فيلم أكوامان والمملكة المفقودة خاتمة متواضعة لسلسلة أكثر تواضعا
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
تعرض دور السينما العالمية حاليا فيلم الأبطال الخارقين "أكوامان والمملكة المفقودة" (Aquaman and the Lost Kingdom)، وهو الجزء الثاني من سلسلة "أكوامان"، والفيلم الـ15 ضمن عالم "دي سي الممتد"، كما يعد العمل الأخير في السلسلة التي أعلنت استوديوهات "وارنر" انتهاءها وإعادة إطلاق سلسلة جديدة جاري العمل عليها حاليا.
أخرج "أكوامان والمملكة المفقودة" الأسترالي جيمس وان وهو من بطولة جيسون موموا، وآمبر هيرد، وباتريك ويلسون، ونيكول كيدمان، وحقق حتى الآن إيرادات تبلغ ما يزيد على 400 مليون دولار، مقابل ميزانية 200 مليون فقط.
وكأغلب أفلام الأبطال الخارقين، أظهر الفيلم تناقضا كبيرا على موقع التقييمات النقدية "روتن توماتوز"، حيث منحه النقاد تقييم 34% فقط، فيما أعطاه المشاهدون تقييم 81%.
قضايا كبيرة داخل فيلم ضعيفتبدأ أحداث فيلم "أكوامان والمملكة المفقودة" بعد سنوات قليلة من نهاية الجزء الأول، حيث الأمير "آرثر/أكوامان" تبوأ عرش مملكة البحار، وتزوج بحبيبته "ميرا" وأنجب ابنا، وتنقسم حياته بين رعاية الطفل في عالم السطح أو الأرض كما نعرفها، ورعاية شعبه البحري.
تسير حياة "أكوامان" على وتيرة عادية، ولكنه لا يعلم بالانتقام الذي يعده له "بلاك منتا" سرا، بعدما قتل "أكوامان" والده في الجزء الأول، وقد استطاع "مانتا" التوصل إلى سلاح سري خاص بمملكة بحرية مفقودة، وبدأ في خطة لا تدمر فقط عدوه "أكوامان" ولكن الكرة الأرضية بالكامل.
يحيى عبد المتين في فيلم أكوامان والمملكة المفقودة (آي إم دي بي)استخرج "بلاك منتا" على مدى 6 أشهر أحد أنواع الوقود الأحفوري القديمة، الذي حرمته مملكة البحار لتأثيراته السيئة على البيئة سواء تحت الماء أو بالأرض، وسريعا ما بدأت التغيرات المناخية تشتد، وتداخلت فصول السنة، وعلت نسبة التلوث لدرجة لم تبلغها من قبل.
يكشف "أكوامان" خطة "بلاك مانتا"، ولكن لا يستطيع إيجاده في البحار الواسعة، لذلك يستعين بأخيه الملك السابق "أورم" السجين بعد محاولته الانقلاب والاستحواذ على السلطة الملكية.
تتناول حبكة فيلم "أكوامان والمملكة المفقودة" قضيتين رئيسيتين، تتمثل الأولى في التغيرات المناخية، الخطر الأكبر الذي يهدد حياة البشر على الأرض في الوقت الحالي، ويحتاج إلى حزمة كبيرة من التغيرات في السلوكيات الصناعية والبيئية، تلك التغيرات التي تأباها النظم الرأسمالية؛ حيث إنه من مصلحتها استمرار الوضع أيا كانت نتائجه على الأجيال القادمة.
على الجانب الآخر، نجد أن "العلاقة الأخوية" هي الأساس الثاني الذي اعتمد عليه الفيلم، برصد ذلك التناقض بين "أكوامان" و"أورم"، الأول بطبيعته المتساهلة وخفة ظله وقوته الخارقة، والثاني بذكائه الشيطاني وغياب روح الدعابة ليه، مع رصد العلاقة المعقدة بينهما نتيجة للحرب السابقة بينهما، ولكنهما في النهاية يتغلبان على هذه العقبات، ويخوضان صراعا لإنقاذ العالم.
