إيكونوميست: حرب غزة تفاقم الانهيار الاقتصادي في مصر رغم تمويل صندوق النقد
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
سلطت مجلة "إيكونوميست" الضوء على تأثير استمرار حرب غزة للشهر الرابع على الاقتصاد المصري، الذي يعاني أزمة انهيار كبير، خاصة في ظل مستحقات الديون الخارجية الضخمة لهذا العام، مشيرة إلى أن التمويل المنتظر من صندوق النقد الدولي للقاهرة لن يحل أزمتها.
وذكرت المجلة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن مصر كانت على حافة الانهيار رغم كل ادعاءات رئيسها، عبدالفتاح السيسي، إذ تضررت بشدة من الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية بسبب الحرب في أوكرانيا، وتعد عملتها واحدة من أسوأ العملات أداءً في العالم، ومن المتوقع أن تصل مدفوعات ديونها الخارجية إلى 29 مليار دولار هذا العام، بما يمثل 8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
ولتجنب الانهيار الكامل، اعتمدت مصر على الودائع من الخليج والدفعات المتكررة من صندوق النقد الدولي حتى أصبحت اليوم ثاني أكبر مدين للصندوق، وكما هو متوقع: عاد مسؤولو صندوق النقد الدولي إلى القاهرة لتفادي تخلفها عن السداد.
وذكرت المجلة البريطانية أن المشاكل الاقتصادية التي تواجهها مصر تسبق الحرب في غزة، ولكن الصراع وامتداده إلى البحر الأحمر يهددان بدفعها إلى الهاوية، فقد انخفضت عائدات السياحة، التي بلغت ذروتها في العام الماضي بنحو 14 مليار دولار (حوالي 14% من تدفقات الدولار إلى مصر)، منذ بداية الحرب.
وأدت الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر إلى خفض حركة المرور عبر قناة السويس بنحو النصف، وهي الحركة التي وفرت لمصر 9.4 مليار دولار من رسوم العبور في العام المالي الماضي.
وفي الوقت نفسه، أدى الصيف الحار إلى زيادة استخدام الكهرباء، ما أدى إلى خفض صادرات مصر من النفط والغاز، فيما يشعر المصريون في الخارج بالقلق من تحويل أموالهم في ظل أزمة العملة المحلية (الجنية)، ويحجب معظمهم التحويلات المالية.
وفي الربع الثالث من عام 2022، انخفضت هذه التحويلات بنحو 30% مقارنة بالعام السابق، تزامنا مع سحب المستثمرين الأجانب لرؤوس أموالهم.
اقرأ أيضاً
للمرة الثالثة.. صندوق النقد الدولي يواصل خفض توقعاته لنمو الاقتصاد المصري
ومنذ أن ارتفعت أسعار القمح والنفط في عام 2022 بعد غزو روسيا لأوكرانيا، خفض السيسي قيمة الجنيه المصري 3 مرات رسميًا، وانخفضت قيمة العملة بنحو 50% خلال هذه الفترة، لكن قيمتها في السوق السوداء تبلغ 70 جنيها للدولار، أي أقل من ربع قيمتها السابقة.
ويعمل ذلك على تغذية التضخم، الذي وصل إلى معدل سنوي بلغ 34% في ديسمبر/كانون الأول، ارتفاعاً من 6% قبل عامين. كما يعني انخفاض الجنيه أن الحكومة المصرية تنفق الآن 60% من ميزانيتها على خدمة ديونها.
ومنذ أن تولى السيسي السلطة في عام 2013، تضاعف الدين الخارجي لمصر 4 مرات. ويرجع ذلك جزئيًا إلى المشروعات الضخمة التي تبناها، والتي تشمل عاصمة جديدة متألقة، والكثير من المدن والطرق السريعة الأخرى، التي أنفق عليها 60 مليار دولار، بما يمثل 15% من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم تباطؤ بعض من هذا الإنفاق مؤخرا، لكن السيسي يواصل في الغالب تبرير هكذا إنفاق على أساس الاستقرار الاجتماعي، وليس الاقتصاد، وهو ما عبر عنه في يناير/كانون الثاني الماضي متسائلا في أحد خطاباته: "أنا أوظف ما بين 5 ملايين إلى 6 ملايين شخص، كيف يمكننا إغلاق كل هذا؟".
