إن احتمال نشوب حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وميليشيا حزب الله في لبنان يرعب الناس على جانبي الحدود، لكن البعض يرى أنها "نتيجة حتمية" للحرب الإسرائيلية المستمرة ضد حماس في غزة، وفق تقرير لأسوشيتد برس. 

ويشير التقرير إلى أن حربا كتلك قد تكون "الأكثر تدميراً" بالنسبة لأي من جانبي النزاع على الإطلاق.

وتعلمت كل من إسرائيل وحزب الله دروساً من حربهما الأخيرة، في عام 2006، وهو صراع دام شهراً وانتهى بالتعادل.

 

وتنوه الوكالة في تقريرها إلى أن الطرفين كان أمامهما أيضا أربعة أشهر للاستعداد لحرب أخرى، حتى في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة منع اتساع نطاق الحرب التي يشهدها قطاع غزة.

ويسلط التقرير الضوء على مدى استعداد كل جانب، وكيف يمكن أن تتكشف الحرب وما يتم القيام به لمنعها.

ماذا حدث في عام 2006؟

اندلعت حرب عام 2006، بعد ست سنوات من انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، بعد أن أسر حزب الله جنديين إسرائيليين وقتل عدة آخرين في غارة عبر الحدود.

وشنت إسرائيل هجوما جويا وبريا واسع النطاق وفرضت حصارا يهدف إلى تحرير الرهائن وتدمير القدرات العسكرية لحزب الله، وهي مهمة باءت بالفشل في نهاية المطاف.

ودمر القصف الإسرائيلي مساحات واسعة من جنوب لبنان والضواحي الجنوبية لبيروت، بينما أطلق حزب الله آلاف الصواريخ غير الموجهة على شمال إسرائيل.

وأدى الصراع إلى مقتل نحو 1200 لبناني، معظمهم من المدنيين، و160 إسرائيليا، معظمهم من الجنود.

ودعا قرار للأمم المتحدة أنهى الحرب إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان وإنشاء منطقة منزوعة السلاح على الجانب اللبناني من الحدود.

ورغم نشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، يواصل حزب الله العمل في المنطقة الحدودية، بينما يقول لبنان إن إسرائيل تنتهك مجاله الجوي بانتظام وتستمر في احتلال جيوب من الأراضي اللبنانية.

ما هي احتمالات اندلاع حرب؟ 

حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الشهر الماضي، وسط موجة من الدبلوماسية المكوكية من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، من أن الحرب بين إسرائيل وحزب الله "ستكون كارثة كاملة".

وتقول أسوشيتد برس إنه يبدو أن حزب الله المدعوم من إيران قد تفاجأ بهجوم حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل، حليفه الإقليمي. ومنذ ذلك الحين، يتبادل حزب الله وإسرائيل الضربات اليومية عبر الحدود، وتتصاعد تدريجيا. كما نفذت إسرائيل عمليات استهدفت شخصيات من حزب الله وحماس في لبنان.

وقُتل أكثر من 200 شخص، معظمهم من مسلحي حزب الله ولكن أيضا أكثر من 20 مدنيا، في الجانب اللبناني، و18 في الجانب الإسرائيلي، منذ بدء تبادل إطلاق النار بين الجانبين في الثامن من أكتوبر، أي بعد يوم من هجوم حماس على إسرائيل.

ونزح عشرات الآلاف من الجانبين، ولا توجد احتمالات فورية لعودتهم.

وحذر القادة السياسيون والعسكريون الإسرائيليون حزب الله من أن الحرب أصبحت محتملة بشكل متزايد ما لم ينسحب المسلحون من الحدود.

ولم يهدد زعيم حزب الله، حسن نصر الله، ببدء الحرب، لكنه حذر من قتال "بلا حدود" إذا فعلت إسرائيل ذلك. 

ويقول حزب الله إنه لن يوافق على وقف إطلاق النار على الحدود الإسرائيلية اللبنانية قبل أن يكون هناك اتفاق في غزة، ورفض اقتراحا أميركيا بتحريك قواته على بعد عدة كيلومترات من الحدود، وفقا لمسؤولين لبنانيين.

وقال أندريا تينينتي، المتحدث باسم بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، إنه على الرغم من الخطابات، لا يبدو أن أيا من الطرفين يريد الحرب، لكنه أضاف أن "سوء التقدير قد يؤدي إلى صراع أوسع نطاقا سيكون من الصعب للغاية السيطرة عليه".