يحاول فيلم "أكوامان" تناول قضايا كبيرة داخل إطار المغامرة التقليدية، فالتغيرات المناخية تجتذب كل يوم اهتماما أوسع، على الرغم من الحروب والمآسي التي تحدث سواء في غزة أو أوكرانيا، ولكن يميل الفيلم إلى المباشرة في عرض القضية، وجعلها تتركز بشكل أساسي في الصراع المبسط بين الخير والشر، مع إهمال العناصر الأهم مثل تأثير الكيانات الاقتصادية الكبيرة، والتطور التكنولوجي ونتائج استخدام الذكاء الاصطناعي على البيئة.
خاتمة متواضعةيلاحظ في فيلم "أكوامان والمملكة المفقودة" التشابهات الكبيرة التي تجمع بين البطل وأخيه "روم"، وبين أفلام "ثور" التابعة لسلسلة مارفل، ففي كليهما، البطل هو شخص تتجاوز قدراته البشر الطبيعين، ويُعتَبر مثالا على القوة وخفة الظل والوسامة والعدل، ويحصل على كل الامتيازات بداية من حب والديه إلى الحبيبة المثالية، بينما على هامشه تأتي شخصية الأخ الأصغر، الأكثر ذكاء ولكن يسهل استمالته لجانب الشر.
وهي ليست المرة الأولى التي تقلد فيها سلسلة "دي سي" أفلام مارفل، ولكن المفترض أن تكون الأخيرة بعدما أثبتت هذه الإستراتيجية فشلها على مر 15 فيلما لم تستطع تحقيق طموح الاستوديو المنتج، أو المشاهدين.
قد يبدو من هذا السعي الحثيث من دي سي إن أفلام مارفل مميزة بالفعل، لكن تلك ليست الحقيقة، هي فقط أفضل نسبيا، وهو ما ظهر جليا في ظل تراجع جماهيرية أفلام الأبطال الخارقين مؤخرا، نتيجة لتشبع المشاهدين منها ولجوء هذه الأفلام لحبكات مكررة، واستخدام المؤثرات البصرية بشكل يجعل الفيلم أقرب لتجربة ألعاب الفيديو منها لفيلم سينمائي.
جيسون موموا وبارتيك ويلسون في مشهد من الفيلم الأخير لسلسلة أكوامان (آي إم دي بي)بدت هذه العيوب كلها في فيلم "أكوامان والمملكة المفقودة"، الذي تم تصويره بشكل شبه كامل أمام الشاشات الخضراء، ثم استخدم صناع الفيلم تقنيات الـ"سي جي آي" لملء هذه الفراغات، فظهرت صورة الفيلم مصطنعة لدرجة القبح، وتعيد إلى الأذهان ما قاله المخرج الأميركي "مارتن سكورسيزي" على هذا النوع من الأفلام عندها وصفها بأنها تجربة تشبه الملاهي، وليست سينما حقيقية، فعندما يغيب عن صناعة الفيلم عناصر مثل التفاعل بين الممثلين، أو تواصلهم الحقيقي مع أماكن التصوير، نجد أننا أمام تجربة بصرية خالية من أي جماليات.
يغلب على سيناريو الفيلم المباشرة الشديدة، مثل استرسال أكوامان في بداية العمل في حديث مباشر مع المشاهدين يحكي فيه ما قام به في الفترة الواقعة بين أحداث الفيلمين، وهو تكنيك ضعيف للغاية، واستمرت هذه المباشرة على طول الأحداث، مثل المونولوجات الطويلة للكائن الشرير الذي يسيطر على "بلاك مانتا"، بينما صراع الخير والشر الناتج عن ثأر إحدى الشخصيات لقتل والدها أو والدتها حيلة سينمائية تم استهلاكها في الكثير من الأجزاء الثانية سابقا.
