القدس المحتلة– كشف تحقيق لصحيفة هآرتس النقاب عن إقدام الجيش الإسرائيلي على إضرام النيران بشكل متعمد بمئات المنازل في قطاع غزة، وذلك بأوامر صادرة عن القيادات العسكرية الميدانية، دون الحصول على الموافقة والاستشارة القانونية، في إجراء يشكل انتهاكا للمواثيق الدولية.

ويأتي الكشف عن هذه الانتهاكات والمخالفات، في الوقت الذي أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي، قرارا يلزم إسرائيل باتخاذ إجراءات وتدابير لمنع وقوع أعمال وجرائم إبادة جماعية وتجنب استهداف المدنيين الفلسطينيين، والعمل على إدخال أكبر عدد من شاحنات الإغاثة وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة.

وأشار قائد إحدى القوات العسكرية في قطاع غزة إلى عمليات حرق المنازل. وبحسب قوله، يتم إحراق المباني التي تم جمع معلومات استخباراتية عنها، مضيفا "ربما كانت هناك معلومات عن صاحب المنزل، أو أنهم وجدوا شيئا هناك، ولا أعرف السبب بالضبط لإشعال النيران في المنزل".

الدمار الهائل في غزة يفتح الباب أمام محاسبة إسرائيل دوليا على خلفية ما يعرف بقتل المنازل (الجزيرة) "قتل المنازل"

وبحسب ما نقلت الصحيفة عن 3 ضباط ميدانيين بغزة، فإن إضرام النار في المباني أصبح أسلوبا شائعا في العمل العسكري، وأصدر أحد الضباط تعليماته للجنود بعد الانتهاء من النشاط العسكري بإحدى مناطق القتال "أخلوا أغراضكم من المنزل، وأعدوه للحريق"، وأوضح قائد آخر "حتى المنازل التي تحصنا فيها، كنا نشعل النار فيها بمجرد أن نخليها ونتقدم بالتوغل".

وأدى إضرام النيران بالمنازل والمباني السكنية، بحسب المراسل العسكري لصحيفة هآرتس، يانيف كيبوتس "إلى إتلافها بشكل لا يسمح لأصحابها بالعودة للسكن فيها. فمنذ مرحلة مبكرة من الحرب، عمل الجيش على تدمير منازل نشطاء حركة حماس وسكان غزة الذين شاركوا في الهجوم المفاجئ بالسابع من أكتوبر".

وأوضح المراسل العسكري أنه إلى حدود شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، استخدم الجيش الإسرائيلي القوات الهندسية لتفجير المباني "المشبوهة" باستخدام الألغام والمتفجرات. وفي عدة حالات، تم تدمير المباني باستخدام أدوات هندسية، قائلا إن "إشعال النار في منازل المدنيين الذين لا يشاركون في القتال فقط لغرض العقاب محظور وفقا لقواعد القانون الدولي".

ويضيف المراسل ذاته، أن الدمار الواسع النطاق الذي تسبب به الجيش الإسرائيليين للمنشآت المدنية في القطاع، أدى "إلى مناقشات في الأوساط الأكاديمية العالمية حول إمكانية إلقاء اللوم على إسرائيل وتحميلها مسؤولية تدمير البيئة المعيشية لسكان غزة أو ما بات يعرف بقتل المنازل".

ويقول كيبوتس وعليه يكمن الخوف لدى إسرائيل من أن "يؤدي الحديث عن قتل المنازل وتنفيذ ذلك كعقاب جماعي للسكان المدنيين، إلى دفع المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات ضد إسرائيل".

ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي يدرك أن أعمال إشعال النار في المنازل بغرض هدمها قد يضع الجهاز الإسرائيلي في تحديات ومشكلة خطيرة مع أميركا، وكذلك أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي أصدرت بالفعل أوامر مؤقتة ضد إسرائيل.

انتهاكات ومخالفات

الطرح ذاته تبناه المختص بالقانون الدولي، الدكتور يوسف جبارين، الذي يعتقد أن هذه الانتهاكات ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، تضع إسرائيل أمام تحديات قضائية، خصوصا عقب صدور قرار محكمة لاهاي الذي يؤكد أن واجب إسرائيل القانونيّ بالامتناع عن المسّاس بالمدنيين، بات محكوما لقرار خاص للمحكمة الدّوليّة، وليس فقط لالتزام عام بالمواثيق الدولية.

ويولي جبارين -في حديث للجزيرة نت- أهمية بالغة لتوثيق كافة انتهاكات الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين بالقطاع بغية مواصلة الإجراءات لمحاكمة إسرائيل بالمحافل الدولية، لافتا إلى أن إسرائيل ملزمة بتقديم تقرير شامل للمحكمة الدولية بعد نحو 3 أسابيع حول الإجراءات التي اعتمدتها تماشيا مع قرار المحكمة بكل ما يتعلق بحماية المدنيين الفلسطينيين.