ما مدى استعداد الطرفين لحرب واسعة؟

قام كل من حزب الله والجيش الإسرائيلي بتوسيع قدراتهما منذ عام 2006، لكن كلا البلدين أكثر هشاشة أيضا، وفق أسوشيتد برس.

وفي لبنان، أدت أربع سنوات من الأزمة الاقتصادية إلى شل المؤسسات العامة، بما في ذلك الجيش وشبكة الكهرباء وتآكل نظامها الصحي، كما أن الدولة تستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري.

وتبنّى لبنان خطة طوارئ لسيناريو الحرب في أواخر أكتوبر، متوقعا التهجير القسري لمليون لبناني لمدة 45 يوما.

ونزح نحو 87 ألف لبناني من المنطقة الحدودية، وبينما تعتمد الحكومة على المنظمات الدولية لتمويل الاستجابة، لا تستطيع العديد من المجموعات العاملة في لبنان الحفاظ على البرامج الحالية.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأممية للاجئين، ليزا أبو خالد، إن المفوضية قدمت الإمدادات إلى الملاجئ الجماعية ووفرت أموالا طارئة لنحو 400 أسرة في جنوب لبنان، مضيفة أن الوكالة لا تملك الأموال اللازمة لدعم أعداد كبيرة من النازحين في حالة الحرب.

وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" إنها قامت بتخزين نحو 10 أطنان من الإمدادات الطبية والوقود الاحتياطي لمولدات المستشفيات في المناطق الأكثر عرضة للتأثر بصراع أوسع نطاقا، تحسبا لأي حصار.

وتشعر إسرائيل بضغوط اقتصادية واجتماعية بسبب الحرب في غزة، والتي من المتوقع أن تكلف أكثر من 50 مليار دولار، أو حوالي 10 في المئة من النشاط الاقتصادي الوطني حتى نهاية عام 2024، وفقا لبنك إسرائيل. وسوف ترتفع التكاليف بشكل حاد إذا اندلعت حرب مع لبنان.

وقال تال بيري، من مركز ألما للأبحاث والتعليم، وهو مركز أبحاث يركز على أمن شمال إسرائيل: "لا أحد يريد هذه الحرب، أو يتمنى ذلك لأحد". لكنه يرى أن الصراع المسلح بين إسرائيل وحزب الله "أمر لا مفر منه"، بحجة أن الحلول الدبلوماسية تبدو غير محتملة ولن تؤدي إلا إلى زيادة تهديدات حزب الله الاستراتيجية.

قامت إسرائيل بإجلاء 60 ألف شخص من سكان البلدات القريبة من الحدود، حيث لا يوجد وقت من أجل إطلاق التحذيرات بشأن إطلاق الصواريخ بسبب قُرب حزب الله.

وفي الحرب، لن يكون هناك أي معنى لعمليات إجلاء إضافية لأن صواريخ حزب الله وقذائفه يمكن أن تصل إلى جميع أنحاء إسرائيل، وفق أسوشيتد برس. 

بعد هجوم 7 أكتوبر، حظيت الحرب في غزة بدعم داخلي واسع النطاق في إسرائيل، حتى لو كان هناك الآن جدل متزايد حول مسارها. إذ أن حوالي نصف الإسرائيليين سيؤيدون الحرب مع حزب الله كملاذ أخير لاستعادة أمن الحدود، وفقا لاستطلاع رأي أجراه مؤخرا مركز أبحاث "Israel Democracy Institute".

وفي لبنان، انتقد البعض حزب الله لتعريضه البلاد لحرب مدمِّرة أخرى. ويؤيد آخرون الدخول المحدود للحزب في الصراع ويعتقدون أن ترسانة حزب الله سوف تردع إسرائيل عن التصعيد.

كيف قد تبدو حرب واسعة بين لبنان وإسرائيل؟

يرجح تقرير أسوشيتد برس أن تنتشر حرب واسعة النطاق إلى جبهات متعددة بين الطرفين، مما يؤدي إلى تصعيد مشاركة وكلاء إيران في سوريا والعراق واليمن، وربما حتى جر إيران نفسها.

كما يمكن للحرب أن تجر الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل، إلى عمق الصراع. وقد أرسلت الولايات المتحدة بالفعل سفنا حربية إضافية إلى المنطقة، لكنها أكدت أن ذلك لم يكن له علاقة بالصراع الدائر بين حماس وإسرائيل.

