مصادرة المواشي وفرض الغرامات.. أساليب إسرائيلية لتهجير الأغوار
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
الأغوار الشمالية- رغم الموسم المطري الغزير والعشب الممتد على مساحات شاسعة من الأرض، يقف الفلسطيني قدري دراغمة في الأغوار الشمالية عاجزا عن رعي أبقاره، ويضطر لحبسها داخل حظائرها تحت ضغوط جيش الاحتلال والمستوطنين وإجراءاتهم في مصادرتها وسرقتها.
ولمرتين متتاليتين صادر جيش الاحتلال وشرطته، بتحريض من المستوطنين، عشرات الأبقار التي يملكها دراغمة، وأجبره على دفع غرامة مالية ضخمة لاستعادتها، مدّعيا دخولها إلى أراضٍ ومراعٍ إسرائيلية خاصة.
وتحت جنح الظلام اقتحم عناصر من شرطة الاحتلال والجيش رفقة مستوطنين حظيرة المزارع دراغمة مطلع يناير/كانون الثاني المنصرم، وصادروا وسرقوا أكثر من 100 رأس من البقر، وبالقوة تم استعادة 30 من بين أيديهم، ليحتجز الاحتلال 80 رأسا.
ولاحقا اعترف بـ20 منها فقط، وأنكر الباقي، وأجبر صاحبها قدري دراغمة على دفع أكثر من 13 ألف دولار لاستردادها.
وبعد أيام من هذا السطو، عاد الاحتلال وصادر، وللسبب ذاته، 48 رأسا من أبقار المزارع نفسه واعتدوا عليه، وعلى أبنائه بالضرب المبرح، واعتُقِل اثنان منهم واحتُجِزت مركبتهم. كما طالبته سلطات الاحتلال بدفع غرامة قدرها 41 ألف دولار، وهو ما رفضه دراغمة، لكونه لا يملك المال الذي استدانه أصلا بالمرة الأولى، ولأن الاحتلال سيعيد مصادرتها ثانية.
ويقول دراغمة (58 عاما) للجزيرة نت إن "الاحتلال صادر حتى الآن 108 من أبقاره، ويطالبه بدفع مبلغ 15 دولارا يوميا بدل طعام لكل رأس إضافة للغرامة الطائلة".
ويضيف أنه بات يفكر بالرحيل فعلا بعد نحو قرن من الزمن من وجوده وعائلته في الأغوار الشمالية، فالأبقار أضحت حبيسة الحظائر، وفقد المراعي بعد مصادرتها، وبات يتكبّد أموالا طائلة كغرامات.
ولدراغمة وعائلته المكونة من نحو 30 فردا أكثر من 180 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع)، لكنه لا يسيطر على شبر منها، بفعل إجراءات الاحتلال ومستوطنيه. ويقول إن سياسة مصادرة المواشي بهذا الكم وتغريمهم بأموال ضخمة "غير مسبوقة".
وفي ظل ضعف رسمي ومؤسساتي فلسطيني في تحصيل حقوق المواطنين بالأغوار، لجأ دراغمة وآخرون مكرهين للمحاكم الإسرائيلية لاستعادة مواشيهم ولسان حاله "ضاعت البلاد، فهل ستعود المواشي؟".
في موسم الإنتاج
ومثل دراغمة صادر الاحتلال 800 رأس من أغنام المواطن محمد ادعيس وأغنام أشقائه في منطقة الجفتلك الغورية شمال الضفة الغربية، وغرّمه أكثر من 41 ألف دولار في 22 يناير/كانون الثاني الماضي.
ويقول ادعيس للجزيرة نت إن "المستوطنين ادعوا كذبا بأننا نرعى أغنامنا بمنطقة أم العجاج، ونقطع الشارع العام (شارع 90) بالأغنام، وأن هذا ممنوع"، وأضاف أن الاحتلال "أمهلنا ساعة ونصف لدفع الغرامة وإلا سيصادر الأغنام، فاستدنا من الجيران والأقارب ودفعنا".
واضطر ادعيس، ومن قبله دراغمة لدفع هذه الغرامات واسترداد مواشيهم كونهم يمرون بـ"موسم الإنتاج" الذي ينتظرونه طوال العام، حيث إنجاب مواليد جدد وإنتاج الحليب والأجبان الذي يعد مصدر دخلهم الوحيد.
