تحف فنية.. عم أحمد أقدم صنايعي بأسيوط: مهنتي من سنين وليا زبايني|شاهد
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
داخل محل صغير قديم بأحد الحواري بمنطقة القيسارية التجارية بمنطقة العتبة في حي غرب أسيوط يجلس عم " أحمد " لأكثر من 50 عاما ليقوم بتشكيل النحاس لصناعة التحف النحاسية والذي تعلم المهنة من أخواله بعد أن ترك التعليم وفضل العمل معهم في تشكيل النحاس ورغم كبر سنة الذي تجاوز الـ70 عاما إلا انه يحرص يوميا على النزول إلى المحل الخاص به لاستقبال زبائنه .
قال عم " أحمد " : أنا اعمل بمهنة تشكيل النحاس منذ أن كان عمري 15 عاما كان أخوات أمي يعملون في تشكيل النحاس وكنت اذهب إليهم في مدينة أبوتيج وتركت " الكتاب " لأني مكنتش غاوي تعليم وفضلت تعلم المهنة منهم وبعد اتقاني للمهنة ذهبت إلى القيسارية بمدينة أسيوط وفتحت محل لتشكيل النحاس خاصة وان النحاس كان يسيطر على الأسواق وكانت جميع المنزل لا تخلى من الأواني النحاس .
وأضاف : اعمل في حرفة تشكيل النحاس لأكثر من 50 عاما والآن أصبحت الحرفة نادرة أوشكت على الاندثار خاصة مع وجود خامات جديدة الجرانيت والاستالس والألمونيوم وغيرها من الخامات مما أدى إلى تراجع استخدام الأسر للأواني النحاس وأصبح من التحف في المنازل .
واستكمل : بعد سيطرت الخامات الجديدة على السوق بدأت أن اعمل في تشكيل الألمونيوم والاستالس حتى أحافظ على مهنتي في تشكيل الأواني والتحف خاصة مع اندثار الحرفة بشكل نهائي وأصبح لا احد يعمل بهذه الحرفة منذ فترة كبيرة وأصبحت أنا الوحيدة بمنطقة القيسارية التي اعمل بهذه الحرف يأتي إليه الزبائن من مختلف مراكز المحافظة لتعديل وتشكيل الأواني النحاس والألمونيوم وأقوم بعمل قدر الفول المدمس ومآذن المساجد والمباخر النحاس التي يستخدمها أصحاب الفراشات في الجنائز والأفراح .
بمركز السيطرة.. محافظ أسيوط يتابع أعمال إزالة التعديات على الأراضي ومخالفات البناء بالمراكز محافظ الجيزة يفتتح معرض الحرف التراثية والمنتجات اليدوية |شاهدوتابع : حاولت في أولادي وأحفادي أن أعلمهم الحرفة ولكن رفضوا لصعوبتها والمجهود التي تحتاجه لان خامة النحاس ثقيلة تحتاج إلى مجهود في تشكيلها لإخراجها بشكل جميل على عكس الألمونيوم والخامات الأخرى ولكن رغم ذلك هناك اسر تحتفظ بالنحاس لأنه يسجل لهم تاريخ .
وقال عم " أحمد " كنت أتقاضى في بداية عملي بالحرفة " قرشين بقشيش " كنت بفرح بيها جدا وبدأت أتقن الحرفة حتى تعلمت فنون تشكيل النحاس يدويا ويأتي الناس ليه بالطلب والآن أصبحت الخامات الأخرى كثيرة ولكن في اسر تحافظ على النحاس لقيمته ولن اترك الحرفة لانى أحبها منذ صغري .
18ea1c6e-25dc-4a16-9f21-151c4decbe52 35b2b086-990b-4904-8ea4-42446891fa04 88aef69a-98f0-4857-a6b9-07fecb944157 88c41ac6-f5ba-41e3-a05a-f2c0603a5442 5553d804-2698-4e62-a986-3cd98529ea03 5671e98c-b434-442f-be16-cb9551e58574 39693131-a023-41a4-8746-46f8187e4f2f cb6e8117-1f35-4f7a-8ca6-f8bb8ba1d85a da260cff-4430-4043-83b6-91b5b3ff9342المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أسيوط تشكيل المعادن فی تشکیل
إقرأ أيضاً:
280 عاما من التأسيس.. عُمان قصة وطن وحكمة قيادة
رامي بن سالم البوسعيدي
في قلب شبه الجزيرة العربية، حيث تلتقي الجبال الشاهقة بالصحراء الذهبية، وحيث تهامس الأمواج شواطئ المحيط الهندي، تقف سلطنة عُمان شامخة بتاريخها العريق، الذي خطته أيادٍ حكيمة وقلوب مؤمنة بالوطن، ومن بين الصفحات المضيئة في تاريخها الذي يمتد لأكثر من 5 آلاف عام، تبرز قصة تأسيس دولة البوسعيدي عام 1744 على يد الإمام أحمد بن سعيد، وهي قصة تُجسد الإصرار على الوحدة والاستقرار رغم تحديات الزمن.
في القرن الثامن عشر وبالتحديد قبل 280 عاما كانت عُمان تعيش بين أمواج متلاطمة من الصراعات الداخلية والغزو الخارجي، وفي وسط تلك الأزمات برز رجل من صحار، واليها الحكيم أحمد بن سعيد البوسعيدي، كان قائداً بالفطرة، يجمع بين الحزم والرؤية البعيدة، عندما اجتاحت القوات الفارسية السواحل العُمانية، وقف أحمد بشجاعة واستطاع إلحاق الهزيمة بالغزاة، مما أكسبه ثقة الناس والتفافهم حوله.
