كم نخطئ عندما نقيّم الآخرين على ضوء أحكام الغير وانطباعاتهم الشخصية عنهم.
كنت سنيها طالبا في مدرسة سنار الثانوية، ومنذ يومي الأول حذرني صديقان من (عماد)!
-(أنه عين المدير وناقل كل أخبار الطلبة اليه) هذا ما قالاه لي، وهو ما يتهمه به كل الزملاء!…
وبالفعل لقد رأيته يكثر الدخول والخروج الى مكتب المدير والوكيل!

ويندر أن يمر المدير أو الوكيل بمقصف المدرسة الاّ ويتوقفان بجانبه فيحادثانه في مودة!…
عماد كان وسيما وبائن النعمة اذ يعد والده من أكبر تجار الموز في الدمازين…

استعداه مرة زميلنا علي المُكنّي بكلاي وضربه فالقاه أرضا ، ويومها غضب المدير غضبا شديدا على علي وطلب من الصول عقابه في الطابور الختامي بعشرين جلدة واتبع ذلك الزامه بأحضار وليّ أمره!…

بدا لي عماد يجهد في استمالتي وكسب صداقتي لكنني بقيت أتحاشاه استصحابا للسمعة التي لصقت به وقد أهداني مرة طقم اقلام حبر باركر ورفضت الهدية فدمعت عيناه ولم يقل شيئا…

وفي مساء ذات اليوم طرق الباب حيث اقيم فجاءني الصغار وأعلموني بأن هناك من يسال عني…
خرجت فإذا به عماد…
وقفت أسد بجسدي فرجة الباب دون أن أدعوه الى الدخول ودار بيننا الآتي:
-أيوة في شنو؟
-ياعادل ياخي قول لي أتفضل الأول؟!
-ياخي داير شنو أنا مشغول قاعد اذاكر

-عادل أنا عاوز أذاكر معاك.


-ياخي انا ماداير أذاكر معاك أمشي شوف ليك زول تاني ذاكر معاهو.
ولم يرد علي ابدا إنما كان مطرقا طوال الوقت، فواصلت حديثي اليه:

-ياخي أنت لو داير تصادق الناس وتتداخل معاهم، مالك بتقعد تتجسس عليهم وتبلغ المدير والوكيل عن اسرارهم؟!
-اتجسس علي منو ياعادل ووين؟!

-ياخي انتا ماقاعد تتجسس علي الزملاء في المدرسة وتنقل أخبارم لي المدير؟
أحسست بأنه يوشك على السقوط على الأرض فاعتمد بيده على الجدار وتناثرت كتبه حيث جلس على الأرض بصعوبة!
-يازول مالك؟!

-عادل بالله اسندني أنا عندي سُكّري والظاهر النوبة حتجيني بعد شوية…
فما كان مني إلا أن وضعت يمينه حول عنقي ثم حملت كتبه بيسراي وسرنا معا الى أن أوصلته الى بيت شقيقته وهي زوجة تاجر كبير في سنار حيث جاءتنا وهي تحوقل ثم أدخلناه الى داخل الدار فأتته بحقنة وغرستها في جسده فنام…

أخبرتني شقيته بأن عماد مصاب بالسكري منذ ولادته ويعيش على هذه الحقنة كل يوم!…
وأقسم لي عماد بعد أن افاق بأنه لم يتجسس يوما على زميل، وما كانت زياراته الى مكتب المدير أو الوكيل الاّ بغرض متابعة حالته الصحية !

ما كان مني إلا أن صادقته وأخبرت كل الزملاء بأنهم قد ظلموه واساؤا الظن به…
أقسم لكم، لم أجد زميلا في تقوى عماد أو صلاحه وسمو أخلاقه!…

لم يعش عماد طويلا، فقد أختاره الله الى جواره بعيد أدائنا لامتحان الشهادة بشهر وقبل أن تظهر نتائجها،ويوم ظهرت كانت نسبته تؤهله لدراسة الطب في جامعة الخرطوم.

رحمك الله ياعماد رحمة واسعة وجعل الفردوس الأعلى مثواك، إن الله ولي ذلك والقادر عليه.

