أسئلة محرجة، مثل: هل لا تزال السعودية منبوذة؟".
ويعتقد الأكاديمي المصري، أن "هذه الأشياء تمثل حساسيات إلا إذا اتفق الطرفان على قصر الأسئلة الصحفية على بعض الجوانب وتحجيم الصحفيين من الجانبين، خاصة مع استمرار الحساسيات فيما يتعلق بانحيازات الدولة التركية وانحيازات الدولة المصرية، وما وقع من أحداث في 2013 والموقف التركي منها".
وأضاف: "ربما كلا الزعيمين يخشى الإحراج، لاسيما إذا بدأ أردوغان الزيارة لمصر، ربما يُحرج إذا لم يقوم السيسي برد الزيارة، ولذا فهناك مازالت حساسيات في هذا الملف".
وفي تقديره لأهمية توقيت الزيارة المتوقعة في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة، أكد الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور السيد أبوالخير، إن "تركيا دخلت على خط مفاوضات الوساطة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والكيان المحتل".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار إلى أن "أنقرة صارت طرفا بالمباحثات، وأصبح لها بها موقعا أقوى من مصر، لذلك سيتم التطرق لهذا الموضوع بمباحثات السيسي، وأردوغان، وخاصة ملفي المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار القطاع".
وحول هدف الزيارة المحتملة، وفق قراءة الأكاديمي المصري للأحداث الحالية، أكد أنه "يكمن في مراجعة مواقف البلدين من الوضع الحالي في ليبيا، ومن ملف غاز شرق البحر المتوسط، خاصة بعد أن اتفقت قبرص واليونان والكيان الإسرائيلي، على تقسيم الغاز بينها وإخراج مصر من الاتفاق".
وبين أنه يمكن قراءة الزيارة المرتقبة في هذا الإطار أيضا حيث "لجأت مصر لتركيا لتقف معها، خاصة وأن الموقف التركي واضح منذ البداية بمنح مصر مساحة كبيرة في شرق المتوسط تصل حوالي 45 ألف كم".
وتابع: "ثم الموضوع الليبي الجارة الغربية لمصر، وخطوات إحلال السلام والاستقرار الذي يهم الطرفين، خاصة وأن تركيا طرف فعال ومؤثر في الشأن الليبي"، مضيفا: "وأخيرا الموقف من سوريا الذي يهم الجانبين، فضلا عن أزمة قطاع غزة".
وعن ملف المعارضة المصرية في تركيا وبينها أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين يرى أبوالخير، أن "تركيا أدركت أن المقيمين منهم في تركيا فشلوا في التواجد أو التأثير على الوضع الداخلي في مصر".
ويعتقد الأكاديمي المصري، أن استثناء مصر وتركيا من "مشروع بايدن"، يجمع بين القاهرة وأنقرة ويدفعهما للعمل على أفكار اقتصادية وتقارب أكثر، مضيفا أنه "خاصة وأن المشروع سوف يضر اقتصاديا وسياسيا بمكانة مصر وتركيا عالميا وإقليميا".
ويعتقد أنها "من الموضوعات المهمة التي ستكون محل بحث في القمة المحتملة بين الرئيسين".
وفي توقعه للنتائج المرتقبة من الزيارة المحتملة بحسب قراءته، أكد أبوالخير، أن "المستفيد سياسيا أكثر هي مصر، لأنها أغلقت ملفا كان مزعجا ومؤثرا في الشأن الداخلي المصري"، موضحا أنه "اقتصاديا ستكون تركيا هى الرابح الأكثر".
"مصالح متشابكة"
وفي تقديره، قال الباحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو، إن "الزيارة في غاية الأهمية؛ حيث تأتي في ظروف صعبة تمر بها المنطقة وخاصة الأوضاع في غزة، حيث المجازر التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "والزيارة تتحدث عن الاقتصاد والسياسة، فهما وجهان لعملة واحدة، وخاصة بعد تعقد العلاقات الدولية وتشابك المصالح، فلا توجد علاقات اقتصادية دون مصالح سياسية، ولا توجد علاقات سياسية دون مصالح اقتصادية".
وتابع: "في تصوري، الزيارة تأتي في سياق تطوير العلاقات، بالدرجة الأولى الدبلوماسية، كما تأتي لاستمرار تطبيع العلاقات التي تجري منذ أكثر من عامين، والتي وصلت مرحلة متقدمة وخاصة بعد لقاءات وزيري خارجية البلدين واللقاءات التي جمعت أردوغان والسيسي".