فمن الوظائف في مشروعات العاصمة الإدارية والبنية التحتية سيرتفع معدل البطالة في مصر، الذي يبلغ 7%، ولذا تستمر المشروعات الجديدة في الظهور، ويستمر الدعم المالي، مثل دعم الخبز السنوي الذي يلتهم 2.9 مليار دولار، أو 2.6% من ميزانية الدولة.
الجنرالات لا يكترثون
وفي السياق، تنقل "إيكونوميست" عن محلل مالي في القاهرة، دون ذكر اسمه: "لقد أفلسنا ولكننا لا نزال ننفق بشكل لا مثيل له"، مشيرة إلى أن الجيش هو المسؤول عن ما وصل إليه حال الاقتصاد المصري، ففي عهد السيسي شدد الجنرالات قبضتهم على اقتصاد البلاد.
وتضيف المجلة البريطانية أن هؤلاء الجنرالات "يختبئون في مجمعات سكنية، متجاهلين أنين فقراء المصريين خارج أبوابهم. فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 72% على أساس سنوي حتى سبتمبر/أيلول".
وبدا السيسي غير متعاطف مع هذا الأنين، إذ أشار مؤخراً إلى أن المصريين "محظوظون لأنهم لا يعانون معاناة الفلسطينيين في غزة، قائلا: "السلع باهظة الثمن وبعضها غير متوفر؟ وماذا في ذلك؟".
اقرأ أيضاً
رئيس الوزراء المصري: نحتاج ما لا يقل عن 6 سنوات لتجاوز الأزمة الاقتصادية
ويعود عدم اكتراث السيسي إلى قواته الأمنية، التي تحرسه من المتاعب، فيما يقبع عشرات الآلاف من المعارضين في السجون، بحسب المجلة البريطانية.
وبينما فاز السيسي في الانتخابات الرئاسية "المزورة" بنسبة تقارب 90%، تعج الشوارع في مصر بالسخط، وهو السخط الذي دفع الجيش في عام 2011 إلى التراجع والسماح للثورة بالإطاحة بالرئيس الأسبق، حسني مبارك، غير أن الأزمة الاقتصادية اليوم أسوأ بكثير من تلك الحقبة.
وتعوق تلك الأزمة قدرة الجيش على إظهار قوته في الخارج، ما ظهر في أزمة حرب غزة، إذ تحل قطر، الإمارة الخليجية الصغيرة والغنية، محل مصر باعتبارها المفاوض الرئيسي بين إسرائيل وحركة حماس.
ورغم التهديد الذي تتعرض له إيرادات قناة السويس، تراجعت مصر عن الانضمام إلى التحالف الأمريكي ضد الحوثيين، كما ظل السيسي عاجزا عن منع إثيوبيا من بناء سد النهضة على نهر النيل واستئجار قاعدة بحرية على البحر الأحمر في إقليم "أرض الصومال" الانفصالي.
تمويل صندوق النقد
وبعد الانتخابات الرئاسية، كانت مطالبة صندوق النقد الدولي لمصر بالإصلاحات الاقتصادية التي وعد بها السيسي في أواخر عام 2022 كشرط لإفراج الصندوق عن معظم قرض بقيمة 3 مليارات دولار، متوقعة، كما كان متوقعا حدوث انخفاض آخر في قيمة الجنيه، أو حتى تعويمه الحر، جنباً إلى جنب مع تحول في الاستثمار بعيداً عن المشروعات العملاقة.
وبدلا من ذلك، يبدو أن السيسي حصل على مهلة من الصندوق، فعندما يشتعل جزء كبير من المنطقة، فإن حلفائها الأجانب يعتبرون مصر "أكبر من أن تفشل"، ولا يسارع دائنوها الغربيون ولا الخليجيون إلى تحصيل ديونهم.
ومن المتوقع أن يضاعف صندوق النقد حزمة تمويله لمصر، البالغة 3 مليارات دولار، بدءاً بقرض بقيمة 3 مليارات دولار بشروط ميسرة، ما علق عليه الخبير المصري في مؤسسة "تشاتام هاوس" البحثية، بقوله: "تعمق في الأمر وسترى أن مصر استفادت كثيرًا من الحرب".
