لولا مراسلنا في جهات الأرض الأربع، شوقي الريس، لما عرفت أن قمة عدم الانحياز قد عقدت في العاصمة الأوغندية كمبالا، سابقاً عاصمة ملك أسكوتلندا، المارشال عيدي أمين. آخر قمة حضرتها للكتلة كانت العام 1994 في جاكرتا. (وكان شوقي يغطيها أيضاً). اعتقدت يومها أن الحركة سوف تعيش قمة أخرى أو قمتين. ولا أزال، مع أن وزير خارجية أوغندا مصرّ على أنها قابلة للحياة.
ظهرت الحركة أواخر الخمسينات مع انحسار الاستعمار عن معظم الكرة الأرضية. وادعت أنها مستقلة عن الدولتين الكبريين، أميركا وروسيا، مع أنها كانت في الواقع أقرب إلى السوفيات، كما كانت تضم بين أركانها رئيس وزراء الصين، شو آن لاي. أما الزعماء الآخرون، فكانوا الأوروبي الوحيد المارشال تيتو، وجواهر لال نهرو، وجمال عبد الناصر، وكوامي نكروما رئيس غانا. استضاف تيتو في بلغراد العام 1961 أول تجمع عالمي يقلق الغرب. لكن بعد وفاته تفككت يوغوسلافيا وتحاربت وعادت بلاد البلقان إلى عادتها القديمة.
ولم يعش زهو الحياد طويلاً. طفقت الانقلابات العسكرية تخرّب الدول الجديدة، وعمّ الفساد، وأخذت الحروب الأهلية، كما في إندونيسيا، أحجاماً مريعة. وبدل أن يستقل المستقلون عن صراع الكبار، أصبحوا جزءاً منه.
كانت الشيوعية أهم نقاط وأسباب الصراع، فلما انتهت كعقيدة، تغير شكل الصراع. وبدا وكأنه لا حاجة بعد لصرف المليارات في محاربتها. ومعها زال وهج الحركة وحماس الشعوب. ومع غياب المؤسسين الكبار فقد التجمع التاريخي ألقه الأول. واشتدّت صراعات الحدود والقبائل والثروات الطبيعية، وأطفئت أضواء المهرجان.
أعطيت الحركة أسماء شاعرية كثيرة، لكنها لم تساعد في شيء: «الحياد الإيجابي». «التكتل الآسيوي الأفريقي». «عدم الانحياز». لا شيء.
عاد العالم إلى شريعته، أي «شريعة الغاب». تأمل اللوحة أمامك: العالم يهتز خوفاً ونفياً بسبب مقتل ثلاثة عسكريين أميركيين، ويفشل في وقف إطلاق المدافع والصواريخ والقنابل الفوسفورية على آلاف الأطفال، كل يوم.
كيف يمكن لك أن تسمع بانعقاد قمة عدم الانحياز، ودوي المدافع في غزة يملأ الدنيا؟ الغريب في عالم الغرائب، أن قوة الاستعمار زالت في وقت واحد مع قوة التحرر. وانعدمت، كالمعتاد، قوة الفرد وحقوقه، ومصائره.
الزميل شوقي الريّس وأنا، من منطقة واحدة. ومنذ سنوات طويلة ونحن نلتقي، إما كأصدقاء في القرى الصغيرة، أو كزملاء في العواصم الكبيرة. في القرى نشعر كم نحن ضعفاء، لا نملك في قرارنا شيئاً كأفراد، وفي العواصم ندرك كم نحن ضعفاء كدول صغيرة، لا نملك سوى حق اليأس، ومرارة الانتظار.
(الشرق الأوسط اللندنية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة غزة أنغولا دول عدم الانحياز مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
السفير رخا حسن لـ «الأسبوع»: العمل العربي يفتقر إلى الحركة الفعلية لمواجهة إسرائيل
علّق السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، على قدرة حركة حماس على مواصلة الحرب ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، في ظل محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالعودة للحرب في غزة، قائلا إن حماس تم حصارها وهذا معروف من البداية.