ويرى أن "الجديد في المشهد؛ والذي دفع للتقارب بين البلدين بخطوات جدية وسريعة، أن هناك أزمة كبيرة في المنطقة كما أشرت في بداية حديثي عن حرب إبادة في غزة، وسط دعم أمريكي للاحتلال، لذا تحتم على مصر وتركيا كلاعبين أساسيين في المشهد التقارب أكثر، والوصول إلى خطوات على الأقل لوقف لإطلاق النار وإيجاد حل للأزمة".
"ولذا أعتقد أن أي جهود تبذل من دول كبرى يمكن بها الضغط بشكل كبير، كما نجحت جهود المقاومة ومواقف بعض الدول في منع التهجير للفلسطينيين ومنع أهداف إسرائيل في هذا الإطار".
ويتصور،أوغلو، أن "الزيارة سيكون له تداعيات على المشهد السياسي في المنطقة على وجه الخصوص فلسطين".
وعن العلاقات الاقتصادية، أكد أنها "تُعطي دفعة لكلا البلدين، خاصة وأن هناك أزمات اقتصادية فيهما تدفع في مصر للدخول في تحالفات جديدة للخروج من الأزمة، لذا تقاربت بشكل كبير مع تركيا الفترة الماضية، وجرت لقاءات اقتصادية واتفاقيات تجارية عديدة".
وأضاف الباحث التركي: "أيضا تركيا، تحاول أن تتعافى من أزمتها الاقتصادية خاصة مع الفريق الاقتصادي الجديد الذي يحاول قدر الإمكان كبح جماح التضخم، خاصة وأنهم مقبلون بعد أقل من شهرين على انتخابات محلية تعتبر حاسمة بالنسبة للرئيس التركي".
ولفت إلى أن "خلاصة الحديث عن تطور الأحداث، وأي نتائج تتعلق بالقضايا الأساسية والشائكة وبينها قضية فلسطين خلال الأشهر القادمة؛ سيقود لاستعادة العلاقات الكاملة بين البلدين، خاصة لو تحدثنا عن انتهاء مسببات الخلاف".
وختم بالقول: "وفقا لنظرة استشرافية فإن الأوضاع مرشحة بين القاهرة وأنقرة لمزيد من التعاون في المجالين السياسي والاقتصادي المرحلة القادمة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصرية أردوغان السيسي تركيا مصر السيسي تركيا أردوغان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بین البلدین خاصة وأن أکد أنه
إقرأ أيضاً:
عرض الفيلم التركي "آيشا" بالقاهرة السينمائي.. ومخرج العمل يفجر مفاجأة
حرص نجوم الفيلم التركي "آيشا" على التقاط الصور التذكارية على السجادة الحمراء للدورة الـ 45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
وكان على رأس الحضور المخرج نجمى سنجاك، والمنتج فرقان اكسوى، ونجوم العمل الذين حرصوا على حضور العرض بالمسرح الكبير لدار الأوبرا المصرية.
ويُشارك الفيلم التركي ضمن المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي.
"آيشا" فيلم روائي تدور أحداثه حول آيشا، 47 عاماً، تعيش مع شقيقها رضوان، 38 عاماً، حيث يعاني من متلازمة داون، وعندما تتلقى آيشا عرض زواج من سائق شاحنة دولي، يتوقف في محطة الوقود التي تعمل بها، تجد نفسها أمام اختيار بين قدرها وأحلامها.
أحداث حقيقيةبدوره، قال المخرج نجمى سنجاك، على هامش عرض العمل بمسرح الأوبرا، أن الفيلم مبني على أحداث حقيقية، لافتا أن شخصية "عائشة" التي ظهرت خلال الفيلم هي ابنة عمه، التي لم تتعلم أو تدخل مدارس، بسبب مراعتها لأخيها من ذوي الهمم.
أما فيما يتعلق بشخصية "رضوان" الذي ظهر في الفيلم بدور شقيقها المريض هو ابن عمه فعلاً، مشيراً إلى أنه تخوف في البداية من قدرته على أداء الدور، لكنه أظهر براعة كبيرة خلال الفيلم، وفق قوله.
يُشار إلى أن 190 فيلماً من 72 دولة يشاركون في مهرجان القاهرة السينمائي، وتشمل الفعاليات 16 عرضاً للسجادة الحمراء، و37 عرضا عالمياً أول، و8 عروض دولية أولى، و119 عرضاً لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.