وقالت أورنا مزراحي، من "Institute for National Security Studies"، وهو مركز أبحاث إسرائيلي، إن حزب الله يمتلك ما بين 150 ألف إلى 200 ألف صاروخ وقذيفة متعددة المدى. وأضافت أن هذه الترسانة أكبر بخمس مرات على الأقل من ترسانة حماس وأكثر دقة بكثير.

ويمكن أن تصل مقذوفات حزب الله الموجهة إلى مرافق المياه والكهرباء والاتصالات والمناطق السكنية ذات الكثافة السكانية العالية.

أما في لبنان ترجح أسوشيتد برس أن تتسبب الغارات الجوية الإسرائيلية في تدمير في البنية التحتية وربما قتل الآلاف. وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو،  بـ "تحويل بيروت إلى غزة"، حيث تسبب التوغل الجوي والبري الإسرائيلي في دمار واسع النطاق وقتل أكثر من 27 ألف شخص، وفقا لوزارة الصحة في غزة التي تسيطر عليها حماس.

وتتمتع إسرائيل بحماية أكبر بكثير، حيث تمتلك العديد من أنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك القبة الحديدية، التي تعترض الصواريخ بمعدل نجاح يصل إلى 90 في المئة تقريبا. لكن يمكن أن تطغى عليها إذا تم إطلاق وابل كبير من الصواريخ.

ويعيش نحو 40 في المئة من سكان إسرائيل في منازل جديدة بها غرف آمنة خاصة محصَّنة بوسائل الحماية من الانفجارات لمقاومة الهجمات الصاروخية. وتمتلك إسرائيل أيضا شبكة من الملاجئ، لكن تقريرا حكوميا لعام 2020 يقول إن حوالي ثلث الإسرائيليين يفتقرون إلى سهولة الوصول إليها.

أما لبنان يفتقر لشبكة كتلك، ولن تكون الملاجئ ذات فائدة تُذكَر في مواجهة القنابل الضخمة "الخارقة للتحصينات" التي أسقطتها إسرائيل على غزة.

وقالت دينا عرقجي، من شركة استشارات المخاطر "Control Risks" ومقرها المملكة المتحدة، إن لدى حزب الله دفاعات جوية محدودة، في حين أن دفاعات الجيش اللبناني قديمة وغير كافية بسبب نقص الميزانية.

وظل الجيش اللبناني على الهامش طوال الأربعة أشهر الماضية. وفي عام 2006، دخل القتال بقدرة محدودة، ولكن من غير الواضح كيف سيكون رد فعله في حال نشوب حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله، وفق تعبير أسوشيتد برس.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: بین إسرائیل وحزب الله الولایات المتحدة للأمم المتحدة أسوشیتد برس جنوب لبنان حرب واسعة من الحدود حزب الله فی لبنان أکثر من یمکن أن فی غزة عام 2006

إقرأ أيضاً:

كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟

 

منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان في 26 نوفمبر 2024، لم تهدأ جبهة المواجهة بين الطرفين، حيث تستمر الضربات المتبادلة بينهما دون أن تتسبب في انهيار الاتفاق، وإن كانت تشكل تهديداً له على المدى المنظور. وينبع هذا التهديد من عدة مصادر، منها بنود الاتفاق ذاته، والتي اتسم بعضها بعبارات فضفاضة يمكن تأويلها بشكل متناقض من الجانبين، كما أنها أوكلت مهام للدولة اللبنانية لا يمكنها عملياً تنفيذها. أيضاً كان هناك اتفاق موازٍ بين إسرائيل والولايات المتحدة يتعلق بضمانات من جانب واشنطن لحق إسرائيل في كسر الاتفاق في حالات معينة. وأخيراً، فإن الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا ربما تؤثر في تطبيق هذا الاتفاق؛ بسبب التداخل بين الجبهتين السورية واللبنانية بالنسبة لإسرائيل، التي تعتقد أن حزب الله وإيران يستخدمان الأراضي السورية لتصنيع السلاح وتخزينه في بعض المواقع التابعة لهما هناك.

وتؤدي كل هذه العناصر، بالإضافة إلى أن انتهاكات الجانبين للاتفاق التي تواصلت بعد توقيعه، دوراً كبيراً في إثارة الشكوك حول إمكانية صموده، وتطبيقه فعلياً قبل الموعد المحدد للانتهاء من تنفيذه يوم 26 يناير المقبل. ومع ذلك، هناك عوامل مضادة يمكن أن تسهم في بقاء الاتفاق وعدم انهياره.