واستطرد رخا حسن، في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»: «أنت لما تحاصر ناس بتحارب وينفذ ما لديهم من سلاح وذخيرة هيحاربوا بإيه، مايتبقاش إلا شيء رمزي إنهم يقوموا بعمليات رمزية. عمليات مقاومة، أما الحرب فأولا من البداية لا يوجد تكافؤ».
وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، في الوقت الذي كانت إسرائيل تتدفق عليها الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الرئيسة من أوروبا، كان هناك حصار مفروض حتى الأكل والدواء والوقود على حركة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، فبالتالي من أين بهذا سيحاربون؟، مشيرا إلى أنهم سيقاوموا ولكن المقاومة بعمليات محدودة، عمليات ضد الجنود، خاصة وأن متبقي لديهم مجموعة من الأسرى، لكن كل هذه العوامل لا تؤدي إلى ردع إسرائيل، لأن إسرائيل تريد تدمير الضفة الغربية وغزة والاستيلاء عليها في ظل الحكومة اليمينية الحالية.
وأضاف «رخا»، أنه إذا لم تقف الدول العربية في البداية ومعها دول العالم، لأن البداية دائما تكون من المجموعة الحاضنة للمقاومة وهي الدول العربية، وتقود أي حركة سواء حركة سياسية وقانونية، أو حركة عملية بأنها تفرض عقوبات اقتصادية وسياسية، ومقاطعة تامة لإسرائيل، ووقف التعامل معها ومع من يؤيدها، إلا إذا حدث وقف لإطلاق النار وعودة الحياة وبداية إقامة الدولة الفلسطينية، بدون هذا ما الذي سيمنع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أن ينفذوا مخططهم، لافتا إلى أن البيان لن يمنع هذا ولابد دايما من عمل، وهذا ما رأيناه في التاريخ قاطعت جنوب إفريقيا والدول الإفريقية والعالم كله الدولة العنصرية في جنوب إفريقيا إلى أن أعطت للأغلبية حقوقها، وفي ناميبيا نفس الشيء.
وتابع السفير رخا أحمد حسن، أن المجموعة الإقليمية الأول، وبعد ذلك تتحد المجموعة الدولية، مشددا على أننا 22 دولة عربية، 54 دولة إسلامية، و53 دولة إفريقية، فمجموعات كبيرة لها تأثير، ليس مجرد تأييد قرار في الجمعية العامة، منوها بأننا رأينا الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لا يحترمون قرارات الأمم المتحدة ولا يحترمون اتفاقاتهم، مشيرا إلى أن اتفاق أوسلو الذي ضمن تنفيذه الولايات المتحدة الأمريكية، وينص على أن غزة وأريحا أولا، وهذه نقطة البداية لإقامة الدولة الفلسطينية، لكن اليوم يريدون أن يُقلعوا غزة وتبقى أريحا قطعة مدينة صغيرة على البحر الميت، منوها بأن أمريكا تخل باتفاقها، وهي تضمن تنفيذه، ولابد من مطالبتها بهذا وليس كلاما فقط.
وذكر مساعد وزير الخارجية الأسبق، في تصريحاته لـ «الأسبوع»، أن العمل العربي يفتقر إلى الحركة الفعلية لمواجهة إسرائيل، معقبا: «أنا لن أقول ندخل في حرب، غنما نقطع جميع أنواع العلاقات مع إسرئيل، وسدد المنافذ العربية كلها أمامها».
اقرأ أيضاًمساعد وزير الخارجية الأسبق لـ«الأسبوع»: تصريحات ترامب بشأن التهجير تحتاج لموقف عربي يتخطى البياناتالسفير رخا حسن لـ«الأسبوع»: هكذا نصبت إسرائيل فخًا لحزب الله.. ما القصة وما الخطأ القاتل؟
السفير رخا حسن يكشف لـ«الأسبوع» عن «فخ قاتل» أطاح بأمن حزب الله في مواجهة إسرائيل