لم يكن أحمد بن سعيد يسعى للسلطة بقدر ما كان يحمل هم الوطن، وعندما التف زعماء القبائل حوله وأجمعوا على اختياره إمامًا لعُمان عام 1744، أدرك أن المهمة ليست سهلة، بدأ بتوحيد الصفوف وترسيخ الأمن الداخلي، واضعاً أسس دولة حديثة تقوم على التوازن بين القيم التقليدية ومتطلبات العصر، وأعاد بناء أسطول بحري قوي، جعل من موانئ عُمان مثل مسقط وصحار، مراكز تجارية حيوية تربط الشرق بالغرب، وكان عهده إيذاناً ببدء فصل جديد من الاستقرار والازدهار.
منذ أحمد بن سعيد توالت أجيال من الحكام من أسرته، الذين ساروا على نهجه، يجمعون بين الحزم والحكمة في إدارة الدولة، وشهدت عُمان خلال هذه الفترات تحولات عديدة، من توسيع رقعة نفوذها البحري في المحيط الهندي، إلى بناء علاقات متينة مع القوى الدولية مثل بريطانيا، وفي القرن التاسع عشر عززت عُمان حضورها كقوة بحرية وتجارية بارزة، وكانت مسقط نقطة جذب للتجار من الهند وأفريقيا والخليج، وكانت الدولة رمزاً للتنوع الثقافي والانفتاح على العالم، لكن كانت هناك تحديات كبيرة، وتوالت الانقسامات القبلية والضغوط الخارجية التي هددت في أوقات عديدة استقرار البلاد، إلا أن حكمة قادة البوسعيد وتكاتف الشعب أبقيا السفينة في مسارها الصحيح.
وفي عام 1970، أشرقت عُمان على حقبة جديدة مع تولي السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه - مقاليد الحكم، كان الوطن حينها مثقلاً بالتحديات، لكن السلطان قابوس حمل في قلبه رؤية وطنية عميقة، وفي عقله خطة طموحة لنهضة شاملة، وقال يومها: " كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة، وإن عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى، وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي"، ومنذ ذلك الحين انطلقت مسيرة النهضة المباركة، حيث تحولت سلطنة عُمان من دولة تعاني من شح الموارد إلى واحدة من أكثر دول المنطقة استقرارًا وازدهارًا، فقد شيد السلطان قابوس بنية تحتية متطورة، واهتم بالتعليم والصحة باعتبارهما أساس التقدم، وتوسعت شبكة المدارس والمستشفيات لتغطي كافة أرجاء البلاد، ومدّ الطرق بين المدن والقرى رافعًا شعار التنمية للجميع، وعلى الساحة الدولية أظهر السلطان قابوس حمه الله بُعد نظر استثنائي، واختار لعُمان دور الوسيط المحايد، مما أكسبها احترام العالم، فكانت وسيطًا في أزمات إقليمية ودولية، ترفع راية السلام في عالم يموج بالصراعات.
ومع انتقال القيادة إلى جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور حفظه الله ورعاه، كان العالم يمر بظروف غير مسبوقة، من جائحة عالمية إلى تحديات اقتصادية كبرى، لكن جلالته جاء محملاً بروح التجديد والاستمرارية، متعهداً بمواصلة بناء الوطن على أسس النهضة التي أرسى قواعدها السلطان قابوس، وتبنى رؤية عُمان 2040، التي ركزت على تنويع الاقتصاد وشجيع الابتكار وتمكين الشباب ليكونوا قادة المستقبل، وأكد على دور عُمان كجسر بين الشرق والغرب، وحافظ على سياسة الحياد التي أصبحت جزءًا من هوية البلاد، ليواصل مسيرة البناء، التي تظهر عُمان مزيجاً نادراً من الثبات والتغيير، حيث يبقى جوهرها متجذرًا في التاريخ، بينما تنطلق نحو المستقبل بخطوات واثقة.
ما يميز عُمان عبر القرون هو قدرتها على الحفاظ على الاستقرار وسط منطقة مليئة بالتقلبات، ويعود ذلك إلى عوامل منها القيادة الحكيمة التي تميز قادة البوسعيد برؤية بعيدة المدى، وحس عميق بالمسؤولية تجاه الوطن بجانب التوازن الداخلي، فقد نجحت الدولة في تعزيز الوحدة الوطنية مع احترام التنوع الثقافي والمذهبي، كما أن الحياد الإيجابي له دور كبير في الاستقرار السياسي، فقد اختارت عُمان الابتعاد عن الحروب والنزاعات، وركزت على بناء جسور الحوار والسلام، وهذه السياسة نستطيع أن نقوم بأنها متوارثة جيل بعد جيل من السلاطين العظام لهذه الأرض الطيبة.
280 عاما على تأسيس دولة البوسعيد نقول فيها بأن عُمان اليوم ليست مجرد دولة، بل قصة وطن كتبها أبناؤها بحبهم وإخلاصهم، من أحمد بن سعيد الذي وحد البلاد وأسس أسرة البوسعيد، إلى السلطان هيثم بن طارق الذي يقود النهضة المتجددة، لتظل عُمان نموذجاً يُحتذى به في الاستقرار والحكمة، إنها أرض تسكنها روح الماضي ووهج المستقبل، حيث تُحكى حكاية أجيال نذرت نفسها لبناء وطن يليق بعظمة تاريخه وأحلام شعبه.