وتحت إجراءات الاحتلال والمستوطنين الانتقامية اضطر المواطنون إلى حبس ماشيتهم، وتحمّل تبعات ذلك من انتشار الأمراض بين الماشية وموتها، إضافة للكلفة العالية من الطعام والعلاج.
ويقطن حوالي 1800 فلسطيني في 19 تجمعا بدويا في الأغوار الشمالية، وكان الاحتلال يضيق عليهم، ويمنع وصولهم للمراعي وزراعة أراضيهم بحجة أنها مناطق عسكرية ومواقع تدريب للجيش الإسرائيلي، والآن أصبحت الأراضي العامة "أراضي خاصة" لمجلس المستوطنات الذي يدّعي أنه صاحب السيادة عليها، حسب مهدي دراغمة رئيس مجلس قروي المالح والمضارب البدوية في الأغوار الشمالية.
ويقول دراغمة للجزيرة نت إن "المواطنين أصبحوا محاصرين داخل تجمعاتهم البدوية، وفقدوا أرضهم ومراعيهم بالكامل، مما يهدد وجودهم ومصدر ثباتهم لا سيما ثروتهم الحيوانية والزراعية".
ويضيف أن أكثر من 30 عائلة تعرضت لمصادرة أدواتها الزراعية ومواشيها خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ومن بين أكثر من 50 ألف رأس من الغنم و5 آلاف من البقر، لم يعد المواطنون بالأغوار الشمالية يملكون سوى ثلث تلك الأعداد وأقل، بينما سيج أحد المستوطنين الرعاة 50 ألف دونم من الأرض، ونشر 3 آلاف رأس من البقر و5 آلاف من الغنم فيها.
وبالمقابل يضيف دراغمة للجزيرة نت، يُحرم الفلسطيني وفي ذروة موسم الزراعة وتدفق الأعشاب من الرعي وتحبس مواشيه داخل الحظائر، وبالتالي تتناقص أعدادها جراء انتشار الأمراض وارتفاع كلفة تربيتها.
وبتصنيفه لها كمناطق "جيم" يخضع الاحتلال الأغوار الفلسطينية لسيطرته العسكرية، ويحول جزءا كبيرا منها لأراض تابعة لمجلس المستوطنات وفق مناقصات خاصة رغم ملكيّتها الخاصة للفلسطينيين.
وحذر المسؤول دراغمة من مخطط تهجير الفلسطينيين في الأغوار، وقال إن "المواطن العتبة الوحيدة المتبقية لوقف الاستيطان".
ويعمل الاحتلال على عزل (خطة إيغال آلون وزير الزراعة الإسرائيلي الأسبق عام 1967) كل الأغوار الفلسطينية التي تشكل الأغوار ثلث مساحة الضفة الغربية المقدرة بـ 5800 كيلو متر مربع، خاصة وأنه يسيطر على 88% منها عبر عشرات المستوطنات ومعسكرات الجيش.
وعن ما يواجهه الفلسطينيون بالأغوار، يقول مسؤول التوثيق بهيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داوود، إن المواطن يقف أمام "عمليات ترحيل قسرية مباشرة ناتجة عن بيئة قهرية طاردة".
ويقول داوود للجزيرة نت، إن أخطر ما في سياسة المصادرة للمواشي والغرامات المالية الأخيرة فرض مجلس المستوطنات لها، وليس عبر جهات إسرائيلية رسمية، وهو مؤشر خطير بأن المستوطنين بدؤوا يأخذون زمام الأمور وفرض عقوبات على الفلسطينيين.
ودعا داوود المواطنين للمقاومة وعدم الانصياع لأوامر المستوطنين الذين يسعون لخلق أمر واقع جديد وخطير. ولكنه قال إن الغرامات المالية المفروضة باهظة، ولا يمكن لأي مؤسسة التعامل معها.
وإضافة للمصادرة والتغريم سيطر المستوطنون على مساحات رعي شاسعة ومصادر مياه الفلسطينيين، وشيدوا البؤر الاستيطانية الرعوية.