ملاحظات على الاتفاق:

يتكون الاتفاق الموقع بين إسرائيل والحكومة اللبنانية (الجهة الشرعية في الاتفاق بالتفاهم مع حزب الله) من 13 بنداً تعكس أغلبها أسباب وصفه بالاتفاق الهش، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

1- بنود غامضة: من بين هذه البنود في الاتفاق ما يلي:

أ- البند الثالث الذي ينص على أن “تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن رقم 1701”. فلا تدل هذه الصياغة على معنى محدد لتعبير “أهمية القرار الأممي”، وهي جاءت على هذا النحو للتغلب على الخلاف الذي لم يتم حله بين الجانبين أثناء عملية التفاوض، حيث فسرت إسرائيل القرار بأنه يشمل منع سكان جنوب لبنان الذين نزحوا من ديارهم أثناء الحرب من العودة إليها بدعوى أن سكان المناطق الحدودية ينتمون لقوات حزب الله، بينما تمسك المفاوض اللبناني بأن القرار تحدث فقط عن الوجود العسكري لحزب الله؛ ومن ثم يجب حماية حق السكان المدنيين في العودة إلى أماكنهم السابقة على النزوح دون قيد أو شرط.

ب- البند الرابع الذي ينص على “احتفاظ الطرفين بحق الدفاع عن النفس وفقاً للمواثيق الدولية”. وجاءت تلك الصياغة، المتعارضة جوهرياً مع مفهوم اتفاقات وقف إطلاق النار بصفة عامة، للتغلب على إصرار إسرائيل بأن يكون من حقها، ومن دون الرجوع إلى أي طرف، شن الهجمات على المواقع التي يُشتبه في وجود تجمعات أو تحركات من جانب حزب الله بها، يمكن أن تشكل تهديداً لتل أبيب أثناء فترة تطبيق الهدنة. وبالرغم من حصول لبنان على نفس الحق؛ فإنه من الناحية العملية كان في صالح إسرائيل وحدها، حيث فقد حزب الله أعداداً كبيرة من قادته ومقاتليه أثناء الحرب؛ ما يعني أنه لم يعد قادراً من الناحية الفعلية على تشكيل خطر كبير على الداخل الإسرائيلي، بينما تبقى إسرائيل قادرة على شن عمليات عسكرية في كل الأراضي اللبنانية.

2- بنود تفتقر إلى آلية التنفيذ: افتقرت البنود من الخامس إلى الثامن، والتي تتعلق بعملية إخلاء الجنوب اللبناني من قوات حزب الله، ومن أي جماعات أخرى متحالفة معها، إلى آلية واقعية لتنفيذها، حيث أوكلت للدولة اللبنانية مهمة الإشراف على عمليات بيع أو توريد أو إنتاج للأسلحة أو المواد الداخلة في تصنيعها، ومنع أي جهة أخرى داخل لبنان من المشاركة في مثل هذه الأنشطة. وغني عن القول إن الدولة اللبنانية، التي تعاني من أزمات متعددة اقتصادية وعسكرية وسياسية، قد لا يمكنها النهوض بمثل هذه المهمة؛ بسبب ضعف إمكاناتها من ناحية، وبسبب ما يشكله هذا الالتزام من تهديد للسلم الاجتماعي، بالدخول في مواجهة مباشرة مع حزب الله وحاضنته الاجتماعية الكبيرة من ناحية أخرى.

3- بنود تفتقر إلى الجدوى عملياً: يشير البندان التاسع والعاشر إلى تشكيل لجنة مراقبة للاتفاق، يقتصر دورها على تلقي شكاوى الجانبين عند حدوث انتهاكات للاتفاق من أي منهما، دون ذكر الإجراءات التي ستُتخذ بحق من يخل به، وهو ما لا يُعد رادعاً حقيقياً لأي من الطرفين للامتناع عن خرق الاتفاق، حيث برهنت اللجنة السابقة التي شُكلت بعد حرب عام 2006 بين الطرفين أن أنشطتها في تسجيل الانتهاكات لم تقلل من ارتكابها بواسطة الجانبين.