وأوضح المتحدث نفسه أن إضرام النيران بمنازل الفلسطينيين خلال العلميات العسكرية في القطاع، تضاف إلى جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، ابتداء من النزوح والتهجير القسري، جراء الغارات والقصف والعمليات العسكرية، التي تسببت بتدمير المنازل ومختلف مشاريع البنية التحتية التي تعتبر مقومات أساسية للحياة.

ويعتقد الكاتب الإسرائيلي أمير بن ديفيد أن المعلومات التي كشف عنها في ما يتعلق بإضرام قوات من الجيش الإسرائيلي النيران بمنازل مئات الغزيين بالقطاع، توحي أن الجيش يعتمد الإستراتيجية العسكرية المعروفة بـ"الأرض المحروقة"، وهو الإجراء الذي يعتبر انتهاكا ومخالفة للمواثيق الدولية.

وأوضح بن ديفيد في مقال نشره على الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" أن المادة 54 من البروتوكول الأول لاتفاقية جنيف، تحظر على القوات العسكرية مهاجمة أو تدمير أو إزالة أو تحويل المرافق ذات المنفعة الضرورية لبقاء السكان المدنيين.

ورجح أن إجراءات وإستراتيجية "الأرض المحروقة"، ستضع الحكومة الإسرائيلية أمام المزيد من التحديات الدبلوماسية والقانونية الدولية، في ظل ما تكشف عن أن الجيش الإسرائيلي بدأ بإشعال النار في المنازل في قطاع غزة، بتوجيه من قادة القوات الميدانية والعسكرية، ودون الحصول على الموافقة القانونية اللازمة.

وعليه، لا يستبعد الكاتب الإسرائيلي أن تدرج ممارسات الجيش بإحراق المنازل بغزة في قمة جدول الأعمال العالمي، خصوصا في أعقاب صدور قرار محكمة العدل الدولية بحق إسرائيل.

تطورت فكرة إضرام النيران في المنازل بقطاع غزة من ارتجال إلى ظاهرة شائعة (الجزيرة) ظاهرة الحرق

واستعرض المراسل العسكري للموقع الإلكتروني "واينت" التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوآف زيتون، كيف تطورت فكرة إضرام النيران في المنازل بالقطاع، والتي بدأت كمبادرة من قبل بعض الجنود في بداية التوغل البري، حيث تم رفض نشرها من قبل الرقابة العسكرية الإسرائيلية عدة مرات.

ما بدأ كارتجال للجنود في الميدان على ما يبدو في حي الشجاعية، امتد إلى قطاعات أخرى وأصبح ظاهرة. يقول المراسل العسكري "السبب في ذلك قلة وجود المتفجرات، ووجود عدد غير عادي من المنازل التي يتحصن بداخلها العدو، حيث أمر بعض كبار القادة الجنود بالتوقف عن إحراق المنازل، لكنهم لم ينصاعوا لهذا الأمر".

وحيال هذا الوضع الميداني، قام الجيش الإسرائيلي بإحراق منازل من وصفهم بـ"الإرهابيين" في قطاع غزة، مشيرا إلى أنه وخلال الشهرين الأخيرين، وبحسب شهادات مختلفة، أشعل جنود الجيش الإسرائيلي النار في مئات المنازل في القطاع خلال الحرب مع حماس.

وعن الدوافع والتبريرات للعسكريين بالميدان لإضرام النيران بمنازل الغزيين، يقول زيتون "لقد رأى الجنود بأم أعينهم وجود مسلحين أو أسلحة داخل المنازل التي كان من المفروض تدميرها في ظل الحاجة العملياتية، لكن لم يكن بحوزتهم ما يكفي من الألغام أو العبوات الناسفة لتفجيرها، وعليه لجأ الجنود إلى إشعالها بالنيران".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی المراسل العسکری إضرام النیران فی قطاع غزة فی المنازل النار فی

إقرأ أيضاً:

ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟

تناولت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية العبرية التقارير الأجنبية عن "هجوم إسرائيلي مُخطط على إيران"، ونقلت تحليل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بشأن تلك القضية، موضحة أن طهران تحاول إخفاء وضعها الاقتصادي البائس.

 

وقالت "غلوبس" تحت عنوان "الانهيار الاقتصادي الإيراني يشعل فتيل البرنامج النووي.. على الورق على الأقل"، إن التقارير الأجنبية بشأن النووي الإيراني أثارت استغراب الكثيرين في إسرائيل، وجاء في أحدها بصحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، أن إيران رفعت مستوى التأهب في نظام الدفاع الجوي بمنشآتها النووية، خوفاً من هجوم إسرائييل أمريكي، مشيرة إلى أنه على الورق، يبدو توقيت مثل هذا الهجوم مثالياً من حيث الأمن الإقليمي، لأن حركة حماس الفلسطينية ضعفت بشكل كبير، وأصبح حزب الله في وضع حرج، وفي الوقت نفسه سقط نظام بشار الأسد في سوريا، وتعطلت سلاسل الإمداد الإيرانية بالأسلحة والأموال.
ونقلت عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أنه منطقياً وعسكرياً، هذا هو الوقت المناسب لضرب إيران، ولكن يبدو أن طهران تسيء تفسير نوايا إسرائيل التي لن تهاجم وحدها، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي يفرض عقوبات في وقت ينفتح فيه على المفاوضات مع طهران.