ويتركز 85% من الاستيطان الرعوي حسب داوود في الأغوار الفلسطينية من شمالها لجنوبها، ويمنع المستوطنون المواطنين من الوصول إلى أكثر 350 ألف دونم. وفي سنة 2023 رصد أكثر من 14 بؤرة رعوية 12 منها في الأغوار الشمالية فقط.
كما هجّر الاحتلال 25 تجمعا بدويا، 22 منها بعد "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتضم أكثر من 1560 مواطنا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی الأغوار الشمالیة للجزیرة نت أکثر من رأس من
إقرأ أيضاً:
وسائل إعلام إسرائيلية تكشف خطط الاحتلال لاستئناف الحرب على غزة
قالت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الاثنين، إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير أقر خططا عسكرية لاستئناف الحرب على قطاع غزة، في حال فشل المفاوضات بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
وأوضحت أن زامير أقر الخميس الماضي خططا عسكرية جديدة لاستئناف القتال في غزة، خلال زيارته لقيادة المنطقة الجنوبية.
وقالت الهيئة إن زامير أوعز لقائد القيادة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي يارون فينكلمان، بإجراء تعديلات لضمان أن تكون العملية البرية المقبلة أكثر كفاءة من السابقة.
وأكدت أن الخطط التي وافق عليها رئيس الأركان الإسرائيلي تتضمن تكثيف شن ضربات جوية، وتوسيع نطاق التحركات البرية للجيش، وإعادة إخلاء شمال قطاع غزة من السكان، كما تتضمن استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط.
وكانت إسرائيل لوّحت باستئناف الحرب في حال فشل المفاوضات، وذلك بعد تنصلها من تنفيذ بنود في المرحلة الأولى من الاتفاق ورفضها الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية.
وتسعى تل أبيب لتمديد الاتفاق بما يسمح بإطلاق مزيد من أسراها لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، لكن من دون إنهاء الحرب والانسحاب الكامل من القطاع كما ينص الاتفاق.
وقد أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مرارا التزامها بتنفيذ الاتفاق وطالبت بإلزام إسرائيل بتطبيق جميع بنوده، ودعت الوسطاء لبدء مفاوضات المرحلة الثانية منه، التي تشمل انسحابا إسرائيليا من القطاع ووقفا كاملا للحرب.
إعلانوأوقفت إسرائيل مطلع مارس/آذار الجاري إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، في خرق واضح للاتفاق، بهدف الضغط على حماس لتمديد المرحلة الأولى منه.
وأمس الأحد، أصدر وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، تعليماته لشركة الكهرباء بقطع الخط الوحيد الذي يزوّد محطة تحلية المياه في غزة بالكهرباء.
ومن المحتمل أن يتم لاحقا قطع أحد خطوط المياه الثلاثة التي تزود شمال القطاع، وفق هيئة البث الإسرائيلية.
ومنذ بداية الحرب، قطعت إسرائيل الكهرباء عن قطاع غزة، ولكن تحت ضغط دولي وتحذيرات دولية وافقت على ربط محطة تحلية مياه في غزة بالكهرباء.
مفاوضات الدوحةفي سياق متصل، من المرتقب وصول وفد إسرائيلي إلى العاصمة القطرية الدوحة اليوم، لاستئناف المفاوضات بشأن تمديد اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن الوفد الإسرائيلي يضم منسق شؤون الأسرى والمفقودين غال هيرش، وممثلا عن جهاز الأمن العام (الشاباك) ومسؤولين آخرين.
وأوضحت أن رئيس فريق التفاوض الإسرائيلي ووزير إسرائيل للشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، لن يكون ضمن أعضاء الوفد.
وأوضحت القناة الـ12 الإسرائيلية أن المحادثات في قطر سيشارك فيها كل من مسؤول كبير في الشاباك، ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للشؤون السياسية أوفير فالك، ومنسق شؤون الأسرى والمفقودين في مكتب نتنياهو غال هيرش، إلى جانب فريق عمل من الجيش الإسرائيلي والموساد والشاباك.
وأضافت القناة، أن مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، سيسافر الثلاثاء إلى الدوحة للمشاركة في المحادثات.
وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.