عادل عسوم

adilassoom@gmail.com

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

جامعة السوربون أبوظبي تفتتح معرض “خيوط من التراث”

 

افتتحت جامعة السوربون أبوظبي معرضها الثقافي “خيوط من التراث: الأزياء والمجوهرات التقليدية للمرأة الإماراتية”، احتفاءً بالهوية الثقافية وتطور الفنون، بالتعاون مع الأرشيف والمكتبة الوطنية، ومرصد التراث في جامعة السوربون باريس، وهيئة الثقافة والفنون في دبي، وذلك خلال أمسية خاصة أُقيمت في الجامعة.
ويأتي تنظيم المعرض في إطار “عام المجتمع”، ليكرّس أهمية التراث الثقافي بوصفه ركيزةً لتعزيز الهوية الجماعية وصون الموروث المادي ودعم الحوار بين الأجيال.
ويفتح المعرض أبوابه للجمهور حتى الثالث من مايو المقبل، ليأخذ الزوار في رحلة بصرية معرفية غامرة تسلط الضوء على تطور أزياء المرأة الإماراتية ومجوهراتها التقليدية بين الماضي والحاضر، من خلال استعراض مجموعة مختارة من الملابس والمجوهرات والقصائد والقطع الأثرية النادرة.
ويتولى تنظيم المعرض الدكتور كريستوف مولرات، الأستاذ المشارك في قسم علم الآثار وتاريخ الفن والمتخصص في مجال المنسوجات، بالتعاون مع نخبة من علماء الآثار والأكاديميين والباحثين في مجالي التراث والأدب.
ويركز المعرض على أربعة محاور رئيسية تُبرز تطور أزياء ومجوهرات المرأة الإماراتية، بوصفها مرآة لتحولات المجتمع وتطوره الاجتماعي والاقتصادي والتاريخي، وتحولها إلى رمز من رموز الهوية الثقافية الإماراتية.
ويأخذ المعرض زواره في رحلة زمنية متسلسلة ترصد ملامح تطور الأزياء والمجوهرات في دولة الإمارات منذ مطلع القرن العشرين وحتى اليوم، مع تسليط الضوء على فترة سبعينيات القرن الماضي بوصفها مرحلة فاصلة أعادت تشكيل الملامح البصرية والرمزية للزي التقليدي.
ويضم المعرض كذلك مجموعة من القطع الأثرية التي تعكس الأبعاد الثقافية المرتبطة بهذه التحولات، إلى جانب مجموعة من المجوهرات الإماراتية النادرة المُكتشفة والمدعومة بوثائق بصرية تُبرز المهارات الحرفية وأهمية هذه القطع في تشكيل الهوية الثقافية.
وقالت البروفيسورة ناتالي مارسيال، مديرة جامعة السوربون أبوظبي إن التراث الثقافي هو الرابط الذي يوحد الماضي بالحاضر، ويقدم معرض ’خيوط من التراث‘ منصة تتيح للجمهور التفاعل مع الحكايات والتقاليد والرموز التي شكلت الهوية الإماراتية، كما يعكس التزامنا الراسخ بالاحتفاء بالتنوع الثقافي وصون التراث وتعزيز الحوار المجتمعي، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية “عام المجتمع”.وام


مقالات مشابهة

  • جامعة السوربون أبوظبي تفتتح معرض “خيوط من التراث”
  • فريق جامعة طيبة بالأقصر يفوز بالمركز الأول في المؤتمر الدولي للتعليم التكنولوجي
  • انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي لكلية طب طنطا 22 إبريل
  • عميد طب طنطا: انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي لكلية الطب 22 من الشهر الجاري
  • “تيكا” التركية تدعم مستشفى بمعدات وأجهزة طبية
  • السودان الجديد الذي يسوق له “دقلو” هو ارض جدباء بلا سكان ولا بنى تحتية
  • الأحد.. انطلاق فعاليات المؤتمر الطلابي الأول لكلية العلوم بنات جامعة الأزهر
  • قبل توثيق فترته في معتقلات الدعم السريع .. وفاة أشهر أخصائي الطب النفسي في الخرطوم
  • رئيس جامعة سوهاج يفتتح فعاليات المؤتمر الطلابي الخامس لكلية التمريض
  • السودان يعين سفيرا في اليابان وطوكيو ترتب لعودة سفارتها بـ “الخرطوم”