يمثل فيلم "أكوامان والمملكة المفقودة" خير خاتمة لهذه السلسلة، لأنه يذكر الجميع -بما فيهم الاستوديو المنتج- بكل الأسباب التي أدت إلى فشل عالم "دي سي الممتد" لتجنب تكرار أخطائه في السلسلة القادمة المنتظر عرض أول أفلامها "سوبرمان: تراث" (Superman: Legacy) عام 2025.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
(في أمر جلل يهز العالم والإنسانية: 93,3% نعم و 6,7% لا. فنطبق على العالم حكم %6,7 !!!)
هل عرف العالم إفلاسا أكثر من هذا للمنظومة الدولية، أخلاقيا وفكريا وديمقراطيا وقانونيا، عندما يعارض طرف واحد إجماع 14 عضوا في مجلس "الأمن" قرارا إنسانيا بالدرجة الأولى لوقف الإبادة الجماعية لشعب أعزل، إلا من قوة إرادته على الصمود والثبات في أرضه ومنازلته للمحتل بأقصى مما جاد الله عليه من ذكاء ووسائل إصرار وتوفيق في التصويب والتنكيل بالعدو!؟
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.
إذن سموه ما شئتم إلا أن يكون مجلس "أمن" ! أين الأمن للضعفاء وللمحرومين وللمضطهدين! هذا مجلس تواطؤ ومجلس شرعنة قانون الغاب ومجلس تكريس منطق دوس القيم وكل المثل الانسانية من أجل شهوة متعطشين لسفك الدماء! ينبغي لأحرار العالم من دول ومنظمات وهيآت دولية ومجتمعية الثورة على هذا المنطق الاستعماري الذي تكوى به الانسانية منذ عقود من الزمن!
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.ويدل هذا التصويت على الإفلاس الفكري للمنظومة الحداثية الغربية التي صدعت العالم لعشرات السنين، بعد الحرب العالمية الثانية بمشروعها "المبشر" بإنقاذ البشرية من التخلف ومن الكراهية ومن القمع والاستبداد ومن الإرهاب، فإذا هي تكشف عن حقيقتها بالدوس على ذلك كله، وإستدعاء عمقها الصليبي الاستعماري بتوظيف القوة، كل أنواع القوة المادية والاستخباراتية والابتزازية وغيرها من أجل التنكيل الممنهج بكل مطالب بحقه في الحرية وفي الانعتاق من الظلم والاستغلال والاحتلال.
كما يدل هذا التصويت على الإفلاس الديمقراطي السياسي، إذ كيف تتحكم نسبة 6,7% تمثلها الإدارة الأميركية في مصير شعب بأكمله تحت الإبادة الجماعية المستمرة وترفض إيقاف الحرب ونتجاهل 93,3% من أصوات ممثلي باقي دول العالم التي صوتت لإيقاف الحرب!!
كما يعبر هذا التصويت عن الإفلاس القانوني للمنظومة الدولية حين تعطل المحاكم الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ومهام المقررين الأمميين من أجل نزوات استعلائية تسلطية استعمارية موروثة من عهد بائد سيء الذكر، لخمسة من دول العالم، ويتم تجاهل رأي 188 دولة أخرى من بين 193 دولة عضوة الآن في الأمم المتحدة.
وإنك لتعجب أشد العجب وأنت تفتح الموقع الرئيس للأمم المتحدة على الأنترنيت وتجد التقديم التالي بالأحرف الكبيرة:
"الأمم المتحدة: السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة.
تعريف بنا: مكان واحد حيث يمكن لدول العالم أن تجتمع معا، وتناقش المشكلات الشائعة
و تجد حلولا مشتركة".
﴿أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ ٧ ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ٨ وَثَمُودَ ٱلَّذِینَ جَابُوا۟ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ ٩ وَفِرۡعَوۡنَ ذِی ٱلۡأَوۡتَادِ ١٠ ٱلَّذِینَ طَغَوۡا۟ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ١١ فَأَكۡثَرُوا۟ فِیهَا ٱلۡفَسَادَ ١٢ فَصَبَّ عَلَیۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ ١٣ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ ١٤﴾ [الفجر ]
*مسؤول مكتب العلاقات الخارجية بجماعة العدل والإحسان/ المغرب