التعهدات الأمريكية لإسرائيل:

هناك سبب إضافي لوصف اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان بالهش، وهو التعهدات التي قطعتها الولايات المتحدة لإسرائيل، والتي تناقض التزامات الأخيرة في الاتفاق. فوفقاً للعديد من التقارير المتداولة في الإعلام الأمريكي، تنطوي هذه التعهدات على ما يلي:

1- ستتبادل الولايات المتحدة وإسرائيل معلومات استخباراتية حساسة حول الانتهاكات، بما في ذلك تلك المتعلقة بتسلل عناصر حزب الله لمواقع الجيش اللبناني.

2- قد تشارك الولايات المتحدة المعلومات التي تقدمها إسرائيل مع أطراف ثالثة، بما في ذلك لجنة المراقبة والحكومة اللبنانية، لحثهما على ضمان تنفيذ الاتفاق.

3- ستتعاون الولايات المتحدة لمنع نقل الأسلحة والأفراد من إيران إلى لبنان.

4- تعترف الولايات المتحدة بحق إسرائيل في الرد على التهديدات من لبنان.

5- يمكن لإسرائيل التصرف في أي وقت ضد الانتهاكات في جنوب لبنان.

6- يمكن لإسرائيل التصرف في أي مكان في لبنان؛ إذا كان لبنان غير راغب أو غير قادر على وقف الانتهاكات، بما في ذلك العبور غير القانوني من الأسلحة إلى لبنان.

7- سيكون لإسرائيل الحق في إجراء طلعات جوية استطلاعية في الأجواء اللبنانية.

وكما هو واضح، تُعد تلك الضمانات أو التعهدات بمثابة تفويض مطلق لإسرائيل لانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار؛ بل أيضاً يمكن اعتبارها تعهداً من جانب الولايات المتحدة بالمشاركة في العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية (مثل البند الثالث).

الضغوط الداخلية في إسرائيل:

على الرغم من حصول اتفاق وقف إطلاق النار على موافقة الأغلبية في مجلس الوزراء الإسرائيلي، فقد عارض وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، القرار، وطالب بالاستمرار في الحرب لتجريد حزب الله من سلاحه بالقوة، وعدم الاكتفاء بإبعاده حتى نهر الليطاني. وهدد بن غفير بانسحاب كتلته المشاركة في الائتلاف وإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو، حال فشل الاتفاق في تحقيق الهدف الرئيسي منه، وهو تمكين سكان مدن شمال إسرائيل، الذين اضطرّوا لمغادرتها منذ اندلاع الحرب، من العودة لأماكنهم.

وفي نفس الاتجاه تسبب الاتفاق في أزمة اجتماعية، فالداخل الإسرائيلي يطالب بالمساواة في تعامل الحكومة مع سكان الجنوب (على الحدود مع غزة) وسكان الشمال (على الحدود مع لبنان) في إطار أن أهداف الحرب على الجبهتين تتضمن تمكين السكان الذين غادروا مدنهم أثناء الحرب من العودة الآمنة لها مجدداً. فبينما قاومت الحكومة الإسرائيلية ضغوط أهالي الرهائن ومؤيديهم، ورفضت إيقاف إطلاق النار مع حركة حماس مقابل الإفراج عن الرهائن، مفضلة تحقيق هدف استعادة الأمن وإعادة سكان الجنوب إلى مدنهم على هدف تحرير الرهائن؛ فإنها (أي الحكومة) سارعت بقبول اتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الله لا يضمن عودة سكان الشمال إلى مدنهم في ظل الانتهاكات المتواصلة من الجانبين للاتفاق، وهو ما اُعتبر تمييزاً واضحاً ضد سكان الشمال.

عوامل صمود الاتفاق:

على الرغم من العناصر التي تجعل اتفاق وقف إطلاق النار هشاً وقابلاً للانهيار، ثمة عوامل عكسية قد تدعم بقاءه، وتتمثل في الآتي:

1- حالة الضعف التي يمر بها حزب الله اللبناني، بعد فقدان أهم قادته الميدانيين وما يقرب من نصف مخزون أسلحته. فحسب التقديرات الإسرائيلية، فقد الحزب 2500 شخص من مقاتليه على أقل تقدير معظمهم من قوات النخبة؛ لذلك سيكون من مصلحته عدم تهديد الاتفاق.

2- محدودية قدرة إيران على تعويض حزب الله عن السلاح والرجال الذين فقدهم في الحرب، خاصةً بعد تدمير إسرائيل للمعابر الحدودية بين لبنان وسوريا التي كانت الممر الأهم لشحنات السلاح القادمة من طهران لتمر عبر الأراضي السورية إلى حزب الله.