لكن المجلة البريطانية تشير إلى أن هكذا قرض جديد من شأنه أن يجلب الراحة على المدى القصير فقط، لكنه سيؤدي في المقابل إلى ترسيخ حكم الجنرالات الذين تسببوا في تقويض الاقتصاد، ونقلت عن مسؤول مالي مصري سابق، دون ذكر اسمه: "يُطلب من نفس الأشخاص الذين يستفيدون من النظام تغييره. على المدى الطويل لن ينجح الأمر أبدًا".
اقرأ أيضاً
رئيس الوزراء المصري: نحتاج ما لا يقل عن 6 سنوات لتجاوز الأزمة الاقتصادية
المصدر | إيكونوميست/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر عبدالفتاح السيسي الاقتصاد المصري قناة السويس الحوثيون البحر الأحمر غزة صندوق النقد الدولی ملیار دولار إلى أن
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يكشف كواليس مراجعة صندوق النقد الدولي الرابعة على الاقتصاد المصري
قال الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن بعثة صندوق النقد الدولي بدأت مراجعتها الرابعة على الاقتصاد المصري، أمس الثلاثاء، وتستمر المراجعة لمدة أسبوعين.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء، أنه بانتهاء بعثة الصندوق من إعداد المراجعة الرابعة ستكون هناك سلسلة مناقشات بخصوص عدد من المستهدفات دون تحميل المواطن أي أعباء جديدة.
ونوه خلال كلمته بالمؤتمر الصحفي الأسبوعي المنعقد بالعاصمة الإدارية، إلى أن صندوق النقد الدولي تفهم سعينا لعدم اتخاذ أي إجراءات جديدة من شأنها أن تضيف أي أعباء على المواطن.
مدبولي: مديرة صندوق النقد تشيد بمرونة سعر الصرف
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى اشادت مديرة صندوق النقد الدولي بخصوص المرونة الحقيقية في سعر الصرف، وقدرة البلاد على تحقيق الاستقرار المطلوب بالسوق.
وقال «مدبولي»: إن مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجييفا، تأكدت من عدم تراكم طلبات التدبير الدولاري بالبنوك المصرية.
وأضاف: تركيزنا في الوقت الحالي مع صندوق النقد تمثل في ضمان تحقيق نمو اقتصادي أكبر وأسرع مع عدم التأثير على معدل التضخم، منوهاً إلى أن مصر حققت نمواً بنسبة 2.4% في العام المالي الماضي، في إطار سياسات التشديد النقدي والترشيد وتخفيض الاستثمارات العامة.
مدبولي: مصر تستهدف نموا اقتصادياً يتجاوز 4% العام المالي الحالي
وتابع: إننا نستهدف نموًا بالعام الجاري 2024 - 2025 يتجاوز نسبة 4%، في وقت تشير فيه تقديرات صندوق النقد إلى نسبة نمو 4.2%
وأكمل رئيس مجلس الوزراء، أن تقديرات التضخم لدي صندوق النقد الدولي لمصر تتجه نحو الانخفاض بنهاية العام المالي الجاري إلى حدود 16% أو 17% بعد أن كانت 40% سابقاً.
وأضاف: أن مديرة صندوق النقد الدولي قامت بمقابلة مجموعة من ريادة الأعمال والشركات الناشئة، بجانب المواطنين المستفيدين من مشروع حياة كريمة، وأشادت بالتحسن والمناخ الإيجابي في البلاد.
وأوضح «مدبولي» أن مديرة صندوق النقد اطلعت على مجموعة الإصلاحات الضريبية التي قامت الحكومة بإعداد موادها القانونية وهي معروضة أمام البرلمان في الوقت الحالي.
مدبولي: نستهدف خفض الدين العام لما دون 85%
وأشار رئيس مجلس الوزراء، إلى أن مصر تستهدف النزول بإجمالي الدين العام إلى ما دون 85% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 96% في السنة الماضية، وفي السنة المنتهية في يونيو 2024 إلى 89.6%.
اقرأ أيضاًرئيس الوزراء: برنامج الحكومة لدى صندوق النقد الدولي وضعته الدولة المصرية
اليوم.. صندوق النقد يبدأ المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر
بعد ثناء صندوق النقد على مرونة الصرف.. سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم