أرْسَت المحكمة الدستورية العليا مبدأً دستوريًّا مهمًّا، عنوانه «حق المواطنين فى شغل الوظائف العامة على أساس الكفاءة دون محاباة»… مبدأ دستورى عظيم يعنى بالكفاءة مجردة، ويمحق المحاباة المقيتة، التى هى أحد الأمراض التى يعانى منها الجهاز البيروقراطى ضمن جملة من الأمراض المزمنة والسارية، التى حرمت الدولة من كفاءات أهدرت بفعل سبل المحاباة والوساطة، ونحن فى أمَسّ الحاجة إليها.
المحاباة مرض من أمراض الوظيفة العامة، وتترجم فى المعجم اللغوى، إعطاء أحد المتماثلين أكثر من الآخرين بغير وجه صحيح، بالواسطة، بالقرابة، بأشكال شتى ابتدعها كبار الموظفين لصالح أبنائهم وأحفادهم.
توريث الوظيفة العامة بات مرضًا مستعصيًا من أمراض البيروقراطية العريقة فى اغتيال الكفاءات، وما نزيف العقول إلا عرَض لهذا المرض، الذى يشبه السرطان يتغذى على الخلايا الحية فى المجتمع، ويكلفنا ما لا طاقة لنا به من إهدار للثروة البشرية المؤهلة ذات الكفايات والجودة.
الحكم الذى لفتنا إليه المستشار «بولس فهمى»، رئيس المحكمة الدستورية العليا، فى كلمته فى مؤتمر المحكمة الدستورية الأخير بعنوان «قضاء المحكمة الدستورية العليا فى ضوء المستحدث من أحكام دستور ٢٠١٤، والذى يأتى متزامنًا مع مرور ١٠ أعوام على صدور الدستور (من موقع صدى البلد).
الحكم المشار إليه، يعنى بالكفاءة، ويُعليها عما سواها، ويُجليها، ويضعها فى أعلى عليين، وفى التحليل الأخير يمنع توريث الوظيفة العامة.
إشارة الفقيه الدستورى الكبير بمثابة تنوير على القاعدة الدستورية التى أقرتها المحكمة الدستورية فى الحكم الصادر فى الدعوى رقم ٨٩ لسنة ٤٢ قضائية «دستورية»، بجلسة ٤ يونيو ٢٠٢٢، ويعلم بها الغافلون، ونحن عنها غافلون فعليًّا، وهناك مَن يستثمر فى غفلتنا، ويعمد إلى توريث الوظائف العامة تحت مظنة الجهل بالقاعدة التى تعنى بالمساواة وتمحق المحاباة.
المستشار بولس يعلم المجتمع بأن شغل الوظائف العامة على أساس الكفاءة دون محاباة، وهذا المبدأ الذى جرى تجاهله طويلًا، منصوص عليه دستوريًّا، ورد نصًّا فى المادة الرابعة عشرة من الدستور، وبناء على هذا المبدأ الدستورى قضت المحكمة بعدم دستورية تشريع يقرر أفضلية خاصة لأبناء العاملين فى الجهة التى يحكمها ذلك التشريع بالتعيين فيها.
المحكمة فى أسباب حكمها قالت: «إن النصَّ الطعينَ يتضمن تمييزًا تحكميًّا، لا يستند إلى أسس موضوعية، ذلك أن الانتماء الأسرى لا يمثل مزية استثنائية تمنح صاحبها معاملة تفضيلية فى شغل الوظائف العامة، التى لا يكون شغلها إلا على أساس الكفاءة، ودون محاباة».
الحكم يعالج أحد الأمراض المزمنة، التى أصابت الجهاز البيروقراطى، الذى دأب اجتراء على تسييد حق أولاد الموظفين فى الوظيفة تفضيلًا عما سواهم، فى افتئات صارخ على مبدأ المساواة، الذى هو من الحقوق الأساسية للمواطنين، ويعالج ثغرة ينفذ منها ما يسمى وظيفة وضع اليد، وترجمته توريث الوظائف العامة فى سياق نسق توريثى صارخ، للأسف سلو بلدنا التوريث، وآفة حارتنا النسيان، التغافل عن المبادئ الدستورية الحاكمة.
حمدي رزق – المصري اليوم
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المحکمة الدستوریة الوظائف العامة
إقرأ أيضاً:
المحكمة الدستورية تجرد خمسة وزراء من مناصبهم البرلمانية
زنقة 20 . الرباط
جردت المحكمة الدستورية ، خمسة وزراء من مناصبهم البرلمانية.
و صرحت المحكمة بشغور المقاعد التي كان يشغلها بمجلس النواب كل من عبد الصمد قيوح وعمر حجيرة وأديب ابن ابراهيم وهشام صابري ولحسن السعدي، المنتخبون على التوالي في الدوائر الانتخابية المحلية (تارودانت الجنوبية)، (وجدة – أنكاد)، (الرباط – شالة)، (بني ملال)، (تارودانت الشمالية).
و دعت المحكمة الدستورية ، المترشح الذي يرد اسمه مباشرة بعد آخر منتخب في كل لائحة من لوائح الترشيح المعنية لشغل المقعد الشاغر طبقا لأحكام المادة 90 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
و بعد استوزارهم في الحكومة الجديدة ، سيتخلى خمسة برلمانيين عن مقاعدهم النيابية لفائدة وصفائهم في لائحة الانتخابات التشريعية الاخيرة.
و البداية من أديب بن إبراهيم، كاتب الدولة لدى وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، المكلف بالإسكان، الذي سيتخلى عن منصبه البرلماني لفائدة عزيز لميني عن دائرة الرباط شالة.
عزيز حميدو سيخلف لحسن السعدي عن دائرة تارودانت الشمالية الذي عينه جلالة الملك في منصب كاتب الدولة لدى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
كما سيتخلى هشام صابري كاتب الدولة لدى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، المكلف بالشغل عن منصبه البرلماني لفائدة وصيفه رضوان ندير الذي سيصبح نائبا برلمانيا عن دائرة بني ملال.
من جهته سيخلف رئيس جماعة اركانة لحسن أمروش، عبد الصمد قيوح وزير النقل و اللوجستيك، في منصبه البرلماني عن دائرة تارودانت الجنوبية.
كما سيتخلى عمر حجيرة كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة، المكلف بالتجارة الخارجية، عن منصبه لفائدة عصام عيساوي ، الذي سيصبح برلمانيا عن دائرة عمالة وجدة انكاد