3- الضغوط من جانب القوى المناوئة لحزب الله في لبنان، والتي تطالب بتجريده من أسلحته، حيث سبق أن استثنى اتفاق الطائف عام 1989 حزب الله من نزع سلاحه مثل باقي المليشيات بحجة أنه حركة مقاومة ضد إسرائيل. وقد تسببت الحرب الحالية مع إسرائيل في تدمير الشرعية السياسية لخطاب حزب الله في أوساط اللبنانيين، خاصةً بعد أن تسبب في كارثة التهجير الواسع لسكان الجنوب، والضغط على مناطق الوسط والشمال اللبناني التي اضطرت لاستيعاب هذا الكم الضخم من اللاجئين من أبناء البلاد في وقت يعاني فيه لبنان من أزمة اقتصادية خانقة.

3- الانتقاد المتوقع شعبياً ضد حزب الله، بسبب فشل استراتيجية الردع الخاصة به والتي حاول ترويجها على النطاق الشعبي في لبنان، والتي تقوم على افتراضين ثبت خطؤهما وهما: عدم قدرة إسرائيل على تحمل حروب طويلة خاصةً لو كانت في مواجهة جبهات متعددة، والردع المتبادل الذي يحققه امتلاك الحزب لأسلحة قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي، وهو ما سيمنع إسرائيل بدورها من مهاجمة العمق اللبناني.

4- رحيل نظام بشار الأسد في سوريا، والذي استثمر حزب الله في حمايته موارد بشرية وتسليحية كبيرة منذ عام 2014، وهو ما يُعد خسارة كبيرة لما يُسمى بـ”محور المقاومة”. ويشير عدم تدخل إيران وحزب الله لإنقاذ نظام الأسد، ومن قبل ذلك تخلي الحزب عن شرطه لقبول وقف إطلاق النار مع إسرائيل بوقف الحرب بشكل متزامن في غزة؛ إلى أن الحزب بات يركز على حماية نفسه في ظل مخاوف حقيقية من أن تتمكن إسرائيل من زيادة الضغط العسكري عليه عبر تقديم الدعم المادي السري للتنظيمات الجهادية التي تسيطر على أجزاء كبيرة من الأراضي السورية، وهي المعروفة بعدائها للشيعة عامةً ولأذرع إيران في المنطقة خاصةً. أو بمعني آخر، سيكون على حزب الله الحفاظ على وقف إطلاق النار مع إسرائيل، تحسباً للمواجهة المحتملة بينه وبين التنظيمات الجهادية التي باتت منتشرة في الأراضي السورية بشكل واسع.

خلاصة القول إنه بين العناصر التي تهدد بقاء اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان (نيابةً عن حزب الله)، وبين العناصر المضادة التي يمكن أن تسهم في بقائه؛ من المُرجح أن يصمد الاتفاق خاصةً أن التقديرات الإسرائيلية تذهب في اتجاه أن أهداف الفصائل المسلحة في سوريا حالياً هي إحكام سيطرتها على الحكم هناك، وتصفية النظام السابق وكذلك الوجود العسكري لإيران وحزب الله. وفي هذا السياق، سيكون من مصلحة إسرائيل تخفيض الضغط المُحتمل على الاتفاق، بحصر الهجمات ضد حزب الله لغرض منع تهريب السلاح له، تاركة مهمة احتمالية تصفية الحزب وإزالة خطره على الأمن الإسرائيلي بصورة نهائية إلى خصومه في الداخل اللبناني وفي سوريا ما بعد الأسد.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • حكومة المنفى «3».. حتمية الانتقال الديمقراطي
  • هكذا نقلت إيران السلاح إلى لبنان.. تفاصيل مثيرة!
  • خبير سياسي: سوريا تسير نحو الاستقرار رغم مخاوف الصراع الأمريكي التركي
  • ‏الحوثيون يهددون إسرائيل باستهداف مقراتها الحيوية
  • نتنياهو يتحدث عن بداية هجوم 7 أكتوبر - لن أقبل بوجود حماس على الحدود
  • هذا ما يفعله حزب الله الآن.. تقريرٌ إسرائيلي يكشف
  • فريق بايدن يدفع بقوة نحو تحقيق السلام في السودان
  • كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟
  • ‏نتنياهو: بعد حماس وحزب الله ونظام الأسد في سوريا يكاد يكون الحوثيون هم الذراع الأخير المتبقي لمحور الشر الإيراني
  • فيراري يتجاهل مخاوف الصراع بين هاميلتون ولوكلير