في أول تعليق له.. محمد جواد ظريف يكشف كواليس استقالتهhttps://t.co/jFwmRVqVik

— 24.ae (@20fourMedia) March 3, 2025  تأثير العقوبات الأمريكية

وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن سياسة العقوبات التي ينتهجها دونالد ترامب تسير على قدم وساق، مشيرة إلى أنه قبل نشر تقرير "ذا تلغراف"، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أكثر من 30 تاجراً ومشغلا لناقلات النفط وشركات الشحن المشاركة في أسطول الظل الذي يخدم صناعة النفط الإيرانية، وتشمل القائمة عقوبات على تجار النفط في عدد من الدول، بالإضافة إلى مدير شركة النفط الوطنية الإيرانية، ومديري ناقلات النفط من الصين.
وتحدثت الصحيفة عن تأثير عقوبات النفط على الوضع الاقتصادي في إيران، التي يعيش أكثر من ثلث سكانها تحت خط الفقر، في الوقت الذي يقدم النظام الإيراني أكثر من 10 آلاف دولار لأسر أعضاء حزب الله الذين أصيبوا في الحرب، فيما ظلت المكاتب الحكومية والبنوك والمدارس في 22 من محافظات إيران البالغ عددها 31 مغلقة اليوم الإثنين بسبب عدم توفر الكهرباء اللازمة لتشغيلها.


تقدم البرنامج النووي

وعلى النقيض تماماً من حالة الاقتصاد المحلي، فإن البرنامج النووي الإيراني أصبح الآن في أكثر مراحله تقدماً على الإطلاق، وفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ونقلت غلوبس عن المعهد أنه "من الممكن أن يكون هذا نابعاً من مصلحة داخلية في إيران لإظهار قدرتها على الصمود في الخارج، بعد التصريحات الإسرائيلية بشأن القضاء على الدفاع الجوي الإيراني، وليس من المستحيل أن يرغب النظام، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، في إيصال رسالة مفادها أنه على الرغم من أن الوضع الداخلي رهيب، فإن التهديد الخارجي أعظم، كما كانت الحال خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن العشرين".
في السياق ذاته، أجرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية حواراً مع بيني سباتي، الباحث البارز في برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والذي عكس في حديثه صورة قاتمة عن إيران، مؤكداً أن الأزمة الحالية أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية.

هل يُسقط تعدين البيتكوين النظام الإيراني؟https://t.co/tepd2E95XR

— 24.ae (@20fourMedia) February 28, 2025  إقالة دون تأثير

وعلى الرغم من أن إقالة وزير الاقتصاد الإيراني عبد الناصر همتي تثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمة الاقتصادية المستمرة، إلا أن سباتي يقول إن هذه الإطاحة لن يكون لها أي تأثير تقريباً، وأن "حكومة هذا الرئيس لا تتخذ القرارات حقاً، ولا تتمتع بأي تأثير حقيقي، ولكن من يتمتع بتأثير حقيقي هو الزعيم، في إشارة للمرشد علي خامنئي، ومستشاريه، وغالبيتهم من الحرس الثوري.
وبحسب سباتي، فإن إشارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أن الوضع الحالي أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية، تكشف عن الضعف الإيراني.
ورأى أن رفض خامنئي استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية يسبب أضراراً جسيمة، لأنه يحط من قدر الدولة الإيرانية والاقتصاد الإيراني، والمجتمع أيضاً، ويذهب بكل شيء نحو الهاوية على شكل كرة من الثلج.

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف: منع دخول المساعدات إلى غزة جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للقوانين الدولية
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • الاحتلال الإسرائيلي يحرق منازل للفلسطينيين في نور شمس ويواصل عدوانه على طولكرم
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل هدم المنازل في مخيم نور شمس شرق طولكرم
  • حزب المؤتمر: وقف المساعدات لغزة جريمة حرب وتعكس الوجه الحقيقي للاحتلال
  • الجيش الإسرائيلي يتأهب للدفاع عن الدروز في سوريا
  • حماس: هدم الاحتلال للمنازل في مخيم نور الشمس جريمة حرب موثقة
  • "الاحتلال الإسرائيلي" يهدم منازل الفلسطينيين في مخيم نور شمس بطولكرم ويجبرهم على النزوح
  • شهداء وجرحى وحملة اعتقالات في طولكرم نتيجة العدوان الإسرائيلي
  • الجيش يدهم مركزاً حزبياً.. والسبب جريمة!